من المنتظر أن تصادق حركة «النهضة» خلال أشغال مؤتمرها العام العاشر على لائحة الفصل بين السياسي والدعوي تكريسا لشعار «التونسة» الذي رفعته منذ أن تحالفت مع «نداء تونس» إثر الانتخابات التشريعية الفارطة. وأكدت مصادر مطلعة ل «التونسية» أن «النهضة» ستتبنى بصفة رسمية توجه الفصل بين السياسي والدعوي, وذلك بأن تتحول إلى حزب سياسي مدني بمرجعية إسلامية, مع النأي بنفسها نهائيا عن الإنخراط في المنظومات والمشاريع والأنشطة الدعوية التي ستؤول إلى الجمعيات الدينية والمدنية التابعة لها. وقالت ذات الجهة إن مشروع «تونسة» النهضة، وإن بصفة مؤسساتية وتنظيمية وهيكلية, سيصبح ساري المفعول انطلاقا من مؤتمرها العام العاشر المقبل, وذلك تكريسا لمفهوم «التخصص الوظيفي» الذي تبناه مجلس الشورى خلال اجتماعه الأخير بالحمامات. مصادر «التونسية» أفادت كذلك أن مشروع الفصل بين السياسي والدعوي مثل مرحلة المخاض العسير التي مر بها النهضويون بين مؤيد لهذا التوجه وبين رافض له. وأكدت ذات الجهة أن قيادات نهضوية محسوبة على الشق المتشدد وتنتمي لمؤسسة القرار الأولى, (مجلس الشورى), تعارض بشدة الفصل بين السياسي والدعوي, أو بمعنى آخر ترفض تخلي الحركة عن مقولاتها التأسيسية, أو ما اعتبروه ب«الثوابت التي لا تراجع عنها» على خلفية أن «النهضة», أو ما يسمى سابقا ب «الإتجاه الإسلامي» حركة دينية أولا وأخيرا, وفق ذات المصدر. في المقابل, أضافت مصادرنا ان رئيس الحركة راشد الغنوشي والشق المحسوب عليه يدفعان بقوة نحو المصادقة الرسمية على قرار التخصص الوظيفي, أي الفصل بين الدعوي والسياسي تكريسا لخيار التوافق الذي انخرطت فيه «النهضة» منذ صدور نتائج انتخابات أكتوبر 2014, وأيضا بهدف تطوير إيديولوجيات وسياسات الحركة في التعاطي مع الشأن المحلي والإقليمي والدولي. تشكيك في مشروع «التونسة» وبين هذا الرأي وذاك, يعتبر مراقبون أن شعار «التونسة» الذي ترفعه «النهضة» لا يمكن أن يتجسد على أرض الواقع في حال لم تتخل الحركة نهائيا عن مقولات التأسيس التي تبقى إحدى أهم إيديولوجياتها السياسية والتنظيمية والهيكلية والأدبية فكرا وممارسة, وأنه لذلك تبقى مسألة الفصل بين السياسي والدعوي مشروعا منقوصا لا يمكنها تبنيه بصفة عملية وتامة في كل الأحوال. وفي توضيح ل «التونسية» حول الموضوع, قال الأمين العام لحركة «النهضة» علي العريض إن توجه الفصل بين السياسي والدعوي هو مشروع لائحة صادق عليها مجلس شورى الحركة خلال اجتماعه الأخير, ليتم عرضه لاحقا على المؤتمر. وأضاف العريض أن «النهضة» تتجه نحو التخصص الحزبي في الشأن السياسي والتدبير العام مع ترك الأعمال الأخرى لمنظمات المجتمع المدني. وتابع الأمين العام لحركة «النهضة» بأن حزبه سيترك الأعمال الدعوية لمنظمات المجتمع المدني من جمعيات مدنية وحقوقية ونقابية ودينية وثقافية وغيرها. لست معنيا بخلافة الغنوشي وفي رد على من أسماهم ب «المشككين» في مدى مصداقية شعار «التونسة» الذي ترفعه «النهضة», قال العريض إن «النهضة» ماضية في خيارها, وإن هؤلاء سيقتنعون ذات يوم بصدق الحركة. وبخصوص بقاء الغنوشي على رأس الحركة لولاية أخرى وأخيرة, أشار علي العريض إلى أن هذا الأمر متروك لنتائج المؤتمر ولرغبة المترشح ذاته, مبينا في الإطار ذاته أنه شخصيا غير معني بخلافة الغنوشي.