تحت شعار «فلاحتنا بين إكراهات الحاضر وتطلعات المستقبل» انطلق اليوم الوطني للفلاحة والصيد البحري بمقر الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بحضور يوسف الشاهد كاتب الدولة للصيد البحري وعبد المجيد الزار رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري. وقد شهد اليوم الوطني حضورا مكثفا للفلاحين والصيادين الذين قدموا من مختلف مناطق الجمهورية لطرح شواغلهم ولعرض الإشكاليات التي يواجهونها. وفي هذا الإطار قال يوسف الشاهد كاتب الدولة للصيد البحري ان الفلاحة كانت منذ الإستقلال ركيزة الإقتصاد التونسي حيث ساهمت في التشغيل وفي خلق الثروة وأنها تمثل 8 بالمائة من الناتج القومي الخام و15 بالمائة من الصادرات . وأضاف انّ القطاع الفلاحي مكّن من تزويد الأسواق وتوفير الأمن الغذائي كمّا وكيفا،واعتبر كاتب الدولة أنّ هذا الأمر لا يخفي وجود إشكاليات جوهرية تتعلق بالمشاكل العقارية وتشتت الملكية والظروف الصعبة للأرياف وغلاء المستلزمات الفلاحية. وأشار إلى أن الفلاحة التونسية قادرة على تحقيق الأفضل ،معتبرا ان النموذج التونسي المعتمد منذ الإستقلال بلغ أقصاه ولم يعد ناجعا ،ملاحظا انه حان الوقت لوضع حد لاستنزاف الموارد الطبيعية والضغط على الميزانية من خلال صندوق التعويض وما يشكله من أعباء...مضيفا ان هذه المسائل أثرت كثيرا في مردودية القطاع . وشدّد كاتب الدولة على مسألة عزوف الشباب عن العمل الفلاحي وما تعرضت له الفلاحة خلال العهد البائد من محاولات تسييس ملاحظا أن النظام السابق اعتمد منظومة انتاج لم تتجاوب وسياسات الدولة ،كما ان هذه السياسات لم تأخذ بعين الإعتبار مشاكل الفلاح . وقال الشاهد انه تم خلق نماذج لاستهلاك مهول وكبير للمواد الأولية وأن ذلك ما يستدعي مراجعة السياسات المعتمدة واستغلال الثروات على نحو أفضل بعيدا عن الحلول الترقيعية. وكشف الشاهد انّ مشكل المديونية لم يعالج جذريا وان كل الحلول التي تم اعتمادها كانت ظرفية ،مؤكدا انه حان الوقت لرؤية مستقبلية واضحة تمتد على 15 و20 سنة، واعتبر ان هذه الإصلاحات تتطلب مصارحة التونسيين بحقيقة الوضع الفلاحي في تونس. وقال انّ الأمن الغذائي جزء من الأمن القومي، مبينا ان الإتحاد الأوروبي وضع إمكانيات مهولة لفلاحيه تفوق 40 بالمائة من ميزانية الإتحاد، مؤكدا ان ما بين 30 و40 بالمائة من دخل الفلاح الأوروبي متأت من الإعانات التي يقدمها الإتحاد الأوروبي. وأكدّ ان اللوم الذي يقدم اليوم هو عدم وضع الفلاح التونسي في سلم الأولويات ووضع سياسات واضحة للنهوض بالفلاحة، معتبرا ان الفلاحة ساهمت في انقاذ الإقتصاد من عديد الأزمات ،ملاحظا ان الأمن الغذائي التونسي بيد الفلاحين . من جانبه،اعتبر عبد المجيد الزار رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري انّه رغم ما يعانيه الفلاح التونسي من صعوبات ومشاق فإنه قدم للإحتفال باليوم الوطني للفلاحة والصيد البحري الموافق ليوم 12 ماي. وعبّر الزار عن مخاوفه من تراجع موسم الحبوب، مؤكدا انّ صابة هذا العام ستكون هزيلة بسبب الفيضانات والجفاف . وأشار إلى أن «صندوق الحوائج» ولد ميتا، ودعا جميع الأطراف الى المساهمة في تمويل هذا الصندوق لتخفيف عبء الكوارث الطبيعية، وقال ان هذا الصندوق لم يساهم في مساعدة الفلاحين، منتقدا شركات التأمين التي ترفض تأمين القطاع الفلاحي وليس الفلاح . وقال انّه في الوقت الذي يتم فيه رفع شعار دعم الإنتاج فإنه يتم توريد الخرفان والدلاع والبطاطا وهي مسائل لم تعد مقبولة لأنها تضر بالفلاح التونسي،مؤكدا ان التهريب ساهم في ضرب المنظومة الانتاجية وضرب الفلاح. وعلى هامش هذا الملتقى عبر عديد الفلاحين عن غضبهم من التجاهل والإحتقار الذي يواجهه الفلاح التونسي والذي يتكبد على حد تعبير البعض منهم عدة خسائر جراء غلاء المواد الأولية والقوانين المجحفة في القروض والأداءات المشطة والديون التي تكبله. وقد بدا البعض منهم غاضبا إلى درجة ان هناك من الفلاحين من هدد بعدم استقبال اي مسؤول حكومي في الشمال الغربي كجندوبة والكاف نظرا إلى التجاهل الذي يبديه بعض المسؤولين لمطالبهم وفي ظلّ عدم الإنصات لشواغلهم.