مثّلت الأحداث التي جدّت مؤخّرا بمنطقة بئر علي بن خليفة من ولاية صفاقس رسالة واضحة من البعض لزعزعة أمن و استقرار البلاد و أكدت على ضرورة تكاتف كلّ الجهود من أجل حماية الوطن. و جاء خطاب وزير الدّاخليّة "علي العريّض" مؤكّدا لذلك حيث نادى بضرورة بذل المساعي الأمنيّة القصوى للمحافظة على مناعة البلاد.لكن تطوّر خطابه ليمسّ من نقابة أعوان الأمن شكّل المنعرج الحاسم في المسألة إذ أنّ في تعبيره عن رفضه لتحرّكاتهم الاحتجاجية واستنكاره للتصعيد الذي يمارسونه و توعّده بانّ القانون سيأخذ مجراه و سيعاقب كلّ عون ضالع في تعطيل مصالح الشعب و عرقلة مصالحه ما جعل البعض يخمّن أن كلمات "العريّض" تخفي شيئا للنقابة. و بتواصل اتهامه للبعض منهم خاصّة باللا وطنيّة و بسعيهم الى تسميم أذهان الأعوان الشرفاء و تأكيده على انّه من غير المنطقي ان يطالب رجل الأمن بحقّه ما لم يقم بواجبه و انّ وزارة الداخليّة لن تكون رهينة أي نقابة و أنها ستعمل على تفعيل آليات حماية الأمنيين دون إملاءات من احد، ما جعل ردود الأفعال تختلف و تتباين حيث تم اعتبارها إشارة من الداخليّة تنمّ عن رغبة واضحة في حلّ نقابة أعوان الأمن. و قد دعّم هذا التصوّر القرار الصادر اول أمس عن وكيل الجمهوريّة و القاضي بفتح تحقيق في اعتصام نقابيي قوات الأمن الوطني الذي انطلق الأسبوع الماضي بساحة القصبة مستندا في ذلك إلى الفصلين 137 و146 من المجلّة الجزائية و المتعلقين بجريمتي تعطيل حريّة العمل و تعطيل حرّية التنقّل. و بخصوص هذه التصريحات و المواقف أعرب بعض أعضاء النقابة الوطنيّة لقوات الأمن الداخلي عن استيائهم من الأمر و رأوا فيها تحاملا على نقابتهم لكن عبروا عن ضرورة التريّث ما لم يصدر قرار نهائيّ . و أكّدوا على شرعيّة نقابتهم و استنادها إلى القانون بعد صدور المرسوم عدد 42 لسنة 2011 المنقّح و المتمم للقانون عدد 70 لسنة 1982 و المتعلّق بضبط القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي و الذي يسمح لأعوان الامن بتكوين نقابات مهنيّة مستقلّة و ممارسة العمل النقابي. مصدر بالدّاخليّة لم يؤكّد ولم ينف الخبر حول اعتزام حلّ النقابة لكنه عرّج بالقول إنّ ما تمارسه نقابة قوات الأمن هو سياسة ليّ الذراع مع السلطة و ذلك خدمة لأغراض فئات مهيمنة على مستوى وزارة الداخليّة. و أضاف انّه استنادا لتصريح "عدنان منصر" الناطق الرسمي باسم الرئاسة أول أمس و توعّده بمعاقبة الأمنيين القائمين بالاعتصامات فإنّ نيّة حلّ النقابة يمكن أن تكون مبيّتة لينضوي الجميع تحت لواء الاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن الداخلي.و يذكر انّ "الباجي قائد السبسي" أثناء تولّيه مهام الوزارة قد أقرّ مجموعة من الإجراءات أهمّها توقيف أي عمل نقابي لقوات الأمن و حلّ نقابتهم و إحالة بعضهم على المحاسبة لكنه سرعان ما تراجع عن قراره نتيجة خروج الأوضاع الامنيّة عن السيطرة. فهل تحقّق الداخليّة ما كان يأمله السبسي؟