ظنّت الرابطة الوطنية المحترفة لكرة القدم ومعها جامعة الكرة (بعد أن تبادلتا التمريرات طويلا) أنهما تمكنتا من ايجاد نهاية سعيدة لمأزق مواجهة نادي حمام الأنف والنجم الساحلي التي أسالت حبرا كثير بعد «تأجيلها» تحت مسمّى الدواعي الأمنية..غير أن ذلك لا يعدّ سوى مجرّد كلام للاستهلاك لا غير وفق ما بدأ يطفح على سطح الأحداث من غليان ينذر بالكثير من التطوّرات غير المتوقّعة. قرار عشية الخميس والقاضي بتعيين تاريخ 29 من مارس لاجراء اللقاء خلق حالة من الاحتقان الشديد في الأوساط الرياضية، واذا ما كان وقع الحادثة الارهابية بباردو التي شغلت بال التونسيين عن عدة معطيات قد ساهم في التغطية عن الخطوة المنتهجة اداريا من قبل الرابطة، الا أن ما لمسته «التونسية» في تفاعلات عديد المسؤولين الرياضيين يوحي أن الجامعة والرابطة باتتا كمن يمشي على رمال متحرّكة يعسر معها التقدّم. نادي حمام الأنف صعّد وكما نشرنا على لسان الدعداع فان الرفض كان وسيكون عنوانا لموقف «الهمهاما»، وهناك تصعيد باللجوء الى «الفيفا» ان لم تتحرّك الجامعة وتصحو ضمائر مسؤوليها لرأب الصدع وفق كلام الرجل الأول في نادي الضاحية الجنوبية، ولكن المدهش في خضم كلّ ما يحصل هو أن هيئة النجم لم تنبس ولو بحرف واحد حول ما يمكن تسميته ب«غريبة الموسم الكروي». قد يكون من صالح ادارة النجم أن تصمت وتوافق ضمنيا على قرار سيخدمها دون شك بعد أن أعادها الملعب القابسي على خط الرّهان في التتويج بايقافه لعدّاد الافريقي، لكن الأعراف الأخلاقية والرياضية تستوجبان ايجاد حلّ بين اثنين ولا ثالث لهما وهما وديع الجريء ورضا شرف الدين. الاسم الثاني يدرك في قرارة نفسه وقبل الجميع أن معطيات سياسية هي من تحرّك اللعبة في الكواليس بدليل أن نبرة خطاب «الصيدلاني الهادىء» شهدت تغييرا ملفتا منذ التحاقه بحركة نداء تونس..وما خطابه عقب الخسارة في بنزرت وحادثة اللافتة الشهيرة الا تدليلا على ما قلناه، وفي نفس الاطار يبقى شرف الدين مطالبا بتحكيم عقله واصدار القرار الأنسب خاصة أنه يدرك مسبقا ثقل مسؤوليته في صلب ناد بحجم وثقل النجم الساحلي اضافة الى عضوية مجلس نواب الشعب، دون أن ننسى مربط الفرس في هذا النزاع القانوني وهو تأكيد ادارة ناديه مسبقا بأن الفريق لن يتحوّل الى حمام الأنف مهما كلّفه ذلك من تبعات.. وفي المقابل فان وديع الجريء ليس بمنأى بدوره ممّا يحصل في الخفاء خاصة أن هناك من يجزم بوجود «بصماته» في قرار التأجيل الأول وتنصله من المسؤولية راهنا وتركه لجحيم الشكوك مشتعلا على مصراعيه..وعليه، فان الدكتور مطالب بايجاد وصفة مستعجلة تقي جسد كرتنا مزيد الأمراض. حكاية القائمة «المحيّنة».. قرار تعيين موعد لمواجهة نادي حمام الأنف والنجم الساحلي جاء تزامنا مع كشف جورج ليكنز عن قائمته لمواجهتي المنتخب الوطني ضد اليابانوالصين، وهذا من العوامل التي زادت في حجم الشرخ بين النوادي الرافضة لقرار الرابطة (وهي كثيرة) وبين الجامعة من جهة ثانية، حيث أفادت عديد التسريبات أن القائمة الأولى ضمت عديد الأسماء من النجم الساحلي على غرار البلبولي وبوغطاس والبريقي وتاج والنقاز، لكن هناك «يدا خفية» تدخلت على ما يبدو لتحيين القائمة بعد ورود تسريبات عن اعتزام مكتب الرابطة اعادة المقابلة..وللأمانة فان الخبر تسرّب منذ ثلاثة أيام تقريبا وهناك اطلاع شبه تام لدى الوجوه الرياضية على فحواه حتى قبل انعقاد «الاجتماع المزعوم».. ولئن بررت بعض الأطراف خلوّ القائمة من أسماء من النجم الساحلي عند إصدارها بصفة رسمية بكون أن أجراء الوديتين يتزامن مع رحلة النجم الساحلي الى لواندا لالتزامات قارية، فان الغضب ارتفع من جانب النادي الصفاقسي للمطالبة بتأجيل مواجهة قوافل قفصة المقرّرة بتاريخ الثاني من أفريل أو إعفاء لاعبي النادي الصفاقسي من الالتحاق بالتربّص، بل ووصل الأمر بنائب الرئيس منصف خماخم إلى حد الجزم في تدوينة فايسبوكية نشرها، أن فريقه سينسحب ما لم يتم إقرار تأجيل الرحلة إلى قفصة أو تسريح لاعبي نادي عاصمة الجنوب.. وهدّد خماخم باللجوء إلى وزارة الداخلية كحلّ أخير يحمي حقوق الأندية بما أنّ الكرة التونسية باتت تلعب في كواليس الداخلية على حدّ تعبير خماخم. الافريقي على الخط بعيدا عن الحرب الباردة بين النجم والصفاقسي..واهتمام هيئة حمام الانف بالتحرّك المرتقب للجامعة، دخل النادي الافريقي بدوره على الخطّ ليصف ناطقه الرسمي رشيد الزمرلي قرار الرابطة بأنه غير أخلاقي وغير رياضي، وللغرض يرتقب أن تعقد جلسة لهيئة سليم الرياحي لتدارس ما لصق المسألة من تشعّب وتطورات خطيرة، خاصة أن السواد الأعظم من الأفارقة يرون في هذه التحرّكات استهدافا لحظوظهم في السباق نحو اللقب ومنح فرص كثيرة بمسمّيات عدّة للنجم الساحلي قصد العودة في الرهان وقد تحدّثت مصادر «كلوبيستية» أنّ الأفارقة يتّجهون لتجميد النشاط مباشرة بعد مباراة المرسى.. في انتظار دخول الترجي في الموضوع قد يفرض نفسه بعد عودة الروح في فريق باب سويقة ومطاردته للمتصدّر... كلها معطيات تنبىء بنهاية شديدة الحساسية بين فريق وآخر..والأخطر أنها لاحت تؤشر ل«اقتسام جغرافي عادل» لبؤر التوتر بين العاصمة والساحل وصفاقس..مقابل سلبية كبرى من مكتب جامعي يبدو أن أكبر همّه راهنا هو التسابق نحو تثبيت مكان في رحلة الصينواليابان...