بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البشير بوجدي (عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) ل«التونسية»:قرار براءة رجال الأعمال الممنوعين من السفر سياسي
نشر في التونسية يوم 23 - 05 - 2014


لا مكان ل «رجال أعمال» التهريب في الاتحاد
إرهابيون وأحزاب وأطراف إدارية يتمعشّون من «بيزنس» التجارة الموازية
الأخطر من التهريب هو تبييض أموال التهريب
لا بدّ من تجريم التهريب تماما كالإرهاب
حاورته: صباح توجاني
يؤرق ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر، والذين لا احد يعرف عددهم الصحيح ولا التهم الموجهة اليهم ولا القرائن والحجج المعتمدة في ذلك، اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الذي احتار مكتبه التنفيذي في ايجاد حلّ لهم يعيد إليهم الاعتبار ويشجعهم على استئناف اعمالهم والإسهام في انعاش الإقتصاد الوطني.
السيد البشير بوجدي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة، اكد في حواره مع « التونسية» ان رجال الأعمال الممنوعين من السفر يحتاجون الى قرار سياسي لرفع المظلمة عنهم تماما كالقرار السياسي الذي وجه اليهم التهم الغامضة. وأوضح ضيفنا ان التهريب الذي يعتبر الشريان الحي والمغذي للإرهاب، يظل احد ابرز المشاكل التي يعاني منها الاف رجال الأعمال التونسيين الذين أضرّت التجارة الموازية المتأتية من التهريب بمصالحهم.
وفي حديثه ل«التونسية» يطرح عضو المكتب التنفيذي لإتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، حلولا عملية استعجالية لوضع حد للتهريب وللتجارة الموازية وللإنتصاب الفوضوي الذي اكتسح شوارعنا في غياب تام للرقابة ولسلطة الدولة.
قال البشير بوجدي عضو المكتب التنفيذي لإتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بأنه لا احد يعرف بالضبط عدد رجال الأعمال الممنوعين من السفر مضيفا أنه وفق المعطيات المتوفرة فان عددهم الجملي يتراوح بين 40 و110 رجال اعمال تعطلت مشاريعهم . وتساءل : « نحن لا نعرف اسماء رجال الأعمال الممنوعين من السفر ولا هوياتهم، فهل تشمل القائمة الرئيس المخلوع واصهاره والمقربين منه ام المهربين الذين اثروا بعد الثورة؟؟
نحن طالبنا بتصنيفهم سعيا منّا لمعرفة هل هم فعلا رجال اعمال ام «رجال عمايل» ...
وقد كوّنا مثلا منذ مؤتمر صفاقس خلال شهر مارس 2012 مباشرة بعد الثورة، لجنة مساندة للسيد الهادي الجيلاني، الا انه للأسف الشديد لا نتيجة تذكر لكل المجهودات التي بذلها الإتحاد. ونحن كمكتب تنفيذي وكقواعد الإتحاد متيقنون من براءة عديد رجال الأعمال من التهم التي تلاحقهم
ماهو موقف الإتحاد من الاضرابات؟
صرنا نحتاط من كلمة «اضرابات» لأنه وقع تشويه مفهومها، أجل نحن كبقية الناس لدينا حقوق وواجبات، حيث يذكر التاريخ اننا أمّنا ايصال «الفارينة» خلال الأيام الأولى للثورة الى كافة جهات البلاد التي كانت تغلي وقتها، ووجد التونسيون الخبز يوميا خلال تلك الفترة العصيبة.. ثم ان اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حرص على عقد اول اجتماع لمكتبه التنفيذي بعد الثورة بسيدي بوزيد وما يحمله هذا القرار من معان متعددة.
ولكن سامح الله بعض « كبار الخبراء الإقتصاديين» الذين ما فتؤوا يصدرون ارقاما مفزعة عن واقعنا الإقتصادي الذي لا ننكر انه صعب للغاية ولكنه ليس كارثيا ... أو لنقل إن مشاقه تتسبب فيها الإضرابات العشوائية وازدياد بل مضاعفة المطلبية في مختلف القطاعات الحيوية بالبلاد.
كيف وصل بعض رجال الأعمال الى هذه الوضعية المزرية؟
منعهم من السفر كان وما يزال قرارا سياسيا بامتياز اتخذ في ظروف غامضة بعد الثورة مباشرة من قبل اطراف لديها غايات شعبوية بالأساس، وظل التعامل مع هذا الملف على مدى الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين بنفس الضبابية، وبالرغم من اننا نجد اذانا صاغية لدى السلطة كلما تحاورنا معها حول هذه المسالة فإن الوضع بقي على ما هو عليه للأسف الشديد.
ولكن التهم الموجه للبعض تم اسقاطها قضائيا، ولم يرفع عنهم تحجير السفر؟
هي في مجملها تهم مجهولة، ولا نعرف هل هي موجهة للأشخاص في ذواتهم ام لمؤسساتهم ونجهل ايضا اذا كانت تهما سياسية ام قضائية صرفة...فلم يتم احترام لا الشكل ولا المضمون ولا الآجال القانونية عند توجيه هذه التهم الغامضة .
ولكن تداعيات هذه التهم تظل خطيرة لا على الأشخاص بل على الإقتصاد؟
أجل ، نحن مازلنا نعاني من تبعات هذه القرارات غير القانونية التي الحقت اضرارا جسيمة بمصالح الأشخاص وبمؤسساتهم وبالعاملين فيها ايضا وبالتالي باقتصادنا الوطني، حيث وضعت حدّا لنمو الشركات وأضرّت بصورة تونس ما بعد الثورة لدى الجهات المانحة ولدى المستثمرين بصفة خاصة، واثرت على علاقات رجال الأعمال بنظرائهم وشركائهم العرب والأجانب. فهم اضحوا يتساءلون اليوم عن الضمانات التي قد يسمح بتوفيرها لهم في تونس اضافة الى شعور رجال الأعمال التونسيين بفقدان ثقة المزودين والبنوك الأجنبية التي اصبحت تتحاشى منحهم قروضا او تسهيلات مالية. الى جانب معاناتهم من الضغوطات المسلطة عليهم ومن محاولات الإبتزاز التي تستهدفهم.
وعموما قرار منع بعض رجال الأعمال من السفر وان كان قرارا سياسيا، فيمكن ان يكون مبنيا على خلل واضح او شكوك في غير محلها لا تستند الى حجج دامغة، كما يمكن ان يكون مرتكزا على أدلة ملموسة...والقضاة المكلفون بالبت في التهم الموجهة الى هؤلاء، لا يتجاوز عددهم 2000، ويمكن ان يستغرق نظرهم في القضايا ست سنوات كاملة بعد ان كانت المدة لا تتجاوز ستة اشهر، بسبب قلة العدد وكثرة الشكاوى عامة.
والحل عندئذ ؟؟
اعتقد ان الحل في ان تتولى الجهة التي وجهت التهم جزافا اول الأمر اصدار قرار البراءة ايضا طالما لم تكن هناك ادلة ولا حجج على الفساد...حتى نعيد الثقة بين رجال الأعمال والدولة. فالنسيج الإقتصادي تضرر كثيرا جراء هذه القضايا الغامضة وسمعة تونس وصورتها اهتزتا لدى شركائنا الإقتصاديين في الخارج...فمجلة الإستثمارات القديمة والمعمول بها الى اليوم مبنية على اعتبار انه في حال انشاء مؤسسة لا بد من توفير تمويل ذاتي بنسبة 30 بالمائة من رأسمالها و70 بالمائة متأتية من القروض، وبالتالي فالتداين من البنوك ليس تهمة بل هو اجراء قانوني واضح، فكيف يقع تجريمه اذن؟؟؟
الحقيقة اننا نحس أن هناك حملة ممنهجة لتشويه صورة رجال الأعمال واحد هذه الأطراف قال إننا اقترضنا مئات المليارات من البنوك ولم نرجعها، وقد تناسى ان يحتسب اجور العمال والموظفين واداءات القيمة المضافة والجباية التي تذهب الى الميزانية العامة للدولة...كله كلام فارغ اضر بسمعة البلاد ولم يخدم سوى المصلحة الضيقة الشعبوية لأطراف قليلة العدد.
ان رجال الأعمال هم سفراء تونس البلد الذي يطيب فيه العيش....واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يدافع ويساند كل رجل اعمال شريف وقع هضم حقوقه اما رجال الأعمال من الفئة الجديدة الذين اثروا من التجارة الموازية والتهريب فلا مكان لهم في اتحادنا.
عموما يمكنني القول بانه آن الأوان لفض هذا الملف نهائيا حتى يتسنى لرجال الأعمال العودة الى اعمالهم والإسهام بشكل فاعل في انقاذ الإقتصاد الوطني فملفهم الذي يكتنفه الغموض يلمس حدود الشبهات وتتعدى مضاره وتبعاته المصالح الفردية للأشخاص..
ولكن التهريب ايضا أضرّ بمصالح رجال الأعمال؟
اجّل اجلّ، التهريب ضربة موجعة للإقتصاد المنظم عموما، فالبنك الدولي أعلن أنه يتم سنويا تهريب ما قيمته ملياران من المنتوجات المختلفة..الا ان الغموض يكتنف الأرقام الحقيقية وكل المعطيات نسبية، باعتبار انه لا يقع احتساب سوى البضائع التي يتم القبض على اصحابها من المهربين، اما ما يفلت من قبضة الأمن والجيش والسلطة عموما، فأرقام «بزنسهم» خيالي بأتم معنى الكلمة.
_ ماهي اكثر القطاعات المتضررة من التهريب؟
ابرزها قطاع المواد الكهرومنزلية، وهي مواد توظف عليها الدولة أداءات ثقيلة وتسجل اقبالا واسعا من طرف كافة شرائح المستهلكين التونسيين، ولذا فان مهربي المواد الكهرومنزلية يجدون السوق مفتوحة امامهم على مصراعيها لبيع بضائعهم.
وفي مرتبة ثانية نجد المحروقات التي يتولى المهربون بيعها لا في السوق السوداء بل ان طرقاتنا اضحت كلها محطات لبيع البنزين، مما أضرّ بمصالح أصحاب ووكلاء محطات بيع البنزين للعموم. فاسعار المحروقات المهربة منخفضة جدا مقارنة بالمحروقات التي تباع في القطاع المنظم ولذلك يسجل التهريب في هذا المجال هامش ربح مضاعف خاصة أن بائعيها لا يدفعون الضرائب وليسوا مطالبين بتسديد معاليم الكراء والماء والكهرباء والنظافة وما الى ذلك من اداءات تثقل كاهل اصحاب محطات البنزين المنظمة..
فيكفي ان اقول لك ان المهرّب يشتري لتر البنزين ب300 مليم من احدى الدول المجاورة واساسا الجزائر وليبيا ثم يبيعه بسعر لا يصل في افضل الحالات الى الدينار الواحد، ولك ان تقارني مداخيل المهرب ومداخيل صاحب المحطة.
ثم نجد السجائر التي انتعشت سوقها الموازية والكحول التي اغرقت السوق وجعلت نسبة حرفاء الأكشاك المنظمة تتراجع الى اكثر من النصف، ثم هناك المواد الغذائية المدعمة كالسكر والزيوت المختلفة ومشتقات الحبوب من كسكسي ومقرونة وكل ما هو مدعم وكان سعره محددا .
وبالإضافة الى كل هذه الخسائر التي يسجلها قطاع التجارة المنظمة، لا بد من الإشارة الى معضلة المقايضة التي تصل الى حدود تبادل الأسلحة مقابل المواد الغذائية المختلفة، وهنا تبرز علاقة التهريب بالإرهاب الذي اضحى يقض مضاجع التونسيين على اختلاف انتماءاتهم الإيديولوجية، الى جانب انتشار السوق الموازية وتوسعها وما تحمله من سهولة في الربح، بحيث اصبحت فئة من الشباب تسجل ارباحا عريضة وهي لا تعمل في حقيقة الأمر، بل تكتفي بتسيير شبكات تهريب خطيرة. ...
يكفي ان اقول اننا احصينا اكثر من 320 نقطة لتغيير العملة في بن قردان فقط وهو رقم مضاعف مرات ومرات ومرات للعدد الجملي للبنوك المنتصبة بكامل الجنوب التونسي.
ولا تنس ان الرقابة شبه غائبة والا لكانت ضربت على ايدي المهربين..
اجل اجل، تكاد الرقابة تكون غير موجودة بسبب ضعف جهاز الدولة وغياب الإرادة السياسية وقلة الإمكانيات البشرية وانتشار العنف في وجه المراقبين الإقتصاديين الذين اصبحوا يخشون على حياتهم..
برأيك من يقف وراء التجارة الموازية؟؟؟
اطراف متعددة منها بعض الأحزاب السياسية واخرى ادارية واطراف ثالثة لديها غايات انتخابية .فهناك قطاعات حيوية وصلت فيها التجارة الموازية الى تغطية اكثر من 70 بالمائة من السوق المحلية مثل المكيفات، فقد كان المكلف الأول بتوزيعها في تونس يسوّق ما لا يقل عن 220 ألف وحدة في السنة، اليوم صار يبيع أقلّ من 100 الف وحدة في العام بسبب انتعاش السوق الموازية المتأتية من التهريب.
ايضا نشط التهريب في مجال بيع وتسويق عجلات السيارات بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار المحلات المنظمة،...
ماهي اهم اسباب انتعاش التجارة الموازية غير «الإقبال الجماهيري الواسع» ؟
اولا الربح السهل الذي لا يستوجب جهدا يذكر، والأسعار المغرية للسلع المعروضة بالأسواق...ولا ننسى ان الممنوع مرغوب فيه دوما، ولذلك فان الألاعيب التي تصادفنا في السوق الموازية لا نلقاها في القطاع التجاري المنظم، مما يمنح مساحة حرية في التصرف لدى المهربين «وصنّاعهم» ممن يتولّون تسويق البضائع المهربة.
واذا أردنا النظر بتمعن في تفاصيل انتشار التجارة الموازية أو رغبنا في العودة الى اسبابها الحقيقية العميقة، يتضح لنا ان الفقر والإحتياج والبطالة وانعدام التوازن الجهوي في مجال التنمية الشاملة، بالإضافة الى التعقيدات الإدارية وكثرة الأداءات الموظفة على القطاع المنظم، كلها اسباب تجعل بل تشجع البعض على ممارسة التجارة الموازية وتعاطي التهريب بالرغم من المخاطر التي يتعرضون لها على الحدود وفي الأماكن المعزولة والنائية التي يفضلون المرور عبرها لتهريب سلعهم بعيدا عن اعين الديوانة والأمن والجيش.
ففي تونس كلما عقدنا الإجراءات الضرورية لبعث مشروع تجاري، وكلما رفعنا من سقف الترتيبات القمرقية، ازدادت مساحة التهريب والتجارة الموازية، فمن غير المعقول ان يتواصل تهريب السلع المدعمة ويقع تسويقها في بلدان مجاورة مع الإستفادة من دعم الدولة للفئات الضعيفة التي لا تستفيد من هذا الدعم.
ثم لا يمكن التغافل عن مسألة غاية في الخطورة وتتعلق بتبييض الأموال عبر التهريب، فكم من مواد دخلت البلاد خلسة تم شراؤها بالمال الفاسد...
وماذا عن «التسهيلات» في المعابر الحدودية...
نعم، فالإنفلات الإداري وضعف الرقابة وغياب السلطة الرادعة في ظل تقلص مساحة القناعة والعزيمة والشعور بالوطنية لدى المهربين، وامام التراخي التام في مجابهة آفة التهريب، اصبحنا نشهد قطاعا نشيطا اسمه التجارة الموازية التي يقبل عليها التونسييون بسبب ارتفاع الأسعار المشط..
ولا يخفى على احد ان التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة التي تضاعف عددها مرات ومرات هي التي تقف وراء انتشار التجارة الموازية خدمة لمصالحها واجنداتها «الخبيثة» حيث تتولى مقايضة مواد استهلاكية بالسلاح وتدفع المال الكثير مقابل ذلك. الى جانب عدم تطبيق القانون بسبب تلكؤ سياسي او حزبي لدواع شعبوية انتخابية واضحة.
ما هي الحلول التي تقترحها للضرب على ايدي المهربين ؟؟؟
لقد اتخذ رئيس الحكومة المهدي جمعة قرارا ببعث ما يشبه بيت العمليات أي جمع السلط في هيكل واحد لمعالجة آفة التهريب الموجه للإرهاب وأعني تهريب الأسلحة، وهو قرار اعتبره في محله، ومن المفترض اتخاذ اجراء مماثل يتعلق بتهريب المنتوجات الأخرى يشمل عمليات تنسيق واسعة.
ثم ان اول حل إقرار جماعي وتصريح واضح ملزم لكل الأطراف بتجريم التهريب تماما كالإرهاب وتضييق المراقبة على كل المستويات ، أي انه يجب ملاحقة المهربين المفلتين عبر المنافذ الحدودية غير الرسمية الى المحلات التجارية غير المنظمة والتي لا تخضع للقوانين المعمول بها. فلا بد من احكام قبضة المراقبة الإقتصادية وتشديدها لتكون دوما هي الأعلى والداعمة لسلطة الدولة التي تظهر من خلال حرصها على معاقبة المخالفين للقانون. ومن ثمة اعادة سلطة القانون وبالتالي اعادة هيبة الدولة واعطاء القطاع المنظم مكانته التي يستحقها كرافد من روافد التنمية الشاملة بالبلاد. واذا كانت هناك عزيمة سياسية صادقة، يجب استصدار القوانين المنظمة لكل العمليات التجارية، وذلك عبر اقرار أداءات على التجارة الموازية حتى يتعود متعاطوها على اداء واجبهم وبالتالي يتنظمون من تلقاء انفسهم.
اما تجارة الأسلحة،،، فلا مساومة مع متعاطيها...
عموما هدفنا هو التقليص من التجارة الموازية حتى لا تتعدى نسبة تواجدها بالسوق 15 بالمائة وهي نسبة اعتقد انها معقولة.
كيف يتم ذلك على ارض الواقع؟
بالردع الذي لا بد منه وهو نابع من الإرادة السياسية بتطبيق القانون على الجميع حماية للمجتمع ولإقتصاد البلاد مع الصرامة اللازمة للعائدين اي الذين يتجاوزون التراتيب المعمول بها اكثر من مرة بالرغم من العقاب المسلط عليهم جراء ذلك.
ويجب ان تتم مراجعة التراتيب القمرقية في اتجاه التخفيض من الضغط الجبائي... فلنأخذ مثلا الأداء على القيمة المضافة المعمول به وهو في حدود 18 بالمائة بالنسبة الى من يملك «باتيندة» اما الذين لا يملكونها فهم مطالبون بدفع 22 فاصل 5 بالمائة كاداء على القيمة المضافة مما ينجر عنه اللجوء الى التجارة الموازية التي تخلو من الأداء بصفة كاملة.
ان ملف التهريب هو في جوهره اضرار بمصلحة البلاد الى اقصى حد، فهو يسيء الى الإقتصاد المنظم والى مداخيل الخزينة العامة للدولة ولمصالح التونسيين جميعا وللصناديق الإجتماعية بالخصوص... تصوّري أن حوالي مليون عامل بالتجارة الموازية لا يتمتعون بالتغطية الإجتماعية ...وبالتالي فمعالجة هذا الملف تقتضي اعلاء المصلحة العامة للبلاد وتجاوز المصالح الشخصية والجهوية التي لا تفسير ولا مبرّرات لإعلائها.
والإنتصاب الفوضوي الذي هو احد مكونات التهريب والذي يسمح بتسويق البضائع المهربة، كيف ترى سبل القضاء عليه وقد استعصى على الدولة..؟؟
الإنتصاب الفوضوي احد الركائز الأساسية للتهريب، والمنفذ الذي يتم عبره تسويق المنتوجات المهربة بجميع انواعها، ولا ارى من حل له اضافة الى الردع والمخالفة سوى السعي الى تحقيق التنمية الجهوية ومن ثمة العدالة التنموية وفض معضلة البطالة وخلق حلول محلية تصدر عن البلديات.
واعتقد انه من الحلول العملية لهذه الآفة المنتشرة في كافة مدننا وحتى قرانا، مساعدة متعاطيي الإنتصاب الفوضوي عبر منحهم قروضا صغيرة لخلق موارد رزق قانونية لهم، واحداث فضاءات خاصة بهم لعرض المنتوجات المحلية والمستوردة بشكل قانوني مع الحرص على دعم التكوين على كل المستويات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.