السعر الذي يتيح تحقيق توازن الصندوق العام للتعويض يتراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل كشفت مصادر رسمية من وزارة الاقتصاد والمالية أن الزيادة المقترحة في أسعار المحروقات للسنة القادمة والمدرجة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2015، ستتحدد بمراعاة تطور الأسعار العالمية للنفط من جهة وبالتشاور مع مختلف الأطراف المعنية ولا سيما الاجتماعية من جهة أخرى. وتجدر الملاحظة انه سيتم إقرار إجراءات سنة 2015 لمزيد ترشيد الدّعم بقيمة 356م.د (206م.د تعديل تعريفة كهرباء و150م.د تعديل أسعار المحروقات بمعدل 100 مليم للتر الواحد) وفق ما تضمنته وثيقة مشروع قانون المالية للعام المقبل مع الإشارة إلى أنّ دعم المحروقات سينخفض في السنة القادمة إلى 1961 مليون دينار مقابل حوالي 2800 مليون دينار سنة 2014. كما أنّه تترتّب عن كلّ زيادة (أو تخفيض) بدولار واحد في سعر البرميل كلفة إضافية (أو اقتصاد) على مستوى الميزانيّة بقيمة 49م.د (أعباء إضافية بقيمة 69م.د ومداخيل إضافية بقيمة 20م.د). علما أنّ سعر برميل النفط في الأسواق العالمية شهد تراجعا قياسيا في الفترة الأخيرة حيث وصل إلى معدل 70 دولارا للبرميل حاليا . وأكدت مصادرنا على ضرورة اعتماد سياسة تستند إلى ترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها باللجوء أكثر إلى الطاقات المتجددة مذكرة في هذا السياق ببرنامج الحكومة المتعلق بتوزيع الفوانيس المقتصدة للطاقة. ولفتت المصادر ذاتها من جهة أخرى إلى أن الأسعار العالمية للنفط لا تزال رغم تراجعها خلال هذه الفترة مرتفعة وتمثل ضغطا على ميزانية الدولة وعلى الميزان التجاري للبلاد، مشيرة إلى أن السعر الحالي لبرميل النفط 70 دولارا (يوم الأربعاء الفارط) يظل مرتفعا ويتطلب من تونس مواصلة دعم المحروقات في السوق المحلية. واعتبرت مصادرنا أن السعر الذي يتيح تحقيق توازن الصندوق العام للتعويض يتراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل وأنّ ذلك هدف يبقى بعيد المنال حاليا على حد تعبيرها. وأبرزت مصادرنا من جانب آخر أن الضغوط الإضافية التي تتحملها تونس ناجمة عن الارتفاع المتواصل للدولار الذي بلغ مستويات قياسية مقارنة بالدينار التونسي (1 دولار يساوي 1.840 دينار) وهو ما يزيد في كلفة وارداتها من النفط. وقد ساهم هذا وفق ذات المصادر في تفاقم عجز الميزان الطاقي بنسبة فاقت 50 بالمائة خلال الاشهر العشرة الأولى من سنة 2014 مقارنة بذات الفترة من سنة 2013 ليصل إلى قيمة 3200 مليون دينار أي ما يمثل 27 بالمائة من العجز التجاري الجملي للبلاد. والأمر الثابت والمتأكد أن مجلس نوّاب الشعب سيحسم في مسألة إقرار الزيادة المقترحة في أسعار المحروقات عند تمرير مشروع الميزانية الجديد ويتوقف ذلك أيضا على مستوى النقاشات والحوارات بين الحكومة الحالية الحريصة على تحقيق التوازنات ونواب الشعب الجدد المطالبين من جهتهم بإعطاء رسائل طمأنة للمواطنين والدفاع عن مصالح الشعب. وجدير بالتذكير انه تم تكوين لجنة مؤقتة للمالية صلب مجلس نواب الشعب للشروع في النظر في مشروع الميزانية وهي المطالبة بالإسراع في حسم جملة من المسائل وعرضها لاحقا على الجلسة العامة في اقرب الآجال وعدم خرق الدستور في ما يخصّ المصادقة على الميزانية. وتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن تقع المصادقة على مشروع الميزانية بصفة مستعجلة و انجاز ميزانية تكميلية او تصحيحية في شهر افريل القادم بعد فترة وجيزة من تسلم الحكومة الجديدة مهامها.