أمام وضعية عديد الاحياء اليائسة وحالة الطرقات التي لا تخلو من الحفر، وفي ظل إنتشار الأوساخ المتراكمة بعديد الأنهج ومشهد البنايات الفوضوية التي ضربت عرض الحائط التراخيص والتراتيب البلدية ارتفعت عديد الأصوات تنادي بإصلاحات وتصورات جديدة للعمل البلدي... وفي حين يرى بعض السياسيين أننا في حاجة ماسة إلى ثورة في البلديات التونسية تجعلها تهتم بشواغل المواطن وتكون قريبة منه وتشركه في القرارات وتنصت إلى شواغله، يدعو آخرون إلى تشريك المجتمع المدني وإعادة لجان الأحياء لكي لا تظل البلديات مجرد إدارة تقليدية تؤمن خدمات إدارية بحتة من قبيل استخراج المضامين أو رخص البناء. في هذا الإطار ،أكد «عجمي وريمي» عن حركة «النهضة» أن الدستور نصّ في بابه السابع على السلطة المحلية وعلى اللامركزية وعلى الديمقراطية التشاركية ،وقال انّ هذا الأمر لا يتجسد إلا من خلال المجالس المنتخبة وتحقيق ما ورد في الدستور من تشاريع وقوانين ونظم تتعلق بالمجالس المنتخبة . وأضاف قائلا :«لكي يكتمل البناء الديمقراطي فإن على المجالس البلدية ان تمارس دورها في التنمية وفي تحسين حياة المواطنين الذين يحق لهم ابداء آرائهم في التهيئة العمرانية وفي المحافظة على البيئة» . وشدّد وريمي على أن التونسيين يعلقون آمالا كبيرة على البلديات وعلى المجالس المنتخبة التي يجب ان توفر خدمات مختلفة كالفضاءات الثقافية وتحسين ظروف العيش. واعتبر انه لابد ان يستفيد المواطن من الميزانية المخصصة للبلديات من خلال مختلف الخدمات التي تقدمها البلديات. وقال ان هذا لا يتم إلا من خلال تشريك المواطن في الشأن العام وفي تقرير المصير اي من خلال ديمقراطية مباشرة وتشاركية . وطالب «لوريمي» بالتفكير في آليات جديدة ومراقبة التنفيذ والمساءلة والمحاسبة عند الضرورة ورسم أهداف وضبط ميزانية للتنفيذ، مشيرا إلى انه لم يتم إلى حدّ الآن إكمال البناء الديمقراطي طالما لم تتم الانتخابات البلدية. من جانبه قال « خالد شوكات» عن «نداء تونس» إنه يجب ان نعرف جيدا أن البلديات أو الجماعات المحلية لم تعد مجرد وسيلة عادية لتوفير المرافق التي تعودنا عليها سابقا كالحالة المدنية والتنوير ،مؤكدا ان البلديات تجاوزت هذا الدور الضيق. وبين انه حسب الدستور الجديد وتحديدا الباب السابع وحسب الفصول من 131 إلى 142 فإن البلديات اصبحت إحدى آليات الإستثمار والإقتصاد وبالتالي أصبحت آلية في منتهى الأهمية وذات قيمة دستورية. مما جعلها من أهم الوسائل التي تترجم الثورة على أرض الواقع خاصة أن البلدية اقرب مؤسسة سلطوية في علاقة بالمواطن لأنها مرتبطة بشواغله، مبينا ان المواطن في تماس مباشر مع هذه المؤسسة. واعتبر انه في ظل الديمقراطية التشاركية يمكن ترجمة السيادة الشعبية وجعل المواطن شريك في مختلف امور الحياة مؤكدا ان هذا التشارك لم يعد خيارا بل التزاما. أما «محمد الكيلاني» أمين عام الحزب الإشتراكي فقد قال انّ البلديات الحقيقية أساس تنظيم المجتمع وان لها دورا كبيرا بالنسبة للسلطة فهي السلطة القاعدية التشاركية للمواطن ليتقاسم معها القرارات ويشاركها انجاز البرامج التنموية والبنية العمرانية والاجتماعية والثقافية . وأكدّ الكيلاني انّ قانون الانتخابات البلدية سيكون من اكثر القوانين التي سترافقها نقاشات كبرى داخل مجلس نواب الشعب وربما ستكون من اعسر المهمات القادمة بعد قانون الإرهاب،مبينا ان قانون تنظيم البلديات سيكون من أصعب التحديات التي ستواجه تونس مستقبلا. وأضاف أنّ هذا القانون سيضع تونس في إطار الديمقراطية وعلى محك الانتقال الديمقراطي الواقعي وان ذلك لن يتم إلا بتحميل المواطن جزء من المسؤولية، ملاحظا ان المؤسسة البلدية لن تكون هي فقط صاحبة القرار والحكم. وحول دور المجتمع المدني ،أكد «الكيلاني» ان المجتمع المدني يشكل سلطة مضادة تراقب البلديات وتنتقد الإخلالات وقال إن الجمعيات مثلا تتكون من ائتلاف يجمع مجموعة من الشخصيات تتفق على اداء مهمة معينة ولكنها لا يمكن أن تعوّض البلديات لأن نظرتها للأمور ليست عامة في حين ان البلديات منتخبة ومؤطرة بقوانين. واعتبر «حافظ الزواري» عن «أفاق تونس» أنّ المواطن تعوّد على الفوضى والتسيّب بعض المسؤولين تعودوا على التقاعس فلا يبالون بالمشاكل المتراكمة ولا بالبنية التحتية . وقال «الزواري» إنّ المطلوب اليوم هو ثورة في العقليات، وان الشارع مثل البيت يجب المحافظة عليه وان الانتصاب الفوضوي ليس حقا بل يجب تلقائيا التخلي عن مثل هذه التجاوزات ... وأكدّ أنّ المطلوب الحد من البناء الفوضوي والعناية بالبيئة وان ذلك يتطلب تشريك المواطن في جميع القرارات. وشدد الزواري على أنه لا يتم انتخاب المسؤول البلدي الذي يتقاعس ولا يقوم بواجبه ولا يهتم بشواغل المواطنين مجدّدا ،معتبرا ان المسؤول البلدي يبقى في خدمة المواطن وليس صاحب منصب .