مشروع الإرهاب واحد.. تقويض الدّولة ونشر الفوضى نرحّب باستضافة الرياض للحوار اليمني ندعو إلى مفاوضات بسقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عودة الأطراف الليبية للحوار.. خطوة في الاتجاه الصّحيح ندعم الجهود الهادفة إلى تسوية سياسية للأزمة السورية ألقى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي خطابا شاملا في إطار فعاليات القمة العربية الملتئمة بمدينة شرم الشيخ المصرية دعا فيه بالخصوص إلى التعبئة العربية الشاملة في مواجهة الإرهاب كما تناول بالتحليل قضايا الساعة على الساحة العربية ولا سيما القضية الفلسطينية والأوضاع في ليبيا وسوريا إلى جانب التطوّرات الأخيرة في اليمن. رئيس الجمهورية استهل خطابه بأبعاد الهجوم الغادر الذي استهدف تونس مؤخرا قائلا في هذا الإطار: «قبل أيّامٍ، طالت يدُ الإرهاب الغادر تونس باستهداف متحف باردو الأثري، أحد أهمّ معالم ذاكرتها الوطنيّة ورمزًا من رموز انفتاحها على مختلف الحضارات الإنسانيّة، وفي محاولةٍ لضرب القطاع السّياحي، وخلّفت هذه العمليّة الشّنيعة شُهداء تونسيّين، نترحّم على أرواحهم الزّكيّة، وضحايا من السّياح الأبرياء، نُعبّر لأسرهم ودُولهم عن أحرّ تعازينا وخالص تعاطفنا ومُواساتنا ونشكر كل من ساندنا ودعمنا في هذا الظرف الخاص». وشدّد في هذا الإطار على أنّ مشروع الجماعات الإرهابيّة في المنطقة العربيّة واحدٌ، وهو تقويض سلطة الدّولة ونشر الفوضى. وهو مشروعٌ أشدُّ خطرًا وتأثيرًا على أمننا واستقرارنا من التّهديدات الأخرى ويستدعي من دُولنا التّعبئة العامّة واتّخاذ كافة التّدابير الكفيلة بدحره قبل استفحاله وانتشار آثاره المدمّرة حفاظًا على سلامة دُولنا وأمن شعوبنا. كما لاحظ أنه من المُجدي، في هذا السياق مزيد تفعيل آليات التّنسيق بين الدّول العربيّة لمكافحة الإرهاب، لرفع هذا التّحدّي الكبير معبّرا عن القناعة الراسخة بأنّ كسب معركة العرب الجماعيّة ضدّ الإرهاب تظلّ رهينة اعتماد مقاربةٍ شاملة ترتكز على التّعاطي الأمني والقضائي الصّارم، وعلى إستراتيجيّة استباقيّة تُعالج أسباب الظّاهرة من خلال تجديد الخطاب الدّيني، وتحقيق العدالة الاجتماعيّة والتّنمية الاقتصاديّة، ومقاومة الغلوّ والفكر المتطرّف والكراهية، ونشر قيم الوسطيّة والتّسامح. وتطرّق رئيس الجمهورية في ذات الإطار إلى التطوّرات الأخيرة في اليمن معبّرا عن بالغ قلق وانشغال تونس لما آلت إليه الأوضاع في اليمن، ومُؤكّدا دعمها الكامل للسّلطة الشّرعيّة في هذا البلد الشّقيق والحفاظ على أمنه وعلى استقرار المنطقة قائلا في هذا الصدد: «ونحنُ إذ نُعرب عن تفهّمنا للإجراءات المتّخذة من دُول المنطقة لدعم الشّرعية الدّستوريّة في اليمن، تعبيرا عن الإرادة العربية في حلّ الأزمة اليمنيّة بمنأى عن التّدخّل الأجنبي، نهيب بكافة الأطراف اليمنيّة باستئناف الحوار لإيجاد تسوية سياسيّة وفق نتائج مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجيّة وآلياتها التّنفيذيّة ونُرحّب في هذا الصّدد بمبادرة خادم الحرمين الشّريفين باستضافة هذا الحوار في الرّياض». حل الدولتين وأكّد من جهة أخرى على المكانة المحورية للقضية الفلسطينية قائلا في هذا الصدد: «إنّ ما تشهده منطقتنا من تحدّيات ومخاطر لا يُمكن أن يشغلنا عن القضيّة الفلسطينيّة التي تظلّ قضيّتنا الأمّ، وهي تحتاج منّا مزيدًا من الدّعم والمساندة قصد وضع حدٍّ لمعاناة أبناء شعبنا الفلسطيني لإيقاف الأنشطة الاستيطانيّة ومصادرة الأراضي والأموال ومحاولات تهويد مدينة القُدس. ومن هذا المنطلق، جدّد رئيس الجمهورية دعوة المجتمع الدّولي لتحمّل مسؤولياته لاستصدار قرارٍ أممي يُعجّلُ باستئناف مفاوضات سلامٍ جادّة ومُحدّدة بسقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيّة. مسجّلا بارتياح تأكيد الادارة الأمريكيّة، على لسان الرّئيس باراك أوباما، التزامها بحلّ الدّولتين، باعتباره خُطوة ايجابيّة في اتّجاه دعم طموحات الشّعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلّة وتأمين أفضل ظروف الأمن والاستقرار للمنطقة. آلية دول الجوار ولاحظ من جهة أخرى أنّ ما يحدث في ليبيا الشّقيقة مُثير للانشغال في تُونس بحُكم علاقات الجوار المُباشر ووشائج الإخاء المتميّزة وتأثيرات الوضع في هذا القُطر على أمننا واقتصادنا. مؤكّدا أنّ تونس وإن تُجدّد تضامنها الكامل مع ليبيا حفاظًا على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، فإنّها تُجدّد دعوتها للحكومة اللّيبيّة ولجميع الأطراف السّياسيّة اللّيبيّة للاحتكام إلى الحوار والالتزام به سبيلاً لتجاوز الخلافات وأن يكون الحلّ نابعًا من إرادة وطنيّة ليبيّة حُرّة، تعمل على تغليب مصلحة الشّعب اللّيبي وحقن دمائه وتفادي مزيدٍ من الفوضى والاضطراب الأمني والسّياسي. ورحّب رئيس الجمهورية في هذا الصّدد بعودة الأطراف السّياسيّة اللّيبيّة إلى طاولة الحوار برعاية مبعوث الأمم المتّحدة، ومعتبرا إياها خطوة في الاتّجاه الصّحيح يتعيّن دعمها ومساندتها، ومُعبّرا مجدّدًا عن استعداد تونس لمساعدة الأشقاء اللّيبيّين في هذا الاتّجاه من خلال آلية دُول الجوار. وتطرّق من جهة أخرى إلى استمرار معاناة الشّعب السّوري الشّقيق في ظلّ تواصل عمليّات القتل والعنف والدّمار وغياب أُفق الحلّ السّياسي. مؤكدا دعم تونس للجهود الدّوليّة الهادفة لإيجاد تسويةٍ سياسيّة لهذه الأزمة التي خلّفت عشرات الآلاف من القتلى وشرّدت الملايين بين نازحين ومُهجّرين وسط تدهور الأوضاع الإنسانيّة في المخيّمات وزيادة الأعباء على دول الجوار. ومعبِّرا عن الأمل في أن يَسُودَ الاستقرار كامل المنطقة العربيّة حتى تتفرّغ للتّنمية والبناء وتحقيق تطلّعات شعوبها في العيش الآمن والكريم. ومن جهة أخرى لاحظ رئيس الجمهورية أن احتضان تونس للقمّة العربيّة التّنمويّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة في دورتها الرابعة نابعٌ من إيمانها بأهمّيّة كسب رهانات التّنمية في المنطقة العربيّة. وكان رئيس الجمهورية توجه في مستهل كلمته بخالص عبارات الشّكر والتّقدير إلى الرّئيس عبد الفتّاح السّيسي، على استضافة القمة العربيّة، وما حظي به الوفد التونسي من حفاوة استقبال وكرم وفادةٍ منذ حلوله بشرم الشّيخ منوها بما يربط البلدين من أواصر عريقة وعلاقات تعاون وتطلّع تونس لمزيد تعزيزها خدمةً لمصالح البلدين والشعبين الشّقيقين. كما توجه لصاحب السموّ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشّقيقة، ببالغ التقدير للجهود التي بذلها طيلة فترة رئاسته للقمّة في دورتها المنقضية ولإسهاماته في خدمة قضايا الأمّة العربيّة ليكون بحقّ قائد العمل الإنساني. في ذات الإطار نوّه بالجهود المتواصلة التي تبذلها الأمانة العامّة لجامعة الدّول العربيّة، للنّهوض بالعمل العربي المشترك وتطوير آلياته وتفعيل مؤسّساته.