نظم يوم أمس قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ندوة دراسية حول المال السياسي والانتخابات التشريعية والرئاسية تحت إشراف عميد الكلية الدكتور فرحات الحرشاني، وانطلقت الندوة بمداخلة ألقاها الدكتور الصغير الزكراوي رئيس قسم القانون العام بالكلية، استعرض فيها القانون المنظم للانتخابات، ولجوء بعض الأحزاب إلى المال الفاسد لتمويل الحملات الانتخابية مشيرا إلى أنّ ذلك سيحرم تونس من انتخابات حرة وشفافة ونزيهة وبين أن الهياكل الرقابية متعددة مثل وزارة المالية ومصالحها وإداراتها والديوانة والبنك المركزي والهيئة العليا للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني من محامين وجامعيين وجمعيات، والأجهزة القضائية كدائرة المحاسبات التي قال عنها إنه يمكن اعتبارها الهيكل الهام في هذه الانتخابات على حد تعبيره. من جانبه أكّد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا للانتخابات خلال الندوة أن «عدد المحاضر تجاوز 4480 محضر ا و1990 تنبيها إلى حد يوم 15 أكتوبر، وأنّ وحدة الرقابة تعمل بجد وأنّ هناك 19 محضرا معروضة على النيابة العمومية تتعلق بجرائم انتخابية، مشيرا إلى أنّ ذلك من اختصاص القضاء الذي سيسلط إما خطايا مالية أو عقوبات سالبة للحرية.» وأضاف صرصار «أن الهيئة تتدخل على 3 مستويات لإيقاف التجاوز: إما عن طريق المحاضر والتنابيه أو عن طريق الإحالة للنيابة العمومية وبالتالي تكون هناك دعاوى جزائية أو إسقاط القائمات في مرحلة أخيرة بعد فرز القائمات وإكتشاف وجود تجاوزات»، وأضاف صرصار أن الرقابة الواجب تسليطها على القائمات والمترشحين للتشريعية أو الرئاسية ليست حكرا على الهيئة العليا للانتخابات فقط وإنما تتدخل فيها أطراف أخرى مثل البنك المركزي ووزارة المالية و»الهايكا»، مؤكدا أن الهيئة وضعت 1100 عون رقابة للتدخل وإيقاف التجاوزات. وذكًر صرصار بالمبادئ والقواعد العامة للتمويل «شفافية الحملة الانتخابية من حيث التمويل، وهو ما وقع تنظيمه بقواعد قانونية واضحة وصريحة، غير أن بعض المترشحين لا يعرفون بعض هذه القواعد، إلزامية تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المترشحين، تجريم إستعمال الوسائل العمومية والموارد العمومية من قبل المترشحين سواء للرئاسية أو التشريعية، تحجير الإشهار السياسي، كذلك منع بث نتائج سبر الآراء أو التعليق عليها خلال الحملات الانتخابية ومنع تمويل الحملات من مصادر أجنبية». وأضاف الأستاذ شفيق صرصار في مسألة سقف التمويل «هناك منحة عمومية تعطى لكل قائمة لا يتجاوز سقف الإنفاق فيها 5 مرات قيمة المنحة بما في ذلك من تمويل ذاتي وخاص كالتبرعات». وأضاف صرصار أن التجاوزات الأخلاقية والمالية لا يمكن أن تمنع المواطن من الانتخاب ولن تعطل المسار الانتخابي، كما أكد على أهمية المضي إلى الأمام لإنجاح الانتخابات والعمل على تطوير أساليب المراقبة وتقوية الجانب الزجري. وأكد شفيق صرصار ل«التونسية» أن الهيئة تواجه صعوبات كبيرة خاصة في القائمات المترشحة بالخارج وذلك لعدة أسباب أهمها أن تحرك الهيئة خارج تونس ليس سهلا، مشيرا إلى أنّها تتحرك عن طريق القنصليات وعن طريق وزارة الخارجية، وأنه لا يمكن قانونيا للهيئة مراقبة الهياكل والمقرات في الخارج وأنّ هناك دائما صعوبات كبيرة بسبب بعد المسافات مثلما هو الحال مع كوريا واليابان وكندا». من جانبها قالت فضيلة القرقوري رئيسة غرفة بدائرة المحاسبات ل«التونسية» إن دور دائرة المحاسبات هو مراقبة تمويل الحملات الانتخابية، «والقانون الانتخابي عدد 16 لسنة 2014 حدد مجالات تدخل الدائرة والأهداف من مراقبة الدائرة، وهي رقابة مستندات وميدانية، رقابة المستندات من خلال التدقيق في الحسابات التي يتم إيداعها من قبل القائمات المترشحة، ورقابة ميدانية ومتزامنة للحملة الانتخابية، وبالتالي يتمكن القاضي من التثبت في مدى صحة المعلومة المقدمة من طرف القائمات وتكون بالتالي هناك رؤية واضحة عن كل النفقات التي تم صرفها أثناء الحملة الانتخابية والتثبت في كل الموارد التي تم إستعمالها خلال الحملة الانتخابية». وأضافت القرقوري أن الهدف من تدخل دائرة المحاسبات وتسليط مراقبتها هو «أولا التثبت من مشروعية الموارد، ذلك أنه يمكن تمويل انتخابات 2014 بالمال العمومي والخاص والذاتي وبالنسبة للمال العمومي، فإن دائرة المحاسبات تتدخل للتثبت من صرف المال العمومي في الآجال المحددة قانونيا، وهل أن صرفه تم بصفة تحترم مبدأ المساواة بين جميع المترشحين. وبالنسبة للتمويل الخاص تتثبت دائرة المحاسبات من مدى إحترام سقف التمويل الخاص على مستوى الفرد وعلى المستوى الجملي، لأن القانون الانتخابي سمح لكل مواطن بالمشاركة في تمويل الحملات الانتخابية، لكن في حدود 20 مرة الأجر الأدنى الغير الفلاحي للانتخابات التشريعية و30 مرة بالنسبة للرئاسية، والمشرّع شدد على أهمية عدم تجاوز التمويل الذاتي ال 2/5 وبالتالي فإن دائرة المحاسبات تتثبت في إحترام هذا التقسيم وإحترام القانون، أما في ما تعلق بالتمويل الأجنبي، فإن للبنك المركزي ولمصالح الديوانة الصلاحيات للقيام بالإجراءات اللاّزمة للتثبت وحماية انتخاباتنا من المال الأجنبي». أما بالنسبة للنفقات فأضافت القرقوري أن «دور دائرة المحاسبات التثبت من أنه تمّ صرف المال العمومي لاستقطاب الناخبين ولم يتم إستعماله للأغراض الشخصية وتم احترام سقف الإنفاق المحدد ب5 مرات المنحة العمومية بالنسبة للانتخابات التشريعية و10 مرات بالنسبة للانتخابات الرئاسية، كما أن دائرة المحاسبات تتثبت من مدى مصداقية الحسابات المودعة من قبل قضاة الدائرة». أمّا الأستاذ معز بوراوي رئيس جمعية «عتيد» فقد لاحظ أن عدد المخالفات التي بلغت الجمعية كبير وضخم، خاصة المقدمة من طرف المواطنين، وأن هناك خروقات وتجاوزات كبيرة من قبل الأحزاب المشاركة في الماراطون الانتخابي، من سرقة المعطيات والبيانات الشخصية وإستعمالها، ووجود تزكيات لأشخاص غير موجودين أو متوفين، أو تزكيات لم يقم بها أصحابها، مشيرا إلى أنّ ذلك يعيدنا إلى الممارسات التي كانت سائدة خلال نظام بن علي على حد تعبيره مضيفا أنّ الهيئة العليا للانتخابات تملّصت من المسؤولية وحمّلتها للقضاء العدلي.