بحضور السيدين فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت والباجي قائد السبسي الوزير الأول بالحكومة الانتقالية وتحت إشراف السيد عياض بن عاشور عقدت صباح اليوم بمجلس المستشارين جلسة خصصت للإعلان بصفة رسمية عن انتهاء مهام الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والتي كانت امس اختتمت سلسلة جلساتها التي امتدت طوال 8 أشهر متتالية...هذا وقد واكب الجلسة الفريق أول رشيد عمار قائد أركان الجيوش الثلاثة وعدد من اعضاء الحكومة الى جانب ثلة من الرؤساء والأمناء العامين للأحزاب السياسية و ممثلين عن بعض الجمعيات التونسية اضافة الى حضور مكثف لوسائل الإعلام الوطنية والاجنبية... الجلسة انطلقت بكلمة ألقاها السيد عياض بن عاشور رئيس الهيئة رحب في مستهلها بالسيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية و الباجي قائد السبسي الوزير الأول وبالحضور معربا عن إكباره للمجهودات التي بذلها أعضاء الهيئة طيلة الفترة الماضية من خلال المداولات التي كانت فيها حرية التعبير والاختلاف مكفولة وهو ما يدل على درجة الوعي والنضج السياسي الذي بلغته تونس التي اعتبرها تضرب موعدا مع التاريخ من خلال الانتقال الديمقراطي الذي تمر به والذي يعد من أولى حلقات التحول والاتجاه نحو الديمقراطية التي تقطع مع الرواسب السياسية البالية والثقافة الاستبدادية والذي سيتوج بإجراء أول انتخابات في المنطقة العربية تتسم بالشفافية والحيادية وهي رسالة الحق التي طالب بها الشعب التونسي واراد ترسيخها في ثقافته ...فكان الإجماع والاختيار على انتخاب مجلس تأسيسي يخط دستورا جديدا للبلاد ...وذكر السيد عياض بن عاشور في مداخلته بالأجواء التي سادت المناقشات والتي اتسمت في بعض الاحيان بالحدة لكنها كانت تنتهي بالتوافق من أجل مصلحة تونس فتمخضت عنها عدة مراسيم ابرزها المرسوم القاضي ببعث اول هيئة عليا مستقلة تسهر على تنظيم الانتخابات وتقنين عملية الاقتراع وغيرها من المراسيم. وختم كلمته بالتقدم بتحية خاصة الى الجيش الوطني على المجهودات التي بذلها لحماية حوزة ومناعة تونس في فترة اتسمت بالانفلات على جميع الاصعدة كما تقدم بشكره الى جميع الاطراف التي ساهمت في احتضان الشعب الليبي في محنته وخاصة اهالي الجنوب الذين فتحوا منازلهم لاحتضان العائلات الوافدة على تونس هربا من نيران كتائب معمر القذافي... ولدى تناولها للكلمة حيت السيدة لطيفة الأخضر نائبة رئيس الهيئة شهداء ثورة الياسمين الذين ضحوا بأنفسهم من اجل الكرامة والحرية والعدالة قبل أن تعلن ان لكل بداية نهاية في إشارة الى ان الهيئة وصلت الى نهاية الموسم ان صح التعبير وان في كل نهاية موسم لا بد من حصاد حيث اعتبرت ان الحصاد تم انقاذه من عدة افات كانت تحدق به و ضمان انتقال ديمقراطي سلس رغم فترات الاحتقان التي كانت تونس تعيشها من حين الى اخر دون أن تنكر أن التجربة رافقها الصواب في بعض الامور وشابها الخطأ في امور اخرى لكن الاختلاف في الرأي اسهم في تفادي الوقوع في الاخطاء السابقة ... وأوضحت أن مهمة الهيئة انقسمت الى ثلاثة محاور رئيسية ومهمة لانجاح الثورة أولا وضع ادوات قانونية تشريعية لضمان استمرارية وانتقال ديمقراطي سليم وثانيا يقظة وحرص تجاه جيوب الردة لقطع الطريق امام اية محاولة لتعطيل المسار أو تعكير صفوه واخيرا معالجة عاجلة للسلبيات المتراكمة من الماضي ومؤكدة أن عمل الهيئة في هذه المهمات كان بطريقة شفافة وفي سباق مع الزمن وهو ما دفع للاستنجاد بخبرات وكفاءات وطنية فكانت نتيجة ذلك اصدار مرسوم احداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومرسوم انتخاب اعضائها ومشروع تقسيم الدوائر ومرسوم تقنين الاحزاب والجمعيات ومرسوم تنظيم الصحافة والاعلام كما انبثقت عن الهيئة هيئات عليا اخرى مستقلة على غرار هيئتي تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد وهيئة الاعلام...وانهت كلمتها بالتأكيد على الاجماع الحاصل حول الحق المقدس لكل مواطن تونسي والمتمثل في الحرية والكرامة المترسختين في اعماق كل فرد ... وقد تم خلال الجلسة تلاوة البيان الختامي للهيئة على لسان السيد غازي الغرايري عضو الهيئة والذي اكد على ان الثورة تشدد على ضرورة احترام كل مبادىء الحرية والكرامة مع رسم نظام سياسي قوامه المشاركة ونظام اجتماعي يكرس مبدأ المساواة بين جميع شرائح الشعب وخاصة بين الجهات مع اعتبار ان الشعب التونسي لن ينحي أمام ايّة عوائق لتحقيق المسار الانتقالي والتوق الى الديمقراطية...والالتزام بالرفض التام لكل اشكال التسلط والطغيان... ومثلما اسندت له الكلمة الافتتاحية في اشغال الجلسة الاولى للهيئة في 17 مارس الماضي توجه السيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية بكلمة الى الحاضرين وأعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ثمن فيها عمل الهيئة قبل أن يعرج على اهم المحطات التي شهدتها تونس منذ فيفري الماضي من اضطرابات وانفلاتات ومحاولات قوى الجذب الى الوراء تعطيل مسار الثورة وفي ظل ما تمر به المنطقة دوليا وخاصة الشقيقة ليبيا مرورا بالظروف التي انشئت فيها الهيئة حيث اشار الى ان عدد اعضائها في البداية كان 75 قبل ان يرتفع الى 155 عضوا وذلك قصد ضمان مشاركة واسعة لجميع القوى والحساسيات السياسية والمدنية ونخبة من الوجوه السياسية التونسية مشيرا الى انه رغم تضارب الرؤى حول تركيبتها فإن هذا لم يقلل من شأن الهيئة ومن دورها الذي اضطلعت به طيلة المدة الماضية لتأمين الانتقال من خلال انجاز المهمات التي اوكلت لها ... وأشار الرئيس المؤقت الى ان الدولة لن تشهد اي فراغ في مؤسساتها وسيتم تسليم مهام رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية الى الرئيس المنتخب والحكومة الشرعية بطريقة حضارية وسلسة تليق بتونس الحديثة المتطلعة للديمقراطية والتداول السلمي على السلطة مع ضمان استمرارية العمل في جميع الهياكل دون اضطراب متفرقات من الجلسة: *شهدت الجلسة تدخل السيدة لمياء الفرحاني عضوة في الهيئة وشقيقة احد الشهداء لتندد بعدم النظر في ملفاتهم ومتوجهة في الوقت نفسه باللوم الى رئيس الجمهورية على عدم استقباله لعائلات الشهداء الى حد الساعة وتكريمهم وفي المقابل استقبل ثلة من الرياضيين وقام بتكريمهم فقطع لها وعدا بأن يلتقيها لاحقا للنظر في الموضوع... *على اثر تدخل السيدة المذكورة ابى السيد الباجي قائد السبسي الا ان يأخذ الكلمة ويطمئن الجميع بأن المجلس الوزاري المزمع عقده غدا سيخصص إلى ملف الشهداء كما أفاد بانه سيتم تشييد نصب تذكاري لفائدة هؤلاء على غرار نصب شهداء 9 افريل وللاشارة فإن هذا التدخل للوزير الاول هو الوحيد خلال الجلسة...كما قال بأن المجلس الانتقالي الليبي طالب بنص البرنامج الخاص بالشهداء لتبنيه والنسج على منواله في ليبيا * قدم بلقاسم العباسي المقرر العام للهيئة التقرير العام للهيئة لرئيس الجمهورية المؤقت وللوزير الأول في الحكومة الانتقالية بناء على ما ينص عليه المرسوم المنظم لمهام وصلاحيات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. *القى الصغير اولاد احمد في اعقاب الجلسة قصيدة تحمل عنوان "طريق" وان تبدو في ظاهرها عادية الا انها كانت محملة بعديد الرسائل لعديد الاشخاص من الحاضرين والحاضرين الغائبين... *في الختام تم عزف النشيد الوطني وترديده من طرف طلبة من المعهد العالي للموسيقى على طريقة الاوبرا وهو ما لم يرق للحاضرين الذين احترموا النشيد ولم يقاطعوه ومباشرة اثر انتهاء هؤلاء انطلقت حناجر الحاضرين بالتغني بالنشيد الوطني وهو ما اضفى رونقا اخر على القاعة وجعل الأجساد تقشعر ... *هناك من ابدى استياءه من اختزال "الحفل" الختامي لاشغال الهيئة وذلك بعد توجيه الدعوة الى عدد قليل من الاحزاب والحساسيات في تونس وفي غياب النصاب الكامل لاعضاء الهيئة