كان الموعد مساء أمس بين الجنرال "رشيد عمار" والمعتصمين بساحة الحكومة. فقد خير قائد جيش البر الخروج إلى المتظاهرين لطمأنتهم بأن الجيش هو الضامن للثورة وأن تواجده في الساحات والشوارع يهدف إلى حمايتهم والذود عن مصالح الدولة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد هذا التدخل هل سينفض المتظاهرون من الساحة ويعودون إلى مدنهم أم أنهم سيواصلون الاعتصام تشبثا بتحقيق بمطالبهم؟ "التونسية" اتجهت إلى ساحة الحكومة بالقصبة لمعاينة الاعتصام ورصد الآراء في هذا الشأن من خلال هذا التحقيق: مشهد جديد دخل على ساحة الحكومة بالقصبة خيم منتصبة هنا وهناك تضم عشرات الرجال وأسلاك شائكة في كل مكان، صور لشهداء الحرية، شعارات مناهضة للحكومة.. "غيث" (23 سنة، شاب قادم من المتلوي) يعتبر أن الاعتصام هو الحل الوحيد لتلبية المطالب حيث أفادنا قائلا:"رغم أن الجيش يسعى إلى مساعدتنا وإيصال مطالبنا إلا أننا سنواصل احتجاجاتنا لإسقاط هذه الحكومة وسنكون ثابتين على هذا المطلب وعلى المبادئ التي قامت عليها الثورة". ودعا "غيث" الأمن إلى الانضمام إلى صفوف المتظاهرين فواصل: " لاحظنا استفزازات صادرة من الأمن لبث البلبلة فينا لذا نطلب منه إما الابتعاد عنا أو الانضمام إلينا حتى نتمكن من استرجاع بعض الثقة في أفراده". * استقالة الغنوشي أما "توفيق" (27 سنة) فيدعو جميع شباب تونس إلى الانضمام إليهم ليكون الضغط أكبر وطلب محاسبة جميع الخونة: "نريد استقالة "الغنوشي" وأتباعه ومحاسبتهم ومحاكمتهم ولن نتراجع عن اعتصامنا حتى تتحقق لنا مطالبنا". وبانتهاء "توفيق" من الكلمة قامت هتافات من حوله تأييدا له فتقدم منا رجل غزا الشيب رأسه يدعى "الحاج" وبادرنا بالقول: "نحن أبناء المناجم قدمنا من ولاية قفصة لمشاركة إخواننا والمطالبة بحريتنا الكاملة وما الاعتصام إلا طريقة سلمية لذلك. ونحن كجزء من الشعب التونسي العظيم نطالب بحل الحكومة وتشكيل مجلس تأسيسي". وبوجه متعب نادانا السيد "عبد الحميد القفصي" وهو يحمل لوحة كتب عليها Dégage ليحدثنا قائلا: " هذا هو الشعب التونسي الحقيقي، شعب تعب من الجوع ومن الفقر فانتفض. اليوم وبعد إسقاط الديكتاتور لا نريد رموزه فعلى الحكومة أن تستقيل وسنبقى على حالنا كتلة واحدة ولن نرضى إلا بإعدام بن علي أمام عامة الشعب". * ثقتنا كاملة في الجيش أما "وسيم الدردوري" القادم من صفاقس فقد غلبته دموعه مناديا بانحلال الحكومة فأفادنا قائلا: "نحن لا نريد تهديم بلادنا ولا تكسيرها نحن نريد فقط أن يبتعد عنا "الغنوشي" وأشباهه ولن نقبل على أكل أو شرب ولن نعود إلى مدننا حتى نرى ونلمس مطالبنا تتحقق على أرض الواقع وأنا متأكد أننا سننجح بمساعدة الجيش لنا". "نضال" (26 سنة) واصل كلام زميله"وسيم" في حماسة:"لنا ثقة كاملة في القائد "رشيد عمار" والجيش ليحمينا ولن نفك الاعتصام حتى تخرج الحكومة ونطالب أيضا بمحاسبة جميع الخونة وحل الحزب الدستوري الديمقراطي ومحاسبة عبد السلام جراد فالشعب التونسي لن يخسر شيئا أكثر من الشهداء. هذه الحكومة بنيت على باطل و"الغنوشي" الذي خرج يوما على شاشة التلفزيون باكيا لا نريده بيننا فقد فوت في كل شيء لآل الطرابلسي لذلك نحن مواصلون إلى الأمام إلى حد رحيل آخر وزير من النظام القديم" * باقون على حالنا "سمير الدبوسي" دعا من جهته إلى عقد ندوة وطنية لانتخاب من يمثلنا من الثورة نفسها من شخصيات وطنية وإعداد دستور جديد والحكم بنظام برلماني. وعن الاعتصام أفادنا: "هذا الاعتصام منبعه ثورة الكرامة والحرية التي استطاعت أن تغير العقليات وأن تكون مثالا للعرب والغرب. باقون على حالنا ولن تخيفنا كلمات من قبيل "فراغ سياسي". * يدنا في يد الجيش اختتمنا جولتنا في ساحة الحكومة التي تحولت إلى ساحة الشعب بالجلوس تحت إحدى الخيمات مع "عم الطاهر" من قابس الذي قدم الشكر الجزيل للقائد "رشيد عمار" فقال: "جيشنا رفع كرامتنا لذلك نحن هنا للاعتصام والمناداة بإسقاط هذه الحكومة حتى نؤسس لأخرى أكاديمية وينال المجتهد حقه مثل الجيش والمذنب جزاءه. سنضع دائما يدنا في يد الجيش حتى ننهض ببلادنا لتعود إلى سالف عهدها ولا نقبل بمجموعة من "السراق" تهدد استقرارها". ومهما يكن من أمر فإن آراء المعتصمين بساحة الحكومة والقادمين من كل مكان من تراب الجمهورية التونسية شرقا أو غربا شمالا أو جنوبا قد اجتمعت حول مطلب واحد ورأي واحد يدعو إلى إسقاط الحكومة الحالية ورموزها القديمة .