علمت "التونسية" أن المعهد الوطني للتراث شهد خلال الأسبوع المنقضي خمس محاولات "إنتحار" حرقا من طرف أعوان بالمعهد، ولئن نجح صاحب المحاولة الأولى في إشعال الفتيل في جسده فإن أصحاب المحاولة الثانية اصطدموا – من حسن الحظ- بالتدخل للحيلولة دون إضرام النار في أنفسهم بعد سكبهم لمادة مشتعلة، وهو ما يؤكد أن الوضع في هذه المؤسسة التابعة لوزارة الثقافة مازال مشتعلا رغم كل المسكنات والبلاغات الصادرة من هنا وهناك منذ شهر جانفي الماضي . ويذكر أن وزير الثقافة الذي أدار المعهد لأكثر من عقد من الزمن في العهد البورقيبي كان أصدر منشورا في مطلع شهر جوان إلى كافة العاملين بالمعهد الوطني للتراث أقر فيه نظام تسيير جديد مؤقت للمعهد وأكد فيه أنه سيتولى بنفسه تسيير المعهد وقد عبر وزير الثقافة من خلال هذا المنشور عن حسرته وألمه لما آل اليه حال المعهد في هذا الظرف المصيري فقد تم ايقاف المدير السابق للمعهد(الباجي بن مامي) كما دعي مدير جهوي للتحقيق معه وتعددت منذ مدة أعمال السطو على التراث والقيام بالبناء الفوضوي على مواقع أثرية ذات مرجعية تاريخية كما تصاعدت الأصوات مكررة التهم بالسرقة والاختلاس والفساد مما أكد ضرورة تكوين لجنة مستقلة داخل الوزارة عهد لها الوزير مهمة تقصي الحقائق بشأن الممتلكات التراثية وأكد الوزير في نفس المنشور تفشي ظاهرة الانقسام والتناحر بين الفئات العاملة داخل المعهد وصل حد انعدام الوئام وكادت الطمأنينة تضمحل وهي حالة عبر عنها الوزير بالمزرية وصار يعرفها الخاص والعام ومما مسّ السمعة الطيبة التي عرف بها المعهد الوطني للتراث منذ سنوات حسب قوله. وقرر الوزير إيقاف العمل بالنظام الحالي للإدارة العامة للمعهد وأكد أنه سيتسلم قيادة المعهد ليسيره شخصيا خلال مدة حتى تتم إعادة هيكلته في إطار نظرة شاملة لقطاع التراث التاريخي والأثري والثقافي غير المادي بحثا وصونا وتقديما وإحياء واستغلالا . و ذكر الوزير أنه يهيب بكل من يتحمل مسؤولية فرعية ككاهية مدير أو رئيس مصلحة أن يواصل العمل في مكانه ويكثف من الجهد كما يهيب بكل العاملين في المعهد نساء ورجالا من كل الأصناف من باحثين ومهندسين وموظفين وعملة إلى مضاعفة بذل الجهد ودعاهم جميعا إلى الرجوع إلى عملهم وبكل صدق. غير أن الوزير تراجع عن قرار تسييره الفردي دون بيان لأسباب التراجع وفوض المتفقد العام للوزارة ليقوم بهذه المهمة ثم تم تعيين مدير للمعهد ومع ذلك فإن الأوضاع لم تهدأ داخل هذه المؤسسة وهو ما يعني أن الإجراءات التي تم اتخاذها لم تعالج المشاكل الحقيقية للمعهد من مطالبة بالترسيم وحرب نقابية خفية بين أطراف في المعهد تهدد بالإضراب وأخرى تعمل على إجهاضه... فإلى متى تظل النيران مشتعلة في "دار حسين" حيث مقر المعهد الوطني للتراث؟