حاورها: فؤاد مبارك التونسية (تونس) فتاة في عمر الزهور تتألم ولا تتكلّم... تحارب الموت منذ سنين وفي كل آن وحين بالأمل والصّلاة وحبّ الحياة.... حتى الابتسامة المصطنعة التي تحاول بها إخفاء الوجع والمعاناة حجبتها آلة ضخّ الأكسجين فلم يبق من ملامح وجهها المستدير غير عينين شاحبتين اغرورقتا دمعا من فرط الألم الذي يعتصر صدرها الصغير... ولم يبق من جسمها العليل غير يدين نحيفتين امتدتا إلى السماء، تضرّعا للعليّ القدير بأن يرفع عنها الداء ويكتب لها العافية والشفاء. درصاف الهداجي هي قصة طويلة من الوجع والألم ،خطّت أول أحرفها عندما فتحت هذه الفتاة عينيها على العالم للمرة الأولى بمستشفى ابن الجزار بالقيروان وهي تعاني من قصور رئوي جعلها عاجزة عن التنفس بشكل طبيعي... متحاملة على نفسها... وبتمتمة وغمغمة وكلمات متقطعة تجاوزت قناع الأكسجين الذي لا يفارق وجهها، حاولت درصاف ذات 19 ربيعا ان تسرد تفاصيل معاناتها قائلة: «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه... ولا اعتراض على قضائه وقدره، إذ كتب لي أن اطلّ على هذا العالم بلا رئتين قادرتين على استنشاق هوائه كبقية خلقه والكائنات... ورغم ذلك لم يُثنن هذا المرض الذي يضطرني دائما إلى الخضوع إلى حصص العلاج الكثيرة والمتكررة،عن الالتحاق بمقاعد الدراسة كغيري من أبناء سني... تحدّيت المرض وحاولت أن أصيّره بدل الضعف قوّة... ولكن... قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا...». ومكفكفة دموعها تواصل درصاف: «بلغت من درجات سلّم العلم سنة خامسة ابتدائي عندما استفحل بي المرض أكثر من ذي قبل ممّا اضطرني إلى الانقطاع عن الدراسة وملازمة فراش المرض إلى جانب أخي الصغير الذي كتب له أن يولد وهو يعاني من ذات المرض... تعذبت كثيرا وعذّبت أهلي معي، حيث اضطرهم مرضي ومرض أخي إلى التنقل من ولاية القيروان إلى ولاية المنستير وكراء منزل حتى أكون قريبة من المستشفى الذي أُنقل إليه على جناح السرعة كلما تعكرت حالتي الصحية وغبت عن الوعي». «ما عشتش الفرحة نحب نعيشها... بجاه ربّي» وتضيف درصاف والدمع ينهمر من عينيها من فرط الوجع والألم: «اقسم أنني تعذبت كثيرا طيلة 19 سنة وأموت كل يوم ألف مرة ومرة ،و لكن ماذا عساي أفعل غير حمده وهو الشافي العافي؟... حقا إنني في أمسّ الحاجة إلى من يصغي إليّ ويحسّ بوجعي ويساعدني بما استطاع إليه سبيلا... ولو بالكلمة الطيبة.. اعذروني ان شغلتكم معي لبعض الوقت... ولكن أملي في الله عز وجلّ أولا وفي ناس الخير ثانيا يجعلاني أتوجه إليكم بهذا النداء العاجل لتنقذوني فأنا في أمسّ الحاجة إلى مساعدتكم المادية والمعنوية حتى يتسنى لي إجراء عملية زرع رئتين في فرنسا وهي عملية دقيقة خاصة أنني في آخر مراحل المرض... أتمنى أن أعيش ما تبقى في عمري مرتاحة أنا وأخي الصغير الذي يعاني من نفس المرض ...أتمنى من ناس الخير وكل من يعرف معنى مصارعة الموت واحتساب الأيام المعدودات ان يساعدوني ...ما عشتش الفرحة نحب نعيشها بجاه ربي..». من جانبها، ناشدت والدة درصاف عبر أعمدة «التونسية» كلّ الخيّرين في تونس وخارجها إلى إسعاف ابنيها وإنقاذهما من الخطر المحدق بهما خاصة أن «الكنام رفضت التكفل بمصاريف العلاج»، حسب قولها، راجية من الله تعالى ان يكتب لهما النجاة وان تهنأ بوجودهما الى جانبها.