قال رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي إن رئيس الحكومة الجديد الحبيب الصيد طلب من حزبه خلال مشاورات مع قياداته حول تشكيلة الحكومة القادمة، أن يقدم له في وقت قريب تصورات حول أولويات الحكومة وهيكلتها. وأضاف الغنوشي في حوار أجرته معه «الجزيرة نت» أن حزبه لم يحدد بعد الحقائب التي يرغب في توليها بالحكومة الجديدة، لكنه كشف أنه طلب من رئيس الحكومة تحييد وزارات السيادة لضمان استقلالية الدولة عن التجاذبات الحزبية. وحول الاعتداء الذي استهدف صحيفة «شارلي ابدو» بفرنسا قال الغنوشي: «هو اعتداء إرهابي على أقدس حريات الإنسان وهي حرية الاعتقاد وحرية التعبير، وهو يوجه رسالة إلى المجتمعات وبصفة خاصة إلى المجتمع الفرنسي حتى يتوحد في مواجهة الإرهاب». وعن الأولويات التي يراها عاجلة وعلى الحكومة ان تضعها في صدارة اهتماماتها قال الغنوشي: «هناك قضيتان كبيرتان تفضي إحداهما إلى الأخرى وهما الأمن والتنمية. نحن نلاحظ أن المناطق التي يتفشى فيها الإرهاب هي المناطق الفقيرة، وبالتالي فمن شروط القضاء على الإرهاب القضاء على التهميش وتوفير الشغل وتحقيق ظروف العيش الكريم». وتوضيحا لتصريح سابق له قال فيه إن الشعب غادر مواقع الثورة وإنه يسعى لتحقيق الاستقرار والعيش الكريم وما اذا كان ذلك يعني أن «النهضة» كانت مع فتح باب المصالحة وطي صفحة الماضي قال رئيس «النهضة»: «هذا هو الذي حصل يوم 5 أكتوبر 2013 عندما وقعنا على خارطة الطريق التي أفضت إلى خروج حركة »النهضة» من الحكومة مقابل استكمال المسار الديمقراطي الذي أعطى لتونس دستورا توافقيا وانتخابات نزيهة وأفضى بنا إلى ما يسمى الاستثناء التونسي. هذا الانتقال كان انتقالا من مرحلة الصراع والمغالبة بين النظام القديم والجديد إلى مرحلة التوافق. نحن رأينا ماذا أنتجت سياسة المغالبة والإقصاء والاجتثاث ضد النظام القديم في بلدان المنطقة، سواء في ليبيا أو العراق أو عدد من البلدان الأخرى. في تونس كان هناك قانون مطروح على المجلس التأسيسي (البرلمان) وهو قانون العزل السياسي، وكان سيغرق البلاد كذلك في حالة انقسام، لكننا رفضنا التوقيع على هذا القانون حفاظا على وحدة البلاد والتوافق. نحن مع المصالحة وضد العقوبات الجماعية، نحن مع تفعيل العدالة الانتقالية التي تقود إلى المصالحة وجبر الأضرار وإعادة الاعتبار للضحايا، كل ذلك دون انتقام» وعن موقف حزبه اذا ما تعرضت هيئة الحقيقة والكرامة الى عراقيل قال الغنوشي: «نحن نقف إلى جانب هيئة العدالة الانتقالية ونرفض التدخل في شأنها، وهذه الهيئة منتخبة من المجلس التأسيسي ومدعومة شعبيا، ونرى أن تيسير عملها ضروري لمداواة جراحات الناس من انتهاكات الماضي، شرط أن تتداوى جراحاتهم بطريقة عادلة بعيدا عن منطق الانتقام». وحول ما اذا كان فوز «نداء تونس» بالانتخابات يعني عودة النظام القديم بثوب جديد قال الغنوشي: «لا يعني ذلك عودة النظام القديم لأن جزءا منه دخل في النظام الجديد. النظام القديم هو نظام الحزب الواحد ونظام الإعلام الخشبي ونظام الانتخابات المزورة والمال المحتكر عند العائلة والمجتمع المدني الذي يدور في فلك السلطة، هل بقي شيء من هذا النظام؟ اليوم نحن نتحدث عن أناس كانوا في النظام القديم ثم انتقلوا إلى النظام الجديد، وليس المطلوب منا أن نقصيهم طالما تبنوا قيم الثورة. فإذا أخذنا ما حصل في صدر الإسلام -وهنا لا نتحدث عن كفر وإيمان- بعد فتح مكة لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بإزالة كل من شارك في النظام القديم، لأن كلَّ من قبِل الدخول في النظام الجديد أصبح جزءا منه». وعن سرّ ترحيب حركة «النهضة» بالحبيب الصيد رغم ادواره في النظام السابق قال الغنوشي: « ليس مطلوبا أن نقصي كل من اشتغل بالنظام القديم الذي كان فيه قرابة مليوني تونسي. رئيس الحكومة الجديد رجل معروف بكفاءته ونزاهته وليس عليه أي حكم، وقد كان كذلك جزءا من حكومة «الترويكا»، وجزءٌ من رفض «الجبهة الشعبية» له أنه انتمى إلى «الترويكا»، لكننا نرفض هذه التصنيفات، وكل ما يهمنا أنه رجل نزيه وكفء ويتوفر فيه شرطان نحتاجهما اليوم في رئيس الحكومة لمجابهة خطر الإرهاب والتنمية، وهذا الرجل له تاريخ في هذين الأمرين لأنه مختص في التنمية الزراعية والاقتصاد، وهو أيضا له خبرة في المجال الأمني». وحول ما دار بين وفد من الحركة ورئيس الحكومة الجديدة قال الغنوشي: « لقد تشاورنا في هذا النطاق مع رئيس الحكومة حول أولويات عمل الحكومة وتصورنا لهندستها، وقد طلب منا أن نقدم له مقترحات حول هذه المواضيع ووعدناه خلال وقت قريب بأن نجيبه عن هذه الأسئلة». وردا على سؤال يتعلق بالحقائب التي ترغب «النهضة» في تقلدها قال الغنوشي: « لم نحدد ذلك بعد، وعلى كل حال فقد اقترحنا على رئيس الحكومة تحييد وزارات السيادة، وهو متجه إلى هذا، وهذا يضمن استقلالية الدولة عن التجاذبات السياسية». وعما اذا كان ذلك شرطا للانضام للحكومة القادمة قال راشد الغنوشي: «لا ليست شروطا وإنما مجرد طلبات. نحن مع التوافق ولا نريد أن نفرض شيئا على رئيس الحكومة، ولا نريد أن ندخل بشروط مسبقة لإقصاء غيرنا. نحن نرى أن من مصلحة البلاد أن يشترك أوسع طيف سياسي في الحكم».