ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات للشروع في تنفيذ أشغال مشروع تهيئة عديد الأحياء يوم 22 ديسمبرالجاري    ترامب يصنف فنزويلا منظمة إرهابية ويعلن حصارها بالكامل    هزة أرضية تضرب المملكة العربية السعودية    إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله.. وتحدد الموعد    لاعب عربي واحد ضمن تشكيلة فيفا لأفضل 11 لاعبا في العالم 2025    طقس اليوم: انخفاض طفيف في درجات الحرارة    وزارة الصحة تعيد برمجة اختيار تربصات المقيمين: التفاصيل    خطة لم تُنفذ.. تفاصيل مثيرة عن هجوم كاد يهز مدينة أميركية    اليوم: ضباب محلي مع طقس مغيم والحرارة في انخفاض    كاتب عام جامعة البنوك: الموظفون تعرّضوا للظلم والقطاع يتجه إلى تصعيد احتجاجي جديد    رئيس الجمهورية يظهر فجرا بشارع الحبيب بورقيبة ويتفاعل مع مواطنين قبيل وقفة إحياء ذكرى اندلاع الشرارة الأولى للثورة    ترامب يفرض قيودا كاملة على دخول رعايا 5 دول جديدة للولايات المتحدة    لبنان.. الكشف عن أسباب جديدة وراء إرجاء محاكمة الفنان فضل شاكر    على هذه الأرض سيد اسمه الشعب التونسي    فلاحتنا    لشبهات جرائم إرهابية .. تأجيل محاكمة المترشّح سابقا للرئاسية سمير العبدلي    المهدية .. لفائدة 371 حاجّا .. شبّاك موحّد لتيسير إجراءات السفر إلى البقاع المقدّسة    نابل: عروض مسرحية من تونس ومن الخارجفي الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل    ندوة علمية    بتكلفة 250 مليون دينار: انطلاق المحطة الفولطاضوئية بالقيروان..    عاجل: الألعاب الإفريقية بأنغولا: تونس تفرض سيطرتها في مسبح لواندا ب 6 ميداليات    لاعب عربي وحيد في التشكيلة المثالية ل«فيفا» لأفضل 11 لاعبا في العالم 2025    تنبيه لمستعملي الطريق: ضباب كثيف يحجب الرؤية الليلة وصباح الغد..#خبر_عاجل    انطلاق تظاهرة «المواهب الخفية» بالمركب الشبابي بالمرسى    طرق مدهشة لتخزين الرمان لأسابيع وشهور..تعرف عليها..    تنبيه للمواطنين..تحويل وقتي لخطوط بعض الحافلات..#خبر_عاجل    توزر: قريبا الشروع في إنجاز مسرح للهواء الطلق بمدينة توزر بتمويل مشترك يصل إلى 3,5 ملايين دينار    بطولة النخبة لكرة اليد- النادي الافريقي يتعادل مع النجم الساحلي 27-27    فريال يوسف تُقاضي نادية الجُندي    عندك فكرة على اضطراب الشخصية الحديّة؟    beIN SPORTS تكشف عن خطط البث لكأس أمم إفريقيا كاف توتال إنيرجيز المغرب 2025 بتغطية يومية لمدة 15 ساعة عبر أربع قنوات مخصصة    الكاف: تقدّم موسم البذر بأكثر من 75 بالمائة وتوقعات باستكمال المساحات المتبقية قبل موفى الشهر الجاري    صفاقس: صدور قرار مشترك بين 8 بلديات ينظّم جولان الشاحنات الثقيلة    يومٌ دراسي بعنوان "نحو إرساء مقاربة تشاركية لحماية المباني الأثرية والتاريخية المهدّدة بالسقوط"    وزير التجارة يؤكد ان المنافسة الدولية قوية وتستوجب العمل المشترك لتحقيق الأهداف المرجوة    الملعب التونسي: اتفاق مبدئي مع عمار السويح لتدريب الفريق    نقابة الصيدليات: نتمسّك بصيغة الطرف الدافع في هذه الحالة فقط    المرصد الوطني للطاقة والمناجم: شبه استقرار في الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى أكتوبر 2025    اخفته داخل علب مأكولات: السجن 20 سنة لفتاة تورطت في تهريب الهيروين..#خبر_عاجل    بعد تألقه عالميا: عرض خاص لفيلم الروندة 13 في أيام قرطاج السينمائية    تُباع علنا على صفحات الفيسبوك: القهوة المهرّبة تسيطر على السوق التونسي    بطولة كرة اليد: كلاسيكو منتظر اليوم بين النادي الإفريقي والنجم الساحلي    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    عاجل: تحذير من أمطار قوية يومي الخميس والجمعة    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    أمطار قادمة: التونسيون مُطالبون بالحذر    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    ديوان الطيران المدني يقوم الثلاثاء بعملية بيضاء بمطار صفاقس طينة وامكانية ظهور سحابة من الدخان في محيط مدرج الطائرات    ترامب يعلن تصنيف الفنتانيل المخدر 'سلاح دمار شامل': فما هي هذه المادة؟    يعرض اليوم على التصويت.....تفاصيل "قانون" انتداب خريجي الجامعات ممن طالت بطالتهم    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضراب المعلمين :طفح الكيل
نشر في التونسية يوم 13 - 05 - 2015

احتلت الإضرابات في قطاع التربية والتعليم طيلة المدة المنقضية العناوين الرئيسية للنشرات الإخبارية والعناوين الأولى للصحف المكتوبة، لتصنع جدلا بين مختلف الأطراف المتدخلة في الموضوع .
و قد دخل أمس أكثر من 60 ألف معلم في أكثر من 4 آلاف مدرسة ابتدائية بكامل تراب الجمهورية في إضراب عن العمل لمدة يومين.
«التونسية» جابت عددا من شوارع العاصمة وتنقلت إلى بطحاء محمد علي لرصد الآراء و المواقف وعادت بالنقل التالي.
الطريق إلى ساحة محمد علي مليء بالتلاميذ الذين يحملون الحقائب ويتراشقون بالماء، بعضهم اختار أن يجلس في مداخل العمارات الباردة اتقاء للقيظ وبعضهم كانت المنازل مقصده جماعات وفرادى.
مرح الطفولة
لم تكن الفرحة البادية على وجوه التلاميذ خافية عن الأعين ، وكنت تستطيع أن تميز زخم الطاقة الكبير المنبعث منهم وهم يقطعون الطرقات مسرعين يطارد أحدهم الآخر ويجبرون السيارات على التوقف عنوة ، صوت المنبهات كان بمثابة نشاز وفاصل مقيت يحرمهم فرحتهم ويقتص منها .
أحلام الطفولة البريئة ترافقهم وهم عائدون إلى منازلهم ، دخان سيارة كثيف و أسود شكل غيمة أخفت مجموعة تلاميذ بأكملها ، سرعان ما انقشع وظهرت ملامح حقيبة كبيرة من بعده تبدو لناظرها من بعيد وكأنها لرائد فضاء أو كشاف ينوي الذهاب إلى التخييم في أحد الجبال البعيدة .
زاد كبير من الكتب أثقل خطى أغلبهم وقرب جدار غطته «أفيشات» الأفلام و الحفلات استراح تلميذان يخطان بعض العبارات ويدونان بعض ما يجول برأسيهما.
كنا نقطع شارع «مرسيليا» عندما لمحنا ابتدائية المكان فقررنا الدخول من أجل التقاط صورة ولكن عبثا حاولنا .
لم نجد غير سراب متراقص مثل أفعى مجلجلة يطغى على الساحة ورجع صدى مخيف ومنفر لقطرات ماء تصطدم بالأرض رويدا. وكأن المكان يدعونا إلى الرحيل ويقول لنا : لقد امتزجت قفرا وفقرا فلا داعي للوقوف .
غادرنا مسرعين صوب البطحاء من جهة شارع «روما»، وكلما اقتربنا أكثر اعترضنا صوت هتاف مدو قوي :جمع كبير من المعلمين يصرخون صرخة رجل واحد، جدران المكان تهتز على وقع أصواتهم الشبيهة بزئير الأسود.
حبيبات عرق تتصبب من وجوهم، ولافتات ملونة عديدة تحملها أياديهم، حوارات ثنائية و جماعية شكلت ضوضاء تقاطعت مع صوت الحناجر الهاتفة : «لا دراسة لا معلومة حتى ترضخ الحكومة، التصعيد التصعيد الإضراب من جديد... ».
أمراض وتاريخ نضالي
تسللنا حذو ثلاث معلمات نسترق السمع إلى موضوع الحديث وننتظر فرصة ملائمة للدخول في الموضوع، التفتت إحداهن تنظر إلينا نظرة غريبة فبادرناها بالسؤال عن الغاية من هذه الإضرابات المتكررة ، آمال شقرون مدرّسة بابتدائية « السمران» تزاول مهنة التعليم منذ ثلاثة عقود كاملة ، تحدثت بغضب و إصرار كبيرين عن « مهنة نبيلة تعاني الأمرين بسبب تردي البنية التحتية للقاعات التي تقطر ماء كل شتاء و تمتلئ بشظايا بلور الشبابيك و الأبواب المترهلة» .
انتقدت آمال البرامج الرسمية التي يتلقاها التلاميذ والتي لا تتلاءم مع واقعهم حسب تعبيرها ، واعتبرت أن إضراب المعلمين يتنزل في إطار جملة من المطالب المعقولة والتي تتمحور أساسا حول تغيير المنظومة التربوية بأكملها و توفير الإحاطة للتلاميذ وإعادة توزيع الزمن المدرسي و تمتيع المربين بحصص رسكلة وتكوين جديدة .
أما كلثوم صفر معلمة تزاول المهنة منذ 32 سنة وتدّرس بابتدائية « السمران» ، فقد عرجت على التاريخ النضالي لنقابة التعليم الأساسي و المعلمين في العهد القديم وقالت « الظروف حكمت علينا ، وزارة التربية تراجعت في عدد من المطالب مثل(الارتقاء الآلي... ) التي وافقت عليها في الجلسات التفاوضية مع نقابتنا ونحن لن نسلّم في أبسط حقوقنا ، لقد أصبنا بأمراض مزمنة جراء هذه المهنة، منا من قضى نحبه قبل أن يتقاعد بسببها وقد انهارت قدرتنا الشرائية و لم نعد نقوى على مجابهة غلاء المعيشة و ارتفاع المصاريف اليومية ، كفانا شيطنة للمعلمين وتحريضا عليهم».
حملة مأجورة
ويرى طارق الخوفي معلم شاب يزاول التدريس منذ سنة 2006 بمدرسة الحنايا (صنهاجة وادي الليل ) أن وزارة التربية تعتبر المعلمين مجرد أعوان تنفيذ لسياسات فوقية مسقطة حيث «لم يقع تشريكهم في إصلاح المنظومة التربوية ، وفي ظل التضحيات الجسام التي قدموها لم تتوان الوزارة عن شيطنة إضرابنا ، مطالبنا مهنية وليست مادية بالأساس فنحن لم نطالب بأية زيادة منذ 14 جانفي وتفهمنا ظروف الحكومات المتعاقبة في تلك الفترة العصيبة و العسيرة ولكن طفح الكيل وفاض الكأس أمام كل هذه الشتائم التي تكال لنا مجانا ودون موجب يذكر» .
وطالب طارق وزارة التربية بتفعيل الاتفاقيات المبرمة مع الطرف النقابي مثل تنظير أساتذة المدارس الابتدائية بزملائهم في الثانوي ، و مراجعة بعض المنح على غرار منحة العودة المدرسية وإدماج نسبة من المعلمين النواب وانتدابهم انتدابا مباشرا مؤكدا أن المربين مستعدون للتصعيد وصولا إلى الإضراب الإداري ومقاطعة الامتحانات .
واستغرب طارق من تصريح رئيس الجمهورية الذي قال أمس «إنه لم يستسغ إضراب المعلمين» مؤكدا أنه « لم يستسغ عدم استساغة الرئيس إضراب المعلمين الذي يتزامن مع إضراب القضاة وعدد من القطاعات الأخرى» وفق تعبيره .
وغير بعيد عن طارق وقف إيهاب الحاجي معلم منذ 11 سنة وعضو النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي بالمحمدية ، إيهاب يعتقد أن هناك حملة مأجورة تقودها أطراف سياسية و إعلامية معروفة ضد المعلم، وطالب إيهاب الإعلاميين الشرفاء و المناضلين بعدم الانخراط في هذه الحملة القذرة على حد تعبيره ، وردا على سؤال حول صمت المعلمين طيلة الفترة الماضية و تحركهم بعد تحرك الأساتذة قال إن ذلك لا يعد صمتا بل وطنية و لا يمكن لأحد أن يزايد على المعلمين في وطنيتهم وحبهم لكل شبر من تراب تونس الخضراء ، داعيا الأولياء إلى مساندة المربين الذين هم في نهاية الأمر أولياء ومواطنون مثلهم .
إضراب في غير وقته
«تعاركوا الكبار جات في روس الصغار» هكذا استهلت سميرة ماضي -البالغة من العمر 35 سنة- ولية كانت تصطحب ابنها في طريق العودة إلى البيت حديثها إلينا ، وانتقدت سميرة إضراب المعلمين قائلة «أولادنا لم يدرسوا خلال هذه السنة الدراسية التي كانت بامتياز سنة الإضرابات المنعكسة سلبيا على مردودهم « .و تساءلت : متى يكف المعلمون عن إقحام أبنائنا في معركة لا ناقة لهم فيها ولاجمل ، إنهم لن يكونوا حتما شماعات يركب المعلمون على ظهورها ويعلقون عليها أخطاءهم ، و هم ليسوا ورقة ضغط يستعملونها متى أرادوا ، أبناؤنا وقود لمطلبية المعلمين المفرطة .
«موش معقول» ذاك هو رأي فهيمة الخميري ولية ، في إضراب مدرّسي المرحلة الأولى من التعليم الأساسي وقالت فهيمة إن الثورة نادت بالمساواة و المعلمون يتمتعون بدخل وأجر شهري محترم لذلك يجب ألا يفكروا في أنفسهم فقط بل في مئات آلاف المعطلين عن العمل الذين لم يحصلوا على شغل .
وختمت حديثها « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، يجب تغيير عقلية المنفعة و المطلبية المفرطة ومراعاة مصلحة مختلف الأطراف وأولها التلاميذ الذين يستعدون لتوديع سنة دراسية و استقبال أخرى جديدة».
و يذكر أن النسبة العامة للإضراب تجاوزت في اليوم الأول 96 بالمائة وفق ما أعلنت عنه النقابة العامة للتعليم الأساسي.
غازي الدريدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.