يمكن بلا تردّد لأي متابع للشأن الأمني أن يصف الهجوم الإرهابي الذي استهدف أول أمس متحف باردو بأنه نقلة نوعية للعمليات الإرهابية بتونس. فطيلة الفترة السابقة لم تسجل عمليات إرهابية داخل المدن ولكن هذه المرّة تغيّر الهدف وضرب الإرهابيون في متحف باردو المحاذي لمجلس النواب وسط العاصمة. ولسائل أن يسأل هل أراد الإرهابيون استهداف نواب البرلمان وأن شيئا ما عرقلهم لتتحول وجهتهم الى احتجاز الرهائن في المتحف وقتل عدد منهم؟ «التونسية» اتصلت بمجموعة من المحللين السياسيين لمعرفة رأيهم بخصوص هذا الموضوع . و في هذا الاطار ، اكد الدكتور منصف وناس محلل وباحث مختص في سوسيولوجيا الدولة والحركات الدينية ل«التونسية» انه لا يعتقد ان بالنسبة للإرهابيين فرق بين البرلمان او المتحف أو أي هدف آخر وأنّ ذلك لا يغيّر شيئا حسب رأيه. وأضاف أن الجماعات التكفيرية المتشددة لا تنظر كثيرا الى التفاصيل وأنها تشتغل ضمن ايديولوجيا ذات مرجعية وهابية واضحة تنبني على اساس تحقيق هدفين اثنين يتمثل الأوّل في خلق حالة من الفوضى والخراب تفضي الى حالة شاملة من الانهيار . وأضاف أن الهدف الثاني هو الإمعان في التصعيد واستعمال أنواع العنف المادي ضد الدولة وأعوانها والدفع بها تدريجيا الى الانهيار بالكامل. وأشار الى انه يعتقد ان المهم بالنسبة للإرهابيين هو ليس القتل الآني لانهم يقتلون يوميا في مشارق الارض الى مغاربها وان هدفهم هو كيفية الدفع الى الانهيار التدريجي . واكد ان القتل بالنسبة لهم هو اداة عمل لانجاز مهمتهم المتمثلة في التدمير الشامل للدولة وان الهدف من هذه العمليات الارهابية هو اقامة دولة الخلافة في الاراضي العربية الاسلامية ولا يهم الكلفة التي تترتب عن التدمير . وأشار الى احتمال استمرار العنف على امتداد الفترة القادمة نظرا لتدهور الوضع الامني في سوريا وليبيا. مؤكّدا أن مصير تونس الامني مرتبط بالوضع الامني في هذين البلدين الشقيقين . «الهدف ... قتل عدد اكبر من السياح» من جهته اوضح صلاح الدين الجورشي المحلل السياسي في تصريح ل«التونسية» انه يعتقد ان الهدف من عملية متحف باردو هو قتل اكثر عدد ممكن من السياح مضيفا ان البرلمان لم يكن ضمن الخطة لأنه تحت المراقبة الأمنية . وأشار الى انه بالرغم من أهمية البرلمان ورمزيته فإنّ الذين قاموا بالعملية أرادوا تبليغ رسالة من خلال الاربعاء «الاسود» بانه ليس الامنيين والعسكريين فقط هم هدف الجماعات الارهابية المتطرفة وان هذا الامر كان ضمن التوجه الذي رسخته عمليات «داعش» الاخيرة في العراقوسوريا وأنه بناء على ذلك يبدو ان هناك دراسة مسبقة للمتحف استنتج على إثرها الإرهابيون أن هذا الموقع لا يتمتع بحراسة وحماية ضرورية . وأكّد الجورشي أنّ قتل السياح سيُثبت وجود الارهابيين اعلاميا وسياسيا وأنّ ذلك قد يكون شكلا من أشكال الرد على ما خسرته هذه الجماعات من كوادر ومسلحين. واوضح ان المعركة مع الارهاب مازالت متواصلة لسنوات وأننا لسنا امام عمليات عادية مضيفا أنه يتوقع ان العمليات الارهابية ستستهدف عددا آخر من المدنيين. .