لم يشأ لاعبو النادي الافريقي ان يخذلوا كل الاقلام التي تحدثت عنهم في السابق وعن عدم جدارة البعض منهم بتقمص زي الفريق لذلك سارعوا بتأكيد عدم اهليتهم بالتواجد في جمعية في حجم النادي الافريقي بعد ان اقدموا امس على الدخول في اضراب مفتوح جراء عدم حصولهم ليس على جراياتهم الشهرية ولكن على منحة الانتاج...لاعبو النادي الافريقي الذين كانوا في السنوات الاربع الاخيرة مجرد شهود عيان عما يحصل من حولهم في البطولة التونسية والمسابقات الافريقية على حد السواء ضربوا مثالا سيئا في تعامل محترفينا أو لنقل البعض منهم تجاه القميص الذين يرتدونه وأكدوا مرة أخرى ان رنين الدينار له وقعه الخاص وهو الرابط الوحيد الذي يصلهم بالافريقي... ! لاعبو الافريقي استلهموا وجودهم من الثورة التونسية ومن ثقافة الاضرابات ورفضوا امس اجراء الحصة التدريبية بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية وغادروا مركب الفريق وسط ذهول الجماهير الحاضرة التي تفاجأت برؤية سمعة النادي تتهاوى أمام أعينهم... البعض تحدث عن وجود مؤامرة لارباك العتروس واسقاط هيئته خصوصا وان ما حدث امس يعد سابقة في تاريخ النادي والبعض الآخر يؤكد ان اللاعبين سئموا وعود ومماطلة الهيئة المديرة لذلك خيروا لغة التصعيد لكن بين هذا الموقف وذاك سطعت حقيقة واحدة لا ريب فيها وهي ان اللاعبين الحاليين الموجودين في الفريق مع اختلاف تسمياتهم ليسوا أهلا لارتداء قميص الاحمر والابيض وهم في الحقيقة ليسوا سوى أجراء في حضيرة الفريق يحركهم وازعهم المادي قبل كل شيء لانهم ما كانوا ليقدموا على هذه الفعلة لو كانوا على قدر الثقة التي منحوا إياها خاصة والفريق يستعد لخوض لقاء هام ومصيري في مسابقة كأس "الكاف"... مصادر أكدت ل"التونسية" أن الاضراب قاده رباعي بارز في الفريق وهم امير العكروت وحمزة المسعدي والمهدي مرياح ويوسف المويهبي في حين برأت نفس المصادر ساحة الذوادي على اعتبار انه لم يشارك في الاضراب سوى استجابة لطلب المجموعة غير ان اللافت في الامر هو ان الرباعي المذكور يمكن اعتباره الوحيد من بين بقية زملائهم الذي لا يحق له المطالبة بمنحة الانتاج لانهم يقبعون تحت طائلة البطالة الكروية فمهدي مرياح أصبح مجرد شاهد على العصر وهو الذي بلغ مرحلة سن اليأس الكروي وأمير العكروت لم يعد يصلح لممارسة اللعبة وابرز انجازاته طيلة الفترة التي قضاها مع الفريق هي الحادثة التي تعرض لها عقب اندلاع الثورة التونسية, يوسف المويهبي هو الآخر أصبح شبحا للمويهبي الذي عرفناه في اولى اطلالاته مع الافريقي ومسيرته بأكملها مع الفريق تتلخص في هدف البطولة ضد ترجي جرجيس موسم 2007 وهو لم يعد قادرا على تقديم الاضافة واصبح يشكل عبئا ثقيلا على الفريق وهو الذي يتقاضى جراية شهرية هي الاعلى مقارنة بزملائه بلغت 8 الاف دينار... الرباعي المذكور لم يساهم في ترشح الإفريقي الى نصف نهائي المسابقة الافريقية ولا ندري على أيّ اساس ارتكز الجماعة في مطالبتهم بمنحة الانتاج في الوقت الذي التزم فيه صانعو هذا الانجاز بالصمت... ! ناقوس الخطر... عندما يقدم لاعب في مستوى وامكانيات حمزة المسعدي على الاضراب في فريق في حجم النادي الافريقي تدرك مباشرة ان هناك خطبا ما فاللاعب الذي يعتبر وجوده في الفريق شرا لا بد منه والذي أجمع الكل من حوله انه يلعب في الافريقي بقدرة قادر ثم يتعالى على الفريق يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان مقود القيادة تسرب من بين يدي رئيس النادي جمال العتروس لان أمثال المسعدي أكثر ما يمكن ان يكافؤوا به في زمن الاحتراف هذا هو بطاقة تعريف الجمعية وليس مكانا قارا في التشكيلة الاساسية... ! عندما يتعالى حمزة المسعدي ويهدد بتصرفاته هذه ماضي وحاضر ومستقبل الافريقي فهذا يعني ان هذا الصرح الكروي بدأ يتهاوى تدريجيا وان نواقيس الخطر دقت وما على الربان الا تعديل دفة القيادة قبل ان يجد نفسه "يعوم في الشايح"... للتذكير فقط... محاولات التمرد داخل النادي الافريقي ليست بالوافد الجديد على الفريق فالمحاولات تكررت في السابق في أكثر من مرة ولئن ظل بعضها مجرد حديث غرف مغلقة فان البعض الآخر ترجم على ارض الواقع مثلما حدث في عهد الرئيس السابق للفريق فريد عباس لكن ما يحسب لهذا الاخير انه لم يتوان لحظة في الدفاع عن اسم وعراقة النادي وردع المتمردين وهي الحركة التي ظلت عالقة في اذهان جماهير النادي خاصة وان فريد عباس طرد حينها خماسيا أساسيا في الفريق وهم جمال الدين ليمام وفريد شوشان وصبري جاب الله ونبيل الكوكي ورؤف بوزيان ورغم ما كان يشكله هذا الخماسي من ثقل في التشكيلة الاساسية للفريق فان رئيس الافريقي لم يتردد لحظة في رد الصاع صاعين و طرد "الخونة"... "وسام" القائد... تزامن اضراب الفريق امس عن التدريبات مع تواجد القائد السابق للافريقي وسام يحيى الذي تفاجأ بمحاولة التمرد التي انتهجها زملاؤه سابقا في الفريق لذلك سارع الى محاولة اثنائهم عن الامر بتعلة ان الافريقي أكبر من هذه التصرفات وان الامور لا تحل بهذه الشاكلة لان الافريقي ليس "معمل خياطة" !! لكن يحيى وجد نفسه في التسلل لانه لم يجد اذانا صاغية خصوصا وان كتيبة الثوار التي قادت الاضراب ليست من ابناء النادي لذلك لم تجد حرجا في التعدي على حرمة الفريق... العتروس ظالم أم مظلوم...؟؟ حلم جمال العتروس برئاسة النادي الافريقي تحقق أخيرا لكن حلمه تحقق للاسف في وقت تمر فيه البلاد بظرف استثنائي ودقيق جعل من مهمته شبه انتحارية لكنه مع ذلك حاول التأقلم مع الظروف الجديدة التي احاطت به ومع نسمات الثورة التي كادت تقتلع كل من في طريقها ويمكن القول انه فشل أحيانا في حسم بعض الملفات فيما وفق في كثيرا منها ولئن يبقى الحكم على جدارته برئاسة الفريق من عدمه سابقا لاوانه بما انه لازال وافدا جديدا على مركب الحديقة "أ" فان البعض ارتكز في معارضته للعتروس على اختيارات هذا الاخير لبعض معاونيه والتي يرى فيها كثيرون انها تمت على اساس الصداقة و"العشرة" وليس على اساس الكفاءة... قد يكون جمال العتروس ضحية محيطه المتقلب وقد يكون هو من ظلم نفسه لكن الاثم الكبير الذي لا يمكن ان تغفره جماهير الافريقي هو ما ارتكبه لاعبو الفريق بالامس لان ما من شيء يشفع اتيان هذه الغلطة الشنيعة رغم ايماننا بانه من حق اللاعبين الحصول على مستحقاتهم كاملة عملا بمبدأ الاحتراف الذي نسعى لتكريسه على ارض الواقع...