توقفت الترشحات ل «الرئاسية» على 27 مترشحا، وقد تطرأ على هذا الرقم بعض التغييرات الطفيفة على ضوء نتائج الطعون المقدمة في خصوص بعض الترشحات المرفوضة أو المقبولة أو على ضوء انسحابات محتملة للمترشحين في الساعات الاخيرة من انطلاق السباق الرئاسي، وهو ما يعني أن ملامح السباق الرئاسي بدأت تتوضح على الاقل بالنسبة لدورته الاولى. لم تقدم حركة «النهضة» مرشحها ولم تتبنّ علنا وبصفة رسمية مرشحا معيّنا ومن غير الوارد أن تفصح عن نواياها قبل الاعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، ولكنها في المقابل توسع من قائمة المرشحين المؤهلين لدعمها ولمساندتها. وتضم هذه القائمة السيد المنصف المرزوقي الذي يرى أنه ينطلق بحظوظ وافرة لكسب رضاء الحركة مجددا وبدرجة أقل السيدين أحمد نجيب الشابي ومصطفى بن جعفر، وبالتوازي تخفي الحركة ورقتين قد تكونان مفاجأتها في الدورة الاولى وهما ورقتا السيدين حمودة بن سلامة وعبد الرزاق الكيلاني قد تطمئن إليهما الحركة أكثر من غيرهما، دون أن تغلق الباب إذا رأى صنّاع القرار الدولي ذلك أمام تبني ترشح السيد كمال مرجان، ولئن يبدو المشهد من هذه الزاوية معقدا ومتنافرا، فإنه يؤمّن للحركة وضعا مريحا للمناورة وللتفاوض من مواقع أفضل حول مآل كرسي الرئاسة. وبالتوازي، تسعى حركة «النهضة» الى إحكام محاصرة السيد الباجي قائد السبسي في ملعبه وترابيّا مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فمن داخل العائلة الموسعة ل «نداء تونس» يبرز اسم السيد مصطفى كمال النابلي وفي جهة الشمال الغربي والوسط الغربي يطفو اسم السيدين عبد الرحيم الزواري مرشح الحركة الدستورية والمنذر الزنايدي المرشح «المستقل»، وفي الساحل يواجه الباجي قائد السبسي أنصار المرشح كمال مرجان وفي صفاقس لا يفهم من ترشح محمد الفريخة سوى حرمان الباجي قائد السبسي من أكبر عدد ممكن من الأصوات لا غير، فضلا عن محاصرته في عقر داره في أوساط «بلدية» العاصمة بترشح الدكتور حمودة بن سلامة. وعلى هذا المستوى، يبدو «المكلفون بمهمة» لدى حركة «النهضة» عديدين وفي مقدمتهم التجمعيون العائدون من بعيد ولكن هؤلاء كذلك تشقهم خلافات ذاتية عميقة حالت دون توافقهم على مرشح واحد وهو ما حاول السيد الباجي قائد السبسي استثماره لصالحه بتكثيف لقاءاته معهم باستثناء لقاء مع السيد عبد الرحيم الزواري قد لن يرى النور على الأغلب. وإذا كان «الزعيم» حمّة الهمامي لا يطمح من خلال خوض «الرئاسية» سوى الى نقل صوت «الجبهة الشعبية» من محيطه الوطني الى الفضائين العربي والدولي على قدر التغطية الاعلامية العالمية التي ستحظى بها الحملة الانتخابية الرئاسية فإنه يفهم ان ترشح السيد محرز بوصيان جزء من خطة اتصالية طموحة لمزيد التعريف بنفسه في أوساط الهيئات الرياضية الدولية وفي مقدمتها اللجنة الأولمبية الدولية بصفته رئيسا للجنة الوطنية الأولمبية التونسية. ومن خيبات هذا السباق الحضور النسائي، فالسيدة كلثوم كنّو هي الوجه النسائي الوحيد المترشح ل «الرئاسية» من جملة 27 مترشحا ممّا يطرح العديد من التساؤلات حول تجذر الخطاب التحديثي في أذهان طبقتنا السياسية وحول مكانة المرأة في مجتمع يبدو أنه لا يزال مكبلا بعوائق الفكر الذكوري... وفي ما عدا ذلك لا شيء يستحق الذكر سوى تساؤل يبقى حتى اللحظة بلا جواب هو لمَن ستهدي حركة «النهضة» في الأخير ماكينتها الانتخابية؟