لم يقطع قرار وزارة الداخلية بمنح الاتحاد العام التونسي للشغل و«اتحاد عمال تونس» ترخيصا للاحتفال في شارع الحبيب بورقيبة بعيد العمال، مقابل رفض نفس الطلب الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية ،مخاوف بعض الشغالين من أن تعمد بعض العناصر السلفيّة او الاسلامية المتشددة إلى العمل على تحويل مسيرة الشغالين عن منحاها السلمي «من باب التشفي والانتقام»-حسب تعبير البعض منهم، في صورة تعيد للأذهان أحداث يوم الأحد 25 مارس بشارع الحبيب بورقيبة أو ما يعرف بأحداث «غزوة المنقالة» التي أقدمت خلالها مجموعة من المشاركين في مسيرة «نصرة القرآن الكريم» على الاعتداء على المسرحيين وطردهم من الساحة وإعاقة نشاطهم التظاهراتي لتعمّ الفوضى الأرجاء ويتحول العنف إلى لغة الخطاب، الأمر الذي انتهى باتخاذ وزارة الداخلية قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة درءا للمشاكل وحفاظا على الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك المؤسسات التجارية والسياحية بالشارع وضمان سيولة حركة المرور. فقد أعربت اغلب الأوساط الشغيلة عن استغرابها من السبب الذي يدعو حزبا وسطيا ذا مرجعية دينية يؤمن بقيام الدولة الإسلامية إلى التقدم بطلب للترخيص له بالتظاهر بشارع الحبيب بورقيبة في يوم احتفاء الشغالين بعيدهم العالمي خاصة وأنها مسيرة نقابية عمالية بالأساس في حين أن هذا الحزب الوسطي ذا المرجعية الإسلامية والذي يؤمن بقيام الدولة الإسلامية، يكرس حسب ما يرتئيه البعض مبدأ الركوب على الحدث مستغلا المناسبة(عيد العمال العالمي 1 ماي) لخدمة مآربه وأهدافه الحزبية والسياسية الضيقة بعيدا عن إعلاء صوت الطبقة الشغيلة الكادحة وتبليغ مشاغلها ومطالبها الضرورية-حسب بعض العملة-. ورأى بعض العمال ممن التقتهم «التونسية» أن نوايا الحزب المذكور تفسّر نسق تحضيرات الاتحاد العام التونسي للشغل المرتفع والتركيز على الناحية الأمنية للمسيرة المزمع تنظيمها بشارع الحبيب بورقيبة ، حالة الحذر والتوجّس التي تتملك النقابيين والعملة شكا منهم انه ثمة من يسعى إلى إفساد مسيرتهم وتحويل فرحتهم إلى نكد، حيث يقول السيد «سامي الطاهري» كاتب عام الاتحاد العام التونسي للشغل «نعلم أنّ بعض المندسين يسعى إلى إفساد تظاهرتنا، وسنعمل جاهدين على منعهم من نيل مبتغاهم ودليل ذلك أننا قمنا بتحضير أنفسنا جيدا بخصوص توفير الحماية لمتظاهرينا.. وعلى من تخامره فكرة أننا سندخر أي جهد في الدفاع عن مسيرتنا ان يعيد حساباته وأن يدرك جيدا أننا جد حذرين وهو ما يتعارض مع أن نكون خائفين إن ظن البعض ذلك». أحزاب تنوي المشاركة بغية «التقييم والمراقبة» ! وعلى اثر قرار رفض مطلبه في الحصول على ترخيص التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة، أكد رئيس حزب العدالة والتنمية السيد «عبد الرزاق بن العربي» أنه ما من داع بشأن التخوف بأن يعمد الإسلاميون عموما والسلفيون خصوصا إلى إفساد مسيرة الاتحاد، قائلا: لو كنا ننوي الدعوة إلى إفساد التظاهرات لكنا توجهنا بالدعوة الى ذلك لحظة حرماننا من ترخيص التظاهر، ولكننا ندعو كل القواعد الإسلامية إلى المشاركة في هذه التظاهرة العالمية بشرط أن تكون مشاركتهم ايجابية وفاعلة وفي المقابل على الاتحاد أن يلتزم بالحيادية وعلى اليساريين أن يبتعدوا عن الاستفزاز...حيث أن 1 ماي يمثل تاريخ أول امتحان جدي ويمثل منعرجا حاسما ومفترق طرق أمام مستقبل البلاد، سنشارك في هذه التظاهرة وسنلعب دور الرقيب والمقيّم لما سيدور من احداث في هذا اليوم ،فإن أحسسنا بأيّة استفزازات فسيكون رد فعلنا أقوى من مسيرة الأحد(غزوة المنقالة) التي جمعت 50 ألف إسلامي ،و سنعمل على تعبئة كل الطاقات الاسلامية لرد الفعل. وفي ذات السياق، أكد رئيس «حزب الكرامة والمساواة» ذي التوجه الإسلامي السيد «رياض العامري»، أن الحزب سيشارك في التظاهرة التي ينظمها الاتحاد العام التونسي للشغل «لان حركة «النهضة» ستنزل بقوة يوم 1 ماي وسط تغطية أمنية كبيرة، زد على ذلك أن الاتحاد لن يدخل هذه التظاهرة بالقوة المرجوة وحركة النهضة هي التي ستسير الأمور»-على حد تعبيره-. كما أشار السيد «رياض العامري» إلى أنه كان يرجو من وزارة الداخلية أن تمكن الحزب الإسلامي (حزب العدالة والتنمية) من ترخيص التظاهر للحد من احتقان بعض الأطراف، مضيفا «نحن نعرف سبب اتخاذ الوزارة لهذا القرار ولا نلومها على ذلك». أحزاب أخرى ترفض المشاركة حتى...؟ اقر الناطق الرسمي لحزب التحرير السيد «رضا بلحاج»، بأنه من الخطأ «منع إخواننا من التظاهر بداعي انهم قد يفسدون التظاهرة ونصدر أحكاما مسبقة في حقهم» على حد تعبيره ، مؤكدا ان «حزب التحرير» لا يزمع المشاركة في هذه التظاهرة «حتى لا يقحم الحزب نفسه في فخ التجاذبات السياسية واستغلال الحالة الشعبية والمناسبات خدمة للمصالح الحزبية...و يكون الضحية من هذا كله المواطن ولا احد سواه» دائما حسب اقواله . كما أشار السيد «رضا بلحاج» إلى أن ما حدث سابقا «من أعمال عنف وصدام بين الإسلاميين والمسرحيين كان نتيجة قرار وزاري خاطئ» حسب رأيه، مضيفا «نعلم أن يوم 1 ماي سيكون يوم النوايا المبيّتة وهو ما لا نريده ونرفضه، إذ أن العمال يخوضون الصراع اليومي من اجل لقمة العيش وليس لخدمة الأجندات والتوجهات السياسية لهذا الطرف أو ذاك...لذلك نرفض المشاركة في تظاهرة 1 ماي ونأمل ان يمر يوم عيد العمال العالمي بخير ومن دون اية مشاكل تذكر حتى نجنب البلاد ما لا طاقة لها به». وفي ذات التوجه، أعرب رئيس «حزب الوحدة والإصلاح» ذي التوجه الإسلامي الإصلاحي السيد «عز الدين بو عافية»، عن توجّه نية الحزب إلى عدم المشاركة في تظاهرة يوم 1 ماي «وان كنا سنشارك فستكون مشاركة رمزية لا غير» –حسب قوله،مضيفا «إن التشدد والتطرف لا مبرر له حيث من يعمد إلى ترويع الآخرين وتعنيفهم تحت اسم الإسلام لا يمكن أن يكون لا إسلاميا ولا ديمقراطيا، يكفي البلاد ما تعانيه من تشتت وانقسام وعلى كل التونسيين أن يتوحّدوا بعيدا عن منطق التعصب والتآمر ودس الدسائس لان كل أنظار العالم في الوقت الراهن موجهة إلى بلادنا». أما عن حزب حركة «النهضة» فقد أكد عضو حركة «النهضة» السيد «زبير الشهودي» أن أنصار الحزب ومناضليه سيشاركون في تظاهرة 1 ماي، قائلا «إن عددا كبيرا من أنصار الحزب منخرطون في الاتحاد العام التونسي للشغل... وسيشاركون في هذا الإطار، إذ كنا قد دعونا المنخرطين إلى النأي بالعمل الحزبي عن العمل النقابي». و بخصوص تخوفات البعض من إمكانية سعي بعض الأطراف، مثل تلك التي كانت قد عطلت تظاهرة المسرحيين، أن تعيد الكرة بخصوص تظاهرة الشغالين، أكد السيد «زبير الشّهودي» انه ما من داع من مثل هذه التخوفات، مضيفا «إن مزاجيّة البعض لن تكون عائقا بحول الله أمام إنجاح تظاهرة كبيرة كما التي ستعيشها البلاد يوم 1 ماي، والتفاؤل ضروري في كل الأحوال».