تتتالى الجولات والمقابلات وتتشابه بالنسبة لشيخ الأندية التونسية وبطل الموسم الفارط الذي يرى بعد كل لقاء حظوظه في المحافظة على لقبه تتقلص بشكل كبير جدا يجعل توديعه للبطولة عمّا قريب منطقيا حتى لا نقول من تحصيل الحاصل بالنظر أولا إلى الفارق الشاسع الذي يفصله عن صاحب الطليعة وثانيا إلى تعدد الأندية التي تسبقه في الترتيب وفي مقدمتها النجم والإفريقي والصفاقسي والتي من الصعب جدا أن يلتحق بها جميعا أو يسبقها في نهاية المشوار في الترتيب العام وكلنا نعلم أن الجري وراء عدة فرق أصعب بكثير من ملاحقة منافس واحد وهذا ما يعكر عملية تدارك الترجي الرياضي أكثر فأكثر... نعود إلى تشابه مقابلات فريق باب سويقة لنوضح أن هذا التشابه يتعلق بالنتائج والآداء على حد السواء وهذا هو الأمر الخطير والذي يجعل التدارك عسيرا للغاية وشبيها بالمعجزة، فعلى مستوى النتائج يتواصل نزيف السلسلة السلبية وخسارة النقاط من جولة إلى أخرى ويزداد التأخر في الترتيب شيئا فشيئا مع المنافسين المباشرين على اللقب، أما من ناحية الآداء فإن الفريق لا يعرف أي تطوّر في المردود على المستويين الفردي والجماعي ويغيب عليه العنصر الأساسي لنجاح أي فريق وهو الإنتظام في المردود وهذا ما يزيد من حيرة الأنصار وتخوّفهم ويفرض كذلك سؤالا هاما وخطيرا وهو: إلى أين يسير الترجي الرياضي؟ بشري محدود الإمكانيات كنا من بين أول المنادين والمؤكدين منذ الموسم المنقضي على أن المجموعة الترجية بعيدة كل البعد من حيث الإمكانيات والمستوى على تحقيق هدفها الأول والأساسي والمتمثل في لعب الأدوار الأولى في كأس رابطة الأبطال الإفريقية وكنا في نفس الوقت ومقابل ذلك نؤمن بقدرتها على المنافسة الجدية على اللقب المحلي وقد استندنا في حكمنا هذا على اختلاف موازين القوى بين المنافستين، وقد جاءت النتائج في أمجد الكؤوس القارية مطابقة لما ذكرناه وما أكدناه قبل دخول الأحمر والأصفر غمار دور المجموعتين وأكدت الأيام صحة ما قلناه وأكدت مسيرة الفريق في هذه التظاهرة ما ذهبنا إليه آنذاك ولامنا عليه البعض ممن لا يفقهون شيئا في عالم الجلد المدوّر ولا في الخفايا والكواليس وخاصة في إمكانيات الترجي الرياضي ولا تعنيهم مصلحة أحد سفراء رياضتنا فهوايتهم تكمن فقط في التملق ومغالطة رئيس النادي وذر الرماد على الأعين والنفخ في الصورة مثلما حصل ما دو سابر لمصالح شخصية بحتة بعيدا عما ينفع الأحمر والأصفر فعلا... لكن اليوم وبعد الجولات التي مرت في بطولة هذا الموسم رغم قلتها تغيّر حكمنا في خصوص قدرة الفريق على المنافسة الجدية على بطولة تونس لأن العجز في لعب الأدوار الأولى قاريا تحوّل إلى المستوى المحلي أيضا ليصبح التتويج ببطولة تونس حسب اعتقادنا صعب المنال بل هو من باب المستحيلات بالنسبة لصاحب الأرقام القياسية على مستوى البطولات والكؤوس في بلادنا... هذا الحكم «الجديد» الذي لا يهمّنا ولا يعنينا إن عاود نفس الأشخاص لومهم لنا وتهجمهم علينا بسببه مردّه محدودية الزاد البشري الحالي للأحمر والأصفر الذي يشكو من نقائص وسلبيات كثيرة ومختلفة لا تسمح له بمقارعة المنافسين التقليديين على اللقب والبقاء في سباق البطولة إلى آخر الجولات، فالمجموعة لا تملك الإمكانيات التي تسمح لها بالسيطرة على البطولة مثلما كان الأمر في السنوات الفارطة ولا بلعب الأدوار الأولى والمنافسة الحقيقية على اللقب مثلما تعوّد عليه فريق باب سويقة في الماضي، وهذه حقيقة ثابتة لا تشوبها شائبة ولا يمكن لأحد تفنيدها بمن في ذلك هواة المغالطة، والأهم من ذلك أن يكون الترجيون أول من يعترفون ويقتنعون بها حتى يهتدوا إلى الحلول الكفيلة بتجاوز هذه الفترة الصعبة بأخف الأضرار الممكنة وفي أسرع الأوقات من جهة وبتدعيم المجموعة بانتدابات حقيقية تكون فعلا في قيمة الفريق وتقدر على تقديم الإضافة الغائبة على الترجي الرياضي اليوم من جهة أخرى... «فترجي اليوم» يشكو من نقائص في كل الخطوط دون استثناء ويشكو من سلبيات جماعية وفردية كبيرة وكثيرة فهو لم يعد يضم لاعبين قادرين على تطوير الآداء والمستوى أو على حسم نتائج المقابلات لفائدتهم، ولا يتميّز «ترجي اليوم» كذلك بطريقة لعب واضحة توفّر له الحلول لإحداث الفارق وكسب الإنتصارات، بل هو يعيش تراجعا فنيا عاما وكبيرا يصعب تجاوزه دون مخلفات أو التخلص منه بسرعة في ظل الزاد البشري الحالي ليعود الحديث عن فشل الميركاتو الصيفي وعدم استغلال فترة الإنتدابات لتعزيز المجموعة وتدعيم المراكز التي تشكو ضعفا وهي كثيرة من سوء حظ الترجيين الشيء الذي يجعل الوضعية الحالية تنذر بالخطر في أقصى مستوياته وتضع أصحاب القرار أمام ضرورة التعامل الجيّد مع الميركاتو الشتوي القادم بوصفه الحل الوحيد الذي سيخرج الفريق من الحالة التي تردى فيها والتي لا مجال إلى تواصلها لفترة أطول لأن الأحمر والأصفر أكبر من أن يبقى في مثل هذه الوضعيات وأن يواصل هذه السلسلة السلبية من النتائج ويظل في هذا المستوى المتواضع من حيث الآداء. وضعية منتظرة وضعية الترجي الرياضي الحالية نتائجا وآداء قد تفاجئ الكثير من الملاحظين وكذلك فئة كبيرة من أحبائه لكنها عادية وطبيعية بالنسبة للعارفين فعلا بحقيقة المجموعة ومستوى الزاد البشري المتوفر وكذلك المدركين لفشل التحضيرات الصيفية ومعها ملف الإنتدابات، فالمجموعة الحالية وعلى عكس ما ذكره البعض وعمل جاهدا على ترويجه وإيهام جماهير الأحمر والأصفر به وفي مقدمة هؤلاء المدرب السابق سيباستيان دو سابرا ليست أفضل من مجموعة السنة الفارطة رغم بعض التعزيزات الطيبة التي لم تنجح إلى الآن في تقديم الإضافة ونعني هنا بالتحديد صفقتي محمد علي اليعقوبي وفوسيني كوليبالي ولو أن الثاني لم يتمتع بالفرص الكافية لفرض نفسه، لقد خرج من الترجي الرياضي لاعبون أصحاب خبرة وتجربة قادرون على اجتياز بعض الوضعيات الصعبة بحنكة وكسب النتائج الإيجابية رغم تواضع المردود، وهؤلاء لم يتم تعويضهم وبقيت مراكزهم منقوصة في غياب البدلاء المناسبين على غرار الجهة اليسرى للدفاع وأيضا مركز صانع ألعاب الذي يتضمن اليوم لاعبا واحدا وهو الدراجي وهذا غير كاف خصوصا إذا نتذكر ما كان يقدمه إيهاب المساكني كلما تطلبت الضرورة التعويل عليه عند غياب الفورمة عن الدراجي وهو خيار افتقده الترجي الرياضي اليوم وهو ما أثر سلبا على عملية البناء الهجومي... من جهة أخرى فإن الفريق الذي لا يحكم الإستعداد الجيّد للموسم ويمرّ بجانب الموضوع خلال تحضيراته الصيفية لن يقدر خلال المسابقات أن يبلغ المستوى المطلوب أو أن يعرف انتظاما في المردود وهذا التذبذب في الآداء يسبب التأرجح في النتائج وهذا بالضبط ما يعيشه الترجي الرياضي اليوم...ثم وحين نضيف لكل هذه الإخلالات والنقائص الفشل في إبرام صفقات مفيدة في مستوى الفريق ومدروسة تمس المراكز التي تشكو نقائصا تصبح الوضعية التي يشهدها فريق باب سويقة اليوم طبيعية جدا ومنتظرة ومتوقعة بالنسبة لكل العارفين بهذه الخفايا والعوامل التي لا تمهد بالمرة إلى أي نجاح. «بن يحيى» ثابت نمر الآن على موضوع الإطار الفني لنشيرأولا أننا لسنا لسان دفاع عن المدرب خالد بن يحيى ولن نكون كذلك أبدا بل إن الواقع هو الذي يفرض علينا أحكامنا، وحكمنا اليوم يكمن في أن هذا المدرب جاء إلى الترجي الرياضي في أصعب بل دعونا نقول في أسوإ حالاته، فقد وجد هذا الفني فريقا لم ينجح في إعداد العدة لموسمه الجديد على النحو الأفضل ووجد مجموعة تشكو من نقائص لا تحصى ولا تعد بدليل الخروج المبكر من رابطة الأبطال الإفريقية على غير العادة والبداية السلبية في البطولة التونسية والتي لم يعرفها الفريق منذ سنوات عديدة...لو مسك بن يحيى بزمام الأمور مكان دو سابر منذ الصائفة وتولى الإشراف عن التحضيرات وحدد الإحتياجات والتعزيزات لحمّلناه فعلا مسؤولية النتائج المتردية والآداء المتواضع وبالتالي الوضعية الحرجة التي يعرفها الترجي الرياضي هذه الأيام ولو أننا على يقين أن وضع الفريق سيكون مختلفا تماما لو أخذ بن يحيى مكان كرول منذ شهر ماي الفارط ولو لم يمر الأحمر والأصفر بحقبة الفرنسي المظلمة... إذن فإن تحميل المدرب الحالي مسؤولية الوضعية المتردية لفريق باب سويقة يعد تجنّيا لن نشارك فيه أبدا، وأصحاب القرار في الترجي الرياضي وفي مقدمتهم رئيس النادي حمدي المدرب يدركون جيّدا معاناة خالد بن يحيى والوضع الذي تولى فيه المقاليد الفنية وهم كذلك مقتنعون بما يقوم به لإصلاح ما أفسده سابقه وهو أمر صعب جدا زادته القيمة المتواضعة لجل اللاعبين تعقيدا، ومن هذا المنطلق فإن الخبر الذي راج بعد مباراة جرجيس في خصوص إقالة خالد بن يحيى لا أساس له من الصحة وقد كذبه الموقع الرسمي للنادي بسرعة مؤكدا في الآن نفسه الثقة التي يتمتع بها هذا المدرب من لدن المسؤول الفاعل في الفريق ومالك القرار فعلا وهو حمدي المدب... لذا فإن بن يحيى ثابت في مكانه وهو كذلك ثابت على قناعاته ومن بينها التعويل على متوسط ميدان دفاعي واحد وهو اختيار محل جدال واختلاف في الآراء ووجهات النظر مع احترامنا لتشبثه بأفكاره وقناعاته، فهو يؤمن بضرورة توخي فريق مثل الترجي الرياضي قدره الإنتصارات والألقاب طريقة «البيفو» الواحد لفسح المجال لأكبر عدد من اللاعبين ذوي الصبغة الهجومية في وسط الميدان، هذا التوجه معقول جدا لكن الوضع الحالي والمتمثل أساسا في غياب خط خلفي عتيد يستوجب المراجعة ولم لا التراجع عنه وتعديله بحثا عن التوازن الذي افتقده الأحمر والأصفر في كل مقابلاته خلال هذا الموسم وهي نقطة الإختلاف الوحيدة مع مدرب الترجي الرياضي، وفيما عدا ذلك فإننا على يقين ثابت بصعوبة مهمته في غياب الحلول الكفيلة بتطوير الآداء وتحسين النتائج في ظل تعامله مع لاعبين عاديين لا يملك أغلبهم أبسط المواصفات التي تسمح لهم بالإنتماء إلى فريق كبير مثل الترجي الرياضي وهذا هو أكبر مشكل بل هو المشكل الحقيقي الذي يعاني منه الأحمر والأصفر الآن والذي لن يحلّ للأسف الشديد قبل ميركاتو الشتاء القادم الذي سيكون المنعرج الذي يمكن أن يغيّر كل شيء في الترجي الرياضي.