رغم كلّ الجهود التي بذلت في السابق لإخضاع وغربلة ما ينشر على شبكات الانترنات فإنّ الفايس بوك يعتبر من الحلقات التي أفلتت من قبضة السلطة وساهمت في خلع نظام دام 23 سنة ليصبح وسيلة التونسي الأولى للتعبير عمّا يختلج في صدره من مواقف وتعاليق على ما يسمع ويرى إلى جانب تبادل الأخبار والصور... وكذلك «التنبير» . آخر ما جادت به قرائح التونسيين في الدعاية والمزح والتنكيت على شبكة التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» تعاليقهم على ما لاحظوه من تعديل على أسنان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» حيث نشرت له صورة وهو يبتسم في لقطة قديمة تظهر انّ طاقم أسنانه يحمل في المقدّمة «فلجة» وبجانبها صورة جديدة للشيخ وقد استوت فيها أسنانه بشكل جميل وكان التعليق «الحمد الله الثورة بدأت تحقّق أهدافها» وذهب بعض آخر إلى إنشاء صفحة فايسبوكية له أطلق عليها اسم «لجنة الحفاظ على أسنان راشد الغنوشي». وقبلها مثّلت هزيمة الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته «نيكولا ساركوزي» أمام منافسه « فرنسوا هولاند» حدثا أثار ردود أفعال متباينة في اوساط المجتمع التونسي. ومن أبرز التعاليق التي نشرت على الفايس بوك تلك التي ظهر فيها الرئيس المخلوع بن علي وهو يخاطب ساركوزي بعد هزيمته في الانتخابات قائلا له «مانيش باش نكون قليل اصل كيفك وما نراش بالعشرة إيجا عدّي أيامات بحذانا في جدّة باش كان عندك دوسيات خايف لا تتكشف أتو يحميك ملك السعودية» صاحبها تعليق مفاده ان بن علي سيكون أكثر الناس فرحا لانهزام حليفه السابق والمتخلّي عنه يوم هروبه من تونس. كما اكتسح آلاف النشطاء التونسيين الصفحة الرسمية للرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي تروج لحملته الانتخابية استعداداً للانتخابات الرئاسية القادمة وكتبوا عليها باللغة العربية تعليقات راوحت بين النقد والسخرية وتضمنت في مجملها مساندة التونسيين لمتظاهري «وول ستريت» بعد أن رفع هؤلاء شعارات باللغة العربية شبيهة بتلك التي رفعها التونسيون إبان الثورة لإسقاط نظام الرئيس المخلوع على غرار «الشعب التونسي يدعو السلطات الأمريكية إلى احترام حرية التعبير وعدم اللجوء إلى القمع والتعدي على حقوق المواطنين الأمريكيين» و«رئيس الحكومة التونسية لا يستبعد التدخل العسكري لإنهاء الأزمة الأمريكيّة ويقول إن ساعات حكم أوباما صارت معدودة» و«تونس تحذّر رعاياها من السفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية». كما كتب بعضهم قائلا «مايكل البوعزيزي يشعل النار في جسده احتجاجاً على إهانته من شرطية أمريكية في إشارة لمفجر الثورة التونسية محمد البوعزيزي». وعلّق آخر «السلطات الأمريكية تُلقي القبض على المغني «ايمينام» بسبب أغنيته «السيّد الرئيس»، في إشارة ساخرة إلى ما أقدم عليه نظام بن علي عندما أمر باعتقال مغنّي الراب «الجنرال» والذي كان قد أصدر أغنية بعنوان «رئيس البلاد» ووجّه له عبرها نقدا لاذعا لعدم إيفائه بوعوده التي قطعها على نفسه أمام الشعب التونسي. وكتب تونسي: أنطونيو كوين في «سي إن إن» هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية»، في إشارة إلى الجملة الشهيرة التي قالها كهل تونسي إبان الاحتجاجات وتداولتها محطات عربية. ومن أكثر الشخصيات السياسية التونسية التي تثير تصريحاتها سخرية وتهكّم اغلب الناشطين والمدوّنين يمكن ذكر وزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام خاصة تصريحاته القائلة أنّ «السواحل التونسية تمتدّ على أكثر من 500 كلم، وانّ عاصمة تركيا هي اسطنبول» فعلّق بعضهم على تلك التصريحات بتهكّم قائلين على لسانه «رفيق عبد السلام : أحسن حاجة في اليابان، سور الصّين العظيم». كما أثارت حادثة تقبيل يد الرئيس المرزوقي أثناء زيارته مؤخّرا إلى سوق الجملة ب«بئر القصعة» موجة من التعاليق الساخرة عبر موقع الفايس بوك الشيء الذي اجبر الصفحة الرسمية للرئاسة على حذف فيديو الزيارة. ومن أبرز التعاليق يمكن ذكر « بعد ما كنّا قبل 14 جانفي 2011 نعانيو في الله أحد.... الله أحد.... بن علي ما كيفو حدو التجمع حزبنا....والزين رئيسنا...اليوم وبعد ثورة الكرامة رجعنا لتقبيل يد المرزوقي» و«الشعب هو اللي يصنع الدكتاتور » أو«أسال على صاحبك ستغناشي أما الطبيعة هيّا هيّا». ومن آخر التعاليق الساخرة على الفايس بوك واحد يقول على هامش زيارة القرضاوي إلى تونس: «طلبنا منهم قرض... بعثولنا القرضاوي». ولعلّ من أطرف التعاليق التي ظهرت على موقع الفايس بوك تعليق على خبر ورد ب«التونسية» تحت عنوان «ماذا يحدث في القصر الرئاسي» (ص 8 – العدد 137) جاء فيه «قصر قرطاج سنتر لتمسيد وإزالة أوجاع الرقبة والمسلان لمخلفات أحداث العرك على كراهب ليلى بن علي وكوستيمات المخلوع وإزالة كلّ أوجاع الأعباء الوزارية ماساج لوكس» وقال تعليق آخر حول نفس الخبر «يحساب روحو في مسرحية الزعيم»... بينما قال تعليق آخر «لازم إحداث خطّة وزير دولة مكلّف بالتدليك الثوري لدى رئاسة الجمهورية المؤقّتة». وحول مداولات المجلس الوطني التأسيسي والأحداث التي يشهدها من حين لآخر خاصة بين نائب العريضة ابراهيم القصاص ورئيس المجلس مصطفى بن جعفر علّق احد المدوّنين على الوضع قائلا «وصلتنا معلومة مفادها أنّ المخلوع يعيش حالة من الاكتئاب وأنّو جرّب الدوايات الكلّ وجابولو الدّكاترة الأمريكان اللّي في السعوديّة الكلّ وما فاد فيه شيء.. حاصيلو ما لقاوْلوش حلّ، حتّى البوخوخو ما نفعوش.. حتّى نهار من النهارات قرر الزّعبع أنّو يقصّ عالدوايات الكلّ ويتفرّج في البثّ المباشر لجلسات المجلس التأسيسي التونسي.. ومن يومها وهوّ شايخ وعامل بون كيف ويضحك من الأعماق ويقهقه بكلّ حزم». أمّا عن التلاعب في التصويت على قانون المالية التكميلي داخل المجلس فقد جاء التعليق التالي «فقط في المجلس التأسيسي التونسي النواب الحاضرين في جلسة 142 وعدد الأصوات 165 من بركات «النهضة», حتى من الملائكة ولات تصوت معاهم».