فوجئتُ أمس بعد الوصول إلى مطار باريس-أورلي الدولي قادما من مطار تونس-قرطاج الدولي، على متن الخطوط الجوية التونسية (الرحلة TU718) بخلع حقيبتي وبعثرة محتوياتها من وثائق وأمتعة خاصة وسرقة هاتف جوال من داخلها حيث عمد العابثون بالأمتعة في الفضاء الداخلي للمطار، بعد تسجيلها عند الإقلاع وقبل استرجاعها عند الوصول، إلى خلع عُروة لسانِ القُفل بطريقة يصعب التفطُّن إليها، حيث يبدو القفل وكأنه غير مخلوع لكنه يصبح غير ذي جدوى لأن العروة السفلى للسان مفتوحة فينزاح هذا الأخير ويصبح القفل غير ذي جدوى. وعند التوجه إلى مصلحة الأمتعة بمطار باريس-أورلي الدولي تفطن العون إلى تناقص وزن الحقيبة وعند التثبت تفطنت إلى العبث بمحتوايتها للبحث عن صيد ثمين داخلها بما في ذلك الوثائق الخاصة بالإضافة إلى سرقة الهاتف الجوال. وبعد معاينة عملية الخلع والعبث وتسجيل شكوى في الغرض، وعدني الموظف الفرنسي بإحالة الشكوى للتحقيق وتحديد المسؤوليات. ثم اتجهتُ إلى مكتب الخطوط التونسية بالمطار الباريسي حيث أعلمني السيد نجيب صفر مسؤول المكتب بتواتر شكاوى الحرفاء من السرقات على الخط تونس-باريس. وروى لي من قصص السرقة وشكاوى الحُرفاء من تونسيين وأجانب ما يندى له الجبين مشيرا الى أن الكثيرين يشتكون من بعثرة وضياع وسرقة أمتعتهم وحقائبهم وحواسيبهم ووثائقهم ومُعطياتهم الخاصة وانتهاك حُرمتها التي هي من حُرمتهم. فهل سيعود السائح أو ابن البلد المهاجر والقادم في إجازته السنوية إذا تمت سرقة أمتعته والعبث بها وبعثرتها في أول استقبال له أو في آخر وداع بالمطار؟ المطارات والموانئ البحرية ونقاط العبور البرية هي أول وآخر نطاق تطؤها أقدام الزائر والعائد.. وسوء المعاملة والسرقة داخلها تُخرِّبُ وتُقوِّضُ كل المجهودات الوطنية المبذولة رسميا وشعبيا ومهنيا وإعلاميا وثقافيا ودينيا لاستقطاب السُّياح والمستثمرين وأبنائنا المهاجرين.. والاستثمار في تأمين المطارات والموانئ من السرقات أهم بكثير من حملات الاستشهار التي تصرفُ فيها الأموال الباهضة دون أي جدوى إذا ما تواصلت السرقات. القضاء على عصابات السُّرَّاق والعَسَس السِّرِّيِّين والجَواسِيس المُوازين وعلى آفة السرقة والتجسس على حياة الناس وأمتعتهم ووثائقهم وحياتهم الخاصة أولوية قصوى إذا أردنا أن نجعل من بلادنا وجهة يحلُو السفر إليها والاستجمام فيها ويطيبُ العيش ويَنمُو الاستثمار ويَزْكَى فيها..