قد يكون من البديهي أن نسوق على مسامع جماهير النادي الإفريقي العريضة الكثير من العبارات المستهلكة والمصطلحات البالية مع كل إخفاق جديد خاصة في مثل هذه المناسبات التي ألفها عشاق الأحمر والأبيض على غرار أن الحظ تنكر لكتيبة البنزرتي وان حماسة الشباب وحدها لم تف بالغرض و أن المارد الأحمر خسر اللقب الإفريقي لكنه اكتسب مجموعة شابة قادرة على إعادة الفريق إلى مداره الطبيعي بالنظر إلى قيمة الأسماء الواعدة التي يزخر بها الفريق ولكن من الضروري كذلك أن نشرع لكل هذه الجماهير حزنها وألمها الكبيرين لخسارة التاج الإفريقي خصوصا وان اللقب كان على مرمى حجر وعقدة السنوات الخوالي كانت قاب قوسين أو أدنى من الزوال... من حق جماهير النادي الإفريقي أن تتساءل بحرقة إلى متى يتواصل هذا النزيف؟ والى متى يواصل هذا الصرح الكروي تدحرجه من على عرشه ؟ والى متى يبقى الأفارقة مجرد شهود عيان عما يحصل من حولهم في وقت كانوا فيه أسياد القوم قبل أن يدور الزمن دورته وتتغير المعادلة ويصير الكبير مجرد رقم يزين خارطة الكرة الإفريقية... !؟ من المسؤول..؟ عوامل عدة ساهمت في تحويل مسار اللقب وضياع التاج الإفريقي وان كان من الصعب تحميل المدرب فوزي البنزرتي المسؤولية كاملة في هذا الإخفاق بالنظر إلى محدودية الرصيد البشري المتوفر لديه فان الهيئة المديرة للفريق تتحمل قسطا وافرا في الوصول بالفريق إلى هذا المآل على خلفية تجاهلها لحركات المد والجزر التي تحصل داخل أسوار النادي والى تلذذها بنسمات الثورة المضادة التي تسربت على غفلة من الجميع هذا دون أن ننسى طبعا تمرد نجوم الفريق وما نتج عنه من تراكمات كان نتاجها خيبة لا مفر منها... نجوم من ورق... لم يكن أكثر المتفائلين من جماهير الفريق ينتظر وصول الإفريقي إلى هذا الدور المتقدم من المسابقة الإفريقية ولكن لان الإفريقي قدره دوما أن يكون كبيرا فقد ارتفع سقف طموحات الجماهير وتعلقت همتهم بالكأس رغم يقين الجميع بتواضع المجموعة الحالية فنيا وكميا وكان عشاق الأحمر والأبيض يراهنون على بعض الأسماء التي خيل لها أنها من فئة النجوم لكن حقيقة الميدان أثبتت عكس ذلك وأكدت أن فريق باب الجديد لا يملك سوى مطاردة السراب وان كتيبة نجومه ليست إلا نسخة كرتونية للاعبين يستمدون وجودهم من "علب الجال" ويقتاتون من حبر العناوين الصحفية الخداعة لذلك لا فائدة من التباكي على لقب لا يرويه إلا عرق الرجال... حاميها حراميها... قد لا يصدق البعض أن أغلب رجالات النادي الإفريقي أو ما يعرف بمجلس حكمائه سروا كثيرا بخسارة الكأس الإفريقية وضياع التاج الأغلى وذلك حتى لا يقال أن جمال العتروس نجح في تحقيق ما فشل فيه غيره وحتى لا يصير العتروس العلامة الأبرز في تاريخ النادي كان لا بد له من مواجهة نفس المصير ليبقى الإفريقي جاثما على ركبتيه ويبقى الجميع في انتظار الفرج الذي قد يأتي قريبا من "مخزن البلدية"...في هكذا حال ليس المهم أن ينتصر الإفريقي أو ان ينتفض لكن المهم أن يبقى حكرا على حكومة الظل التي تسيره...ملكا لأبيه الروحي ومدعمه الأبدي... كي ينهض الإفريقي من جديد ويوفق جمال العتروس يجب أن يكون الجزاء من نصيب مجلس الحكماء لان الإفريقي مسألة كبرياء قبل كل شيء ومن تعود نظم المديح وجمع صكوك الثناء لا يقبل فلسفة التناوب ولعبة الشرعية لان الجمعية في نظرهم مجرد جسر عبور نحو جنون العظمة فتكون الجمعية هي أولى أسس الديكتاتورية والعنوان الأهم في صفحات العائلة الملكية ليكون دوما حاميها هو حراميها... انقلاب على الشرعية... المطلعون على خفايا الأمور في فريق النادي الإفريقي يدركون جيدا أن مخططات الانقلاب على شرعية جمال العتروس توزع على الحاشية مع كل رحلة يقودها الرئيس خارج الديار وكان لا بد من توقع الهزيمة والانكسار ليكون الأمر على شاكلة قضاء وقدر وتندفع صفوف الجماهير نحو مركب الفريق رافعة شعار الثورة "ديقاج"...المخطط يسطر في حضرة "الكبارات" ويمرر بأسماء فاعلة من داخل الهيئة...نفس هذه الأسماء احتفلت بنخب الهزيمة عقب العودة من المغرب وكأن وجع "الفاس" لم ينل منها... عندما يكون المسؤول في الإفريقي مجرد مخبر وعين الرقيب التي تلاحق تحركات الرئيس تأكد أن الإفريقي سيظل دوما لعبة في يد رجالاته و"كباراته" و أن مجرد الوصول إلى مباراة النهائي هو انجاز في حد ذاته بل معجزة وعندما يصرخ رمز من رموز النادي عقب الهزيمة "فمة ربي" تأكد أن دار لقمان باقية على حالها لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... على جمال العتروس أن يعي جيدا أن الرجات السلبية التي خلفها الإخفاق الإفريقي أمر متوقع ومنتظر لأنه الممضي الأول على انتصارات وانكسارات النادي وعليه فانه مطالب بطي الصفحة والنظر إلى الأمام بعين استشرافية تجعله قادرا على تجاوز هذا المطب على أمل استعادة ثقة الأنصار في قادم المشوار من جهة والتصدي لكل مخططات الثورة المضادة من جهة ثانية...