لاتكاد تمرّ بنا مباراة بين الترجي الرياضي التونسي والنجم الرياضي الساحلي الاّ لنشاهد خلالها العجب العجاب من الحركات التي لا عهد لنا بها على ملاعبنا في غيرها من المقابلات.. فكأنّي بهذه القمّة أبت الاّ أن «تمتعنا» بلقطاتها النادرة والفريدة من نوعها التي قلما أن شُوهدت في بطولتنا «المحترفة». إذ شاهدنا خلال سنوات مضت عديد اللقطات التي بقيت عالقة بالأذهان مدّة طويلة.. كان أبطالها بدرة والابسي ووليد عزيز والزوابي من الترجي الرياضي التونسي، وبوقديدة والجزيري ومهدي شبشوب واللاعب الإيفواري كايتا (حين نزع كلّ ملابسه ممّا دفع بمخرج اللقاء لأن يقطع كلّ البث الى حين لبس اللاعب تبانه).. في ذاك الحين لم تضرب أيادي المسؤولين بقوّة على أيادي المذنبين والعابثين بل على العكس، أسعف هؤلاء باللعب مجدّدا (مثل كايتا الذي لعب الدور النهائي لكأس تونس أمام نادي حمام الأنف، وكأنّي بهم أرادوا تكريمه على لقطته الشهيرة بتدشين ملعب رادس واللعب أمام الآلاف من التونسيين)... وحتى محاولة الترجي الرد بقوة بطرد الزوابي من حضيرة النادي فقد قابلها تجاهل تام من السيد عثمان جنيح حين صرّح في الأحد الرياضي بقوله: «أنّ الهيئة ستجتمع وستجازي كل طرف على فعلته.. لتمرّ الأيّام ويظلّ تصريح السيد المسؤول لقطة اشهارية لم يستنفع منها أحد.. لتظهر نتائجها بعد سنوات أو لنقل خلال هذا الموسم. فحين يرى اللاعب ان كل التصرفات صارت مباحة على الميدان، وحين يكون هو نفسه ينقصه بعض التأطير، أو بلغتنا العامية تنقصه «التربية».. نراه يقدم على فعل كل ما يخطر بباله دون خجل ودون ردع لا ذاتي داخلي ولا خارجي.. إذ أنّنا وبعد لقطة «صابر بن فرج» «الشهيرة» في لقاء كأس الكنفدرالية الافريقية أمام الترجي الرياضي التونسي حين اتجه صوب جماهير الأحمر والأصفر ليذبحها أمام الجميع بنقمة وشماتة لا نراها حتى على وجوه الأعداء.. تعدّدت اللقطات، فشاهدنا مويهبي المرسى يتجّه لجماهير النادي الرياضي الصفاقسي بحركات يُندى لها الجبين، استفزت الحضور وأثارتهم حتى ردّوا الفعل وهو ما حصل فعلا... وفي نفس السياق، لم يترك زعلاني الافريقي الفرصة تمر أمام فريق تسبّب للبعض بعقدة نفسية منذ سنوات عديدة ليفعل ما فعله، وان كانت فعلته لم تمر دون جزاء فإنّ لقطة زميله الذوادي في ذات اللقاء مرّت وكأنّها لم تُر، ليتعاقب بعدها مسلسل اللقطات مع الشيخاوي في مواجهته لحارس ترجي جرجيس حسني، لنراه ينجو بفعلته بل ونرى لافتات المساندة على جنبات أولمبي سوسة وكأنّه فاز بالبطولة. أمّا صابر بن فرج الذي برهن على «تكوينه ومعدن أخلاقه» فإنّه لم يرتدع بل واصل هيجانه أمام الترجي الرياضي التونسي في لقاء الاياب، ولم يترك الفرصة تمرّ دون أن يثري سجله الأخلاقي الحافل بال «بطولات»، ليشبّه نفسه بالكلب في لقطة مقرفة محا عن نفسه خلالها انسانيته ليتحوّل الى كلب «يتبوّل» في اتجاه جماهير الترجي التي عاملته بمقولة «كلب ينبح على طيارة».. ليكمل بعدها المدرب فوزي البنزرتي ما بدأه «ابنه».. وكأنّي بالنجم الرياضي الساحلي في غياب التتويج المحلي استحال الى مكوّن للمصارعين.. حيث رأينا مسؤوليه تخلّوا عن دورهم التربوي وتمازجوا مع جماهيرهم.. والاّ بماذا سيفسّرون للاعبيهم الشبّان ما يفعله السادة الكبار «النماذج العليا». لنرى بعدها وخلال السهرة السيد فوزي البنزرتي وهي من المرّات القلائل التي يقبل فيها التواضع والتصريح لوسائل الاعلام يقدح في تقرير الحكم الرابع يسر سعد الله ويردّ بأنّه مربّ ويقوم بدوره على أحسن وجه.. هكذا وبكلّ لامبالاة يسمّي ما فعله بالتربية.. فإن كان السيد المدرب سيعلّم شبابنا ما يقوم به على «الحلبة» بجانب المعشب فلنجهز أنفسنا لجيل جديد من الثيران الهائجة... كلّ هذه اللقطات وغيرها تمرّ وفي ازدياد واضح، لكن هل من رادع؟ بعد أن تعدّدت الإحتجاجات وراح مختار التليلي يروج كون صفارة مصطفى بن يعقوب ذبحت النادي البنزرتي والحال أنّ أمور النادي البنزرتي واضحة منذ بداية الموسم لأنّه لم يقدر على مغادرة المرتبة الأخيرة كما أكّد أنّ التعيينات تخضع لمنطق الانتخابات والحسابات لسي مختار نقول حلمك حتى لا يصبح البنزرتي ضحيّة. ببساطة لأنّها لم تعد تنطلي. لأنّكم وان سألتم ستظهرون للأسف في مظهر الغريب القادم من زحل... أو لا يعلم الجميع أنّ المسؤول هذه الأيّام يتكالب على النتائج حتى عمي بصره وبصيرته؟ وكل الطرق أصبحت مباحة ولابد من الأخذ بخاطر الجماهير في كلّ شيء؟ إنّّ زمن المفارقات أيّها الأعزاء... إنّهم يفعلون ما يشاؤون ويقولون ما يريدون ثمّ يلومون الجماهير التي لم تتمالك أعصابها... على كلّ اللّه يهدي. رسالة أولى الى جماهير الترجي: تماسكوا وقفوا صفّا واحدا الى جانب فريقكم ولا تتأثروا بالغربان الناعقة من حولكم. رسالة ثانية إلى السيد فوزي البنزرتي: إنّك أكثر العارفين بأنّ الرياضة هزيمة وانتصار أمّا التصفيق الذي تلاقيه من جماهير النجم عند كل «هيجان» فتأكد أنّه سيستحيل الى استنكار بمجرد عثرة. فلا تغتر ياسيدي ولتتواضع للصحافة؟ رسالة ثالثة إلى السيد محمد الكوكي: اترك الحكم على لاعبيك للجمهور حتى لا يُقال «شكار العروسة». أمّا مسألة الروح الرياضية التي تتحدّث عنها فهي تبقى مسألة قابلة للنقاش.. والاّ ما معنى أن تقول أنّه لم يكن على لاعبي نادي حمام الأنف اخراج الكرة للسماح بإسعاف لاعب فريقك، علما وأنّ هذه العملية تسبّبت للاعبي الهمهاما في قبول هدف كان له كبير التأثير على نتيجة اللقاء. ثمّ تعود لتتحدّث عن صفارة الحرزي الظالمة في مباراة النادي البنزرتي. باللّه ثبت روحك. رسالة رابعة نوجهها الى صابر بن فرج لنعلمه بأنّ الكرة التونسية لاتزال تحفظ أسماء نجومها مثل طارق وتميم والشايبي والبياري والحسومي وغيرهم لا لشيء الاّ لرفعة أخلاقهم أولا وجودة أدائهم ثانيا. رسالة أخيرة نوجهها لكل من له علاقة من قريب أو من بعيد بعالم الجلد المدور ليتمعّن في ذلك العلم الأصفر الذي يحمله بعض الأطفال قبل كل مباراة، ويفهم معانيه جيّدا! كما على كرتنا أن تتجاوز حكاية المحاباة والمجاملة.