مثّل الهجوم الإرهابي على منزل وزير الداخليّة لطفي بن جدّو ليلة أوّل أمس في القصرين والذي اسفر عن استشهاد 4 من الأمنيين الحدث الأبرز الذي شغل أمس التونسيين على اختلاف توجّهاتهم وخلّف موجة من الإستياء في نفوسهم وأثار ردود أفعال متباينة اكدت كلّها على أنّ الإرهاب شبح يخيّم على الجميع وأن لا احد في مأمن منه مهما كانت درجة نفوذه مؤكّدين أنّ استهداف منزل وزير الداخليّة هو ردّة فعل من الإرهابيين على استهدافهم في الفترة الأخيرة وان فيه رسالة واضحة مفادها أنّه لا شيء يثنيهم عن الوصول إلى هدفهم مهما كانت درجة التضييق عليهم. «التونسيّة» رصدت آراء سياسيين وحقوقيين حول الحادثة. قال الأزهر بالي عن «حزب الأمان» إنّ الهجوم الإرهابي الذي استهدف منزل وزير الداخلية لطفي بن جدّو ليلة أوّل أمس هو إخفاق لرئاسة الجمهوريّة التي تنضوي تحت لوائها القوات المسلّحة ومجلس الامن القومي وكذلك للحكومة التي تتحمّل جزءا من المسؤوليّة. وأوضح بالي أنّ استغلال البعض لملف الإرهاب وتوظيفه للعمل به لدواع ومكاسب سياسيّة ساهم في انتشار هذه الظاهرة وتفريخها وتنظيم صفوفها مؤكّدا انّ العمليّة الأخيرة تشير إلى انّ تونس دخلت في متاهات جديدة وأنّه بات من الضروري تخصيص الأموال الموظّفة لرئاسة الجمهورية والمجلس التأسيسي للامنيين ولعناصر الجيش الوطني لتعزيز صفوفهم وتمكينهم من العتاد والمعدات اللوجستية التي تمكّنهم من الدفاع عن حرمة الوطن والتصدّي للإرهاب مبيّنا أنّ الاموال التي تدفع لرئاسة الجمهورية تدفع لأمور تافهة على حدّ تعبيره. وأشار بالي إلى أنّه على المجلس الوطني التأسيسي الذي رفض مسألة حلّه مواصلة عمله بصفة طوعيّة ليتمّ صرف الاموال المرصودة لأعضائه إلى المؤسسة الأمنية مضيفا إنّه على الحكومة كذلك الكفّ عن العمليات الاستعراضية وتمكين الأمن والجيش من الإمكانيات اللازمة موضّحا انّه عليها ان تعي أنّه لا يمكن التعويل على قطاع هشّ كقطاع السياحة لأنّ مثل هذه العملية يمكنها تشتيت كلّ الجهود ونسف كافّة التحضيرات موضّحا انّ رهان الحكومة على جلب 8 أو10 ملايين سائح ذهب سدى لأنّ السائح اليوم يرى نفسه مستهدفا قبل غيره باعتبار أن من وصل الى منزل وزير الداخلية يمكنه النيل منه في أية لحظة. ودعا بالي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فوريّة على الميدان لا الإكتفاء بالبيانات والكلمات المنمّقة موضّحا أنّ صغر عمر أعوان الأمن المكلّفين بحراسة الوزير يشير الى شيئين: إمّا أنّ الوزير عيّنهم لعدم ثقته في الأجهزة القديمة أوأنّ قيادات أخرى هي من وضعتهم لغايات معيّنة بما يعني أنّ العمليّة مدبّرة وبما يثير نقاط استفهام كبرى تجعل السؤال أمرّ من الجواب قائلا: «لا نريد التشكيك في المنظومة الأمنية ولكن !!! «متابعا القول» إن كان وزير الداخلية ليس في مأمن فماذا نقول عن المواطن العادي...». سمير الطيبّ: ردّة فعل متوقّعة من جهته أشار سمير الطيب عن «المسار الإجتماعي الديمقراطي» إلى انّ العملية كانت متوقّعة لأنّ الارهابيين معروفون بردّة الفعل وباعتبار أنّهم كانوا محلّ استهداف من طرف الجيش والامن في الآونة الأخيرة وانه لذلك كانت ردّة فعلهم متوقّعة لكن دون معرفة الهدف لأنّ تحديد الهدف دائما يبقى مفاجأة الربع ساعة الأخير على حدّ قوله . وأكّد الطيّب أنّه لولا وجود أعوان الامن الذين ترحّم على أرواحهم لكانت الكارثة معبّرا عن تضامنه مع وزير الداخليّة مؤكّدا أنّ المعركة مع الارهاب معركة طويلة ولن يسلم منها احد موضّحا أنّ في ما ارتكبه الارهابيون ليلة الثلاثاء تأكيد على قدرتهم على الإقتراب من عائلات المسؤولين الكبار وفيه رسالة موجّهة مفادها أنّ الإعتقالات لن تروّعهم ولن تؤثّر فيهم. ودعا الطيّب الرباعي الراعي للحوار إلى ضرورة إيجاد حلّ وعقد إجتماع لفضّ المسائل السياسيّة باعتبار انه دون رؤية ودون تواصل سيواصل الإرهابيون ضربهم للبلاد ولن تكون هناك إنتخابات مؤكّدا انّ وضع البلاد الراهن يقتضي اجتماعا عاجلا لتجاوز المرحلة. ماهر بن ضياء: رسالة مضمونة الوصول أمّا ماهر بن ضياء أمين عام «الإتحاد الوطني الحرّ» فقد أكّد أنّ العملية الإرهابيّة الجبانة التي طالت الامنيين الذين كانوا يحرسون منزل وزير الداخلية لا تزيد التونسيين إلا عزما لمواجهة هذه الظاهرة ومزيدا من التوحيد للتصدّي لهم لاستكمال المسار الإنتقالي مضيفا أنّ استهداف منزل بن جدّو هو رسالة مضمونة الوصول من اناس لا يحبون أمن تونس ولا استقرارها. وشدّد بن ضياء على ضرورة تكاثف الجهود والتبليغ بشأن كافّة الأمور المشبوهة ليكون التونسيون يدا واحدة في وجه الإرهاب والأيادي الآثمة التي تقف خلفه. التوهامي العبدولي: خيانة جهاز الأمن الموازي من جانبه قال التوهامي العبدولي رئيس حزب «الحركة الوطنيّة» إنّ الحادثة التي وقعت في القصرين وطريقة الإستعراض التي قامت بها المجموعات الإرهابية سواء قبل قتل الأمنيين أو بعدها تدعوان إلى الشكّ والرّيبة موضّحا انّ هذا الشكّ ينبعث أوّلا من إمكانيّة وجود خيانة من طرف جهاز الأمن الموازي الذي لم تتمّ معرفته إلى حدّ الآن وثانيا ان تحدث هذه العمليّة في القصرين وبالتحديد في منزل وزير الداخلية المحسوب على طرف معيّن (حركة النهضة) والذي طالبه عديد السياسيين والنّقابات بالإستقالة وتعيين رضا صفر مكانه لتحكّمه في المسألة الأمنيّة إضافة إلى وجود إشاعات مفادها انّ بن جدّو يشكّل عائقا أمام عمل الوزير المكلّف بالأمن وأنّ رئيس الحكومة على علم بهذه المسائل بين الوزيرين. وأشار العبدولي إلى أنّه بعيدا عن فرضيّة الأمن الموازي التي تبقى قائمة فإنّه يجب التأكيد على أنّ وراء العملية رسائل في هذا الظرف بالذات الأولى موجّهة للحكومة مفادها أنّه بإمكان الإرهاب إختراق المؤسسة الأمنية وجهاز الدولة بشكل عام والثانية انه بامكان الخلايا الإرهابيّة النائمة والمتعاونة مع أياد خارجية استهداف الإنتخابات والمسار الإنتقالي. وأكّد العبدولي أنّ ما يستنتجه من حادثة الإعتداء على منزل وزير الداخليّة هو أنّ الوزارة التي تثبت أحيانا جاهزيتها وقدرتها لا تتوانى عن إظهار ضعفها أحيانا اخرى موضّحا انّ خير دليل على ضعفها هذه المرّة هوأنّ المكلفين بحماية منزل الوزير في القصرين ليسوا مختصين في حماية الشخصيات أحدهم عون تراتيب أدمج في القطاع سنة 2012 وآخر كان معزولا من الوزارة لمدّة 14 سنة مستغربا كيف لوزير الداخلية ألّا يعرف نوعيّة العناصر التي تقوم بحمايته موضّحا أنه إن كان يعرف هويتهم وحافظ على وجودهم فتلك مصيبة وإن كانت عيّنتهم الجماعة فتلك مصيبة أكبر مضيفا أنّه لا يعقل ألّا يعرف الوزير ما يحيط بعائلته قائلا: «إن لم يعرف ما يحيط بعائلته فكيف يمكنه معرفة ماهو موجود في الدولة بشكل عام؟« متابعا القول» لا يمكن لوزير فشل في حماية عائلته أن يحمي البلاد».وشدّد العبدولي على ضعف أداء وزير الداخلية الذي رأى أنّ بقاءه في منصبه يطرح أكثر من إشكال موضّحا انّه ساند بقاءه في السابق لفترة محدّدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لاستمرار عمل المؤسسة الأمنيّة مضيفا انّه لو تمّ استهداف وزير الداخلية شخصيا لقيل إنّ الأمر متعلّق بمحاربته الإرهاب لكن أن يتمّ استهدافه في عقر داره فتلك رسالة مضمونة الوصول لا يستبعد ظلوع طرف ما فيها.