تزخر ولاية سليانة بعديد المناطق الطبيعية الخلابة والتي من شأنها أن تتحول إلى أقطاب للسياحة البيئية والجبلية إلا أن الظروف الملائمة لذلك لم تتوفر بعد.. "عين بوسعدية" هي من الجهات المنسية، تقع على بعد 25 كلم من معتمدية برقو وتعرف بطول غاباتها وكثافتها وتنوعها، إضافة إلى كثرة العيون التي تنساب من أعماق غابات جبل برقو والتي لا تنضب حتى في سنوات الجفاف وتوجد بها عديد الكهوف والدواميس والمسالك الغابية زيادة عن الثروة الحيوانية. والتي تتصدرها الأبقار البرية التي تتخذ من المناطق الغابية الكثيفة والعالية مكانا لها. أما جولات الصيد لهذه النوعية من الأبقار أو لغيرها من الحيوانات والطيور فهي مناسبات في غاية الروعة رغم صعوبة التضاريس ومشقة الرحلة. و«عين بوسعدية» ضاربة في القدم وتاريخها يشهد بذلك فهي تحتوي على أربع قرى قديمة تفصل بينها بعض الكيلومترات خيّر سكانها القدامى الاستقرار في المرتفعات، أما سكانها اليوم فقد غيروا تلك الأماكن واقتربوا من المناطق السهلة ولم يعد يشدهم إلى القرى القديمة سوى بعض الذكريات والطابع التقليدي لتلك البناءات التي شيدت بأحجار الجبال وأوتاد الأشجار والطيون المحلية. ويوجد بها «برج» يعود إلى عهد الحماية الفرنسية يتمركز بالقرب من العين ويطل على «الكهف الأحمر» مما يبين أن الفرنسيين آنذاك أدركوا جمالية المكان وسعوا إلى تعميره إضافة إلى مقبرة الشهداء التي تقف شاهدة على الدور النضالي لأهالي تلك المنطقة زمن الاستعمار الفرنسي وخصوصا معركة جبل برقو. وتجدر الاشارة إلى أن منطقة عين بوسعدية تعتبر جزءا من شريط سياحي يربطها بالمنطقة الأثرية «باز» وصولا إلى «جبل السرج» و«سيدي حمادة» و«عين الذهب» حيث توجد عديد المغاور وتنتشر الغابات الكثيفة والمتنوعة التي تربطها بمدينتي كسرى ومكثر حيث المواقع الأثرية والعيون والشلالات وكل هذه المناطق لها جمالية ساحرة سواء في فصل الصيف بنسائمها العليلة ومياهها العذبة، أو في الشتاء بثلوجها. ورغم توفر هذه المنطقة على كل المقومات التي تؤهلها لتكون منطقة سياحية بامتياز فإنها إلى اليوم تعاني من التهميش وتنتظر مبادرات جدية تسعى إلى إحيائها واستغلالها. فهي تفتقر إلى بنية تحتية وشبكة طرقات تربطها بالولايات المجاورة، إلى محدودية طاقة الاستيعاب بالنسبة للمركب الشبابي بعين بوسعدية وغياب المطاعم والمقاهي السياحية. وكل ما يتمناه شباب هذه المنطقة اليوم هو لفتة جدية من الجهات المعنية للتعريف بها وتحفيز المستثمرين على القدوم إليها للتعرف على فرص الاستثمار في القطاع السياحي.