التونسية (تونس) عاشت تونس الأسبوع المنقضي أحداثا ساخنة مثّل بعضها مفاجآت للمواطن ودفعه لطرح عدة تساؤلات أمام تتالي هذه الأحداث وغموضها, كما بثت حالة من الإرباك والخوف في الشارع التونسي من عودة شبح الاغتيالات وما يعنيه ذلك من ترهيب وزعزعة للأمن التونسي. واذا كان بعض هذه الأحداث يدخل في خانة «لعب الكبار» مثلما كان الشأن مع فيديو معز بن غربية ومحاولة اغتيال رضا شرف الدين فإن بعضها الآخر لم يخرج عن خانة الحدث المثير مثلما هو الشأن لجريمتي صفاقس وبوحجلة فيما يمكن تصنيف حدث وحيد في خانة «نهاية سعيدة» وهو الذي تعلق بحصول رباعي الحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام. بداية الأسبوع كانت بالفيديو الصادم لمعز بن غربية الذي حبس أنفاس التونسيين وانتشر كسريان النار في الهشيم وتداولته الصحافة التونسية المسموعة والمرئية والمكتوبة والالكترونية بمختلف الأوجه وعلّق عليه مستعملوا شبكات التواصل الاجتماعي والسياسيون وأيضا عدد من المختصين بتعاليق متنوعة وصلت حد التضارب أحيانا بعدما هدّد معز بن غربية من خلال الفيديو بالكشف عن قتلة الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وكذلك طارق المكي والمحامي فوزي بن مراد وسقراط الشارني مشيرا إلى انه فرّ إلى سويسرا بحثا عن الحماية. كلام أسال الكثير من الحبر وأثار الكثير من الجدل أيضا بخصوص مدى صحته حيث طالبت كل من مباركة البراهمي وبسمة الخلفاوي الإعلامي معز بن غربية بالإفصاح عن المعلومات التي لديه ,في ما تحدث آخرون عن رغبته في أن يجلب الانتباه لا غير, بينما اجمع آخرون على ضرورة توفير الحماية له وشكّك شق آخر في حالته النفسية . قراءات مختلفة ولكل حججه في الدفاع عن موقفه المساند أو المعارض لما جاء في الفيديو الذي صنع الحدث الأسبوع المنقضي. يومان بعد الفيديو وبتاريخ 8 أكتوبر تعرض نائب حركة «نداء تونس» في مجلس الشعب ورئيس جمعية النجم الرياضي الساحلي رضا شرف الدين لمحاولة اغتيال بالرصاص استهدفته في سوسة أثناء توجهه بسيارته لمصنعه بالمنطقة. الحادثة عزّزت لدى كثيرين وجود أطراف تسعى الى زعزعة امن تونس واستقرارها وأكدت صحة تصريحات بن غربية لديهم في ما ذهبت تحاليل أخرى إلى أن الحادثة هي محاولة لتهديد بن غربية لإجباره على الصمت من خلال محاولة اغتيال أحد المساهمين في قناة «التاسعة» وهو رضا شرف الدين الذي نفى في وقت لاحق مساهمته في القناة . آخرون اجمعوا من جهتهم على استهداف منطقة سياحية هامة بالبلاد ألا وهي سوسة في مناسبتين: حادثة نزل امبريال وحادثة محاولة اغتيال النائب ورئيس النجم الرياضي الساحلي رضا شرف الدين . في المقابل تساءل العديد من التونسيين: هل هذا إرهاب أم ألعاب مافيا السياسة والمال التي تحدث عنها بن غربية أم هل هو بالون اختبار لسيناريو يتم التفكير فيه؟ الجدير بالذكر هنا أن معز بن غربية وبعد أن أكد عودته إلى تونس اليوم قرّر حسب آخر الأخبار (انظر ص 3) تأجيل عودته، في ما قالت الداخلية انها في انتظاره لتقديم المعلومات التي بحوزته بعد أن تمّ فتح تحقيق في الغرض بخصوص التصريحات التي كان قدمها. الأسبوع المجنون شهد كذلك جريمتي قتل فظيعتين: الأولى بصفاقس وتمثلت في إقدام رجل على ذبح زوجته بآلة حادة والتنكيل بجثتها وقد علّق الكثيرون على الجريمة واستنكرها عامة التونسيين وتداولتها أيضا وسائل الإعلام خاصة أن الجريمة تمت في الطريق العام . ولم يكد التونسيون يستفيقون من صدمة جريمة صفاقس حتى تعالت الأصوات مندّدة بوفاة شاب في ظروف غامضة بالعاصمة وذلك بعد إيقافه من أجل قضية تتعلق بالمخدرات. وقد نشبت يوم الأربعاء 7 أكتوبر مواجهات بين محتجين و قوات الأمن بجهة الوردية اثر تشييع جنازة الهالك إلى مثواه الأخير حيث عمد محتجون إلى غلق الطريق وإضرام النار في العجلات المطاطية مما جعل الأمن يتدخل لتفريقهم. وبينما كان التونسيون يضعون آخر الاحتمالات بخلفيات وتداعيات فيديو بن غربية وحادثة سوسة صدموا بفيديو جديد يوثق حادثة «بوعزيزي صفاقس» الذي أقدم على اضرام النار في جسده على مرأى ومسمع من الجميع بعد أن تم القبض عليه في وقت سابق على متن أحد القطارات واحتجاز كمية كبيرة من السجائر كانت بحوزته آنذاك. لكن الأسبوع المنقضي لم يمر دون تسجيل نقطة مضيئة في سماء تونس كانت منح لجنة نوبل النرويجية جائزة نوبل للسلام لعام 2015 للرباعي الراعي للحوار وهي المنظمات الأربع التي قامت بالوساطة في الحوار الوطني تقديرا لمساهمتها الفاعلة والحاسمة في بناء ديمقراطية متعددة بعد الثورة. فرحة عارمة و اعتزاز كبير غمرا قلوب التونسيين خاصة ان الجائزة جعلت تونس محط أنظار العالم من جديد بعد اجتيازها الانتخابات الأخيرة بنجاح وتحدث كل وسائل الإعلام العربية والعالمية عن ذلك . تونس تخلق الحدث من جديد وتسلط الأضواء عليها بعد أن أثبتت أنها فعلا بلد حوار وديمقراطية. تونس تحدث عنها الرئيس الأمريكي اوباما باحترام وقال إن «الجائزة هي بمثابة تكريم لشجاعة الشعب التونسي»، في ما ثمّن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تتويجها مؤكدا «أن التجربة التونسية هي التجربة الوحيدة الناجحة في ما يعرف بالربيع العربي» داعيا كل الدول العربية للنسج على منوالها.