وزير الخارجية يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية المقيمين بالعراق    تنفيذ بطاقة الجلب الصادرة ضد سنية الدهماني: ابتدائية تونس توضّح    مظاهرات حاشدة في جورجيا ضد مشروع قانون "التأثير الأجنبي"    حالة الطقس ليوم الأحد 12 ماي 2024    أزعجها ضجيج الطبل والمزمار ! مواطنة توقف عرض التراث بمقرين    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    يوم تاريخي في الأمم المتحدة :فلسطين تنتصر... العالم يتحرّر    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    مقرر لجنة الحقوق والحريات البرلمانية " رئاسة المجلس مازالت مترددة بخصوص تمرير مبادرة تنقيح المرسوم 54"    شيبوب: وزارة الصناعة بصدد التفاوض مع مصالح النقل لإعداد اتفاقية لتنفيذ الالتزامات التعاقدية لنقل الفسفاط    مصادر إسرائيلية تؤكد عدم وجود السنوار في رفح وتكشف مكانه المحتمل    انضمام ليبيا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    كيف قاومت بعض الدول الغش في الامتحانات وأين تونس من كل هذا ...؟؟!!.    سوسة: بطاقات إيداع بالسجن في حق عشرات المهاجرين غير النظاميين    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل/ الاحتفاظ بسائق تاكسي "حوّل وجهة طفل ال12 سنة "..    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    القيادي في حركة "فتح" عباس زكي: " الكيان الصهيوني يتخبط لا قيادة له.. والعالم على مشارف تحول جديد"    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    الحرس الوطني يُصدر بلاغًا بخصوص العودة الطوعية لأفارقة جنوب الصحراء    وزير الخارجية يعقد جلسة عمل مع نظيره العراقي    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منير التليلي (وزير الشؤون الدينية) ل «التونسية»: حرّرنا 108 مساجد .... و112 بُنيت بلا ترخيص
نشر في التونسية يوم 18 - 07 - 2014


هذا هو السبب الحقيقي لإقالة إمام بن قردان
موسم الحجّ واعد وفي إطار الشفافية
نفكّر في بعث معهد عال لتكوين الأيمّة والخطباء
جامع الزيتونة خارج السيطرة والأصل أن يتبع الدولة
قريبا حركة تسميات بالوزارة
حاورته : سنيا البرينصي
« 112 مسجدا بنيت بلا ترخيص وتم تحرير 108 من قبضة التكفيريين ...الدستور ضمن للأيمة الخوض في الشأن السياسي ومستوى 19 ٪ من هؤلاء لا يتجاوز المرحلة الابتدائية والإعدادية...نحن بالمرصاد في حال ثبوت تهم التكفير والتطرف وكذلك التحزب على الإطارات المسجدية أو موظفي الوزارة ...وإمام بن قردان بريء... نحن ضد تعدد الزوجات...قمنا بمراجعة التعيينات الحزبية النهضوية... وتسميات جديدة خلال الأيام المقبلة...موسم الحج لهذه السنة سيكون واعدا وسنتجاوز أخطاء المواسم الفارطة ولم أنتم في حياتي لحركة «النهضة» وما يقع في سوريا حرب بالوكالة...». هذا أهم ما قال وزير الشؤون الدينية الدكتور منير التليلي في معرض إجاباته عن أسئلة «التونسية» خلال حوار جمع بين الدين والسياسة.
وزير الشؤون الدينية أكد أيضا أن التصحر الديني وتردي المستوى التعليمي هما من أهم الأسباب التي أدت إلى تغلغل الإرهاب بالبلاد معتبرا في الأثناء أن المعالجة الأمنية بمفردها تبقى غير كافية في مكافحة هذه الآفة مبينا من جهة أخرى أن مسك حزب أغلبي بالسلطة أو اقتسامها بين حزبين تحت راية الاستقطاب الثنائي ليس في مصلحة البلاد وفي ما يلي نص الحوار.
أين وصلت عملية تحييد المساجد؟
إلى غاية الأسبوع الفارط تم استرجاع 108 جوامع في كامل الجمهورية. كما أننا قمنا بتقديم تقرير مفصل حول الوضع العام للمساجد بالبلاد إلى رئيس الحكومة في الاجتماع الوزاري المضيق المنعقد مؤخرا.
كذلك يوجد 112 جامعا مبنيّا بلا ترخيص وقد تمت تسوية وضعية 43 مسجدا وإعادتها تحت إشراف الوزارة. وما يلاحظ أن مدينتي بن عروس ومدنين هما من أكثر المدن التي بنيت فيها مساجد بلا ترخيص.
أما بخصوص الإحصائيات الخاصة بالأيمة الخطباء فقد قمنا بتقديم إحصائية حول المستوى التعليمي للأيمة وعددهم 3148 إماما بكامل الجمهورية فتبين لنا أن نسبة التعليم الجامعي بين أهل الاختصاص تبلغ 4,8 بالمائة في حين تساوي نسبة التعليم الجامعي ضمن اختصاصات أخرى 44,9 بالمائة. أما نسبة الأيمة في مستوى التعليم الثانوي فتبلغ 28,3 بالمائة. في المقابل نجد 19,6 بالمائة من الأيمة في مستوى التعليم الابتدائي والإعدادي.
ما هي خطط الوزارة لمكافحة ضحالة المستوى التعليمي للإطارات المسجدية؟
الوزارة تفكر جديا في بعث معهد عال لتكوين الأيمة والخطباء. ومن هنا كان قرار رئيس الحكومة جريئا ومنطقيا عندما أعلن خلال اجتماع عام في جامع الزيتونة في إطار لقائه بالشيوخ والأيمة والعلماء تدارس وضع الشأن الديني في البلاد.
ولكن أية آليات ترونها فعالة لتطويق الظاهرة جذريا؟
بالنسبة للمساجد الخارجة عن سلطة الوزارة فهي تمثل 1 بالمائة وهذا الأمر يعتبر إيجابيا. كما أن ظاهرة الانفلات لا تخص الجوامع فقط بل هي مست جميع القطاعات بعد الثورة بما فيها المساجد. ونحن ساعون إلى استرجاع ما تبقى من المساجد التي هي خارج السيطرة.
ولكن ألا ترون أن الأمر سيان في الحقيقة, بمعنى أن تحرير المساجد من قبضة التكفيريين لوضعها تحت قبضة الدولة قد يفتح غالبا الباب على مصراعيه لتوظيفها سياسيا وتحويلها إلى أبواق حزبية وانتخابية للحزب الحاكم؟
الدستور في فصله السادس نص على أمرين: أولهما أن الدولة راعية للدين وبالتالي لا يمكن للدولة إلا أن تقوم بواجبها في رعاية الجوامع ورعاية الخطاب الديني عموما. ثانيا الدستور ضمن للأيمة معالجة قضايا الشأن العام وكل ما له صلة بحياتنا العامة تربويا واجتماعيا وسياسيا. لكن هذا لا يعني الدعوة إلى التحزب ورفع شعارات خاصة بالأحزاب.
ولكن هذا ما يحدث حاليا بمساجدنا حيث تدور رحى الدعاية الحزبية على أشدها, ما تعليقكم؟
نحن في إطار خطة التتبع والمراقبة التي ننتهجها, وفي إطار تفاعلنا مع ما يأتينا من أصداء من طرف الوعاظ المحليين والجهويين ومن وسائل الإعلام نحقق في هذه المسائل ونقوم بالتحري والتحقيق فيها وإن تبين لنا أن أحد الأيمة تجاوز الحد المسموح به وبعد استجوابه يقع إنذاره وفي مرحلة ثانية توبيخه وفي حال لم يرتدع يقع سحب التكليف منه بمعنى أن العقوبة تكون بقدر الجرم.
وهل ترون أن عزل إمام رفض أداء صلاة الجنازة على شهيد الجيش ببن قردان كاف لمحاربة الظاهرة؟
ثبت من خلال التحريات التي قامت بها الوزارة (وهذا سبق لك) أن إمام الخمس ببن قردان لم يرفض الصلاة على الشهيد وأنه لم يتحدث عن الطاغوت. كما أن الإمام المذكور وحسب التقارير المقدمة من الواعظ الجهوي والمحلي بالجهة قام بتقديم إمام جمعة للصلاة على الشهيد. إلا أن الوزارة ارتأت عزله لأنه لم يكلف بعد بالصلاة في ذلك الجامع لأنه انتقل من جامع بتونس الكبرى إلى بن قردان دون أن تتم نقلته رسميا.
ولكن رغم جميع الجهود المبذولة توجد نقائص ولم يقع تحرير المساجد بالكامل وما تزال عدة جوامع خارج السيطرة؟
نحن اخترنا سياسة الحوار أولا والتنبيه ثانيا عن طريق الوعاظ والسلط الأمنية وثالثا يقع اللجوء إلى تطبيق القانون إن لم تفلح الطرق السابقة. كذلك اخترنا طريقة البطء في استرجاع المساجد لصعوبة العملية من ناحية لأن هذه الأطراف قد ترد الفعل ثم لصعوبة وجود البديل الذي يهدد وجود الإمام وأسرته في حال اعتلائه المنبر كبديل لهؤلاء فهو يتعرض إلى ضغوطات وتهديدات.
وبالنسبة لانتشار التشدد الديني؟
هو نتيجة لإنحصار الثقافة الزيتونية التي ضيعت في بلادنا منذ قرون بسبب سياساتنا القديمة التربوية والإعلامية والثقافية. وكذلك نتيجة لما نراه من تأثيرات للأفكار الدخيلة من هنا وهناك عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي والإنترنات التي اقتحمت بيوتنا بلا استئذان.
خلال حكم «الترويكا» تمت كذلك استضافة دعاة تكفيريين ومتطرفين لبث أفكارهم في نسيج مجتمعنا, ما تعليقكم؟
هذا الجانب أيضا يسحب إلى حد كبير. في اعتقادنا أن الانفلات الذي حدث بعد الثورة هو نتيجة للوضع العام. ولكن كلما استرجعت الدولة هيبتها ستسترجع البلاد عافيتها.
تقصدون أنه رغم جميع الأخطار المحدقة بهويتنا نبقى في مأمن من المد التكفيري؟
إذا تحمل الشعب مسؤوليته وإذا خططت الحكومة لوضع استراتيجية تحفظ بها أبناءنا عبر وضع سياسات تربوية وثقافية واعلامية يمكن أن نكون في مأمن فعلا من الخطر التكفيري والخطر الخارجي الآتي من الشرق والغرب على حد السواء. نحن نريد أن نعيش في مجتمع وسطي لا إفراط فيه ولا تفريط وألا يصبح التونسي فيه غربيا ولا مشرقيا بما في الأمرين من إيجابيات وسلبيات. نحن نريد خلق انسان تونسي متوازن يفهم الإسلام فهما مستنيرا.
لغط كبير حول انتشار الجمعيات والمدارس الدينية المشبوهة وتجاوزات بالجملة, فهل لدى الوزارة خطة لمواجهة ذلك؟
رئاسة الحكومة هي المسؤولة عن الجمعيات. وقد تم الاتفاق خلال جلسة وزارية مضيقة على إعداد مشروع تخضع فيه الجمعيات إلى إشراف مزدوج بين رئاسة الحكومة والوزارة. كذلك رئاسة الحكومة تتابع هذه المؤسسات على أساس أنها جمعيات يحكمها قانون الجمعيات والوزارة تشرف على مضمون ما يقدم في هذه المؤسسات وتتابعها عبر إداراتها الجهوية ومصالحها المركزية.
وماذا بخصوص المدارس القرآنية؟
نفس الأمر هي لا تتبع الوزارة. ومع ذلك نخصص جزءا من الميزانية لبعض المدارس كالرابطة الوطنية للقرآن الكريم التي تهدف إلى تحفيظ القرآن والقيام بمسابقات قرآنية.
هل تمت مراجعة التعيينات الحزبية التي زرعت بمفاصل الوزارة خلال حكم «الترويكا»؟
في إطار العمل الذي قمنا به منذ أول يوم من وصولنا حاولنا جاهدين تحييد الديوان وقد استقال من كانوا يعملون كمستشارين. كما أننا أقلنا البعض الآخر إيمانا منا أن الأصل في العمل الإداري هو أن يقوم على أهله. من جهة أخرى تكمن سياستنا في تصريف الأمور في إسناد الأمور إلى أهلها دون النظر في الانتماءات الحزبية فالمقياس عندنا هو الكفاءة ونظافة اليد والتفاني في خدمة سياسة الوزارة عموما. أيضا تم تغيير رئيس الديوان في إطار تفعيل هذه الخطة.
بعض الجهات تؤكد أن حاشية نور الدين الخادمي ما تزال نافذة بالوزارة؟
نحن نراقب الوضع وإن ثبت لنا أن هذا الشخص أو ذاك يخدم مصالح معينة سنقيله. نحن سنعلن قريبا وفي إطار إعادة هيكلة الوزارة عن تسميات جديدة سيكون أغلبها إن لم نقل جلها من أبناء الوزارة.
أنباء عن وجود متشددين يعملون بالوزارة؟
أولا نريد طمأنة التونسيين بأن العاملين بوزارة الشؤون الدينية هم تونسيون وتلقوا نفس التربية والشهائد العلمية التي تلقيناها. لكن بعض التطرف الموجود لا يخص الوزارة وإن وجد فنسبته قليلة. نحن لا نحكم على أي شخص إلا من خلال تصرفه وإذا ثبت أنه يدعو إلى الفكر المتشدد سنتخذ ضده الإجراءات التي تعود بالنظر إلى الوزارة والأمن كذلك سيقوم بدوره وفي الأخير يبقى القضاء هو الفيصل. يجب أن نحصر الظاهرة ونضيق عليها الخناق حتى نقي بلادنا من هذه الآفة.
هل هناك حلول لفض الإشكال القائم مع جامع الزيتونة؟
نحن نتعامل معه بطريقة مختلفة لأننا نعتقد أن دور التعليم الزيتوني الموجود في الجامع وفروعه رغم ما عليه من ملاحظات ورغم أننا دعونا المشيخة إلى إصلاح التعليم الزيتوني نعتقد أنه يعيننا على صد الفكر التكفيري. ولكن نحن مختلفون مع من يشرف على هذا التعليم الذي هو حسين العبيدي في كيفية تسيير الجامع. نحن نريد أن يكون الجامع تحت إشراف الوزارة بطريقة حقيقية لا صورية. نريد أن يكون إمام الجمعة والمؤذنين وأيمة الخمس والقائمين على شؤون البيت تحت إشراف الوزارة مباشرة.
تقصدون أن جامع الزيتونة خارج السيطرة؟
نعم خارج السيطرة.
ولكن الشيخ حسين العبيدي يتهم الوزارة بمحاولة الاستيلاء على الجامع مؤكدا أن الزيتونة مؤسسة مستقلة تماما عن الدولة, بماذا تردون؟
لا يمكن لأي جزء من البلاد أن يكون منفصلا عن الدولة التونسية. جامع الزيتونة ليس جزيرة منفصلة ويتبع الدولة, هذا هو الأصل.
حسين العبيدي يرى أن الموضوع يكمن في شخصه ونحن نرى أن هذا الملف لا يرتبط بالأشخاص بل هو مرتبط بفكر جامع يهدف إلى الحفاظ على الفهم السليم لقيم الإسلام ومقاصده.
قلتم منذ قليل إن لديكم بعض الاحترازات على طرق التعليم بجامع الزيتونة, فهل من توضيح؟
في تقديرنا أن البرامج التي يتم تقديمها في حاجة إلى إعادة نظر. أيضا المدرسون في حاجة إلى تدعيم بإطارات أخرى ذات كفاءة قادرة على إعطاء الإضافة. وكذلك طريقة التدريس على الحصائر تعتبر تقليدية نوعا ما ولذلك لا بد من عصرنة طرق التعليم.
ما موقفكم من مجلة الأحوال الشخصية؟
هي امتداد للفكر الإصلاحي الإسلامي التونسي وجاءت لتدعم حقوق المرأة التونسية المسلمة من خلال جعل السقف الأعلى للزواج بأربعة في فترة كان الزواج فيها غير محدد بعدد. لما تقرأ الآيات التي أباحت التعدد بالعدل بين النساء واعتبرت أن هذا العدل يكاد يكون مستحيلا ارتأى بعض شيوخ الزيتونة أن التحديد بواحدة هو الأصل ودعموا ذلك بقاعدة فقهية تقول إن الإمام إذا قيد مباحا لمصلحة ثابتة أصبح فعل المباح حراما.
يعني أنكم ضد تعدد الزوجات؟
نعم.
وبالنسبة لقيم الجمهورية؟
نعم نحن مع قيم الجمهورية. وإذا كانت هناك سلبيات في اختياراتنا السياسية والتربوية وغيرها فنحن نرجو التغيير واستعمال الحكمة. وإذا ثبت أن بعض القيم الحداثية في حاجة إلى مراجعة وتغيير فلا مانع من ذلك. وإذا ثبت من جهة أخرى أنها قدمت الخير في مفهومه الواسع للإنسانية فنحن معها.
منذ أول يوم من تعيينكم بالوزارة أثيرت مسألة انتمائكم إلى حركة «النهضة», فهل من توضيح في هذا الشأن؟
نحن كسبنا الحرية بعد الثورة أي أن يقول المرء ما يريد. وأنا أؤكد أنني لم أنتم في يوم من الأيام ل« النهضة» أو غيرها من الأحزاب. من الواجب أن يكون وزير الشؤون الدينية في منأى عن التحزب فالدين للجميع ولله تعالى.
جهاديو تونس المقاتلون في سوريا ضحية من؟ وهل يجوز الجهاد شرعا في هذه الحالة؟
في اعتقادي أن الشعب السوري ليس في حاجة إلى أبناء تونس ليدافعوا عن اختياراته فهو قادر على الدفاع عن نفسه. وأعتقد كذلك أن الأطراف المتصارعة في سوريا في حاجة إلى البحث عن حلول للخروج بأخف الأضرار من الأزمة خاصة أن المنطقة أصبحت محط أنظار الجميع وأصبحت الحرب تدار فيها بالوكالة بين القوى العظمى. وأبناء تونس الذين خرجوا للقتال في أماكن التوتر هم ضحية التصحر الديني الذي زرعته الأنظمة السابقة عبر سياسات ممنهجة لتجفيف المنابع وعبر مغالطات إعلامية وسياسوية.
الجهاد فريضة باقية إلى يوم الدين. لكن لا بد من فهم مصطلح الجهاد كالجهاد المتمثل في الدفاع عن فلسطين وعن تونس مثلا في حالة حدوث هجوم خارجي فهذا يعتبر من الفروض الشرعية لأن الدفاع عن البلاد والعباد يسمى جهاد الدفع وهو شرعي. أما جهاد الطلب أو الخروج للقتال في البلدان الأخرى فهو لم يعد اليوم أمرا مشروعا. كما أن الجهاد الحقيقي يكون عبر العمل وبذل الجهد لإخراج البلاد من وضعها الاقتصادي الصعب إلى مصاف السيادة والريادة.
ما حكم التحريض على القتل في الإسلام؟
«من قتل مؤمنا بغير حق فقد قتل الناس جميعا» الآيات صريحة. قتل الناس حرام.
وبالنسبة لظاهرة هدم الأضرحة ونبشها؟
هذا الفكر المتشدد لا يمكن القبول به في بلادنا لأن القبور التي تبنى على أمواتنا لا يقصد من خلالها التعبد والتمسح عليها بل المقصود معرفة مواقع أصحابها من أجل أن تقع زيارتهم في أوقات معينة لقراءة الفاتحة.
مفتي الجمهورية صرح بأنه «نائب رسول الله في الأرض» فهل تجوز نيابة الرسول؟
كلام المفتي أخرج من سياقه. أنا أعرف المفتي وهو من أساتذة جامعة الزيتونة وهو يعرف ما يقول ولا ينسب إلى نفسه ما لا يجوز. وأعتقد أنه لا يتحدث باسم فلان أوعلان وإنما نرى أنه لا بد أن يلتزم بما تعلمه من كتاب الله وما صح من سنّة رسوله فهو ينقل ما يراه صحيحا عن رسول الله إلى عامة الناس والمصلين. كما أن العلماء هم ورثة الأنبياء في علمهم ينقلونه إلى عامة المسلمين عبر المشافهة أو الكتابة.
خلال الزيارة التي رافقتم فيها رئيس الدولة المؤقت إلى القارة السمراء أمضيتم اتفاقية لتكوين طلبة أفارقة في تونس, فهلا ترون أن مثل هذه الاتفاقية يمكن أن تكون بابا لتسلّل بعض الحهاديين والارهابيين إلى بلادنا تحت غطاء طلب العلم؟
قمنا بتوقيع اتفاقية تعاون ديني وإعانة هذه الدول على تكوين أيمة خاصة أنهم معجبون بالتجربة التونسية في إطار التعليم العالي والصحة. ومن هنا تم الاتفاق على تكوين مجموعة من الطلبة الآفارقة المتحصلين على الباكالوريا في جامعة الزيتونة بفروعها بما في ذلك المعهد العالي للخطابة والإرشاد بالقيروان.
عادة التكفيريون أو الذين يتبنون الخط الإرهابي هم غير متعلمين ونحن بالمرصاد لكل من لا يلتزم بالضوابط التي تضعها الوزارة والدولة. كما أن العدد ليس مرتفعا فهو بين ال 5 وال 10 طلبة فقط .
أين وصلت الترتيبات لأداء موسم الحج وهل سيقع تلافي أخطاء المواسم الفارطة؟
نحن في اللمسات الأخيرة ويبدو أنه سيكون موسما واعدا. اخترنا ثلاثة نزل قريبة من الحرم المكي لتسهيل مهمة الحجاج وتجاوز بعض الأخطاء التي حدثت في السابق. كذلك قمنا بإجراء اختبار للمرافقين تحت إشراف الوزارة والشركة الوطنية للخدمات ورئاسة الجمهورية والحكومة في لجنتين منفصلتين وأيضا قمنا بإحضار طبيب نفساني من أجل اختيار أفضل المترشحين لمرافقة الحجاج.
وهل سيقع التخلي عن سياسة المحاباة والمحسوبية في قبول قائمات متنفذة دون سواها كما حصل في السابق حسب ما أفادت به بعض الأطراف؟
نحن التزمنا الشفافية التامة. المسؤول الأول هو الواعظ المحلي ثم الجهوي, كذلك يقع تعليق القائمات لتراقب من قبل الحجاج أنفسهم وتفتح فترة زمنية معينة لتقديم الاعتراضات والتشكيات. وإذا بلغتنا تشكيات سيقع فتح تحقيق لرد الحقوق إلى أصحابها ولذلك لا وجود للمحسوبية. هذه الحادثة قد تكون وقعت لكن من باب حسن النية يعني نتيجة خطإ في عدد التساجيل.
كيف تنظرون إلى الملف الٍإرهابي؟
هذا الملف في حاجة إلى حوار وطني قادر على تحديد الأسباب ووضع الحلول والمعالجات على المستوى القريب والمتوسط والبعيد تراعى فيه الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتربوية. كما أن دور الإعلام هام. ولذلك فالحلول الأمنية بمفردها غير قادرة على حلحلة الظاهرة ولا بد من تنظيم حوار وطني حول الملف.
كيف تقرؤون المشهد السياسي المقبل؟
من الأفضل ألا يحكم حزب بمفرده باعتبار أنه صاحب الأغلبية وألا يحكم كذلك حزبان تحت لواء الاستقطاب الثنائي. هذا ليس في صالح بلادنا التي تفتقد إلى الثروات الطبيعية. في تقديرنا أن التوافق يكون عبر حكومة وحدة وطنية.
ماهي وجهتكم المقبلة بعد مغادرة الوزارة؟
سأعود إلى التدريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.