احتشد صباح أمس أهالي «حي الملاّحة» بمنطقة «رادس» التابعة لولاية بن عروس أمام مقر مكتب البريد بالحي للمطالبة بالإفراج الفوري عن ذويهم بعد اعتقالهم من قبل رجال الأمن اثر الاشتباكات التي شهدتها المنطقة على خلفية تنظيم شباب المنطقة وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل وتنديدا بنتائج مناظرة الشركة التونسية للشحن والترصيف التي لم تنصف أبناء الحي حسب تعبيرهم والتي تحولت فيما بعد إلى أعمال عنف دامية غير مسبوقة . وبدت ملامح الغضب والاحتقان بادية على وجوه المعتصمين حيث أرجعوا ذلك إلى ما أسموه «سياسة القمع والتنكيل التي تنتهجها السلطات بحق أبنائهم إضافة إلى الاعتقالات العشوائية التي مارستها الأجهزة الأمنية طيلة يوم كامل». الزحف على القصر الرئاسي وهدد بعض المعتصمين بالتحول إلى القصر الرئاسي في حال عدم الاستجابة إلى مطالبهم والالتقاء برئيس الجمهورية المؤقت «المنصف المرزوقي» لإبلاغه مشاغلهم وتشكياتهم مما عانوه من قمع واضطهاد.وشبّهت والدة أحد المعتقلين ما جد في حي الملاحة بما يحدث في الأحياء السورية التي تعاني ويلات الحصار والقصف والمداهمات. وبيّن الحاضرون أنهم لن يفكوا اعتصامهم الا بعد الإفراج عن المعتقلين البالغ عددهم 20 ومن بينهم فتاة تدعى سناء العياري, وقال البعض: «ان المسؤولين يتقاضون أجورا مرتفعة في الوقت الذي تعاني فيه فئة كبيرة من المجتمع التونسي من الفقر المدقع» داعين المسؤولين الى التحرك السريع لانتشال الشباب التونسي من بوتقة البطالة والفقر. اعتداءات وإصابات بالجملة "التونسية" تجولت في أزقة «حي الملاّحة» وزارت البيوت للوقوف على حقيقة ما حدث, حيث كان الوضع هادئا وكان الأمن العمومي منتشرا على حافة الطرقات تحسبا لوقوع أعمال عنف جديدة . وروى عدد من الأهالي تفاصيل الاعتداءات الأمنية وأوضحوا ان هراوات أعوان الأمن لم تستثن أحدا فطالت الكبير والصغير والمرأة والرجل وحتى العجائز والأطفال. وفي هذا الإطار أكدت لنا مسنّة أنها تعرضت للتعنيف والضرب المبرح من قبل رجال الشرطة باستعمال «الماتراك» وأضافت أنها تعاني من إصابة خطيرة على مستوى الرأس استوجبت نقلها إلى المستشفى 4 مرات متتالية, وكانت أثار «الغرز» بادية عليها . ومن جانب آخر كشفت إحدى السيدات ان أعوان الأمن داهموا منزلها وانهالوا عليها ضربا في مناطق حساسة من جسدها . وقد التقينا عددا كبيرا من المصابين الذين تحدثوا بلوعة ومرارة عما لحقهم من اعتداءات وانتهاكات جسدية, واضافوا انهم تعرضوا الى وابل من الشتائم والثلب خلال عملية المداهمة من قبل أعوان الأمن. كما أحضرت بعض الأمهات أبناءهن وأكدن أنهم تعرضوا الى حالات اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي تعددت أشكاله وأنواعه وأضفن أن أعوان الأمن أطلقوا قنابل الغاز بشكل عشوائي. مداهمة المنازل وتهشيم أثاثها وأبرز «منير» أن الأمن العمومي قام بحملات تمشيط واسعة النطاق استهدفت اغلب منازل الحي، وأضاف أن قوات الأمن داهمت منازلهم مستخدمة الغاز المسيل للدموع وذلك لملاحقة مجموعة من الشبان الذين نظموا الاعتصام واعتقلت عددا منهم. من جانب آخر أوضح «العياري« أنّ الأمن اعتقل شقيقته «سناء» عنوة بعد مداهمة المنزل، وأضاف أن الأعوان قاموا بجرها من شعرها وسحلها في الطريق على مرأى ومسمع من سكان الحي الذين ناشدوا أعوان الأمن إخلاء سبيلها لكن توسلاتهم ذهبت أدراج الرياح. ودعانا المتساكنون الى زيارة منازلهم للوقوف على الأضرار التي لحقت بها جراء الاعتداءات الامنية, لتكتشف أنّ أثاث عدد من المنازل تحوّل إلى ركام وحطام وفي هذا الصدد صرح بعض المتساكنين ان قوات الامن اقتحمت منازلهم وهشمت الاثاث والاغراض مستغربين سبب اقدام الامن على مثل هذه التصرفات التي قالوا انها «قمة الاضطهاد والقمع". تكذيب وكذّب متساكنو «حي الملاّحة» تصريحات المسؤولين بوزارة الداخلية وفندوا ما اسموها الاخبار الكاذبة التي تروجها الداخلية بخصوص نقل عون أمن أصيب اثر الاشتباكات مع المحتجين مؤكدين ان عون الامن اصيب عن طريق الخطأ اثر دهسه بسيارة شرطة , واضاف المتساكنون انهم لا يسعون الى الانخراط في عمليات تخريب كما يدعي البعض والدليل انهم لم يعتدوا على المقرّات الأمنية أو المؤسسات الحكومية بالحي على غرار مكتب البريد. ندم على انتخاب "النهضة" وأعرب عدد كبير من الحاضرين عن ندمهم الشديد على انتخاب حزب حركة «النهضة» واتهموا الحزب الحاكم بازدواجية الخطاب واتباع سياسة الكيل بمكيالين . كما بينوا ان المسؤولين بحركة «النهضة» تنكروا للوعود التي قطعوها على انفسهم واهتموا بمسائل هامشية لا تغني من جوع وأضافوا ان الحركة لا تسعى لتحقيق اهداف الثورة وانما لخدمة مصالحها الخاصة. طرد وسائل الإعلام والاعتداء عليها أكد سكان «حي الملاّحة» أن أعوان الأمن اعتدوا على الصحفيين الذين قدموا لتغطية الحدث, واضافوا انهم قاموا بطرد بعض وسائل الاعلام ومنعها من تصوير اعمال العنف والاعتداءات الأمنية , وندد المتساكنون بهذه الممارسات التي اعتبروها تكبيلا لحرية الرأي والاعلام وقالوا إن السلطات المعنية تنتهج سياسة المغالطة والتعتيم وتزييف الواقع. إضراب بميناء رادس وأعلمنا أحد المتساكنين الذي يعمل في ميناء رادس أن عمال وأعوان الميناء دخلوا في اعتصام مفتوح احتجاجا على اعتقال زميل لهم من طرف اعوان الامن , واضاف ان كل عمليات الشحن والتزويد توقفت بسبب الإضراب. بيان وزارة الداخلية من جهتها قالت وزارة الداخلية في بلاغ لها ننقل أهم مقاطعه حسب ما ورد في «وكالة تونس إفريقيا للأنباء» «إن مجموعة في حي الملاحة برادس، تعمدت مساء الجمعة الماضي قطع الطريق المؤدية إلى الميناء التجاري برادس والمنطقة البترولية والشركات المحاذية، مما عطل سير الشاحنات والسيارات وذلك على خلفية الاحتجاج على نتائج انتدابات بالشركة التونسية للشحن والترصيف..., ورغم تحرك السلط الجهوية وحوارها معهم طوال الليل، فقد تواصل غلق الطريق إلى صبيحة السبت، حيث سجلت تجاوزات خطيرة من قبل المتجمهرين تمثلت في تعمد بعضهم إضرام النار ببعض العجلات المطاطية والسيطرة على شاحنات نقل قوارير الغاز السائل وفتح بعضها في الهواء وإشعال عدد منها" وأضافت الداخلية أن المحتجين افتكوا مفاتيح عدد من الشاحنات وهددوا بحرقها مع الاعتداء بالعنف على سواقها وعلى سائق حافلة نقل عمومي والقيام بأعمال سطو على عدد من مستعملي الطريق وإجبار عدد آخر على دفع مقابل مالي من أجل المرور. كما أوضحت وزارة الداخلية أن الوحدات الأمنية واعتبارا منها لخصوصية المنطقة والمخاطر الموجودة، «سعت إلى إيجاد حلول عبر التحاور مع المتجمهرين" وذكرت الوزارة أنه «أمام التجاوزات والمخاطر المحدقة، اضطرت الوحدات لتفريق المتجمهرين وفتح الطريق وتراجعت هذه المجموعات إلى داخل الحي وواصلت مهاجمة أعوان الأمن من الأنهج ومن فوق الأسطح، بشتى المقذوفات والزجاجات الحارقة، إضافة إلى التجاهر بما ينافي الحياء من خلال التعري، وذلك سعيا منها إلى استعادة السيطرة على الطريق العام» وهو ما اضطر الأعوان، حسب نص البلاغ، «إلى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع ومطاردة المعتدين وإيقاف 25 منهم" وأفاد بلاغ وزارة الداخلية أنه تم خلال هذا التدخل «تسجيل إصابة عدد من الأعوان بجروح ناجمة عن الرشق بالحجارة، كما أصيب عون أمن بكسر على مستوى الرجل». كما أشارت الوزارة إلى أنها «ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها هذه المجموعات قطع الطريق والسكة الحديدية وإرباك حركة المرور وتفويت مصالح المواطنين والشركات"