كانت الثورة التونسية المسلحة قد اندلعت في 18 جانفي 1952، و قد دعا إليها الحزب الحر الدستوري كوسيلة ضغط على فرنسا لحملها على التفاوض من أجل الاستقلال، و استبسل الثوار التونسيون في مختلف الجهات في عمليات جريئة ضد المعمرين و قوات الاحتلال، و أقض "الفلاقة" مضجع المقيم العام و الإدارة الاستعمارية. و بعد إبرام اتفاقيات الحكم الذاتي، تعهدت الحكومة التفاوضية و من ورائها الحزب الحر الدستوري بدعوة الثوار إلى العودة إلى بيوتهم و مغادرة مكامنهم في الجبال و استجاب البعض للنداء و رفض البعض الآخر التخلي عن السلاح ليجدوا أنفسهم بعد أشهر مطلوبين لدى العدالة و قد عينت الحكومة في سبتمبر 1955 لجانا للتفاوض مع الثوار و إقناعهم بالاستجابة إلى مقتضيات المرحلة الجديدة التي دخلتها العلاقات التونسية الفرنسية بعد حصول البلاد على استقلالها الداخلي ريثما تحصل على الاستقلال التام. و كان "الباجي قائد السبسي" من الشخصيات التي تفاوضت مع الثوار في مختلف الجهات حيث تولى التفاوض مع "الفلاقة" في جهة القصرين. وهاهو اليوم السيد "الباجي القائد السبسي" يتولى مهمة التفاوض مع الأحزاب و الهيآت و الجمهور لإيصال سفينة البلاد إلى بر الأمان . ... أفلا يقال إن التاريخ يعيد نفسه !؟