مواطن فرنسي من أصل جزائري... ضرب في مناسبتين موعدا مع القتل.. وفرض نفسه كورقة في الانتخابات الفرنسية، محمد مراح سلفي جهادي... وعلى جواز سفره أختام... إسرائيل... العراق، سوريا والأردن.. وآخر مرّة كان في قندهار.. إنه المسار المثالي للتأكيد على أن تنقلاته بين هذه الدول ليس لأغراض سياحية... في أوج الانتخابات عاد الكابوس التقليدي الإرهاب ليفرض نفسه على كل الأطياف السياسية.. والمنتفع الأول هو ساركوزي الذي يحاول أن يلعب في عقر اليمين المتطرف.. ساركوزي المترشح المتخلي يستعيد بدلة الرئيس... والأكيد أن الخطاب قبل حادثة تولوز سيتغير بعد الحادثة.. كان الحديث عن الركود الاقتصادي و«المغامرات الحربية»... والآن سيتحول إلى الأمن والإرهاب وتعود الريبة في المهاجرين... دون شك ساركوزي يفضّل العزف على هذا الوتر ليخفي الإخفاقات الأخرى. بينما خطاب اليسار الذي كان معتدلا سيعرف انتكاسة.. منطق القوّة هو الذي يحسم في هكذا حالات وليس منطق حقوق الإنسان والمساواة في فرنسا متعددة الدّيانات والأعراق.. وعندما يسود الخوف تختفي المطالب الأخرى.. ويقايض المواطن حريته وكرامته بالأمن والأمان. ما حدث في فرنسا سيفيض على حدودها إلى الضفة الأخرى من المتوسط.. إلى شمال إفريقيا حيث تنشط قاعدة المغرب العربي وحيث نمت السلفية في «الربيع العربي»... وصارت محور التجاذبات في أجواء ضبابية لا تبوح بكل ألغازها... والأكيد أن فرنسا تعرف ما فعلته بليبيا... وما تركته من أسلحة غطت الصحاري.. وتعرف من استحوذ عليها.. ولكنها لا تدري إلى صدر أي دولة ستوجه هذه الأسلحة... ساركوزي وغيره قادرون على منع مواطنيهم من السياحة والاستثمار في شمال إفريقيا... ولكنهم غير قادرين على منع سياحة تلك الأسلحة إلى أوروبا... وللأسف فإن الإرهاب أعمى والذين يكتوون بناره يمارسون إرهابا مماثلا على كل عربي مسلم ولو كان حاملا للجنسية الفرنسية.. وغدا سنرى الخطاب العنصري ينتصر.. على من؟ على القيم الإنسانيّة أولا.. وآخرا... يتلوه تصفيق حار.. لأن محمد مراح صوّت للمغالين...