أثارت حادثة اغتيال نجيب القاسمي راعي الأغنام بالقصرين منذ أيام جدلا اجتماعيا لافتا خاصة أن الجماعات الإرهابية بارتكابها لهذه الجريمة وجّهت رسالة مشفرة بالدم إلى كل مواطن تسوّل له نفسه التعامل مع الوحدات الأمنية والعسكرية أو الإبلاغ عن تحركاتها الإجرامية ضد أمن تونس وشعبها.و لعل السؤال المطروح بشدة هو هل أن تونس وباغتيال راعي الأغنام قد دخلت في مرحلة الإرهاب الأسود والأعمى الذي يستهدف المواطنين على غرار ما وقع خلال العشرية السوداء في الجزائر الشقيقة حين ضرب الإرهاب البشر والحجر دون استثناء؟ وهو سؤال يفضي إلى سؤال أهمّ هو: متى يتم «تحرير» المناطق التونسيةالمحتلة من الجماعات الإرهابية المتطرفة؟ وفي هذا الإطار، قالت الخبيرة الأمنية والعسكرية بدرة قعلول أمس ل«التونسية» إن الجماعات الإرهابية أعلنت باغتيال الراعي نجيب القاسمي ما سمّته ب«حملة اصطياد الجواسيس» (طبعا جواسيس في مفهوم الإرهابيين) أي كلّ من يتعامل مع «أهل الردّة» أو مع «جند الطاغوت» وفق تعبير وأدبيات هذه الجماعات. وأوضحت قعلول أن مرحلة استهداف المواطن لم تبدأ بعد رغم أنها قريبة، مبينة أن الإرهاب في تونس دخل طور تصفية المخبّرين أو المتعاملين مع الوحدات الأمنية والعسكرية حتى وإن كانوا مواطنين عاديين لأن دماء هؤلاء تصبح مستباحة بالنسبة للإرهابيين في هذه الحالة. رسالة لترهيب المواطن و أكدت بدرة قعلول أن تصفية القاسمي هي أيضا رسالة ترهيب لكل مواطن يتعاون مع الجيش والأمن ضد الإرهابيين لإفشال تحركاتهم وعملياتهم. ولاحظت أن عديد العمليات الإرهابية أحبطت وأنّ عدة خلايا إرهابية نائمة فككت بفضل تعاون المواطنين مع الوحدات الأمنية، مشددة على ضرورة أن تؤمّن المؤسسة الأمنية حياة مخبريها مثلما سبق أن وعدت بذلك وأن تكون أكثر جدية في التعامل مع ملف الإرهاب عموما. و تساءلت قعلول عن الطريقة التي اتبعها الإرهابيون لكشف تعامل الراعي مع الوحدات العسكرية إذا لم توجد اختراقات في هذا الخصوص سواء من الجهات الأمنية أو من المهربين أو غيرهم، وفق كلامها. مرحلة الإرهاب الأسود تقترب وعبّرت قعلول عن اعتقادها بأنّ مرحلة الإرهاب الأسود في تونس تقترب لأن الإرهابيين يعرفون جيدا المواطنين الذين يتعاونون مع الأمن ضدهم وأن المواطن التونسي أصبح اليوم تحت مجهر هذه الجماعات. وأضافت أن أسئلة كثيرة تطرح حول اغتيال الراعي الشهيد في القصرين وخاصة كيف وصل الإرهابيون إلى مكان الجريمة الذي يعتبر منطقة عسكرية مغلقة؟. واعتبرت في الأثناء أن الإرهاب ربما وصل مرحلة الإنغماس بمعنى الإنغماس داخل أحياء سكنية لاستقطاب المواطنين لمبايعتهم، ليقتلوا في ما بعد من خرج منهم عن طاعتهم، ثم يتم استخدامهم كدروع بشرية في حال وجود تهديد أمني ضد هذه الجماعات. مافيا السياسة والتهريب وراء الإرهاب و شددت على أن الإرهاب لا يسكن الجبال مثلما يتم تداوله بل هو يتخذها أوكارا للتدرب أو الإجتماعات أو لتخبئة الأسلحة وتحضير العمليات. وأعقبت بأن الجماعات الإرهابية لا تسكن الجبال بل تسكن بيننا وأنّ عناصرها يعرفون كل المسالك ولديهم علاقات وطيدة بالمهربين، وأنهم لذلك يتحركون ويتنقلون بحرية من وإلى الجبال، مستطردة أن الحاضنة الإجتماعية التي تؤوي الإرهابيين وتتستر عليهم موجودة.