سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الجيلاني الهمامي " (قيادي في حزب العمال التونسي) ل"التونسية": "النهضة" تنتصب في الشارع وفي "التأسيسي" للدفاع عن الحكومة و هذه حقيقة سعيها إلى إقصاء التجمعيين
- "خروج الثورة من إبط القرضاوي".. إهانة للشعب - على الشعب التمسك بمطالبه مهما كان الحزب الحاكم هو مناضل، دخل السجن مرتين بسبب نشاطاته الحزبية ومسؤولياته النقابية.. وهو مدافع «شرس» عن حقوق الإنسان ومنخرط بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهو عضو مؤسس لحزب العمال الشيوعي التونسي، له عديد الكتابات في المجال النقابي والاقتصادي والسياسي. كان رمزا من الرموز المناضلة في الإتحاد العام التونسي للشغل في مختلف المراحل، عرف التشريد والقمع في العهد البورقيبي وفي عهد «المخلوع». هو الجيلاني الهمامي من مواليد سنة 1957 ببوعرادة من ولاية سليانة متحصل على الإجازة من المعهد العالي للبريد والاتصالات وعلى شهادة المرحلة الثالثة «علوم سياسية» من كلية الحقوق بتونس. «التونسية» التقته، وخاضت معه في العديد من المواضيع. سألناه عن رأيه في المرحلة الانتقالية الحالية ورأيه في السياسة الخارجية، وبماذا يعلق عن الحراك داخل المجلس الوطني التأسيسي، وماذا يقول عن زيارة الشيخ يوسف القرضاوي لبلادنا.. فكان الحوار التالي: ما رأيكم في الأداء السياسي والتفاعلات الحاصلة في هذه المرحلة؟ - كان من المفروض أن يكون المشهد بعد 6 أشهر من تشكيل الحكومة أوضح مما هو عليه اليوم، إذ نلاحظ غموضا وتعقيدات مردها أن الأداء الحكومي ضعيف على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالإضافة إلى أن القوى المنحدرة من «التجمع» تستعد للدخول في الحياة السياسية والمساهمة في تشكيل المشهد السياسي من «أبواب أخرى»، وبالتالي فرأيي أن الحكومة الحالية وقوى النظام البائد تتفق في الإلتفاف على أهداف الثورة وقد انخرطت في عملية الاستقطاب خدمة لمصالح ضيقة، مما جعل الدول الأوروبية وبعض بلدان الخليج تتجرأ على التدخل في شؤوننا الخاصة مما يستدعي عودة الشعب إلى الوعي السياسي والتمسك بطرح القضايا الأساسية. ما هو جديد حزب العمال الشيوعي؟ - منذ موفى شهر مارس طرح الحزب مشروع برنامج بديل يضم 16 نقطة، أهمها أنه لا بد من اتخاذ إجراءات جديدة لوقف تسديد الديون الخارجية على الأقل لمدة 3 سنوات مع ضرورة التدقيق والجرد لأن جزءا كبيرا من الأموال المقترضة تم تحويلها إلى جيوب بن علي وحاشيته.. فمن غير المعقول أن يتحمل التونسي تبعات الدين وأن يسدد ديونا لم تنفق لفائدته. كما أنه يجب العمل على إنجاز استثمارات دون اللجوء للمساعدة الخارجية وخلق مواطن شغل جديدة والتحكم في التضخم المالي وفي ارتفاع الأسعار. ومن النقاط كذلك الدعوة إلى تجميد أسعار مواد الإستهلاك الأساسية ومطالبة الحكومة بإجبار المؤسسات الاقتصادية على استخلاص ما تخلد بذمتها من أموال بسبب التهرب الجبائي، وقد تضمن البرنامج أيضا، دعوة لاسترجاع الأموال المهربة والإيداعات من جميع دول العالم وعدم الاقتصار على المساعي الدبلوماسية واتخاذ إجراءات عملية ملموسة في الغرض. فبحل هذه المشاكل يصبح بمقدور تونس توفير إمكانات مالية ضخمة وإنجاز استثمارات في مختلف الاختصاصات والتحكم في الأسعار وتسخير منحة بطالة بما قيمته 260 دينارا مع الترفيع في الأجر الأدنى الفلاحي والصناعي وفي بقية القطاعات إلى 400 دينار. ومن الناحية السياسية فقد حرصنا في برنامج الحزب على مطالبة الحكومة بتحمل مسؤولياتها في ما يتعلق بحماية الحريات العامة والفردية وإيقاف ماراج من مساع للتجريم والتكفير باسم الدين. والجدير بالذكر أن هذه الحكومة فشلت في القيام بواجباتها وهي عاجزة عن حل المشاكل. ما ردكم على الاتهامات الموجهة للحزب من تحريض واعتداءات بالعنف وتقديم رشاوى في كل مظاهرة أو احتجاج لبث البلبلة؟ - إن هذا النوع من الاتهامات قديم وهو لا يرمي إلاّ لتشويه التحركات وتحريض المواطنين على الحزب وإيهامهم بأن هناك طرفا سياسيا يوظفها ضد المصلحة العامة وهناك من يروج أن حزب العمال الشيوعي يدعو إلى العنف والإلحاد.. وهذه دعايات مغرضة وكذب وافتراء. أما عن مصادر الاعتداءات أثناء المظاهرات فقد تورط فيها عدد كبير من الأحزاب التي تخشى «حزب العمال» لأنه الحزب الوحيد الذي يقدم برنامجا واضحا ورؤية سياسية جلية في حين أن بقية الأحزاب تتعارض معه وتنضوي تحت نفس «المنظومة». هل هناك تفكير في الانصهار مع أحزاب أخرى؟ - نحن لم نطرح موضوع الإنصهار مع أي حزب وما دأبت عليه بعض الأحزاب من التوحد والإنصهار لا يتعدى أن يكون مجرد استعداد للإستحقاق الإنتخابي القادم، لكن تضافر الجهود مع أطراف سياسية حول برنامج مرحلي ظرفي مباشر مثلما حدث مع «جبهة 14 جانفي» بتجميع 5 قوى سياسية أمر جيد، لمواجهة الصعوبات كما أن الاستعداد للإنتخابات ليس من أولويات الحزب في الفترة الراهنة. ما تقييمكم للمرحلة الانتقالية؟ - هي مرحلة معطلة، استغلتها عديد الأطراف للإلتفاف على أهداف الثورة.. حتى أنه يمكن القول إن لا شيء تغير في تونس ما عدى بعض المكاسب الجزئية منها حرية التحرك السياسي وحرية الإعلام، والتي كثيرا ما يقع تهديدها. والأطراف الضالعة في عرقلة عملية الانتقال هي أطراف في السلطة لها مساع حقيقية للتراجع عن مكاسب الثورة وأطراف من القوى الرجعية الظلامية التي تتعمد القيام بأعمال معادية للحرية. والمؤسف أن هناك نوعا من غض الطرف في شأنهم من قبل حركة «النهضة» التي تلعب دورا خطيرا في هذه المسألة باعتمادها على خطاب مزدوج وتسخير هذه القوى الظلامية كذراع عملياتي يشكل تهديدا حقيقيا. وبالنسبة للمجالين الاقتصادي والاجتماعي فإنه يقع الاعتماد على نفس الاختيارات السابقة ومثال ذلك ما برمج في قانون المالية التكميلي وما تقع الدعوة إليه من تشجيع الاستثمار والمبادرة الخاصة، كذلك بالنسبة لموضوع التمويل، وكان من الأجدى التعويل على الإمكانيات الخاصة للبلاد عوض البحث عن التمويل الخارجي وإحداث مشاريع كبرى صناعية إنتاجية في مجال الفلاحة والبنية الأساسية بدل التعويل على قروض أجنبية والاقتصار على الاعتماد على المداخيل الاستثنائية للدولة (الأملاك المصادرة التي وقع تضخيم عائداتها) وطرح مقترح التضامن الاجتماعي. وأنا أقول إنه كان بالإمكان إجبار رجال الأعمال على الاستثمار في مناطق معينة مع دمج القطاع البنكي وتوجيهه للمساهمة في التنمية. وما عدى ذلك من حلول فإنه سيبقى اقتصاد البلاد ضعيفا وسيزيد في نسبة توريد المواد المصنعة ويزيد من نسبة العاطلين عن العمل وهو ما من شأنه تعميق الأزمة الاجتماعية وتفاقم الفوارق مثلما حدث في عهد «بن علي» وهذه الحكومة ستؤجل كذلك الأزمة حتى تتفجر يوما ما. ما موقفكم من تواتر زيارة الدعاة الإسلاميين إلى بلادنا، وآخرها زيارة الداعية يوسف القرضاوي؟ - كان من المفروض أن تحتضن الثورة التونسية القوى والرموز الذين يشاطرونها قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والتسامح ولكن استقدام رموز تتناقض مبادؤها مع قيم الثورة بل وتعاديها أحيانا يجعل من الأمر غاية في الغرابة.. إذ أن الثورة التونسية ليست في حاجة إلى دروس القرضاوي وكان عليه أن يستحي وألا يزور بلادنا وألا يقدم لنا دروسا في التسامح حيث أن ذاكرة الشعب التونسي لا زالت تذكر إلى اليوم مديحه لبن علي يوم استقباله في القيروان وكان على راشد الغنوشي أن لا ينوه به ويقول بأن «الثورة التونسية خرجت من إبط القرضاوي». فهذه إهانة للشعب التونسي، فكيف يطلق هذا الكلام عن القرضاوي وهو الذي لم يقد الثورة ولم يساند قيمها يوما ؟! هذه مسخرة التاريخ! هل تؤيدون موقف حمّة الهمامي حين صرح بأن الحكومة لم تف بوعودها إلى اليوم؟ - «النهضة» تقدمت ببرنامج لتوفير 300 ألف موطن شغل وهي اليوم لا تعد إلا بتوفير 75 ألف فرصة عمل لا غير، ووعدت بتحسين المقدرة الشرائية والحد من الفقر ولكننا اليوم نواجه مشكل ارتفاع الأسعار والتضخم المالي.. ونلاحظ بعد صعود «الترويكا» إلى الحكم أنها تستعجل تحقيق أهدافها الخاصة وخاصة بالنسبة لحركة «النهضة» التي تعمدت تغيير الخطاب نحو تكريس أحكام الشريعة وبذلك فقد افتضحت جميع نواياها الحقيقية وخاصة منها ما يتعلق بالتبشير بالخلافة. كيف تفسرون الانشقاقات المتعاقبة صلب بعض الأحزاب خاصة أنه يتردد أن الانقسامات كانت نتيجة أطماع في حيازة مناصب سياسية؟ - هذه الانشقاقات هي نتيجة اختلافات في الرؤى وعدم توفيق بين عديد الأطراف إذ أن عديد الأحزاب تأسست على أساس برنامج اقتصادي واجتماعي عامّ أكثر منه شعارات، وفي أول منعرج تحدث صدامات وتباينات تؤدي إلى الانقسام وهي ظاهرة عادية. فتناقض المصالح يعصف بالحزب ويحوّله إلى مجموعات وفرق.. وشيء مؤسف أن نرى بعض الأحزاب المناضلة تعيش هذه الأزمات. برأيكم ما سبب تباطؤ المجلس الوطني التأسيسي في صياغة الدستور؟ - في اعتقادي أن كثرة مهام المجلس التأسيسي ليست السبب الرئيسي في التباطؤ وإنما السبب الحقيقي هو كثرة إثارة القضايا الهامشية التي نرى أن تعمّد الخوض فيها مقصود. ولكن من المفروض أن يقع الإسراع بصياغة مرسوم لحماية الحريّات ومنع التكفير وتجريمه وصياغة مرسوم لتنظيم الهيئة القضائية والهيئة الانتخابية، وما جعل الأمر يستغرق وقتا طويلا هو «المعركة» الحاصلة في وقت سابق حول مصادر التشريع حتى أن «الغنوشي» هدّد بالانسحاب من حركة «النهضة» إذا لم يتم الإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959. ما موقفكم من دعوة بعض الأطراف الفاعلة على الساحة السياسية لإقصاء التجمعيين و«الدساترة»؟ - هذه قضية مفتعلة وهي مطروحة من قبل «النهضة» بالإضافة إلى ذلك فإن الحكومة لا تتوانى عن مدّ أزلام النظام البائد بتأشيرات أحزاب، وهي تعمد إلى انتداب إطارات منهم وتضخّهم في هياكل الدولة وفي الهياكل الحزبية في الجهات، ثم ترفع شعار إقصاء التجمعيين!! وبالتالي فإن «النهضة» تعتبر أن الطرف السياسي الذي يشكّل خطرا انتخابيا عليها هو «التجمّع» (الحاضر الغائب) والدعوة للإقصاء هي في حقيقة الأمر تأمين لحظوظها الانتخابية القادمة باستقطاب «التجمعيين» للانخراط فيها (أي النهضة) والممتنعون يُنظر إليهم على أنهم المسؤولون عن جرائم النظام البائد، وهذه سياسة انتهازية ولا مبدئية. حسب رأيكم، لماذا لم يقع الحسم النهائي في ملف شهداء وجرحى الثورة إلى حدّ الآن؟ - الحكومة تتلكّأ والتراخي في فضّ مسألة مستحقات عائلات الشهداء وجرحى الثورة وجه من أوجه فشل الحكومة والأدهى من ذلك أنها تعتدي على العائلات المتضرّرة و«تتسوّل» لتتبنّى قطر بعض الحالات لمعالجتها! ولكنني، أعيب بشدّة على تهاون المجلس الوطني التأسيسي في وضع مرسوم لتنظيم هيئة مستقلّة للإشراف على إرجاع مستحقات شهداء وجرحى الثورة ووضع أسس حلّ المشكل وإعطائهم الاعتبار المعنوي والمادي الذي يستحقونه. كيف ترون الدبلوماسية الخارجية التونسية؟ - إنّ الدبلوماسية الخارجية التونسية لا يمكنها أن تتغيّر طالما أن الحكومة تفتقد إلى برنامج أو رؤية واضحة في هذا الصدد.. إذ إلى حدّ الآن البرنامج المعتمد لا يختلف في شيء مع ما كان سائدا في النظام البائد مع مختلف المسائل حتى أن كل الاتفاقيات والعلاقات الدولية تمّ الإبقاء عليها كما هي، إضافة إلى أن جميع الأولويات والاختيارات بقيت على حالها. ما هي نقاط الضعف تحديدا؟ - هناك تجاوزات فظيعة بخصوص الدبلوماسية الخارجية التونسية أثّرت على سمعة البلاد حيث هناك مبادرات تضع تونس في خانة الأدوات النشيطة في دبلوماسية القوى الكبرى. فقد كانت تونس في الآونة الأخيرة في مقدّمة الأدوات المنفّذة للطبخات في الشرق، إذ تمثل «سوريا» عقبة في وجه الاتحاد الأوروبي وأمريكا تحول دون تنفيذ برامجها واستراتيجيتها السياسية، وما حصل من تباين في موقف كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة بخصوص استقبال واحتضان «بشار الأسد» دلّ على عدم التنسيق بين الطرفين، وبالتالي فإن تونس تلعب دورا رياديّا لتسهيل التدخّل الغربي في المنطقة وهو ما يمثل خطرا كبيرا لابدّ من التصدي له إذ يعتبر من سلبيات أو بالأحرى من فظاعات السياسة الخارجية التونسية وهو دليل على غياب الانسجام داخل الفريق الحاكم، حتى إنه في بعض الأحيان يشاهد العامّة انخراط بعض أعضاء الحكومة حين يلتقون في الفنادق أو في الأماكن العامة في النقاش الحادّ حتى يصل الأمر إلى حدّ المشادات الكلامية وهو ما يمسّ من هيبة الحكومة ومصداقيتها. ما هي أولويات الحكومة في هذه المرحلة، برأيكم؟ - أوّلا تحقيق مطالب الثورة وما نادى به الشعب التونسي عند رفع الشعارات يوم 14 جانفي إذ أنه ليس اعتباطيّا أن يتّفق ويلتقي الشعب حول تلك المطالب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ومن أولويات الحكومة اليوم ضبط خطّة تنموية للقيام والشروع في إنجاز استثمارات ضخمة لتوفير مواطن شغل والتحكم في الأسعار والزيادة في الأجر الأدنى وتخصيص منحة للبطالة وللطلبة مما سينعكس بالإيجاب على تنمية الاستهلاك الداخلي وعلى الدورة الاقتصادية ككلّ. وعن مصادر التمويل فهي متوفّرة شرط توفّر الوضوح والإرادة السياسية، ولا يتمّ ذلك إلاّ بتسديد المديونية واستخلاص التهرّب الجبائي والتحكّم في المصاريف العمومية للدولة والتحكّم في توريد المواد الكمالية. واعتماد «الاكتتاب» أي بالتوجّه للاقتراض من الشعب مثلما وقع في الستينات والتشبّث بالنظام الاقتصادي القائم يؤكد أن السياسة الحالية متبنّية لليبيرالية المتوحّشة. ماذا تقولون في كثرة إثارة المواضيع الساخنة كالنقاب واعتماد الشريعة في الحياة اليومية ومسألة المدّ السلفي والشيعي؟ - تونس لم تنته من المخاض بعد ولم تستقر نهائيا على برنامج واضح. وهناك رؤى مختلفة ومتباينة في المجتمع في مختلف مناحي الحياة حيث هناك مقاربات يمينية قصوى تعتبر الحلّ في العودة للتاريخ السحيق باستحضار قيم وأفكار ومبادئ منغلقة، كما نلاحظ أن هناك تشجيعا على النعرات القبلية، ولكن السؤال المطروح هو من أين تأتي هذه المجموعات المتطرّفة بالتمويلات؟ والغريب أن غالبية أنصارها شباب عاطلين عن العمل.. نقطة استفهام! ولكن الأكيد أن هذه الظواهر ظرفية ولن تدوم طويلا والوقت كفيل بالقضاء عليها.. إذ أن الاختيار النهائي لمختلف التوجّهات والتيارات للشعب وسيؤول حتما لخيار الديمقراطية وتفضيل نظام سياسي مدني متطوّر على غيره من الأنظمة وهو ما سيضعنا على «سكّة» التطوّر والتقدّم. كيف ترون الانتقال الديمقراطي؟ - التمشي بطيء والملفت للانتباه، بداية التلويح بأنه يجب الانتهاء من صياغة الدستور في 23 أكتوبر القادم لتدارك «مضيعة الوقت» وبالتالي فإنّ هذا المطلب بالتعجيل يؤدّي إلى نقاط ضعف في حين أنه يجب وضع دستور في مستوى الثورة وهو ما يستوجب متّسعا من الوقت ولا يتحقق ذلك إلاّ بتجاوز طرح المشاكل الهامشية وبرأيي إن تحديد موعد منتصف 2013 للانتخابات يُعدّ مناسبا باعتبار أنه لابدّ من عرض الدستور لاستفتاء شعبي والتأكد من تكريس ضمانات الحريّات العامة والفردية وتحديد علاقات تونس بالخارج وتجريم التطبيع ووضع قانون انتخابي والحسم في مسألة الهيئة العليا للانتخابات والإعداد للانتخابات بالطريقة المُثلى. بماذا تعلّقون على أداء بعض العناصر داخل المجلس الوطني التأسيسي (سلوكهم)؟ - من المفروض أن تتميّز أشغال المجلس وجلساته العامّة وحتى على مستوى اللّجان بحسن التنظيم والتسيير أي ليس باعتماد التعسّف أو التسلّط وليس بالتراخي والتهاون... هناك مؤشرات تمسّ من هيبة هذه الهيئة المنتخبة ومنها مثلا إطلاق تصريحات تخالف ما اتّفق عليه في اللجنة أو تساهل «بن جعفر» مع نائب والتشدّد مع آخر وهو ما يجعل جوّا من التوتر ومن التشنّج يخيّم على المجلس، وأنا أقول إن حسن تسيير المجلس مسؤولية مكتب التسيير ورئيس المجلس. هناك أطراف على الساحة السياسية تقول إن نوّاب «النهضة» في «التأسيسي» نصّبوا أنفسهم مدافعين عن الحكومة؟ - فعلا، في كثير من الأحيان يقع تجنيد مناصري «النهضة» لمواجهة مثلا احتجاجات أعوان الأمن وقد حدث ذلك في عديد المناسبات الوطنية وقد صدر عنهم كذلك أن اعتدوا على بعض أعضاء في المجلس التأسيسي وعلى صحفيين في تحرّك متعلّق بوزارة الداخلية. عناصر ميليشيات «النهضة» تعاونت مع قوّات الأمن يوم 9 أفريل... ورفعت شعارات تدافع عن الحكومة، كلّ هذه الأمور وغيرها تؤكد أن «النهضة» تنتصب في الشارع وفي «التأسيسي» للدّفاع عن الحكومة! مثلما حدث عند حضور الوزير الأول ووزير الداخلية ووزير المالية وكاتب الدولة للمالية في جلسات في المجلس. لو كنتم عضوا في الحكومة ما هي أهمّ الإصلاحات التي كنتم تسعون وتحرصون على إنجازها؟ - أسخّر قصارى جهدي لتكون الحكومة منسجمة حول الخيارات السياسية ذات الأولوية وأدعو لتحقيق ما نادى به الشعب من مطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية في الثورة. ماذا تقولون للمرزوقي؟ - هو رئيس الجمهورية، عليه تحمّل مسؤوليته أكثر لتحقيق الانتقال الديمقراطي الذي وقع الانحراف به والالتفاف عليه وعلى الثورة. وهذا الحديث يقودني إلى القول بأن مستقبل البلاد يسير نحو التأزم ولكنني مع ذلك متفائل بالوعي الحاصل لدى بعض الأطراف السياسية والنسيج الجمعياتي ولدى الشعب التونسي وهو ما يبعث على الاطمئنان. كلمة الختام؟ - حزب العمّال الشيوعي يساند الشعب التونسي ومصلحته لا تتعاون مع مصلحة الشعب، ونحن لا نبحث على كراسي الحكم، كما أنّ الانتخابات القادمة لا تشغلنا، والخوف اليوم من مغبّة العصف بشعارات وأهداف الثورة، فعلى الشعب توخّي اليقظة والحذر والتمسّك بمطالبه ومواصلة النضال حماية لاستقلالية القرار الوطني وصيانة للحريّات، مهما كان الحزب الحاكم. حاورته: سلمى السعيدي صور: نبيل شرف الدين