بقلم : أبو غسان دخلت بلادنا المنعرج الأخير على طريق الإعداد للانتخابات المقبلة. ويمثل الهاجس الأمني والتصدي لأي تهديد إرهابي اليوم أهم التحديات أمام السلطات في سعيها لإجراء هذه الانتخابات في ظروف عادية. وقد كشفت تصريحات وزير الداخلية نهاية الأسبوع الماضي على هامش انعقاد ندوة الولاة وجود مخاطر تتهدد البلاد من بين أهدافها الرئيسية وفقا للعديد من القراءات «نسف» المسار الانتخابي. كما جاءت محاولة اغتيال النائب محمد على النصري مساء أول أمس في منزله بالقصرين لتعكس حجم المخاطر التي تواجهها البلاد في هذه الفترة. وهذا يعني أن البلاد مقبلة في الأيام المقبلة وحتى موعد إجراء الانتخابات على مرحلة بالغة الحساسية غير مسموح بالمرة الخطأ في إدارتها أو حتى مجرد سوء التقدير مهما كانت المبررات والظروف. ومن المؤكد أن هذه المرحلة تلقي بمسؤوليات خاصة وجسيمة على كاهل المؤسستين الأمنية والعسكرية، اللتين ستجدان نفسيهما أمام امتحان هو الأول من نوعه باعتبارهما ستسهران في تأمين الانتخابات والتصدي لأي عمل يستهدف أمن البلاد واستقرارها وتعطيل مسيرتها الانتقالية وهي في آخر أشواطها. فمن الناحية الأمنية وبالنظر لما عاشته البلاد في السنتين الأخيرتين فإن انتخابات أكتوبر 2014 ستكون مختلفة تماما عن انتخابات 2011 ، ومن الطبيعي أن تكون درجة اليقظة والاستعداد لأي طارئ في أعلى مستوى وذلك من الآن وليس أيام الاقتراع فحسب ولا خلال الحملات الانتخابية التي ستنطلق بعد شهر.. فأي تهديد إرهابي اليوم قد ينسف العملية الانتقالية برمتها ويفتح أبواب المجهول على مصراعيها. وهذا ما يفرض اتخاذ كل الاحتياطات حتى تجرى الانتخابات في أحسن الظروف وحتى يغلق قوس المرحلة الانتقالية بأقل ما يمكن من الخسائر. نحن بالطبع لا نشك لحظة واحدة في أن قوات الأمن والجيش تدرك تماما ما هو مطلوب منها في هذه المرحلة والبلاد تستعد لإجراء الانتخابات ، وأنها ستبذل كل ما في وسعها وأكثر من أجل ضمان إجراء هذه الانتخابات في أجواء آمنة. ولكن المطلوب اليوم أيضا ومن الجميع أن يساعدوا المؤسستين على أداء واجبهما وخاصة عدم «التشويش» عليهما بأي شكل من الأشكال حتى يقوما بهذه المهمة الدقيقة والحساسة على أحسن وجه. كما أن المطلوب من القوى السياسية وهي على أبواب حملة انتخابية أن تترك المؤسستين الأمنية والعسكرية بعيدا عن أي شكل من أشكال التجاذب والمزايدة وألا يكونا محل مزايدة في برامجهم ووعودهم الانتخابية. هناك إجماع اليوم على أن أي عمل إرهابي يستهدف البلاد سيهدد المسار الانتخابي وستكون تداعياته كارثية لا قدر الله. وهذا يفرض على جميع التونسيين اليقظة وتجنب المعارك والخلافات الهامشية والجانبية. فمعركة تونس ضد الإرهاب هي اليوم على أبواب واحد من أهم فصولها والنجاح النهائي فيها يمر حتما عبر مرور الانتخابات القادمة بسلام، أما بقية المشاكل والخلافات فهي تبقى ثانوية أمام التهديدات الإرهابية وسيأتي أوانها بالأكيد.