ذاهبون الى البحر.. عائدون من العمل.. سياح تونسيون واجانب تغص بهم حافلاتنا الصفراء والقطارات العتيقة للضاحية الشمالية و«المترو» المكيف وسط ازدحام يتضاعف في موسم حار بافراحه ولياليه الملاح، موسم لا يفوت فيه «النشال» وقاطع لذة السفر الفرصة للظفر بقرط أو سلسلة ذهبية أو حافظة نقود مكتنزة بالأموال كما يغتنم المنحرفون هذا التزاحم لاخفاء بضاعتهم الممنوعة من مخدرات ومواد كحولية أو للتواري عن نقاط برقيات تفتيش وجلب صادرة في حقهم. لكن هناك عيون «صقور» يقظة تسهر على التصدي للمنحرفين وتضمن سلامة المواطنين لتوفير عطلة آمنة، هذه الفئة هي فرقة شرطة النجدة وتحديدا الإدارة الفرعية التابعة لاقليم امن تونس التي وفرت لنا عشية اول امس فرصة مواكبة احدى حملاتها المعززة على خطوط الضاحيتين الشمالية والجنوبية التي امتدت على 8 ساعات تقريبا. بداية الحملة كانت باستقبالنا من قبل الرائد ذاكر الزعتوري رئيس الادارة الفرعية لشرطة النجدة في مكتبه رفقة النقيب صابر التليجاني والنقيب نادر العيادي رئيس مصلحة حماية وسائل النقل، حيث قدم لنا رئيس الادارة الفرعية لشرطة النجدة بسطة عن خط سير الحملة الأمنية التي قال عنها انها مدعمة بضباط وحفاظ واعوان أمن من جميع المناطق الامنية الراجعة بالنظر الى امن اقليمتونس والهدف منها «تأمين» تنقلات المواطنين على مختلف وسائل النقل العمومي. وعن عدد الحملات الامنية المدعمة قال الرائد ذاكر الزعتوري انه في الوقت الحالي يتم تنظيم 3 حملات مدعمة اسبوعيا متغيرة التوقيت حتى تكون بصفة فجئية مرجعا ذلك الى تطور «الفكر» الإجرامي لدى المارقين. وعن نجاعة الحملات الامنية سواء المدعمة او اليومية ذكر الرائد ان المعدل اليومي للمقبوض عليهم يقارب 10 اشخاص مفتش عنهم بالاضافة الى قضايا التلبس والتشويش في الطريق العام الى غير ذلك. وفي مقارنة سريعة بين عدد المفتش عنهم السنة الماضية والحالية اكد الرائد ذاكر الزعتوري ان العدد انخفض هذه السنة نظرا لاستتباب الامن والتفاعل الايجابي مع المواطن. وبخصوص استعدادات فرق النجدة لموسم المهرجانات ومنها مهرجان قرطاج الذي يتزامن هذه السنة مع شهر رمضان أكد رئيس الادارة الفرعية لشرطة النجدة ان الوزارة على أهبة الاستعداد لتأمين المهرجانات والمواطنين مشيرا الى انه حصل اتفاق مع شركة تونس للتمديد في توقيت سفرات قطارات الضاحية الشمالية التي ستسجل حضورا امنيا مكثفا لحماية المواطنين هذا الى جانب ضبط التوقيت الذي ستتنقل فيه الحملات الامنية خلال شهر رمضان المعظم وسط العاصمة والأحياء الشعبية. عند حلول ساعة الانطلاق تحديدا الواحدة إلاّ ربع ظهرا تنقلنا الى ساحة الخارجية أين وجدناها تعج بالطواقم الامنية المؤلفة من اعوان بالزي النظامي وآخرين بالزي العادي وحسب ما عاينته «التونسية» فإن العدد التقريبي للمشاركين يقارب 100 عنصر. بسرعة تم توزيع الأجهزة اللاسلكية على الاعوان وضبطت قائمات الحاضرين وسط حركية كبيرة وانضباط شديد قبل ان يتولى الرائد ذاكر الزعتوري القاء كلمة حث فيها الاعوان على العمل بجد من اجل حماية المواطن وعقب ذلك وزع الأعوان على حافلتين اقلتاهم الى مراكز الحملة. اما نحن فكانت رحلتنا مع النقيب نادر العيادي رئيس مصلحة حماية وسائل النقل الذي بسط لنا عدة معلومات اثناء توجهنا الى محطتنا الاولى ساحة برشلونة، بلغنا مقصدنا وشرعت الوحدة في عملها، اعوان يمشون بخطوات متأنية... يراقبون... يميزون.. لو سمحت بطاقة تعريف... نداء لقاعة العمليات.. فلان.. أبوه فلان.. لقبه كذا.. «rien à signaler» هذه العبارة بالفرنسية أو عبارة «واضح» هي رد القاعة في حالة ان كان الشخص نقي السوابق العدلية او لا يحمل أية آثار تدل على الاشتباه فيه. قضينا قرابة الساعة داخل محطة المترو ببرشلونة دون ان نعثر على حالة اشتباه وخلال هذا الوقت سألنا مرافقينا حول كيفية معرفة المشتبه فيه وما هي المقاييس التي يتم على ضوئها ايقاف المارة، فكانت الاجابات واضحة ونفضل عدم الكشف عنها لتعهدنا بعدم البوح لكن كل ما يمكن قوله ان الخبرة هي سر المهنة. وبينما نحن كذلك إذ بأحد رجال الأمن يستوقف شابين ورغم أنه تبدو على مظهرهما هيئة المسالمة فإن هذا لم يعطل الحس الأمني. طلب من أحدهما الهوية فاعتذر متعللا بأنه نسيها، أخذ بياناته ومررها على ordinateur «مثلما يقولون» فكان الرد من قاعة العمليات المركزية «استحفظ عليه»، هذا الشاب كان محلّ تفتيش صادر من قرطاج في قضية عنف تم اقتياده الى مركز أمن المحطة. وبمزيد التدقيق والتحري بعد مكالمات عدة تبيّن انه محل تفتيش فتم اقتياده الى مركز الامن العدلي مرجع النظر وتحديدا مركز شارل ديغول.. أما نحن فقد واصلنا تجوّلنا داخل المحطة رفقة النقيب نادر العيادي وأعوان الفرقة. بالتوازي مع ذلك سجل بعض اعوان الامن مخالفات لعدد من المنتصبين فوضويا داخل المحطة وكان التعامل يتم بمصادرة المحجوز وتحرير محضر في الغرض. بعد ايقاف 3 مفتش عنهم خيّرنا امتطاء المترو رقم 6 المتجه نحو المروج لمتابعة نشاط الاعوان داخل العربات التي تعج بالراكبين. صعدنا المترو وشرع الاعوان في عملهم قبل ان نلاحظ ارتياحا كبيرا من طرف المسافرين الذين عبروا عن استحسانهم لهذه الحملات حتى أن البعض طالب بأن تكون في كل دقيقة حملة امنية داخل المترو رقم 6 الذي يعاني في بعض الفترات من جرائم ونشل.. عند وصولنا الى محطة 13 أوت بلغت النقيب معلومة مفادها انه تم القبض على شخص بحوزته أقراص مخدّرة من نوع 5 artale في محطة باب عليوة وتم اقتياده الى مركز الأمن بمحطة برشلونة للتحرير عليه ومن ثم تسليمه الى المركز العدلي عدنا ادراجنا الى برشلونة اين وجدنا المقبوض عليه وهو أصيل القيروان وبحوزته قرصان ونصف قرص من المخدر المدرج ضمن الصنف «ب» من جدول المخدرات وبالتحري معه تبيّن انه سجن قرابة سنتين سابقا من اجل تهم مسك المخدرات(بامكانكم متابعة جانب من الحملة وخاصة لحظة القبض على هذا الشاب والتحري معه بالفيديو عبر زيارة موقعنا الالكتروني على العنوان التالي:www.attounissia.com.tn). بعد جولة سريعة وإضافية داخل برشلونة قرّرنا التحول الى نقطة «السد».. هي نقطة سميت بهذا الاسم لانها بمثابة السد المنيع بجانب محطة الأرتال وعلى مستوى الطريق الرابطة بين تونس البحرية والضاحية الشمالية والتي يعبرها عديد الشبان على دراجاتهم النارية دون ارتداء الخوذات الاجبارية وكذلك يستعملها «النشالة». في هذه النقطة تتمركز وحدات شرطة النجدة بالدراجات يوقفون أي شخص يشتبه فيه ويتحرون معه عن مصدر الدراجة وان لزم الامر تتم مصادرة الدراجة وفي بعض الأحيان إيقاف راكبها اذا اتضح أنها مسروقة. تركنا الاعوان يعملون بجد غير آبهين بحرارة الشمس وحالات الاستفزاز من قبل بعض الشبان عند التحري معهم من نوع التساؤل عن مغزى تقديم الوثائق وغيرها.. وولجنا المحطة اين استقبلنا بحفاوة من قبل الاعوان الذين كانوا بصدد إيقاف مفتش عنه لفائدة المحكمة العسكرية بالكاف والذي تم اقتياده الى مركز البحيرة ومن ثم سيحال الى بوشوشة ومنها يوضع على ذمة المحكمة العسكرية. باقترابنا من الغرفة التي يتم فيها التحري مع الموقوفين في درجة أولى وجدناها تعج بالشبان مرتادي البحر.. مثيري الشغب داخل القطار من خلال تعطيل الاقفال الأوتوماتيكية أو التدخين داخل العربات، إثر ذلك غادرنا تونس البحرية نحو محطة حلق الوادي التي تعرف ازدحاما كبيرا خاصة عند الساعات المسائية توقيت إياب المصطافين من الشاطىء. في هذه المحطة وجد الأعوان مجموعة من الصبية الذين تسلحوا بالحجارة قصد ضرب السيارات المارة بجانب خط القطار او بعض الصيادين في البحيرات القريبة من ميناء البضائع بحلق الوادي اضافة الى تعمد آخرين الوقوف في باب القطار وإرباك سيره. وبعد جولة قصيرة عدنا الى وسط العاصمة وتحصلنا على جرد أولي للحملة الامنية من قبل النقيب نادر العيادي رئيس مصلحة حماية وسائل النقل. وكانت النتيجة الى حدود الساعة السابعة مساء إيقاف 7 مفتش عنهم الى جانب قضية تلبس (مسك مخدر) وايقاف عدد من الدراجات النارية لدى فئة من الشباب اضافة الى تحرير محضري انتصاب فوضوي. هوامش: ارتياح كبير في صفوف المواطنين لمثل هذه الحملات، سيتم تفريع الحملات الامنية خلال شهر رمضان الى قسمين من العاشرة الى الخامسة مساء وإثر الافطار الى الساعات الاولى للفجر. النقاط الامنية داخل المحطات كانت ضيقة ولا تحتوي على القدر الكافي من الكراسي والطاولات الى جانب غياب التكييف وهذه العوامل من شأنها ان تؤثر على سير العمل لدى الأعوان. تحية: تحية تقدير الى كل من السادة الرائد محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم الأمن العمومي والرائد ذاكر الزعتوري والنقيبين نادر العيادي و صابر التليجاني وكل ضباط وأعوان شرطة النجدة على ما قدموه من تعاون وإيضاحات حول الحملة الأمنية ومدّنا بالمعلومة أول بأول..