لئن قلنا في عدد أمس ان كرة ثلج أزمة واحتقان العلاقة بين الامن وقطاع المحاماة بصفاقس كبرت واتسعت رقعتها وطالت شظاياها العلاقة مع القضاة فإن ما يمكن الحديث عنه الآن، انه لئن توقف السجال المباشر بين المحامين والامنيين ليبقى الامر من مشمولات القضاء وقاضي التحقيق الذي تكفل بالبحث في القضية التي اطرافها اثنان من اعوان الامن من ناحية ومحامية وشقيقها من ناحية ثانية في انتظار معرفة مدى اتساع النزاع ليشمل احد المحامين رفعت بشأنه النقابة الجهوية للامن والاتحاد الجهوي لقوات الامن قضية في إهانة الأمنيين والتعدي عليهم فإن اشكالا حادا لا يزال قويا ومحتدما ويتصل بالعلاقة بين المحامين من ناحية والقضاة من ناحية ثانية اي بين طرفين ينتميان الى قطاع القضاء حيث الازمة كبيرة والاحتقان على أشده في تصعيد كبير، يجتهد الكثيرون من أجل تطويقه والتقليل من شظاياه ويبدو اننا سنعيش أياما على اخبار جديدة ومسارات مفتوحة على كل الاحتمالات. فالقضية ولئن انطلقت بخلاف عادي في الأصل بين اثنين من أعوان شرطة المرور بصفاقس ومحامية وشقيقها فإن الأمر اتسع الى أبعد من ذلك بكثير وانتشر انتشار النار في الهشيم بين القضاة والمحامين وكأن ذلك الخلاف البسيط كان القشة التي قصمت ظهر البعير وكشفت ما كان مخفيا أو مستورا من حرب مواقع قال البعض أنها تدور على رمال متحركة . ولئن نظم الامنيون صباح أمس وقفة احتجاجية امام مقر اقليم الامن بصفاقس وانتهى الامر ظاهريا فان ما بدا قائما وبشكل حاد هو اهتزاز العلاقة بين اثنين من مكونات الاسرة القضائية ونعني بهما القضاة والمحامين. وفي هذا الاطار وبدعوة من المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين شهد مقر محكمة الاستئناف بصفاقس أمس وقفة احتجاجية للقضاة استنكروا فيها الاعتداء الذي تعرض له الوكيل العام بمحكمة الاستئناف محمد عبيد والذي يقيم منذ يومين بالمصحة الى جانب استنكار ايقاف 3 جلسات بمحاكم صفاقس اثناء انعقادها مع استنكار الاعتداء على بعض المرافق بمكتب الوكيل العام وتحدث محمد بن لطيف عضو المكتب التنفيذي الوطني لجمعية القضاة التونسيين بلغة قوية حيّى فيها نضالات القضاة الذين قال انهم يشتغلون في صمت واعتبر أنّ ما جرى للوكيل العام صادم وقال أيضا ان ما جرى كان امرا متوقعا في اطار حرب المواقع من سن القوانين المنظمة لعمل القضاء. واضاف محمد بن لطيف انه تم التطاول على القانون وان النية ارهاب القضاة «ولكن هيهات حيث ان القضاة لا يخافون وان طريقهم يسير الى الامام كالقطار على درب استقلال القضاء» وانهم لن يتراجعوا الى الوراء وانه لا صوت يعلو فوق صوت القضاء وأكد ان قضاة صفاقس يوفرون التسهيلات للمحامين بشكل لا يجده المحامون في اية جهة أخرى من البلاد واضاف انه ينبغي تتبع من تجاوزوا في اطار القانون واشار الى أنه لا ينبغي على القضاة ان يواجهوا الاساءة بالاساءة وانه ينبغي التعقل وعدم السقوط في الاستفزاز ورد الفعل ونزّه المحامين العقلاء النزهاء عن ارتكاب الاعتداءات المشينة والمهينة بحق القضاة مشيرا الى أن من قاموا بتجاوزات لا ينبغي ان يكونوا فوق القانون. ولفت الى انه اذا تواصلت الاعتداءات فان رد فعل القضاة سيكون الدفاع عن السلك ووصف بعض القضاة ما حدث في محكمة الاستئناف ب «الخميس الأسود» وطالبوا بتوفير الحماية لقاضي التحقيق الذي يباشر القضية من اية ضغوطات واستفزازات. وفي زيارة ل «التونسية» للوكيل العام محمد عبيد بالمصحة روى لنا طبيعة الاشكال منذ انطلاقه والذي ادّى الى التهجم عليه فقال ان «من جاؤوا الى مكتبه الخميس 6 مارس ليسوا محامين لان سلوكات المحامين أسمى مما حصل ولا يمكن لمحام في الاصل ان يعتدي على وكيل الجمهورية أو يبصق في وجه أمني أو يعتدي على حرمة المحكمة ولا طرد القضاة المنتصبين من الجلسة لان من يفعل ذلك ليس شريكا في اقامة العدل». ولفت الوكيل العام الى انه لا يعمم لأن الكثير من المحامين الاكارم اتصلوا به هاتفيا وفي المصحة متأسفين ومستنكرين واعتبروا ان ما جرى لا يشرفهم. وقال ان الاعتداء الفاضح على المحكمة لن يمر بسلام وان الذين اعتدوا على الوكيل والقضاة ينبغي ان يكونوا تحت طائلة القضاء واضاف انه تم فتح بحث تحقيقي موثق بالصوت والصورة ضد 35 محاميا قائلا: «قسما عظما لن اسمح بأي اعتداء على السلطة القضائية من اي كان سواء كان محاميا او اعلاميا او سياسيا او مواطنا أو أمنيا لان القانون فوق الجميع ونزه الوكيل العام عموم المحامين عن الاعتداءات ملاحظا ان «المارقين» قلة. وبخصوص سؤالنا للوكيل العام عن تفوهه بكلام جارح تجاه المحامين وأنه اعتدى عليهم لفظيا وبكلام جارح قال انه يعترف بذلك في ضوء ما جرى أمامه من شعارات مهينة ومن أوصاف لا تليق ومن اعتداءات على حرمة المحكمة وأيام رفع شعارات «ديقاج» وشعارات مهينة للوكيل العام وللقضاة وللامنيين. وأضاف ان كلامه لم يكن موجها للمحامين وانما للقانون الذي بموجبه اصبح بعض هؤلاء يعتقدون انفسهم خارج القانون وشدد على انه لا أحد فوق القانون ولا حصانة لاحد وان الجميع تحت طائلة القانون هذه التطورات الخطيرة وفتح بحث تحقيق ضد عدد كبير من المحامين دفعت بهم الىتحرك قوي تحت اشراف عمادة المحامين التي اصدرت مساء أمس بيانا قالت فيه «انه على اثر المستجدات الاخيرة التي جدت بعد تعرض المحامية محبوبة بن فرح الى اعتداء همجي من طرف بعض اعوان الامن والتعاطي غير المسؤول من طرف الوكيل العام بصفاقس ( وفق وصف البيان ) ووصول الامر الى احالة 38 محاميا على القضاء من بينهم عضوي الهيئة الوطنية للمحامين و3 من اعضاء فرع صفاقس وعضو الهيئة المديرة للمحامين الشبان دون وجه حق ودون ارتكاب اي فعل مخالف للقانون وفي خرق تام لابسط الاجراءات القانونية فانه على ضوء تكرر الاعتداءات وعلى ضوء عدم اتخاذ القرارات القضائية اللازمة تجاه المعتدين مقابل تكرر حالات الاحالة غير المبررة لعديد المحامين دون ارتكابهم لاي جرم فان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين قرر الدخول في اسبوع احتجاجي انطلاقا من الاثنين 9 مارس 2015 الى جانب الاضراب العام ومقاطعة كافة الجلسات بكافة محاكم الجمهورية وذلك يوم الاثنين 9 مارس الى جانب تنظيم جلسة عامة استثنائية ومسيرة وطنية بتونس العاصمة ومسيرات جهوية بكافة الفروع في موعد يعلن عنه في الابان» واعلن بيان عمادة المحامين بقاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين منعقدا بصفة مستمرة لمتابعة التطورات. أما الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس فقد قرّر تنظيم ندوة صحفية اليوم بنزل «نهر الفنون». كما قرر الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس في بيان صادر عنه «تجميد اي تعامل مستقبلي مع شخص الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس وتحميله كل النتائج المترتبة عن تخاذله في البحث الجدي في الجريمة المرتكبة ضد المحامية وتقديم شكاية جزائية ضده من اجل الاعتداء على الاخلاق الحميدة وسب الجلالة والتجاهر بما ينافي الحياء الصادرة عن موظف عمومي اثناء مباشرته لوظيفته». كما قرر فرع المحامين بصفاقس مقاطعة الاعانة العدلية والتساخير واستهجن بيان الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس «ما صدر عن بعض الجهات حديثة العهد بالتنظيم الجمعياتي من تصرّفات تنمّ عن عداء سافر للمحاماة وتعكس سعيا محموما لاقصائها من المشهد العام بعد النجاحات الباهرة التي حققتها والدور الريادي الذي لعبته في معركة الانتقال الديمقراطي الى جانب ادانة العبارات المنافية للاخلاق الصادرة عن الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس والتي ترتقي الى مستوى الجريمة ». كما اعتبر البيان «السلبية التي ابداها الوكيل العام في متابعة جريمة الاعتداء على محامية تواطؤا في التعتيم على الجناة. وادان البيان ما وصفه بالاحالات العشوائية التي طالت 38 من المحامين من ضمنهم عضو الهيئة الوطنية للمحامين واعضاء من مجلس الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس وعضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للمحامين الشبان دون وجه حق، حسب ما جاء في البيان.