13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    سوسة: الاطاحة بمنحرف خطير من أجل ترويج المخدرات    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    600 سائح يزورون تطاوين في ال24 ساعة الأخيرة    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    متابعة/ فاجعة البحارة في المهدية: تفاصيل جديدة وهذا ما كشفه أول الواصلين الى مكان الحادثة..    الإعداد لتركيز مكتب المجلس العربي للاختصاصات الصحّية بتونس، محور اجتماع بوزارة الصحة    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمّد الحامدي ل «التونسية»:«نداء تونس» أصبح عبئا على البلاد
نشر في التونسية يوم 12 - 11 - 2015


وراء «اللّخمي» صراع على المساجد
«الترويكا» عطّلت العدالة الانتقالية والسلطة الحالية تريد دفنها
لا معنى لنظام برلماني في غياب معارضة قوية
نحن أمام شبه «حكومة رجال أعمال»
مافيات الارهاب والتهريب تهدّد ديمقراطية الدولة
حوار: أسماء وهاجر
ماذا بعد تجربة الانتقال الديمقراطي التي خاضتها بلادنا بأقل خسائر ممكنة؟ هل نجحت حكومة الائتلاف في بعث الروح في الاقتصاد؟ هل تم التصدي للارهاب الديني وما حقيقة ائتلاف المال والاعمال والإعلام ؟وأي مصير ينتظر العملية الديمقراطية برمتها في تونس في ظل كل ذلك؟ ما هي خفايا التعامل مع بنك لازارد؟ هذه الاسئلة وغيرها كانت محور حوار «التونسية» مع محمد الحامدي الامين العام ل «التحالف الديمقراطي» الذي أكد أن بعض اعضاء الحكومة الحالية تذكّر بمصطفى خزندار ومصطفى بن اسماعيل ونسيم شمامة.
كنت أحد المدعوين لحفل تكريم الرباعي الفائز على جائزة نوبل.. هناك من يقول ان منح هذه الجائزة لتونس جاء لحثها على حسن تنفيذ املاءات خارجية؟
هذه مبالغة لأن المؤسسة المانحة هي مؤسسة اكاديمية وتنتمي لجهات سويدية غير مرتبطة بتوجهات سياسية أو بمنظمات اقليمية وبالتالي يصعب اعتبارها نوعا من الرشوة .وباختصار هم يريدون تشجيع التجربة التونسية لأنها الاستثناء في تجارب «الربيع العربي» فقد خاضت الانتقال الديمقراطي بالحد الادنى من الاضرار مقارنة بسوريا وليبيا ومصر ولهذا تظهر تونس استثناء. فالهيئات الاكاديمية والسياسية تنظر بإعجاب للتجربة التونسية وجائزة نوبل تشجيع وهذا المعنى الاقرب.
فإنقاذ بلد من الحرب الاهلية ليس بالأمر الهيّن وفي صائفة 2013 كان البلد على شفا الاقتتال لذلك لنا أن نفتخر بجائزة نوبل ولنا أن نفتخر أننا حصّنا تجربتنا الانتقالية من الوقوع في مخاطر العنف والاقتتال ونحن في «التحالف الديمقراطي» نعتبر انه من حقنا أن نفتخر لأن المبادرة التي مثلت الحل برعاية الرباعي الراعي كانت في الحقيقة مبادرة «التحالف الديمقراطي». نحن في 25 جويلية يوم اغتيال البراهمي أطلقنا مبادرة «التحالف الديمقراطي» لتصحيح المسار الديمقراطي وحقن دماء التونسيين. مضمون المبادرة هو استقالة الحكومة وتكوين حكومة كفاءات وضبط روزنامة للمجلس التأسيسي لإنهاء كتابة الدستور .في ذلك الوقت هوجمت هذه المبادرة من قبل «الترويكا» التي رأت فيها محاولة انقلاب على الحكم ولكنها هوجمت في نفس الوقت من قبل «جبهة الانقاذ» باعتبارها لم تطالب بحل المجلس التأسيسي لكن هذه المبادرة مثّلت الحل وهي مضمون خارطة الطريق التي رعاها الرباعي الراعي للحوار. في نهاية الامر جائزة نوبل هي تكريم لا فقط للرباعي الراعي للحوار وانما للنخبة السياسية الناضجة التي تمكنت من تجاوز صراعاتها بشكل إيجابي وهي تكريم لأصوات العقل والاعتدال في هذه النخبة السياسية والتي كان من اهمها صوت «التحالف الديمقراطي».
يبقى ان ما انجزناه على أهميته غير مكتمل وغير مستقر وغير محصّن بما يكفي امام مخاطر الارتداد عليه لسببين: أوّلا بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة وثانيا بسبب التوجه اللاديمقراطي لدى الفريق الحاكم ورغبته في الالتفاف على المكاسب السياسية للثورة .
قيل إن المصافحات خلال حفل تكريم الحائزين على جائزة نوبل لم تخل من برودة تخفي تنافرا بين بعض الأطراف داخل الرباعي؟
هناك خلاف حقيقي بين اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة . في اعتقادي مطالب اتحاد الشغل مطالب مشروعة جدا ومن حقه ان يدافع عن منظوريه من الفئات الضعيفة والمتوسطة وان يسعى لتحسين قدرتها الشرائية او على الأقل ايقاف تدهورها خاصة في ظل ما نلاحظه من انحياز الرباعي الحاكم للوبيات ومجموعات المتنفذين حيث تكاد تصبح هذه الحكومة حكومة رجال أعمال . واذا تجاوزنا الصراع القطاعي بين اتحاد الشغل ومنظمة الاعراف وركزنا على المشروع الوطني فالمطلوب حقيقة بعد الثورة هو القطع مع ممارسات سادت لعقود ولم تنتج الا التهميش والتفاوت الطبقي والجهوي لنكرس فعلا منطق العدالة الاجتماعية اي خلط الثروة وتوزيعها بعدل بين الفئات والجهات حيث ان الديمقراطية السياسية رغم اهميتها تبقى شكلية وفارغة اذا لم تقدر على حل معضلة البطالة والفقر والتهميش ولم ترفع مستوى معيشة المواطنين .
تحلمون بتكوين جبهة ديمقراطية اجتماعية قوية والحال أن حرب الزعامة بين بن جعفر والشابي تقف عائقا أمام ذلك؟
يرى التحالف الديمقراطي بعد تقييم نتائج الانتخابات أنّنا انتهينا الى تشرذم العائلة الديمقراطية الاجتماعية وبقائها رهينة الحسابات السياسية واجندات زعمائها وهو ما جعلها غير قادرة على نيل ثقة المواطنين وغير قادرة على كسر الاستقطاب الثنائي المغشوش الذي فرضته «النهضة» و«النداء». هذا الاستخلاص هو الذي دعانا الى التفكير في ضرورة تجاوز هذه الكيانات الجزئية والدفع في اتجاه خلق كيان سياسي موحد يعبر فعلا عن العائلة الديمقراطية الاجتماعية ويقدر على تحقيق التوازن السياسي ويعيد الامل في شعارات الثورة وتطلعات الشباب لذلك نحن لا ندعو الى جبهة وانما ندعو الى ما أرقى منها أي الى اجتماع الاحزاب والشخصيات الوطنية المؤمنة بتونس الجديدة لخلق اداة سياسية تحدث التوازن في مواجهة القوى التقليدية الدساترة والاسلاميين وتوابعهما .
أما في ما يخصّ الزعامات فأعتقد أنه على الباحثين عنها ان يتواضعوا ويتعظوا بدرس من الانتخابات. فالمهم هو بناء القوة السياسية والتنظيمية الصلبة والمنتشرة وهذه القوة قادرة في الاثناء على خلق وافراز زعاماتها خاصة ونحن نقرّ بأن الثورة ثورة شباب ولذلك في تقديري لا يمكن القبول بأن تصبح اجندات الزعماء عائقا امام مشروع او امام بناء مشروع وطني ديمقراطي حقيقي.
في إحدى تدويناتك ذكرت أن ربط مصير تونس بتصدع «نداء تونس» هو عملية تحيل ثانية،كيف ذلك؟
عملية التحيل الاولى إذا جاز استعمال هذه العبارة هي التعويل على «نداء تونس» لتحقيق التوازن في مواجهة «النهضة»، هذه العملية اتضح زيفها حين تحالف «النداء» و«النهضة» في نفس الفريق الحاكم وحين تبين انهما يشتركان في نفس التوجهات الاقتصادية والاجتماعية وفي عدم الرغبة في القطع مع المنوال الفاسد الذي ارساه نظام بن علي.«نداء تونس» لم يحقق التوازن ولم ينقذ البلد كما كان يزعم بل اصبح عبئا على البلد بمشاكله الخاصة لذلك فإثارة الهلع لدى التونسيين بأن انهيار «نداء تونس» هو انهيار التوازن هو عملية تحيل ثانية فالتوازن غير موجود ببقاء «نداء تونس» او بانهياره .لقد علقت سابقا على الموضوع بقولي ان «نداء تونس» استجابة مغشوشة لحاجة حقيقية ..... ظهر الغش ولازالت الحاجة قائمة وملحة. بمعنى ان حاجة تونس للتوازن السياسي ملحة ولكن القوة القادرة على تحقيق التوازن هي خارج «نداء تونس» وخارج الفريق الحاكم وخارج البرلمان الحاكم .القوة التي ستخلق التوازن لم تظهر بعد وهي القوة الديمقراطية الاجتماعية التي نطمع لتأسيسها والمعبّر عن تونس الجديدة .
يقال إن تركة «الترويكا» ثقيلة وأنه يمكن تحميل «النداء» مسؤولية كل خور. هل تشاطر هذا الرأي؟
على من يمسك بزمام الحكم ويدّعي انه حزب كفاءات وبرامج أن يعي ثقل المسؤولية وصعوبتها بما في ذلك تركة «الترويكا» وتأثير الظرف الدولي علما ان المكون الاساسي ل«الترويكا» وهو «النهضة» شريكهم الآن في الحكم .في اعتقادي ان «نداء تونس» كان جاهزا بحكم الماكينة الانتخابية والاذرع الاعلامية ودوائر المال التي ساندته للوصول الى السلطة ولكن بلا مضمون سياسي وبلا برامج وكان سعيه للوصول الى السلطة غاية في حد ذاتها .
ولكن ليس «النداء» وحده صاحب القرار بل للمؤسسات المالية نصيب الاسد في تحديد عديد الخيارات. لماذا يتم تجاهل هذه الحقائق؟
هنا يجب كشف اسطورة الاملاءات الخارجية. فما يجعلنا عرضة لهذه الاملاءات هو لجوؤنا للحل السهل والمسموم وهو الارتهان للمديونية الخارجية دون السعي الى انجاز الاصلاحات الحقيقية القادرة على تعبئة موارد البلاد .فالمديونية الخارجية بالشكل الذي نراه ليست قضاء وقدرا اذ يمكن اعتماد الكثير من الاجراءات لتحسين موازناتنا المالية مثال ترشيد التداين وترشيد التوريد والاصلاح الجبائي وإصلاح الادارة وبإمكان اجراءات مماثلة إنعاش اقتصادنا دون الارتهان للاجنبي .المشكل هو أنه ليس لدى الفريق الحاكم الرغبة ولا القدرة على الاصلاح وهو يتمادى في سياسة الهروب الى الامام الى حد يوشك فيه اقتصادنا على الانهيار وبلدنا على الافلاس .
سبق لك أن صرّحت بأن «نداء تونس» سيتصدع عاجلا أم آجلا لأن العوامل التي وحدت مكوناته وكانت سبب فوزه تتعرض يوميا للاهتراء. هل توقعت ذلك بالقياس لما وقع لاحزاب أخرى عندما تحالفت مع «النهضة» أم هي قراءة أخرى؟
الامر لا يتعلق بلعنة بل بقراءة موضوعية لأسباب نشأة وفوز «نداء تونس» في الانتخابات. أهم هذه العوامل مناهضة «النهضة» وشخصية الباجي قائد السبسي ونقطة ثالثة هي الغنيمة بمعنى المصالح. بالنسبة للعامل الاول في ظل تغول «النهضة» شعر الكثير من التونسيين بضرورة وجود قوة تحقق الردع والتوازن ولم تكن الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية قادرة على تحقيق ذلك كما لعبت شخصية الباجي قائد السبسي دورا مهما في تجميع هذه القوى ووجدت كثير من المجموعات من اصحاب المصالح ضالتها في هذا الحزب الذي عول بشكل لافت على الشبكات القديمة شبكة «التجمع» ولوبيات المال والاعمال. كل هذه العوامل هي الآن بصدد الاهتراء اذ اتضح ان من كان يناهض «النهضة» اصبح حليفها كما ان الشخصية القادرة على التجميع وهي الباجي قائد السبسي ابتعدت عن التسيير اليومي للحزب بحكم منصب الرئاسة. فلم تبق الا المصالح التي اصبحت بدورها تتناقص بحكم الفشل في ادارة الحكم والوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب للبلاد .بحيث لم تعد هناك غنائم توزع بل يكاد الامر يتعلّق بتوزيع الفشل .فهذا الحزب الذي بني بلا مشروع سياسي حقيقي في تقديري سيتفكك عاجلا أم اجلا .
وهل سيؤثر هذا التحالف على حزب «النهضة» مستقبلا ؟
حركة «النهضة» تبدو أكثر تماسك لأنها أقرب الى الجماعة أو الطائفة secte بالفرنسية منها الى الحزب السياسي العصري ولكنها تعاني هي الأخرى من اشكالات حقيقية سواء في ما يتعلق بتبرير تحالفها مع «نداء تونس» أمام قواعدها الذين وقعت تعبئتهم على معاداة المنظومة القديمة وشيطنة هذا الحزب أو في ما يتعلق بصعوبة الانتقال من العمل الدعوي الديني الى العمل السياسي وقد يكون مؤتمرها القادم إمّا فرصة لحلّ هذه المعضلات أو مناسبة لتصدّعها .
بعض المحللين السياسيين يعتبرون أن اكبر علة اليوم هي النظام البرلماني الذي تم اقراره بالدستور؟
في النظام البرلماني شيء من عدم الاستقرار ولكن المشهد السياسي التونسي في عمومه غير مستقر بحكم عدم وجود تقاليد في العمل الديمقراطي. المشكل المطروح حاليا هو ان النظام البرلماني لا يكون فعالا حقيقة الا بوجود معارضة برلمانية قوية وهو أمر منعدم في برلماننا الحالي حيث يتمتع الائتلاف الحاكم بقاعدة برلمانية عريضة وليس للمعارضة الا وجود جزئي مشتت مما يجعل البرلمان اشبه ما يكون بغرفة تسجيل ما تريد الحكومة. فضعف المعارضة هو الذي افرغ النظام البرلماني من معناه.
طلبت من بعض اعضاء الحكومة أن يبحث عن اصله في مصطفى خزندار ومصطفى بن اسماعيل، هل هي إشارة إلى عدم نزاهة البعض أم تلميح لما سماه البعض برهن للسيادة الوطنية؟
هذا التعليق يأتي في اطار التنديد وادانة التوجهات اللامسؤولة لبعض مكونات الحكومة في اتجاه رهن المرافق العمومية كمسألة البيع المؤجر بملعب رادس أو الصكوك الاسلامية وانتهاك البعض الآخر للسيادة الوطنية باللجوء الى بنوك اجنبية لصياغة الميزانية وهي شأن سيادي. هذه الممارسات تذكرنا بوقائع سبقت انتصاب الحماية الفرنسية حينما رُهن هنشير النفيضة وأخضعت البلاد لما سمي «الكوميسيون المالي» وكان ذلك مقدمة للاستعمار المباشر فاعتبرت ان هؤلاء الباحثين عن اصولهم في الثعالبي وبورقيبة هم في الحقيقة اقرب الى مصطفى خزندار ومصطفى بن اسماعيل ونسيم شمامة وغيرهم ممن فرطوا في سيادة الوطن .
اعتبرتم مشروع المصالحة الاقتصادية «مشروع تبييض للفساد» وتغافلتم عن قائمة رجال الأعمال التي انخفضت ووصلت إلى حد 100 فقط وعن تسويات مرت أمام اعينكم أيام «الترويكا». لماذا تجاهلتم هذه النقطة؟
مشروع المصالحة الاقتصادية هو تبييض للفساد والفاسدين وهو يتعارض مع الدستور وينقلب على مسار العدالة الانتقالية ويعطل امكانية المحاسبة واصلاح المؤسسات علما ان مشروع العدالة الانتقالية يشمل الفساد الذي مورس ايام «الترويكا» اذ انه يمتد طيلة الفترة الممتدة من سنة 1955الى آخر سنة 2013.لقد سبق لنا ان حمّلنا «الترويكا» وخاصة حركة «النهضة» مسؤولية تعطيل العدالة الانتقالية ونحن الآن نتهم الرباعي الحاكم وخاصة مبادرة رئيس الجمهورية بمحاولة الانقلاب على هذا المسار. فإذا كانت «الترويكا» قد عطلت ملف العدالة الانتقالية فإن السلطة الحالية تريد دفنه نهائيا .ان تصرف «الترويكا» والرباعي الحاكم الآن يحتكم لنفس المنطق وهو ابتزاز الفاسدين وعقد صفقات معهم في الغرف المغلقة وحرمان التونسيين من معرفة الحقيقة وتعرية الفساد واعادة بناء مؤسساتهم على اسس متينة وهذا واضح في ما سمي بقانون المصالحة حيث ان لجنة المصالحة المقترحة خاضعة تماما للسلطة التنفيذية واعمالها محكومة بالسرية التامة .فالسلطة الحاكمة تريد التفرّد به وتسويته وفق مصالحها لذلك اطلقنا على هذا القانون «قانون تبييض الفساد» وهو نفس التقييم الذي ذهبت اليه لجنة البندقية رغم حملات المغالطة التي شنها السياسيون والاعلاميون القريبون من رئاسة الجمهورية والرباعي الحاكم.
ما رأيك في الانتقادات الموجهة لرئيسة «هيئة الحقيقة والكرامة» وفي نظركم هل هذه الهيئة قادرة على القيام بما هو موكول لها ؟
من حق الجميع انتقاد «هيئة الحقيقة والكرامة» ومطالبتها بالنجاعة وبتسريع الاجراءات كما من حق التونسيين ان يعلموا ان مسار العدالة الانتقالية لا يختزل في هيئة الحقيقة والكرامة بل يتضمن ايضا لجنة المصادرة ولجنة مقاومة الفساد وهو ملف وطني لكل قوى المجتمع المدني ان تتدخل فيه لكن هناك أطرافا تستغل اخفاقات هذه الهيئة وأداء بعض مكوناتها لا سيما رئيستها للانقلاب على المسار برمته ونحن اذ نتفهم كل انتقاد بغاية تطوير الاداء فإننا لا ننخرط بالمرة في محاولات الانقلاب على مسار العدالة الانتقالية وهو من آخر العناوين الرمزية للثورة.
الى أي مدى يمكن أن نعتبر أنّ احداث جامع اللخمي تخفي نوايا البعض لأخونة المجتمع كخطوة نحو الانحراف واقعيا بمدنية الدولة ؟
واقعيا انا في اعتقادي الشأن الديني شأن اجتماعي بالدستور .هو مرفق رمزي عام بعيد عن التوظيفات الحزبية لكن ما نراه هو صراع بين «النهضة» و«النداء» على تحزيب المساجد استعدادا للانتخابات .يعني حركة «النهضة» لم تعترض على أي شيء من سلوك الحكومة... لم تعترض على مشروع المصالحة ولا على قانون المجلس الاعلى للقضاء وغيرهما وانتفضت من اجل اقالة الجوادي وهذا يكشف عن نية توظيف المساجد في الصراع الحزبي .و أن «النهضة» لم تحسم بعد أمر تحوّلها من حركة دعوية الى حركة سياسية بالفعل.
كيف تقيّمون قرارات وزارة الشؤون الدينية. هل صحيح أن هناك حربا على الأيمة ام تصد لمشروع ائمة التكفير والجهاد؟
المشكل في «نداء تونس» و«النهضة» ان كل منهما يحاول التفرّد بالمسألة الدينية والتصرف فيها وكأنها شأن حزبي في حين ان الشأن الديني هو شأن عام يهم كل المواطنين ويجب ان ينظم وفق رؤية وطنية ديمقراطية تشاركية .
بعض المحللين اعتبروا أن تونس تمرّ من الارهاب الديني الى الإرهاب المافيوزي، ما تعليقك؟
بالفعل في غياب استراتيجية وطنية لمقاومة الارهاب وفي غياب الاصلاحات الحقيقية تتداخل ظواهر الارهاب والتهريب والمافيات المالية بصورة تهدد اقتصاد البلاد وامنها ووحدتها.وهو ما يمكن ان يطلق عليه دون مبالغة التدخل المالي غير الشفاف والظاهرة اصبحت تخترق الاقتصاد والامن والسياسة والاعلام مما يهدد النظام الديمقراطي ككل وقد يفرغه من مضمونه لنجد انفسنا امام ديمقراطية فاسدة كالنموذج الايطالي في الثمانينات مثلا .
وتدخل المال في السياسة خطر على العملية الديمقراطية برمّتها وهي عملية يجب التصدي لها سواء من حيث التشريعات التي تنظم وتراقب تمويل الاحزاب والعملية الانتخابية أو من حيث بناء القوى السياسية التي تعيد ربط السياسة بالاخلاقيات العامة والمحاسبة والشفافية والحوكمة الرشيدة وقيمة العمل والمصلحة العليا للبلد. وهذا يتطلب جهدا حقيقيّا من كل القوى الديمقراطية الحقيقية التي تحرص ان يكون مستقبل البلد افضل من ماضيه لأن اخطر ظاهرتين افسدتا ماضينا هما الاستبداد والفساد واذا كنا خسرنا هذا الماضي فإنه علينا ان نحمي مستقبلنا .
هل يمكن الحديث عن عودة تموقع الدساترة ؟
اعتقد ان ما يسمى بالدساترة انتهوا مع نهاية النظام البورقيبي اما اذا كان المقصود الفئات التي استفادت او ارتبطت بالنظام السابق فهي موجودة فعلا من خلال عديد التعبيرات السياسية والاحزاب المسماة دستورية .وانا اعتقد ان تعبيرة الدساترة هي تعبيرة من تعبيرات الماضي أو تونس القديمة ولا اعتقد انها قادرة على التجدد او قادرة على احداث الاضافة الحقيقية لمشروع تونس المستقبلي رغم قدرة هؤلاء على رسكلة الشبكات القديمة وتجديدها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.