كشفت معطيات صادرة عن وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي أن 470 مؤسسة أجنبية كانت تنشط في تونس غادرت البلاد بين 2011 و2014 بمعدل 117 مؤسسة في السنة. وتختص الوكالة التابعة لوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في الإحاطة بالمؤسسات الأجنبية المنتصبة بتونس وتعمل أيضا على استقطاب المستثمرين الأجانب والترويج لتونس كوجهة استثمارية. وأقرت مصادر بصعوبة الوضعية الراهنة التي تمر بها البلاد خاصة بعد الثورة والتي اتسمت بنوع من هروب المؤسسات الأجنبية واغلبها مؤسسات فرنسية مقابل بقاء جل المؤسسات الألمانية في البلاد لاقتناعها بكفاءة اليد العاملة التونسية. واعترفت مصادرنا بأنه نتج عن هذه الوضعية فقدان حوالي 11300 موطن شغل مباشر وبأن جل هذه المؤسسات غادرت باتجاه المغرب القريب من أوروبا وبدرجة اقل تحولت إلى دول أوروبا الشرقية. وبررت ذات المصادر أسباب المغادرة بارتفاع سقف المطلبية الاجتماعية من العمال وخاصة عدم اطمئنان أصحاب المؤسسات الأجنبية المنتصبة في تونس للوضع العام نتيجة الانفلات الأمني والاجتماعي الذي حصل بعد الثورة وتواصل من خلال تواتر العمليات الإرهابية وتحذيرات دول غربية من التحول إلى تونس. وكشفت مصادرنا أن أصحاب القرار في أوروبا وأصحاب الشركات الأم قرروا عدم التعويل على شركاتهم الفرعية المنتصبة بتونس بسبب ارتفاع حجم المطلبية وخاصة تواتر الإضرابات والاحتجاجات وعملية قطع الطرقات أمام وحدات الانتاج بما أعاق عملية تزويد المحلات في أوروبا المرتبطة بتوقيت معين لتسليم الطلبات. كما بينت مصادرنا أن هذه المؤسسات ما انفكت تتذمر من تراجع الإنتاجية وارتفاع عدد أيام العمل الضائعة وتزايد الإضرابات بها للمطالبة بتحسين الوضعية المهنية وخاصة المالية موضحا أن عددا منها تجاوب مع المطالب النقابية وتم إمضاء اتفاقيات في الغرض غير أن الاحتجاجات تواصلت ممّا تسبب في ضجر المشرفين على هذه المؤسسات وقرارهم بمغادرة تونس. وذكرت مصادرنا أن عددا هاما من المؤسسات الأجنبية المنتصبة في تونس كانت تعتزم توسيع نشاطها في البلاد بما يعني نقل التكنولوجيا وتوفير مواطن شغل إضافية غير أن الوضع الأمني جعلها تهرب. ومن جهة أخرى تقلصت وتيرة مغادرة المؤسسات الأجنبية لتونس بصفة تدريجية من 204 سنة 2011 إلى 148 سنة 2012 ومن 80 سنة 2013 إلى 38 سنة 2014 مشيرا إلى أن السنة قبل الماضية شهدت خسارة 4400 موطن شغل وفقدان استثمارات بقيمة 63 مليون دينار. ويشار إلى أن نتائج المسح السنوي حول مناخ الأعمال في تونس الذي نشره مؤخرا المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية(هيكل حكومي) أبرزت أن 3 ٪ من المؤسسات اضطرت إلى إيقاف نشاطها خلال السداسي الأول من سنة 2015 بسبب الإضرابات. وصرحت ٪27 من المؤسسات المستجوبة ضمن المسح الذي شمل 1200 مؤسسة تنشط في قطاعي الصناعة والخدمات أنها تعتبر الأعباء الاجتماعية عائقا أمام تطورها. كما اعتبرت ٪31 من المؤسسات أن السوق الموازية تمثل عائقا يحول دون تطور نشاطها فيما وجهت ٪27 منها أصابع الاتهام إلى النظام الجبائي. وفي ما يتعلق بآفاق التشغيل أبرزت نتائج المسح أن ٪16 فقط من المؤسسات تنوي الانتداب خلال سنة 2016 مقابل ٪15 قالت إنها ستنتدب أصحاب شهائد عليا.