في خطوة اثارت العديد من نقاط الاستفهام، توجهت اليوم سهام بن سدرين رئيس هيئة الحقيقة والكرامة الى القصر الرئاسي مصحوبة ب 6 شاحنات بهدف نقل الأرشيف دون أن تستظهر بإذن قضائي أو أي وثيقة تسمح بذلك الامر الذي دفع بالأمن الرئاسي الى التصدي لها مما أجبرها على المغادرة دون حمل ملفات الارشيف. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، اثر انتشار الخبر، حيث وصف عدد من النشطاء هذه الخطوة ب «الاستباقية» وتحسبا لإتلاف الارشيف او العبث به بعد خروج المرزوقي من القصر الرئاسي فيما اعتبره آخرون «سابقة خطيرة» لأن هذه الخطوة مستندة الى تعليمات السيد الرئيس المنتهية صلوحيته لكن بعضهم أكدوا ان خطوة بن سدرين «جاءت للتغطية على فساد مالي و امور اخرى حدثت في السنوات الاخيرة» . عمل «بلطجي» في هذا الشأن، أكد خالد الكريشي عضو هيئة الحقيقة والكرامة ل «التونسية» ان الهيئة هي من تعرضت لعمل «بلطجي» من طرف الحرس الرئاسي الذي منعهم من الاطلاع على الارشيف والتصرف فيه وليس كما يدعيه البعض انهم حاولوا الاستيلاء على الارشيف بطرق غير قانونية معتبرا ان عملية نقل الارشيف عادية وقد سبقتها إجراءات إدارية مشيرا الى أن القانون يسمح للهيئة بالحصول على الوثائق والأرشيف باعتباره وسيلة من بين وسائل الإثبات وكذلك حفظا للذاكرة الوطنية وإعادة كتابة التاريخ واضاف الكريشي قائلا « اقول لمن ينتقدون عمل الهيئة ليلا نهار اطلعوا على فصول القانون جيدا قبل ان تصدروا احكامكم المسبقة وتعطلوا عمل الهيئة»، واصفا ما حدث بمخالفة للمرسوم الوزاري الصادر بتاريخ 30 سبتمبر 2014 ناعتا عمل الهيئة بالقانوني، قائلا ان هذه الخطوة جاءت اليوم تدعيما لعمل الهيئة التي لم يتسن لها ذلك الا اليوم مؤكدا ان الهيئة ستتقدم بشكاية جزائية طبقا للفصل 66 وشكاية اخرى طبقا للفصل 136 . محاولة انقلاب صرّح «هشام الغربي» كاتب عام نقابة الأمن الرئاسي ل«التونسية» أن سهام بن سدرين جاءت رفقة عدد من اعضاء الهيئة ومصحوبة ب 6 شاحنات كبيرة لنقل البضائع دون وثائق تخول لها نقل الارشيف وعندما رفض الامن دخولها تشبثت بذلك فتم السماح لها بمقابلة مدير الديوان. وأضاف «الغربي» ان الامن تلقى تعليمات من طرف مدير الامن الرئاسي بعدم السماح لبن سدرين بنقل الارشيف مشيرا الى ان رئيسة الهيئة هددتهم ووصفتهم بالانقلابيين بعد تصديهم لها مؤكدا أن مهمتهم تحتم عليهم تأمين شخص رئيس الجمهورية وحماية الأرشيف الموجود بالقصر . وأكد «الغربي» ان الارشيف لا يمكن السماح بنقله في هذا الظرف الحساس وفي ظل الاستعداد لتسليم السلطة للرئيس المنتخب مشددا على أنهم تصرفوا وفق ما يمليه عليهم القانون وأنهم يرفضون اية اتهامات تشكك في وطنيتهم مشيرا الى انهم سيجلسون مع المكتب التنفيذي لنقابتهم والادارة لتدارس مسألة رفع قضية ضدّ هيئة بن سدرين بعد الاتهامات التي وجهت لهم. حيث يذكر الجميع كيف اتهم الأمن الرئاسي بالضلوع في قضية تسريب الكتاب الأسود مضيفا أنه على بن سدرين انتظار تنصيب الرئيس الجديد والعودة لتسلم الأرشيف. عملية مسترابة في المقابل ، وصف المحامي عبد الستار المسعودي رغبة سهام بن سدرين بالحصول على الأرشيف اليوم بالعمل «المستراب» مشيرا أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة تريد نقل أرشيف رئاسة الجمهورية قبل تسلم الباجي قائد السبسي لمهامه في قصر قرطاج قائلا ل «موزاييك اف ام» إن ما كان يخشاه منذ تعيين أعضاء الهيئة بموجب المحاصصة الحزبية داخل المجلس التأسيسي قد حصل مؤكدا أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الرئيس المتخلي محمد المنصف المرزوقي وربما بطلب منه، حسب تعبيره. مخاوف غير ان الحقوقي مختار الطريفي اكد ان محاولة استرجاع الارشيف من قبل هيئة الحقيقة والكرامة «قانونية» لكنها سابقة لأوانها معبرا عن مخاوفه من مآل هذا الأرشيف الرئاسي لان لجنة حفظ الذاكرة الوطنية التي جاء بها النظام الداخلي للهيئة لم يتم إحداثها بعد . فيما اعتبر سمير الطيب الخطوة التي أقدمت عليها رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة لها دلالات سياسية يراد منها بالأساس حماية الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، وإخفاء الوثائق التي من شأنها أن تدينه بعد فشله في الانتخابات الرئاسية. فتح تحقيق فيما دعا عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد إلى ضرورة فتح تحقيق حول التصرّف في أرشيف رئاسة الجمهورية وفي أملاك الدولة التونسية من عهد البايات إلى اليوم. وقال الهاني إن الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي سمح لنفسه بأن يعطي لوزرائه وثائق الدولة للتلاعب بها، مشيرا إلى أن توقيت قرار هيئة الحقيقة والكرامة بنقل ارشيف رئاسة الجمهورية فيه لبس كبير وكذلك توظيف سياسي داعيا المدير العام للأرشيف الوطني إلى تحمّل مسؤولياته ووضع كامل الأرشيف تحت تصرّف الإدارة العامة للأرشيف. يذكر ان الفصل 40 من القانون المنظم لعمل الهيئة يشير بصريح العبارة الى ان الهيئة تتمتع، لإنجاز مهامها، بالصلاحيات التالية ابرزها حق النفاذ إلى الأرشيف العمومي والخاص بقطع النظر عن كل التحاجير الواردة بالتشريع الجاري به العمل.