تجمع عدد من المنتسبين لقطاع السينما يوم أمس الأربعاء أمام وزارة الثقافة احتجاجا على نتائج لجنة التشجيع السينمائي، ومن أبرز الوجوه الحاضرة نبيل كيلة مدير عام شركة LTCقمرت لطارق بن عمار وغانم غوار ....وتم ترديد عدة شعارات تندد باستئثار عدد من المنتجين بالدعم على حساب السينمائيين الشبان ... وما يلفت النظر أن من بين المحتجين المنصف الفهري كاتب عام النقابة الأساسية لتقنيي السينما، إذ كان ينتظر أن يكون الفهري أول المرحبين بقرارات وزير الثقافة منح 41 فيلما الدعم بمختلف الصيغ (دعم إنتاج،مساعدة لإنهاء، المساعدة على الكتابة...) وهي سابقة أولى في ما نعلم من حيث العدد أي أن فرص العمل ستكون أكبر للتقنيين الذين يمثلهم المنصف الفهري قيدوم المصورين الفوتوغرافيين السينمائيين المتقاعد فعليا عن العمل خلال السنوات الأخيرة بعد مسيرة طويلة ،فما الذي يفسر احتجاج نقابي عتيق مثل السيد منصف الفهري إذن؟ يذكر أن من بين السينمائيين الذين تمتعوا بالدعم مجموعة من الشبان فتحت لهم الأبواب لتنفيذ أعمالهم الطويلة والقصيرة من بينهم مهدي هميلي الذي ينتج له شابان هما محمد علي بن حمرا ورمسيس محفوظ (إبن الصحفي الراحل محمد محفوظ) وعادل بكري ومديح بلعيد وهند بوجمعة وسامي تليلي وكوثر بن هنية ومحمد عجبوني ونادية تويجر ومروى الرقيق...كما وافقت اللجنة على مشاريع كل من سلمى بكار (العضو بالمجلس التأسيسي والتي يعود آخر أفلامها"خشخاش" إلى أكثر من خمس سنوات مضت ) ومختار العجيمي الذي لم يقدم سوى فيلما روائيا يتيما هو "باب العرش" قبل ست سنوات وعانى طويلا من لجان الدعم في العهد السابق ، كما نسجل عودة الطيب الوحيشي إلى دائرة الضوء التي إبتعد عنها بسبب حادث مرور فظيع تعرض له قبل سنوات في الإمارات العربية المتحدة ... ولعل السؤال الذي ينبغي طرحه إلى متى يتواصل هذا الاستقطاب الثنائي الحاد بين كتلتين في قطاع السينما، الأولى واجهتها الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام التي تضم أبرز منتجي الأفلام في تونس - وهؤلاء يدافعون عن أحقيتهم في الحصول على الدعم لأنهم يتحملون متاعب إنتاج الأفلام التونسية في ظروف قاسية نتيجة غياب شبه تام لمصادر التمويل في الداخل والخارج وانكفاء التلفزة الوطنية على نفسها وامتناعها عن دعم أي فيلم وخاصة بعد الثورة المجيدة(هكذا تكون مكاسب الثورة وإلا فلا) واندثار أغلب القاعات السينمائية (هل يعقل أن تغلق الأفريكار والمونديال دون أن يحرك أحد ساكنا؟ ) والحالة المتردية للقاعات التي لم تغلق بعد ...- أما الكتلة الثانية فواجهتها رئيس جمعية السينمائيين منذ سنوات علي العبيدي الذي مازال متمسكا بالشرعية القانونية رغم الدعوة إلى إزاحته بالشرعية الثورية باعتبار ارتباطه الذي لا يخفى على أحد بنظام بن علي وبحزب التجمع إذ يذكر لعلي العبيدي تصريح شهير مفاده أن جمهوره يبلغ مليوني مشاهد هم عدد منخرطي التجمع ! وتضم هذه الكتلة أيضا منصف الفهري ونبيل كيلة وعدد من السينمائيين الشبان الذين يدورون في فلك طارق بن عمار كما تردد بعض المصادر . وهو ما يدعو إلى السؤال بقليل من البراءة وكثير من الشك الساعي إلى يقين الحقيقة:ما هو جوهر الخلاف بين الطرفين؟ولماذا بات علي العبيدي يستهدف صراحة مدير إدارة السينما فتحي الخراط من خلال مراسلاته منذ العهد السابق وآخرها في ديسمبر 2010 أسبوعا قبل أن تشتعل تونس غضبا؟ ولماذا يقف طارق بن عمار في الضفة المقابلة لغرفة منتجي الأفلام التي تجمع أهم منتجي الأفلام التونسية على قلتها ومن أبرزهم عبد العزيز بن ملوكة ورضا التركي ولطفي العيوني وناصر الكتاري وعماد مرزوق ومحمد الحبيب عطية؟ ألا يفرض المنطق أن يمد بن عمار يديه إلى هؤلاء لخدمة السينما التونسية من حيث الإنتاج وهي الثغرة الكبرى في علاقة طارق بن عمار بسينما وطنه الأصلي فهو تقريبا لم ينتج أي فيلم تونسي منذ ربع قرن في إنتظار إتضاح الصورة حول فيلم البوعزيزي لمحمد الزرن – المنشغل بتصوير أشغال المجلس التأسيسي- بل إن الآمال التي عقدت على إمكانية دخول بن عمار منتجا شريكا وموزعا لفيلم "آخر سراب" لنضال شطا( الذي تجمعه علاقة صداقة بنبيل كيلة ) كانت أقرب إلى السراب على الرغم من تصريح بن عمار العلني خلال الدورة الماضية لمهرجان "كان" بأنه قرر مساعدة نضال شطا لإنهاء فيلمه وتوزيعه بشكل عالمي وبأنه سيعود خلال أيام إلى تونس لتسوية الموضوع ، بعد أن تراجع بن عمار عن وعوده ، ويبدو أن الندوة الصحفية التي ستعقدها لجنة التشجيع السينمائي يوم الغد بمقر وزارة الثقافة - إن قدر لها أن تتم- ستكون فضاء مثاليا للجدال بين الكتلتين ، وقد اعتبر أحد السينمائيين أن هذه الندوة الصحافية تعكس ارتباك وزارة الثقافة بدءا برأسها في معالجة أبسط الملفات فلماذا انتظر وزير الثقافة الاحتجاج على قرارات اللجنة ليأذن بعقد الندوة الصحافية في حياض وزارته؟ ثم هل نسي الوزير أن اللجنة استشارية وأن قراراته هو هي الملزمة؟