هي لوحة فنية كبيرة الحجم من مادة " البوليستار " جسد من خلالها صاحبها الفنان " سالم بورخيص " أصيل المدينة جزءا من المخزون الحضاري لمدينة حمام سوسة ....صورة للمرأة الحمامية بلباسها التقليدي ( التخليلة و الفوطة و المنشف ...) ترقص على إيقاعات فولكلورية . هذه المرأة بهذه الخصوصيات ( اللباس ) و إن لم نعد نراها بكثرة في شوارع المدينة و أزقتها فإن الفنان سالم بورخيص بلوحته تلك التي زين بها الجدار الرئيسي لدار الثقافة علي الدوعاجي بحمام سوسة أراد أن يجعلها و هي التي ربت أجيالا و أعدت إطارات، حاضرة على الدوام في المدينة ، تنبش الذاكرة و تحيل على التاريخ و الحضارة . لكن في صبيحة يوم الثلاثاء الماضي و في غفلة من الجميع امتدت الأيادي المشبوهة إلى هذه اللوحة و أضرمت فيها النار لتأتي على جزء منها ، حادثت أصابت النخبة و العامة على حد السواء بالصدمة و خلفت لديهم استياء كبيرا و تساؤلا حول المجرم و أهدافه و غاياته . التونسية تابعت الموضوع و علمت أن السيد المندوب الجهوي للثقافة تحول لمكان الجريمة حال وقوعها و عاين بنفسه الحريق كما علمنا أن مركز الشرطة قد فتح تحقيقا لتحديد الجناة أو الجنات ورفض توجيه التهمة لأي كان في انتظار استكمال الأبحاث . أما النخبة المثقفة في المدينة فقد التقت غالبيتها في توجيه أصابع الاتهام إلى أنصار التيار السلفي و اعتبروا أن عملية الحرق هي رسالة تتضمن إعلان حرب الاستئصال على الفنون و الثقافة و كل أشكال الإبداع ، حربا ستؤدي في النهاية لتغيير المفاهيم الجمالية المتداولة في البلاد و تصحر المشهد الثقافي فيها و نفوا بشكل قطعي أن يكون الحرق مجرد حادث إجرامي غير مسؤول . و في غياب الدلائل و القرائن التي تدين أيا كان في هذه الجريمة ، و في انتظار ما ستكشفه الأبحاث فقد ارتأت المجموعة المحلية أن تزيل مظهر السواد الذي لحق بالجدار أثناء الحريق و أن تحتفظ بما تبقى من اللوحة حتى تكون حاضرة وشاهدة على الجريمة و لسان حالها يقول " احذروا أعداء الإبداع فقد مروا من هنا و قد تكون لهم عودة ! "