في خضم كل هذه التحوّلات والتجاذبات التي يعيشها المشهد الرياضي في تونس وتحديدا بطولة كرة القدم لم تعلق بالذاكرة سوى بعض الفصول القانونية وكثير من السقطات اللأخلاقية ومع تواضع مخزون الأقدام وتردّي لغة الأقلام باتت البطولة المحترفة منحرفة اللون والهوى كأفيشات الأفلام تخدش الكبرياء بلا حياء ولا استحياء قانونها جائر وفصولها بنصّ حائر تلعب في الظلام على «حراك» العتمة خلف الأبواب الموصدة حيث يمارس القويّ سلطانه على حريم يتلذّذن صباحا مساء الركل في اللحم الحيّ... كلّ يوم قضيّة وبين كلّ شوط وشوط فضيحة وبين هذا وذاك يصل أوّلا من يبكي مطوّلا... كرة عليلة في مفترق طرق... ودموع تسيل أكثر من العرق... منظومة فساد تتراقص رؤوسها من تحت الرماد... وعدوى القذف تستشري بين العباد... بطولة ب16 فريقا ثلاثة أرباعها ترابط علنا تحت خطّ الفقر وبأربعة ملاعب صالحة وبأكثر من صفّارة طالحة تواصل حرق الأعصاب وتقنيين الخراب... بطولة مبارياتها لا تعرف خطّ النهاية والحسم في مصيرها إمّا بالتصويت أو بقانون الوشاية... وإلى حين تحلّ الهداية لا صوت يعلو فوق صوت الظالم وصراخ «البكّاية»... في هذه البطولة لا نعرف حقيقة من هو الجاني ومن هو الضحيّة لكننا نتّفق جميعا على أنّ الجلاّد يتوارى وراء عباءة «الوديع» وأنّ الخصم كثيرا ما كان هو الحكم المطيع... بالنسبة للمكتب الجامعي فقد اختار البقاء خلف الستار ف «الطرح» بين الكبار لا يعنيه وكل ما يشغله هو ثبات الدار وتكريس ثقافة الاستقرار... المصيبة الكبيرة حقّا هي ذلك «الخنّار» المتسرّب من مكتب الرابطة...كلّ شيء يمكن توصيفه ما عدا بعض التجاوزات التي تأتيها الجماعة هناك... قانون على المقاس... وعقوبات «لا ساس لا راس» وتنقيط يحبس الأنفاس... لن نخوض في كلّ المهازل التي تأتيها الجماعة حتى لا تطالنا عدوى المحاسبة والملاحقة ولكن سنكتفي باستعراض بعض «فتاوى» الرابطة وقانونها المريب والغريب... في مباراة الكلاسيكو التي جمعت بين النجم الساحلي والترجي الرياضي التونسي «هاج» المدرّب فوزي البنزرتي وماج وكاد يمزّق ثيابه من الغضب على صفّارة الحكم سليم بلخواص... البنزرتي اقتحم الميدان على مرآى ومسمع من الجميع ولولا «الحزّة» ووقفة أولاد الحلال لكان للبنزرتي كلام وسلوك آخر... في الأثناء ثارت ثائرة المدرب رضا الجدّي وحاول النسج على نفس المنوال تماما كما كان عليه الحال مع المدرّب المساعد للترجي ولكن لأنّ الاسمين مغمورين ولا تعرفهما عدسة الكاميرا مرّت الواقعة مرور الكرام كما أن «تخميرتهما» لم تتجاوز مسافة الأمان وظلّت حبيسة البنك... مع ذلك تقسو الرابطة عليهما بمعاقبتهما بحرمانهما من الجلوس على البنك لأربع مباريات وترأف بالبنزرتي وتريحه جولة إضافية لاستعادة الأنفاس... إذا كانت الرابطة قد استندت في تشخيصها للواقعة إلى تقرير الحكم وتقيّدت به فهذا دليل إدانة على أنّ قراراتها السابقة كانت مجانبة للصواب ومغالطة لروح القانون ونتحدّث هنا عن عقوبتي«بونجاح» و«جنيح» أمّا إذا رأت الرابطة أنّ سلوك البنزرتي لم يحد عن «السراط» وأنّ المساعدين استحقا ضرب «الزلاّط» فعلى الدنيا السلام. فوزي البنزرتي قال إنّ بلخواص حكم بلا شخصية و«خوّاف» لأنّه تجنّب إقصاءه أثناء المباراة ويبدو أنّ «بلخواص» ليس الوحيد في نظر «الكوتش» الفاقد للشخصية فمكتب الرابطة هو الآخر «يخاف من العزري ومن سيدو»...