في مطلع الثمانينات احدث الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة خطة وزير ممثل شخصي له ليسندها آنذاك إلى المنجي الكعلي حتى لا يُحسب من «المغضوب عليهم» خاصة بعد أن تم وضع حدّ لانتمائه للحكومة... وإن لم تعمّر هذه الخطة طويلا حينها فإنها أثارت آنذاك جدلا واسعا حتى ان البعض لم يتوان عن وصفها ب«خطة الترضيات»... واليوم وبعد عقود، وفي أول قرار جمهوري له، ارتأى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أن ينفض الغبار عن هذه الخطة ليسندها إلى السيد الأزهر القروي الشابي الذي كان وزيرا للعدل في الحكومة التي شكلها الباجي قائد السبسي عام 2011. قرار أثار جدلا وجملة من التساؤلات، أهمها مدى شرعيته ودستوريته؟ هل يعتبر الأزهر القروي الشابي عضوا في الحكومة؟ وهل يحق لرئيس الجمهورية تعيين وزراء؟ وهل باستطاعته إحياء هذه الخطة البورقيبية رغم الاختلافات الطارئة على الوضع الدستوري بين الفترتين؟.. «التونسية» توجّهت بهذه الأسئلة إلى أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد الذي أوضح أن الدستور يخوّل لرئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين من يشاء في ما يتعلق بالوظائف العليا، مضيفا: أولا وقبل كل شيء يجب أن يفهم الجميع انه لم يتم تعيين الازهر القروي الشابي عضوا في الحكومة، فبمقتضى الفصل 78 من الدستور يتولى رئيس الجمهورية بأوامر رئاسية التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا برئاسة الجمهورية والمؤسسات التابعة لها، ولكن يشترط الفصل المذكور من الدستور أن تضبط هذه الوظائف العليا بقانون، ومعنى ذلك أن مجلس نواب الشعب مدعو لوضع قانون تحدد بواسطته هذه الوظائف العليا. قرار قابل للتبرير و حول قانونية القرار الذي اتخذه الباجي، اضاف سعيد:و اذا كان رئيس الجمهورية قد بادر بتعيين عدد من مساعديه اثر توليه منصب رئاسة الجمهورية في غياب نص قانوني يضبط هذه الوظائف العليا، فان ذلك يمكن أن يجد مبرره بضرورة تسيير مرفق عمومي، والفقه القانوني لا يتعارض مع تسيير المرافق العمومية إلى حين وضع نص قانوني، متابعا: ولكن هذا الوضع الذي تمرّ به تونس بعد أكثر من شهر من تولي رئيس الجمهورية مهامه لا يمكن أن يتواصل في غياب نص قانوني وعلى رئيس الجمهورية ان يبادر بتقديم نص قانوني لمجلس الشعب. يمكن إحياء الخطّة البورقيبية بشرط... و عن إمكانية إحياء الباجي ل«الخطة البورقيبية» دون أي تعارض مع مقتضيات الدستور الجديد، قال سعيد ان تونس عرفت مثل هذه الخطة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والتي تم اسنادها حينها للمنجي الكعلي ، الا ان الوضع الدستوري الذي كان قائما حينها يختلف عن الوضع الدستوري الحالي، وعلى المشرّع ان يتدخل اليوم لضبط هذه الوظائف التي يمكن للرئيس ان يعين فيها من يرى انه جدير بالتعيين. في المقابل أوضحت رئاسة الجمهورية فى بلاغ صادر عن دائرة الاعلام والتواصل بها أن الازهر القروي الشابي عين مستشارا بالديوان الرئاسي برتبة وزير طبقا للامر عدد 1945 لسنة 1990 المتعلق بالنظام المنطبق على أعضاء ديوان رئيس الجمهورية. وأضاف البلاغ أن القروي سيكون ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية الذى يكلفه بالمأموريات والملفات التي تقتضيها ضرورة العمل.