بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معزّ بالحاج رحومة («النهضة») ل«التونسية»: بارونات التهريب وراء الحرق والنهب
نشر في التونسية يوم 25 - 01 - 2016

الدولة باتت عاجزة عن التشغيل والحلّ في القطاع الخاص
منوال التنمية والبيروقراطية سببا البطالة
حاورته: خولة الزتايقي
معز بالحاج رحومة عضو مجلس نواب الشعب عن حركة «النهضة»، وعضو سابق بالمجلس الوطني التأسيسي انخرط بالحركة منذ بداية الثمانينات، سجن في 1987 أواخر العهد البورقيبي، وكذلك سنة 1992 عندما كان طالبا بكلية العلوم بتونس، وهو ما دفعه للدخول في الحياة المهنية مبكرا، وهو حائز على شهادة الأستاذية في الفيزياء والكيمياء من كلية العلوم، ودخل قطاع النسيج الذي يشتغل فيه منذ أكثر من 23 سنة. وهو أيضا رجل أعمال، له 3 مؤسسات صناعية تشغّل أكثر من 800 عامل وأكثر من 100 إطار فني وجامعي في ولاية نابل وشغل أيضا رئيس لجنة التشغيل والاستثمار بولاية نابل عن مجلس الجهة، ونائب رئيس لجنة التخطيط والمالية في المجلس الجهوي بنابل، وعضو لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب، ومقرر لجنة المالية بالمجلس التأسيسي سابقا، وهو ناشط سياسي اجتماعي ساهم في تأسيس العديد من الجمعيات التنموية ذات البعد الاجتماعي ورئيس الجمعية الرياضية لحمام الغزاز للكرة الطائرة وعضو في جمعية «نمى» للاستثمار وعضو في اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ونائب رئيس مجمع الطب للشغل بنابل، ومؤسس العديد من الجمعيات التي تعمل على مستوى محلي وجهوي ووطني.
في حوار «التونسية» معه تطرق ضيفنا الى الوضع الاقتصادي للبلاد، ومنوال التنمية الذي كان سببا في ارتفاع نسبة البطالة، مؤكدا على أهمية التوجه نحو بعث المشاريع الصغرى، منبها إلى أن الدولة لم تعد قادرة على التشغيل في الوظيفة العمومية.
ما هو موقفكم من الاحتجاجات التي شهدتها البلاد هذه الأيام... هل يعني ذلك أنّنا أمام بوادر ثورة أخرى؟
أنا أتفهم كثيرا هذه الاحتجاجات بصفتي رئيس لجنة التشغيل والاستثمار وقمت بالعديد من الاجتماعات مع فئات شبابية، خاصة المعطلون عن العمل في ولاية نابل ونحن نحاول في كل اجتماع أن نبعث الأمل فيهم، ونقوم بكل الجهود من أجل دعمهم ومساعدتهم، حتى يتمكنوا من بعث مشاريع صغرى... نسبة البطالة انخفضت مقارنة بسنة 2011، لأن نسبة البطالة التي ورثناها في 2011 كانت في حدود 18.9 بالمائة، وانخفضت في ظرف 3 سنوات إلى حدود 15.2 لتصل في ما بعد إلى 14.8 في أواخر سنة 2014، ولكنها عادت مجددا للارتفاع، لنعود اليوم إلى نسبة 15.2.
ما هي الأسباب التي جعلت نسبة البطالة ترتفع مجدّدا؟
من أهم الأسباب بلوغ مؤشر النمو 1 % فقط وهو ما يمثل بين 15 و20 ألف موطن شغل، هذا طبعا وفق المقاييس العالمية وسنة 2012 بلغ مؤشر النمو 3.6 %حسب ما أصدره المعهد الأعلى للإحصاء، أما حسب مقاييس بعض المؤسسات المالية العالمية فقد بلغ مؤشر النمو 4.2، سنة 2013 وبلغت نسبة النمو 2.8، ثم في سنة 2014 انخفضت نسبة النمو إلى حدود 1.8، وللأسف في سنة 2015 تم غلق مؤشر النمو في تونس ب0.5، ويمكن أن يكون حتى في حدود الصفر، وبالتالي عندما نقول صفر مؤشر نمو معناه صفر مواطن الشغل، وكما قلت سابقا 1 بالمائة يعكس ما بين 15 و20 ألف موطن شغل، وبالتالي نسبة خلق مواطن شغل انخفضت من سنة 2014 إلى سنة 2015، الحكومة الحالية والجهود المبذولة والميزانية وضعت على منطق وعلى أساس وصولنا إلى مؤشر نمو نسبته 2.5، وهو ما يخلق حوالي بين 60 و70 ألف موطن شغل جديد، لكن هذا لا يرتقي إلى استيعاب وامتصاص نسبة المتخرجين من الجامعات أصحاب الشهائد أولا، وثانيا نسبة المنقطعين عن الدراسة سواء على المستوى الثانوي أو الجامعي، باعتبار أنهما المسببان الأساسيان في تزايد البطالة، وطبعا هذا المنوال مربوط بالسياسات التربوية المعتمدة في تونس وبمنوال التعليم الفاسد، والذي بقي يعتمد وسائل وآليات على غرار منح 25 بالمائة في الباكالوريا، وتخرج جرعة كبيرة من خريجي الجامعات بنسبة فاقت العادي، وعندما نريد تصنيف الجامعة التونسية على المستوى العالمي، نجد أننا لا نتواجد حتى ضمن ال 6000 جامعة الأولى في ترتيب الجامعات العالمية، وبالتالي كانت نسبة النجاح مرتفعة، وجودة جامعاتنا مقارنة بالجامعات العالمية منخفضة، وبالتالي هناك إشكال في المنوال التربوي في جامعاتنا وفي التعليم عموما، كما أننا نشهد خللا في منوال التنمية، ذلك أنه قبل الثورة لم يتجاوز منوال التنمية 4.5 في أحسن الظروف، في وقت يجب علينا الوصول إلى نسبة نمو تساوي 5 و5.5 بالمائة حتى يمكن لنا تغطية وتوفير مواطن شغل للمتخرجين من الجامعات سنويا والمنقطعين عن الدراسة.
في سنة 2012 استطعنا أن نوفر 100 ألف موطن شغل بين القطاعين العام والخاص وفي سنة 2013 وفرنا في حدود 80 ألف موطن شغل، لكن في سنتي 2014 و2015 تراجعت القدرة التشغيلية للدولة التونسية.
نحن نتفهم الاحتجاجات التي انطلقت من ولاية القصرين، صحيح أن هناك العديد من الآليات على غرار الآلية 16 والحضائر وغيرها ولكنها تعتبر مسكنات وليست حلولا جذرية، واليوم نحن في حاجة إلى إجراءات فيها نسبة كبيرة من الوضوح الذي يجعلنا نخرج من الوضعية القديمة، ويسمح لنا بتسوية وضعية عمال الحضائر،والحكومات المتتالية وضعت برنامجا لاستيعابهم وإدماجهم في الوظيفة العمومية.
إذن المطلوب من الدولة اليوم إيجاد حلول جذرية لمشكل البطالة وتشغيل الشباب؟
طبعا المطلوب هو وضع حلول جذرية، ولكن ليس في القطاع العام، لأن الدولة اليوم مع الأسف لم تعد قادرة على التشغيل في القطاع العمومي، فالوظيفة العمومية اليوم تشهد تضخما بين 2.5 و3 أضعاف المعروف عليه في دول العالم، أعطي مثالا: كندا فيها حوالي 30 مليون ساكن وعدد الموظفين العموميين فيها لا يتجاوز 250 ألف موظف عمومي وأداء الدولة على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن في أعلى مستويات الجودة، تونس فيها 11 مليون ساكن مقابل 650 ألف موظف عمومي، والإشكال المطروح اليوم هو أن القطاع العام لم يعد قادرا على تقديم المزيد، اليوم جزء كبير من ميزانية الدولة يفوق 40 بالمائة مخصص لأجور الوظيفة العمومية، في 2010 كانت الدولة تقدم 10 آلاف و500 مليار في شكل أجور للوظيفة العمومية، واليوم بلغنا 13 ألف مليار، زيادات كبيرة نتيجة إحساس المواطن بالضغط على «قفته» نتيجة ارتقاء نمط عيشه إلى مستوى معين، ولكن عندما نراقب حجم التأجير في ميزانية الدولة والذي يمثل قرابة 45 بالمائة، نجد أنه حجم كارثي، إذن الخلاصة هي أن الدولة لم تعد قادرة على التشغيل ولم تعد المحضنة التي تستوعب خريجي الجامعات ومراكز التكوين المهني لتشغيلهم، باستثناء بعض القطاعات على غرار الانتدابات في الجيش أو الأمن، نظرا لما تواجهه الدولة من خطر الإرهاب.
إذن ما هو الحلّ؟
الحلّ في تصوري الخاص، هو أن توفر الدولة مناخات الاستثمار والتشغيل، بمعنى، أن تقوم الدولة بتوفير البنية التحتية في المناطق الداخلية في القصرين وسيدي بوزيد والكاف وجندوبة وسليانة وتطاوين وغيرها من الولايات التي وقع تهميشها عبر التاريخ، والتي لم يقع تخصيص برامج تنمية لها في برامج التنمية الموضوعة سابقا في عهد بورقيبة أو بن علي، والذي يجعل المستثمر التونسي أو الأجنبي قادرا على الاستثمار في تلك المناطق، وتشغيل المواطنين والشباب هناك، إذن يجب على الدولة أن تهيئ المناخ الملائم للاستثمار في تلك المناطق بسرعة، ولكن يجب ألّا ننسى ما مرت به البلاد في 2013 و2014 من شلل في الحركية، نتيجة الاحتجاجات والإعتصامات، خاصة على مستوى شركة فسفاط قفصة التي كبدتنا أكثر من 3500 مليار من موارد الفسفاط فقط في 3 سنوات، إضافة إلى الضربة التي تلقاها قطاع السياحة، خاصة بعد دخول الإرهاب بنمط جديد في تونس، وبالتالي على الدولة اليوم أن تغير منوال تنميتها، وأن تقسم ميزانية الدولة بشكل عادل بين جميع الولايات، ولقد صادقنا في الميزانية الأخيرة على 5400 مليار في ميزانية التنمية، يجب على الدولة أن تخصص الجزء الأهم من هذه الميزانية لتنمية المناطق المهمشة من خلال توفير البنية التحتية وخلق مناخات إيجابية للمستثمرين.
تحدثتم منذ قليل عن أهمية التشجيع على بعث المشاريع الصغرى؟ كيف ذلك؟
طبعا هذه مسألة أكيدة، ومن الضروري اليوم التشجيع على تمويل المشاريع الصغرى، وبصفتي رئيس لجنة التشغيل والاستثمار،أقول إنه منذ 3 سنوات والدولة تضع ميزانيات عن طريق بنوك للتشجيع على خلق المشاريع الصغرى، وقد قمت في ظرف 8 أشهر، ب 4 اجتماعات مختلفة في أكثر المعتمديات التي تعاني من مؤشر تنمية متدهور، وانطلقنا مع وكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي والإدارة الجهوية للتكوين المهني والتشغيل والإدارة الجهوية للتنمية وعدد من البنوك والعمد والجمعيات التنموية للاستماع لشواغل المواطنين ولاحظنا إقبالا كبيرا منهم واستعدادا منهم للمشاركة، وما نسعى إليه اليوم هو تغيير عقلية المواطن التونسي وإقناعه بأن الوظيفة العمومية لم تعد قادرة على مساعدة المواطن على العيش، وأن القيام بالمزيد من الانتدابات في القطاع العمومي هو تخريب للدولة، وما أشدد عليه هو أن الدولة لم تعد قادرة على الاستيعاب أكثر، والدول لم تعد تبني المصانع ولم تعد تشغل المواطنين، الدولة غير قادرة على ذلك، والدليل أن الدولة فرطت في العديد من المؤسسات والمصانع، فبناء المصانع وتسييرها وتشغيل الشباب أصبح من مهام القطاع الخاص، لكن يبقى على الدولة أن تكون الضامنة وأن تقوم بالتعديل والتوازن من أجل ألا يتغول القطاع الخاص والمستثمر على حساب العامل.
الإشكال الحقيقي هو في التمويل، آليات التمويل موجودة، لكن البيروقراطية الموجودة اليوم في الدولة جعلت من الميزانيات التي تضعها عن طريق وزارة التنمية ووزارة التشغيل والتكوين ووزارة المالية وعن طريق عدد هام من البنوك لا تضخّ المشاريع نتيجة خوف صاحب المشروع أو التمويل من «ريسك الخسارة»، هناك من قدم مشاريع عديدة في القطاع الفلاحي والصناعي والمقاولات والتجارة وغيرها (400 مشروع)، ومنذ 6 أشهر ونحن نراوح بين البنك ومكتب التشغيل، وقد اتصلت بوزير التكوين والتشغيل الذي أعلمني بضرورة أن أقدم له هذه الملفات من أجل اتخاذ قرار فيها وإحالتها للبنك من أجل التمويل، وهذا ما ينقصنا اليوم في الدولة وهو اتخاذ القرار السياسي الذي يفرض على المسؤول في الإدارة، سواء كان مؤسسة مالية، بنكية أو غيرها، تنفيذ أو تقديم تسهيلات للمواطن من أجل الانتصاب لبعث مشروع لحسابه الخاص، والذي سيشغل عددا من العاطلين عن العمل في منطقته وبالتالي يحقق تنمية في تلك الجهة.
في سنة 2015 وضعت الدولة ما يقارب 115 مليون دينار عن طريق البنك التونسي للتضامن من أجل الاستثمار، وأنا أؤكد أن البنك لم ينفق من تلك الأموال إلى هذه اللحظة حتى 10 المائة، إذن أين الخلل؟ هل أن الخلل «في المواطن الزوالي البطال اللي يستنى في رحمة ربي عن طريق الدولة أو المستثمر وألّا المشكل فين؟»، المشكل في الدولة وفي آلياتها، المشكل في خلق آلية جديدة فيها نوع من المرونة التي تجعل من المسؤول الإداري الموجود في بنك التمويل يقبل نسبة من المخاطر من أجل خلق ثروة في البلاد.
بالعودة إلى موضوع الاحتجاجات، هل تُبيح المطالبة بالتشغيل العنف والاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة وحتى الاعتداء على المواطنين؟
أنا متأكد من أن الأشخاص الذين خرجوا للمطالبة بحقهم في الشغل صادقون في مطالبهم ومسالمون، وقد كانت لهم لقاءات مع الولّاة والمعتمدين، وتحدثوا عن حقوقهم وعن معاناتهم، لكن يجب أن نعي شيئا وهو كلما وجدت هزات اجتماعية معينة تقوم بها منظمة شغلية أو فئات معينة من المجتمع، وجدت أطرافا تتربّص، وهناك فئات معينة استهدفتهم قوانين المالية الأخيرة التي تصد عمليات التهريب والتهرب، وكانت هناك قبضة حديدية ناجحة لتطويق حدودنا، وهو ما ضيّق على هذه العصابات، التي لعبت دورا أساسيا في حرق العديد من المناطق، كذلك العصابات الإرهابية التي تسعى إلى تأجيج الظرف الذي تعيشه تونس اليوم من أجل خلق فراغ أمني، وتكرار ما حدث في سنة 2011 والذي سمح بمرور السلاح من ليبيا ليصل إلى تونس العاصمة، وبالتالي الذين يستهدفوننا عن طريق الحرق والتكسير هي عصابات التهريب بدرجة أساسية ومنحرفون بدرجة ثانية، والمجموعات الإرهابية بدرجة ثالثة، وهو أكبر خطر يهدّد تونس.
تحدثتم عن خلل في التكوين الأكاديمي بالجامعات، كيف يمكن لمثل هذا الإشكال أن يساهم في تفاقم نسبة البطالة؟
طبعا هناك خلل كبير يتمثل في وجود قطيعة بين سوق الشغل وبين خرّيجي الجامعة، أنا رجل أعمال بالأساس وأعي جيدا ما أقول، عندما أقوم بإحضار خريج إحدى الجامعات في أي اختصاص مهندس أو تقني سامي، وأحاول أن أجري معه مقابلة عمل، أجد بعدا بينه وبين ما أريد، والمشكل الكبير هو عدم ملاءمة برامج التعليم العالي وبرامج مراكز التكوين المهني متطلبات سوق الشغل، ومن الضروري أن يكون التكوين على مقاس متطلبات سوق الشغل، ومن الضروري اليوم تغيير النظام التعليمي والسياسة التعليمية نحو الملاءمة مع سوق الشغل، من أجل مزيد تشغيل الشباب.
بصفتكم رجل أعمال وعضو في اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، كيف تقرؤون الأزمة الحاصلة بين اتحاد الصناعة والاتحاد العام التونسي للشغل، والتوتر المتواصل في العلاقة والموافقة على مضض على الزيادة في الأجور في القطاع الخاص؟
جمع المنظمتين معادلة صعبة وصعبة للغاية... تاريخيا والمتعارف عليه هو أن كلّا من المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف يدافع عن مصلحة منظوريه وبخلفية وبهدف، وغالبا ما يقع التصادم، وما نرجوه هو ألّا يرتقي مستوى النقاش والخلاف مستقبلا الى ما وصل إليه مؤخرا قبل إمضاء الاتفاق على الزيادة في الأجور بالقطاع الخاص ونحن أصبحنا في وضع باتت فيه الاضرابات تضرّ في العمق باقتصاد البلاد وتزعزع علاقة المستثمر التونسي بشريكه الأجنبي، وتضرب مصالحه، وبالتالي تضرب مصالح الدولة على المستوى الاقتصادي، وتجعل المستثمر الأجنبي يهرب إلى دول أخرى، خاصة أن المنافسة الدولية كبيرة وشديدة.
وضعنا الاقتصادي اليوم صعب، صعب على المعطل عن العمل، وعلى الموظف وعلى العامل وحتى على رجل الأعمال، أعطي مثالا، أنا أعمل في مجال الصناعة، ومنذ أكثر من 10 سنوات لم نقدر على زيادة مليم واحد في الأسعار التي نسوّق بها سلعنا، وفي نفس الوقت ومنذ الثورة إلى اليوم وقعت 3 زيادات في الأجور بنسبة 6 بالمائة، وأنا موجود في وسط منافسة دولية كبيرة وشديدة، كنت في اسبانيا لمنافسة شركات آسيوية تعمل وتسوق لإسبانيا، كيف يمكن لي منافستها، يمكن لي منافستها من خلال طرحي أسعار أفضل وأقل، والأسعار تتحكم فيها تكلفة العامل وتكلفة الطاقة ومصاريف النقل، فنجد أنفسنا غير قادرين على الزيادة في أسعارنا لعملائنا في أوروبا، حتى لا نخسر السوق لأن المنافسة كبيرة من طرف الشركات الأسيوية، وغير قادرين على التكلفة الباهظة للسلع، نظرا للارتفاع والزيادة في تكلفة الطاقة والمطالبة في الزيادة في الأجور.
وعندما نلاحظ ما تقوم به المنظمة الشغيلة من ضغوطات أو توقيت اختيارها للإضرابات أو الزيادة في الأجور، نجد أنها تسقط في الكثير من الأحيان في الصراعات السياسية وتكون طرفا أساسيا في الصراع مع الحكومة أو أي طرف آخر، وهذه في نظري إشارة لا تنبئ بخير، ويجب علينا في جميع اختلافاتنا ان نصل إلى حلول تراعي ظروف العامل، وتراعي أيضا قدرة المؤسسة المشغلة على المنافسة وعلى الإستمرار.
لديكم زيارة إلى السودان في الفترة القادمة، ماذا في برنامجها؟
سنشارك في المعرض الدولي في السودان، رفقة عدد من رجال الأعمال واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعدد من الجمعيات، ولأول مرة تشارك تونس في هذا المعرض، ونحن حريصون على فتح آفاق تبادل اقتصادي، هناك مجالات اقتصادية، يمكن لتونس أن تكون بوابة السودان في أوروبا، وهناك قطاعات أخرى يمكن أن تكون فيها السودان بوابة تونس في إفريقيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.