«حالتنا متعبة والأسعار نار... رخّصولنا في الزهومة ... قفتنا خالية من الحوت واللحم وكي نخلطو على الدجاج سلّكناها...» هذا بعض ممّا قاله أمس مواطنون ل«التونسية» على هامش جولتها بأسواق العاصمة حول استعداداتهم وتحضيراتهم لاستقبال شهر رمضان المعظّم حيث أكّد عدد منهم أنّ غلاء الأسعار جعلهم غير قادرين على ملء «قفّة رمضان» في حين شدّد آخرون على انّهم غير ملزمين بالإفراط في المصاريف وانّ رمضان شهر الخير والبركة مستبعدين التحضير له بصفة إستثنائيّة مستشهدين بالمثل التونسي «كل قدير وقدرو... ونمشيو على قدّ خطوتنا...» فقد أكّد فتحي الهمامي (تاجر ) انّ شهر رمضان وإن كان شهر الخير والبركة فإنه يستوجب تحضيرات خاصّة به تتطلّب تخصيص ميزانية موضّحا انّ «عولة رمضان» من توابل وبقول وغيرها من المستلزمات ضرورية على الأقل للأسبوع الاول الذي يتميّز بلهفة التونسي ومحاولته احتكار كلّ شيء واصفا الأسبوع الأوّل بأسبوع الضغط الذي يتطلب أخذ المحاذير. و أشار الهمامي إلى انّ تحضيرات عائلته لرمضان هذه السنة كانت عاديّة على خلفية ارتفاع الأسعار مؤكّدا انّ الميزانية التي خصّصها للشهر الفضيل لن تفي بالحاجة هذه السنة جرّاء غلاء أسعار الخضر واللحوم الحمراء قائلا: «الأسعار طالعة نار وهذا العام أغلى ... حتّى في سوق الجملة الأسعار نار». «المشكل في الإقبال» من جهته قال أحمد يدعس صاحب محلّ لبيع التوابل إنّ إقبال التونسي على محلّه لم يتغيّر البتة مقارنة بالأشهر الماضية قائلا «الإقبال كيف ما قبل ما تبدّل شيء» مفسّرا ذلك بشيئين إمّا بسبب اقتناء التونسي للتوابل طيلة ايام السنة او لعدم توفّر المال لديه مؤكّدا في الآن ذاته انّ كلّ ما يرغب فيه وتتطلبه مائدته متوفّر. وأضاف يدعس انّ أسعار بضاعته المتمثلة أساسا في التوابل والزيتون وغيرها من المواد التي لا تخلو منها اطباق العائلات التونسيّة في رمضان ك«التنّ» شهدت تخفيضا نزولا عند الأسعار التي حدّدتها الدولة بمناسبة شهر رمضان. «نمشيو على قد ميزانيتنا» من جهتها قالت راضية التواتي ربّة بيت إنّها دأبت على الاكتفاء بما هو موجود لديها تجنّبا للهفة وللمصاريف الزائدة قائلة «تعودت نمشي على قد ميزانيتي» مضيفة أنّها بحكم تواجد مقرّ سكناها بالقرب من السوق البلدي بحي الخضراء فإنّها تلجأ إليه كلّما تطلّب الأمر ذلك لاقتناء الخضر الطازجة. أمّا عن مصاريف رمضان فقد قالت التواتي إنّ هذا الشهر هو شهر «اللمّة» ممّا يجعل المصاريف في إزدياد وفي إرتباط بعدد افراد العائلة وبشهواتهم مؤكّدة في السياق نفسه انّ رمضان هذه السنة يختلف عن سابقيه جرّاء ارتفاع الأسعار التي لن يشعر بها إلا محدودو الدخل و«الزوالي بو العايلة». أمّا بثينة مرياح فقد أشارت إلى انّ «قفّة رمضان» هذا العام لن تكون كعادتها بالنسبة لها ولن تعرف «الزهومة» مؤكدة أنّها ستكتفي باللحوم البيضاء قائلة «اللحم غالي والتونسي يموت على الزهومة... ارفقوا بالزوالي» مضيفة «مائة دينار ما تعملّي شيء «نصرفها في نهارين» مرجعة سبب تزايد المصاريف إلى ارتفاع الأسعار وغلاء الخضروات واللحوم ومتطلّبات المائدة مضيفة أنّ التونسي بات يفكّر في مصاريف رمضان أكثر من التفكير في العبادات باعتباره في شهر الصوم والعبادات. وأشارت مرياح إلى أنها لا تعترف بالتحضيرات الخاصّة لشهر رمضان لانّها وعائلتها وخاصّة شقيقتها دأبوا على مثل تلك التحضيرات طوال السنة ولم يجعلوها حكرا على شهر معيّن قائلة: «نحضروا عادي كيف ما نحضروا لباقي الأشهر... وأختي تهتمّ بكلّ شيء وهي اللي تعمل العولة». «الأمور مضعضعة» الشيء نفسه أكّده منصف حنافي (عامل يومي) قائلا حرفيا: «منين باش نحضرولو رمضان ... الامور مضعضعة والحالة متعبة... القفّة فارغة...» موضّحا انّ زوجته كانت مريضة ممّا تطلّب الكثير من المصاريف وجعله غير قادر على تخصيص ميزانية لهذا الشهر كما دأب على ذلك من قبل بما يعني ،على حدّ تعبيره، إنّه سيكتفي «باللازم في اللازم» مضيفا «على الحساب هذا الواحد كي يخلط على الدجاج يتسمّى سلّكها .. الحوت واللحم ما نفكروش فيهم... أحنا فين وهما فين». أمّا خميس معلاوي بائع خضر بالسوق البلدي بحي الخضراء فقد أشار إلى انّ الإقبال موجود وسيشهد ارتفاعا في المدّة القادمة بحلول شهر رمضان مرجعا ذلك إلى انخفاض الأسعار في هذا السوق وجودة معروضاته مقارنة ببقية الأسواق مضيفا انّ جميع انواع الخضر متوفّرة وبأسعار مناسبة عدا الفلفل الذي يشهد ارتفاعا في ثمنه متابعا القول إنّ البضاعة متوفّرة في السوق وأنه لا مانع أمام المواطن التونسي من التزوّد بما لذّ وطاب سوى «الجيب الفارغ». و أضاف معلاوي أنّ التونسي قادر على توفير حاجاته بقطع النظر عن ظروفه الماديّة وانّه وفيّ لعادته المتمثلة في التصدّق وإعانة ذوي الحاجة مهما كانت الصعوبات التي يعيشها موضّحا أنّ له زبائن جزائريين وليبيين يتغيّبون عنه في رمضان لأنّ جيرانهم يوفّرون لهم ما لذّ وطاب ويشاركونهم إفطارهم. «الأسعار تبعث على الاكتئاب» من جهتها قالت ربح النهدي ربّة بيت وامّ لثلاثة أبناء أنّها تفضّل التحضير لرمضان نفسيّا اكثر منه ماديا لأنّ أسعار الخضر والغلال واللحوم المرتفعة تجعل التفكير فيها يبعث على الاكتئاب والتأزم مضيفة أنّها غير قادرة على توفير حاجات قفّة رمضان قائلة : «الأسعار غالية ورمضان باش نحضرولو بالجمعة بالجمعة... بالشوية بالشويّة». الشيء نفسه أكّده عبد العزيز عامل بالسوق البلدي اشتكى من ظروفه الصعبة التي يعيشها خاصّة وأنّه لا يمتلك دخلا قارّا يعيل منه أبناءه قائلا «الأسعار نار... رمضان يلزمو ميزانية وانا خمسة صغار وأمهم منين باش نجيبهالهم... بيعان الحمص المنفّخ ما يملاش قفّة رمضان...». ليلى بن إبراهيم