بعد شهرين فقط من الاحتفال بزواج الرقيب اول زهير كحلي وتعالي الزغاريد وأهازيج الفرحة خاصة انه كان اكبر أشقائه وأوّل فرحتهم ...عادت الزغاريد يوم الخميس الى نفس المنزل ونفس العائلة لتودع جثمان زهير الذي استشهد في العملية الإرهابية الغادرة التي استهدفت الأربعاء حافلة تقل عددا من العسكريين في منطقة المحاسن بمعتمديّة نبر من ولاية الكاف.. وعلت زغاريد الشهادة ممتزجة بدموع الحزن والألم التي عمت قلوب أفراد عائلته وجيرانه وزملائه بالجيش الوطني وكل الحاضرين الذين شيعوا جثمانه مكبرين مهللين يخفون دموعهم في رسالة واضحة للإرهابيين أنهم لن يخشون غدرهم ولن يدخروا قطرة دم واحدة من دماء أبنائهم للذود عن حرمة الوطن .. "التونسية" حضرت جنازة الشهيد زهير الكحلي وهو رقيب أول يبلغ من العمر29 سنة التحق بالجيش قبل ست سنوات و لم يمض على زواجه أكثر من شهرين فقط حيث التحق بعمله يوم الثلاثاء على أمل ان يعود وكان يخطط لمواعيد احتفالية اولها خبر حمل زوجته ...ثم عيد ميلاده يوم الجمعة 14 نوفمبر الجاري ...لكن شهادته كانت اقرب المواعيد التي خلفت الأسى واللوعة في نفس أفراد عائلته المتكونة من والديه وخمسة أشقاء وزوجته وجنينها الذي علم به مؤخرا وقبل استشهاده بأيام قليلة.. الأم فضيلة الهرمي تحدثت لنا قائلة :" من قتل ابني أريد رؤيته قتيلا يدفع ثمن جريمته الغادرة التي ارتكبها في وضح النهار لا شيء يشفي غليلي سوى القصاص من القتلة الذين استغلوا عدم حمل أبنائنا سلاحا يدافعون به على أنفسهم ". وهنا تدخل عدد من أقارب الشهيد ليوجهوا رسالة إلى الحكومة لاتخاذ إجراءات للتصدي لمثل هذه العمليات الغادرة وحماية أبنائهم بعد مغادرة ثكناتهم لأنهم باتوا مستهدفين مع الأمنيين وبشكل واضح لا لشيء الا لأنهم يحمون والوطن والشعب من خطر الارهاب ويقفون سدا منيعا أمامه . ومن جانبها أكدت «هيفاء»، زوجة الشهيد ضرورة إلقاء القبض على قتلة زوجها وتوقيع أقصى العقوبة عليهم بالقصاص حتى يعود حق زوجها الشهيد الذى راح ضحية الإرهاب ولا ذنب له سوى أنه كان يقوم بواجبه تجاه وطنه وروت ل"التونسية" تفاصيل اخر يوم عاشته مع زوجها قائلة : "لما علم "زهير" بحملي كان شديد الفرحة مسرورا بخبر قدوم طفلنا الاول وقد اصطحبني الى محطة الحافلات حيث افترقنا لاقصد انا المستشفى العسكري لإجراء كشوفات الحمل في حين امتطى الحافلة في اتجاه ثكنة الكاف للالتحاق بعمله .." وتضيف قائلة :" كان طيلة مرافقته يردد عبارة" ردي بالك على روحك" ولم تنقطع مكالماته طيلة تواجدي في المستشفى حيث اطلعته على حيثيات الفحص الطبي وكان مقررا ان يعود الاربعاء لكنه لم يعد ... اذ حاولت الاتصال به بعد الساعة الواحدة بعد الزوال لكن دون جدوى واستمرت محاولاتي الى حدود الساعة الثالثة حين تلقيت المكالمة الصادمة من احد اصدقائه الذي اعلمني بالخبر الصاعقة.."وهنا تجهش بالبكاء مواصلة حديثها قائلة " لقد وعدني بالاحتفال بعيد ميلاده الجمعة 14 نوفمبر القادم خارج المنزل لكنه لم يعد ولن اراه ثانية ...ثم رددت "حسبي الهم ونعم الوكيل اريد رؤية قاتله مقتولا اريد الحزن لمن احزننا اريد الانتقام من من جعل ابني يتيما قبل ان يولد .." وقد أبدى والد الشهيد واشقائه شجاعة ورباطة جأش في التعامل مع الواقعة الاليمة التي حلت بعائلتهم وكانوا حريصين على مواساة الام والزوجة وبقية الاقارب داعين الى الجميع الصبر على ما أصابهم خاصة ان المرحوم كان شهيد الوطن ضحى بدمائه الزكية من اجل تونس والتونسيين .. اما شقيقته فقد طالبت في تدخلها مصالح وزارة الداخلية والدفاع الوطني ب"التصدي لغول الإرهاب والقضاء عليه نهائيا مشيرة الى انه من الظلم ان يموت شباب تونس في حين يتنافس السياسيون على الكراسي غير ابهين بسلامة الشعب ولا باهتماماته". مشهد مهيب وكان جثمان الشهيد البطل قد وصل الى منزل والده بعد ظهر أمس وكان في استقباله عدد كبير من أهالي حيث استقبل جثمان الشهيد بالزغاريد وسط حالة من الحزن طغت عليها علامات الفخر والاعتزاز بشهيد ضحى بنفسه من اجل الدفاع عن هذا الوطن من خطر الإرهاب. وقد حملت تشكيلة من الجيش الوطني جثمان الشهيد على الاعناق الى المقبرة فى مشهد مهيب، اتشح خلاله الحي بالسواد، حزنا على رحيل البطل وخرج الجميع خلفها يتسابقون فى تشييع ابن الطبقة الكادحة إلى مثواه الأخير، معلنين رفضهم للإرهاب الغاشم، ومرددين الهتافات المناهضة للإرهاب، ومطالبين بالقصاص للشهداء الذين ارتوت الأرض التونسية بدمائهم، ليتحقق الأمن والأمان للتونسيين جميعا . شقيقة سقراط الشارني ...في منزل الشهيد هذا وقد حضر موكب جنازة شهيد ولاية منوبة والي الجهة مرفوقا بعدد من الاطارات الامنية والعسكرية ورئيسي بلدية منوبة ودوار هيشر وبعضمعتمدي الولاية ومنهم شقيقة الشهيد سقراط الشارني "ماجدولين " معتمدة الشؤون الاقتصادية التي ذرفت الدموع وسط الاهالي وشاركت العائلة أحزانها وآلامها ..معبرة عن تضامن عائلتها مع عائلة الشهيد في مصابهم الجلل ..