الحكومة:«العين بصيرة... واليد قصيرة» اتحاد الشغل:«كل شي على الطاولة ونتفاوضُو» الزيادات في أجور الموظفين وموعد إنطلاق المفاوضات الإجتماعية من المواضيع التي تؤرق بال آلاف الموظفين من مختلف الوزارات والإدارات فأمام غلاء المعيشة والأسعار المشطة للكراء وارتفاع نفقات العائلات وإلتهاب أسعار البنزين تتبخر «الرواتب» في لمح البصر وأحيانا قد لا تصل الى جيب الموظف لأن المصاريف كثيرة والمرتّب هو ذاته... فهل هناك زيادات في 2014؟ وهل بإمكان الموّظفين والعمّال ان يصمدوا أكثر أمام غلاء المعيشة أم أنّ عليهم التأقلم مع الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد؟ أسئلة بسطتها «التونسية» على كلّ من السيدين الحبيب الكشو المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الإجتماعية وحفيظ حفيظ الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل لمعرفة مدى تقدم المفاوضات الإجتماعية وهل هناك زيادات في «الرواتب» أم لا؟ . يقول السيد الحبيب الكشو انّ المفاوضات لم تنقطع وانّ عدة جلسات تمّت بين رئيس الحكومة والأمين العام لإتحاد الشغل وآخرها كانت الأسبوع المنقضي. وأكّد انّ اللجنة العليا للمفاوضات الإجتماعية اجتمعت أول أمس وكذلك أمس مع السيد حفيظ حفيظ الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل المكلف بالوظيفة العمومية مؤكدا انّ اللجنة تجتمع بمعدل مرة كل أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير، مضيفا انّ اللقاءات موجودة رغم الإختلاف في الآراء . وقال انّ المسألة لا تتعلق بالإرادة بل بالإمكانات معتبرا انه رغم الإختلافات الحاصلة في وجهات النظر فإن الحوار متواصل. وكشف الكشو انه منذ أول لقاء تم بين رئيس الحكومة وأمين عام اتحاد الشغل في هذا الخصوص تم تقييم الوضع الإقتصادي بالبلاد ،وقال «رأينا كحكومة أنّ الوضع لا يسمح بالزيادات»، وأكّد انّ ما تم الإتفاق عليه هو تشكيل لجنة ثنائية بين الإتحاد والحكومة لتفعيل بعض الإتفاقيات، مبينا انّه بعد أشهر من العمل الثنائي تم الإتفاق على 33 إتفاقية من 2014 إلى 2017 ملاحظا انّ ما وعدت به الحكومة في هذا الجانب سيقع تنفيذه معتبرا ان هذه الزيادات خصوصية ورغم ذلك فإن لها انعكاسات مالية بلغت في 2014 ما بين 120 و135 مليون دينار. وكشف انّه تم الإتفاق على مواصلة النظر في الزيادات الخصوصية في 2014 والتي تهم كل قطاع على حدة وليس كلّ الوزارات، وقال سنكوّن لجنة مشتركة للنظر في القطاعات التي لم تشملها الزيادات الخصوصية لاستكمال العمل وهو ما سيكون محور إجتماع سيعقد في 19 سبتمبر 2014 . واعتبر انّ اللجنة هي التي ستحدد وفي إطار سقف زمني محدد ما هي الوزارات المتبقية وكيف ستشملها الزيادات لاحقا . وأشار انّ قيمة الزيادات التي تمت في 2013 و2014 دون اعتبار ال33 قطاع بلغت حوالي 900 مليون دينار، مبيّنا انّها أنفقت في الترقيات وفي تسوية الوضعيات ... ولاحظ ان حجم الزيادات في الأجور بلغ بين 2011 و2014 في إطار الموازنات الإجتماعية نحو 3 آلاف مليار، مبينا أنه تمت تسوية ملفات 70 ألف شخص من عمّال المناولة الى جانب انتداب نحو 68 ألف موظف جديد من ضمنهم أصحاب شهائد عليا ... وأضاف انّ القرارات المتخذة في 2011 ستنعكس حتما على ميزانيات 2012 و2013 و2014 ... مؤكدا ان الأرقام محايدة وأنها ليست آراء بل واقعا وقال انّ قراءة هذا الواقع قد تختلف. وأكّد انّه يمكن للدولة تحمل ضغط الزيادات في الأجور المقدرة ب 3 آلاف مليار إذا قابل ذلك إنتاج وخلق للثروات ولكن للأسف هذا ما لم يحدث لا في القطاع الخاص ولا في القطاع العام . واعتبر الكشو انّ النقص في مداخيل الفسفاط بالحوض المنجمي والمقدّر بنحو 1000 مليار في السنة وصل إلى نحو 3 ألاف مليار في ظرف 3 سنوات وأن ذلك كان له تأثير كبير على ميزانية الدولة. وتساءل: «عندما تجد الدولة نقصا ب6 آلاف مليار فمن أين ستعوّضه؟ وأجاب أنها ستلجأ إلى القروض وتساءل هل انه من المقبول ان تقترض الدولة لتسديد الرواتب أي للإستهلاك؟ . وكشف انه رغم الضغوطات الموجودة فإنّ الحوار الإجتماعي تواصل ولكن مع مراعاة إمكانات البلاد. واعتبر انّ الزيادات في الأجور تتعدّى مجرّد رغبة الدولة في الزيادة من عدمها بل هي مرتبطة بالامكانات وبالقدرات. وقال انه في ظلّ الإستعدادات للإنتخابات فإن الحكومة الحالية قد أوفت بجلّ تعهداتها للوصول إلى الإستقرار ملاحظا انّ الصعب مرّ والأفضل قادم ... الإتحاد ينتظر إستكمال بقية الخطوات من جانبه قال حفيظ حفيظ انّ المفاوضات الإجتماعية مع الحكومة متواصلة وأن التشاور موجود في إطار اللجنة العليا للمفاوضات الإجتماعية، واعتبر عملية الإتفاق على 33 قطاعا خطوة مهمة ،مبينا انّ حصيلة الخطوات التي تم قطعها مع حكومة مهدي جمعة تعتبر إيجابية وأنها ساهمت إلى حدّ كبير في تخفيف الإحتقان الإجتماعي . وأضاف انّ الإتحاد ينتظر الإيفاء ببقية التعهدات الإجتماعية ومنها إنهاء التفاوض مع الأسلاك شبه الطبية والسلك الإداري بالإضافة إلى الأسلاك التقنية للمهندسين مؤكدا ان السلك الأخير يتعلق بعملة الدولة والذي يمثلّ ربع أعوان الوظيفة العمومية مضيفا انه من أكثر الأسلاك تضّررا في مقدرته الشرائية لأن القانون العام أغلق الآفاق المهنية للعملة مما تسبب في تدني الأوضاع المهنية . وكشف حفيظ ان المفاوضات القطاعية التي تتعثّر ترحّل إلى اللجنة القطاعية أو ما يعرف ب7 زائد 7 وقال انه تم قطع مسار هام يتعلق بالتشغيل الهش والذي كان تحت 4 عناوين وهي المناولة وعمال الحظائر والآلية 16 وملف النواب المتعاقدين بالمدارس والمعاهد ،وقال انه باستثناء العنوان الأخير فإن بقية العناوين شهدت نسقا إيجابيا. متمّسكون بالملف الإجتماعي وأضاف انّ الإتحاد يتمّسك بالملف الإجتماعي وقال «نأمل ان تفي الحكومة الحالية بالتعهدات التي سبق وأن قدّمتها بها حكومة الجبالي في 2012 والقاضية بفتح مفاوضات إجتماعية في 2013 في القطاع العام». وقال حفيظ انّ الإتحاد العام التونسي للشغل ومن منطلق دوره الوطني قام بتغليب مصلحة تونس في جويلية 2013 غداة إغتيال الشهيد محمد البراهمي وانه قاد حوارا وطنيا وأجّل موضوع المفاوضات الإجتماعية وذلك لتنقية المناخات وتجاوز المرحلة الحرجة التي كانت تمرّ بها البلاد آنذاك. وردّا على المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها البلاد حاليا والوضع الإقتصادي المتردي قال حفيظ انّ الإتحاد ومنذ بدأ في المفاوضات الإجتماعية (منذ التسعينات) وكلما تعلق الأمر بزيادات في الأجور الا وتعلّل الطرف المقابل بالأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الإقتصاد وأحداث 11 سبتمبر وتداعياتها ...وقال انّه من الطبيعي ان تقدم الحكومات البراهين لكي لا تستجيب للإستحقاقات الإجتماعية . وقال «نحن في الإتحاد اعتمدنا على خبراء في هذا المجال وبالتالي فإن المطالب الإجتماعية لا تبنى على فراغ». وكشف ان الإتحاد سبق وان وضع اليد في اليد مع حكومة جمعة أثناء الإعداد للحوار الإقتصادي الذي لم يتم، وقال «حمّلنا الحكومة مسؤوليتها ودعونا إلى توفير الإعتمادات والحلول كما طالبنا بوضع باب الزيادات في الأجور ضمن الميزانية». واعتبر ان من بين الحلول المقترحة فرض الجباية على الجميع وقيامهم بواجبهم معتبرا ان على الجميع تحمّل التضحيات من رجال أعمال وأصحاب مهن حرّة ....مبيّنا انّ عديد القطاعات لا تساهم في دفع الجباية في حين انّ الأجراء يساهمون ب80 بالمائة من الجباية لأنها تقتطع آليا من رواتبهم . ودعا إلى تدعيم الميزانية من خلال مقاومة التهريب الذي له علاقة مباشرة بالإرهاب وقال «ان لم نقاوم التهريب فإن الإقتصاد لن ينتعش». وأكّد حفيظ ان الإتحاد متمسك بالمفاوضات الإجتماعية لسنة 2014 وانه يجب وضع كل شيء على الطاولة حسب الإمكانات طبعا، مضيفا ان الإستحقاقات الانتخابية ونجاح الدستور وتوفير الأمن لن تتحقق دون تنقية المناخ الإجتماعي .