عاجل: وليّة تلميذة تحرق نفسها.. تفاصيل صادمة من أستاذ التعليم الثانوي    عاجل: وزارة الفلاحة تبدأ توزيع البذور الممتازة والأسمدة للموسم الجديد... كل ما يجب أن يعرفه الفلاح التونسي الآن!    عاجل : الملعب التونسي يعلن فسخه عقد هذا اللاعب    تونس تبدأ التحضيرات لموسم الحج 2026: ترتيبات جديدة وخدمات مطوّرة    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري بعد صراع مع المرض    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    اليوم.. تنتهي مهلة الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي    مجلس الأمن يصوّت اليوم على مشروع قرار جديد بشأن غزة    جلسة عمل لمتابعة الاجراءات الرامية لتوفير مساكن اجتماعية في إطار آلية الكراء الممللك ومقاسم اجتماعية    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال24 ساعة الماضية    عاجل: عامر بحبّة يبشّر التونسيين...''منخفض جوي كبير باش يضرب تونس في آخر سبتمبر''    فضيحة رشوة تهزّ الرابطة الثانية: إيقاف رئيس مستقبل القصرين وتواصل التحقيقات    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    وزير النقل يشرف على اجتماع لجنة القيادة لمنظومة التصرف في السلامة بالخطوط التونسية    طقس الخميس: سحب عابرة وحرارة تصل إلى 36 درجة بالجنوب الغربي    فرنسا على صفيح ساخن: مليون عامل إلى الشارع لمواجهة سياسات ماكرون    شبكة إيه بي سي توقف برنامج جيمي كيميل بعد تصريحاته حول اغتيال كيرك وترامب يصف القرار ب"بشرى عظيمة"    فرنسا: ما الذي نعرفه عن اليوم الاحتجاجي الذي دعت إليه تنسيقية النقابات؟    اريانة: جلسة عمل اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة    دوري أبطال أوروبا: باريس سان جرمان يكتسح أتالانتا برباعية وفوز مثير لليفربول على أتلتيكو مدريد    ترامب يصنف "أنتيفا" منظمة إرهابية كبرى بعد اغتيال حليفه تشارلي كيرك    سرقة عينات من الذهب بقيمة 700 ألف دولار من متحف في باريس    فقدان 61 مهاجرا غالبيتهم سودانيون في انقلاب قارب ثانٍ قبالة ليبيا    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    تونس وكوريا: نحو شراكة في الابتكار الطبي والبيوصيدلة    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    تسجيل تراجع في صابة "الهندي" الأملس    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    جريدة الزمن التونسي    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    جريدة الزمن التونسي    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عدنان منصر" ل"التونسية" (2): "النهضة" ستحصد الأغلبية في الانتخابات القادمة و"نداء تونس" لا معنى له.. وتونس نادتهم مدة 30 سنة ولم يردّوا عليها
نشر في التونسية يوم 26 - 06 - 2012

- "السبسي" ساهم في تزوير انتخابات.. فهل أعطيه قيادة البلاد ليصنع الديمقراطية؟
- حزب العمال الشيوعي الوحيد الذي يمثل اليسار التاريخي


مارأيه في مبادرة اتحاد الشغل؟ وكيف ينظر ويحكم على مبادرة الباجي قائد السبسي؟ ما هي توقعاته للانتخابات القادمة؟ وما رأيه في التطبيع.. وأي مستقبل يتوقع لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»؟ ثم كيف ينظر إلى أحزاب اليسار في تونس وما هي مآخذه عليها؟ وأخيرا أي دور يراه للمثقف الذي قاطع الدكتاتورية؟
عن هذه الأسئلة وغيرها يجيب اليوم السيد عدنان منصر الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية في هذا الجزء الثاني والأخير من الحوار الذي أجرته معه «التونسية».
ما هو موقف رئاسة الجمهورية من مبادرتي الاتحاد العام التونسي للشغل ومبادرة السبسي؟
- هناك موقف مبدئي وهو أن كل هذه المبادرات إيجابية، فعندما يضع الاتحاد أمامك مبادرة بغض النظر عما تحمله من الداخل، فهذا إيجابي شكلا، أما مضمونا فأعتقد أن هناك طريقتين للنظر إلى هذه المبادرة، أولا في بعض ما تقوله يمكن أن نتفق عليه، لكن عندما تنطلق هذه المبادرة من فكرة أنه وجب تأسيس هيكل للحوار واتخاذ القرارات الى غير ذلك، أعتقد أن هذا ينطلق من سوء فهم أو من الرغبة في التغاضي عن شيء معين وهو أن هناك مؤسسة في البلاد انتخبها التونسيون لتنظيم خلافاتهم وهي المجلس الوطني التأسيسي، فإذا ما كان هيكلهم سيخوض في هذه المسائل فما هي وضعية المجلس إزاء ذلك وماذا يتم في التأسيسي غير الحوار؟ مثل هذه المواضيع يقع البت فيها داخل هيكل انتخبه التونسيون، مع التأكيد على الوزن الأخلاقي لمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ولا أعتقد أن أحدا سيرفض هذه المبادرة لكن وجب توضيح بعض الأشياء وهو أن هناك بعض المؤسسات موجودة، لا يجب أن يكون هدفنا تجاوزها أو الالتفاف حولها وإنما التعامل معها على أساس تقديم قراءات واقتراحات وهو ما قدمه الاتحاد في رؤيته للقانون الانتخابي والدستور، ثانيا على مستوى المضمون لا يجب أن ينسى أصحاب هذه المبادرة أن هناك مؤسسات منتخبة، علينا أن نعمل جميعا على هدف واحد، هو احترامها ثم التفاعل معها كمعبّر أوحد عن الإرادة الشعبية.
هل تشعر بأنه ليس للاتحاد ثقة في المجلس التأسيسي ؟
- أنا لا أقول ذلك، وعادة في مبادرة من هذا النوع يحاول أصحابها الاتصال بالأحزاب وبالمؤسسات ثم يعلنون عنها ونحن وقع إعلامنا عن طريق وسائل الإعلام ولا أعرف لماذا.
وكان أفضل لو أن هذه المبادرة حققت حولها نوعا من التميز والإجماع قبل الإعلان عنها وهذا لن يؤثر على مضمونها، إضافة الى ذلك فقد كثرت المبادرات، وتخوفي أن تضيع مبادرة صادرة عن اتحاد للشغل في زحمة المبادرات وألّا تبرز كحاجة نوعية.
لكن نجيب الغربي قال إن المبادرة جاءت في الوقت الضائع؟
- لا وجود لوقت ضائع، فكل مبادرة تهدف لجمع التونسيين هي جيدة لكن نحن لا نريد أن تفشل مبادرة الاتحاد، لذلك كان من الأفضل أن يحصل حولها تلمّس للأطراف التي وجهت لها المبادرة الدعوة، ومن شروط نجاحها أنها لا تنكر ولا تتجاوز الواقع الذي أنتجته الانتخابات خاصة انتخاب مجلس وطني تأسيسي قادر على اتخاذ أراء وقرارات في مثل هذه المسائل.
حسب رأيك، ما هي الأطراف السياسية التي سيكون لها حضور أو ثقل في الانتخابات المقبلة؟
- الساحة السياسية حاليا تشهد حراكا ولكن لا أعتقد أن خريطة الانتخابات القادمة ستكون مختلفة عن المرحلة الحالية، بمعنى أن الأحزاب التي سجلت حضورها الآن هي التي ستسجل حضورها في الانتخابات القادمة لأنني لا أعتقد أن بين انتخابات وأخرى في ظرف سنة ونصف السنة يمكن للخارطة الانتخابية أن تتغير، التغير الفجئي يكون عادة في البلدان ذات التجربة العريقة في العملية الانتخابية حيث تحمل آلية التصويت عقابا، أي القول بأن الحكومة الموجودة قد فشلت فسأعاقبها بمنعها من الانتخاب مجددا، لذلك لا أعتقد أنه سيكون هناك اختلاف أو تغيير وهذا رهين أن تكون الأحزاب الأخرى (باستثناء حركة النهضة) قادرة على تجاوز انقساماتها وخلافاتها. أعتقد أن المفاجأة ستحصل في الحقل الذي ستتجمع فيه القوى المعارضة ،إذْ قد تُحدِث الفارق في «الحومة متاعها» وليس في الشارع الرئيسي.
في مقالكم «تونس والدعوة الوهابية» في 2010 كأنكم استبقتم بعض ما يحدث الآن على الأرض بتأكيدكم على أنّ الزيتونة(الغائبة وقتها) كان بإمكانها مقارعة مثل تلك الدعوى من داخل النسق الديني ذاته وعلى حد تعبيرك «فالترياق ينبغي أن يأتي من داخل النسق»، هل مازلت تعتقد ذلك الآن في ظل ما تشهده إعادة الزيونة من تجاذبات سياسوية قد تنأى بها عن دورها الحقيقي؟
- أرى أنه ما يقال من الشيخ حسين العبيدي وجماعته ناتج عن أشخاص لم يفهموا لا الزيتونة ولا عصرهم، هم على جهل بعصر الزيتونة وثقافتها ويجهلون التعليم وتطوره أو ليسوا على دراية بما هو مطلوب من الزيتونة في هذه المرحلة!.
أرى أن دور الزيتونة يجب أن يُفهَم في إطار تدعيم الثقافة الإسلامية التونسية في علاقة بالتيارات المستوردة والدخيلة على الإسلام في تونس، دَوْرُ الزيتونة هو ترسيخ المذهب المالكي وثقافة إسلامية منفتحة وعصرية وليس في إعادة تكرير التجربة القديمة.
الزيتونة كشجرة لها بيئة خاصة بها وكثقافة كذلك، المشكل أن الأشخاص لا يقرؤون التاريخ، ففي حديثه عن الزيتونة تخيّل له (و يقصد العبيدي) أن المسألة ستقضي على العلمانية.. يمكن أن تقوم بتعليم زيتوني بطريقة لا تتضارب مع التعليم الرسمي، وهو موقف وزير التربية ووزير التعليم العالي ووزير الشؤون الدينية ولا يجب أن تكون بعيدة عن عصرها ولا مجال أن تعيد التعليم الزيتوني لسنة 1910 رغم تطوره مقارنة بالتعليم الذي يريد هذا السيد تطبيقه!، إن أكثر الأشخاص الذين دافعوا عن تعصير التعليم الزيتوني هم «الزيتونيون» وقاموا بأطول إضراب من أجل ذلك.
«إن ما نعتقده هو أن طموحات الأفراد السياسية وكذلك مخططات الهيمنة التي تصوغها مصالح الدول هي الأساس، وليس طبيعة الدعوة الدينية التي تغدو مجرد غطاء للتبرير وستارا من الشرعية المحتاج إليها لتكتيل الجموع وراء مشروع سياسي بالأساس» قلت هذا الكلام في قراءتك لكتاب حمادي الرديسي وأسماء نويرة الموسوم «الرد على الوهابية في القرن التاسع عشر»، ماذا لو نزلنا على الأرض، هل ينطبق ذلك على الساحة السياسية التونسية الحالية؟ وعلى حركة النهضة تحديدا؟
- طبيعة الدعوة الدينية لا تكتسب أية قيمة في المشروع السياسي، الدعوة الدينية يمكن أن تشكّل عصبيّة قد تكون عِرقيّة وقد تكون اقتصادية (مصلحة) وقد تكون عَصَبِيَّة دينية ولغوية أو ثقافية. طبيعةُ الدعوة لا تكتسب قيمة ، وهو ما دفع باليهودية والمسيحية والإسلام والبوذية الى تكوين دولة، هناك رغبة في التأسيس السياسي وفي الدعوة والوهابية بالذات،كان هناك طموح شخصي من طرف زعيم القبيلة الذي تبنّى الدعوة الوهابية.
حركة «النهضة»، منذ ظهور التيار الإسلامي أواخر السبعينات وإلى الآن حققت تطورا كبيرا وبلغت الحركة خطوات كبيرة، إن الديمقراطية هي أفضل نظام للتدافع السياسي.
والاتجاه الإسلامي كان يتبنى في بداية الثمانينات مقولات «السيد قطب»، الآن لا حديث عن ذلك في الحركة. عندما تقول الحركة أنها لن تصرّ على ضرورة الاستناد إلى الشريعة في الدستور في الفصل 1 من الدستور، يعني ذلك في العقل السياسي الإسلامي، ثورة، وهو ما جعل حركات إسلامية أخرى تهاجم «النهضة».
قلتم في حوار سنة 2010 « حضور الأكاديميين العرب في المؤتمرات التي يحضرها إسرائيليون ليس باهتًا، وليس بمثل هذه السلبية، وهناك اعتراف متزايد بالإضافات التي يقدمونها وبالمواقع التي ما فتئوا يحتلونها على المستوى العلمي الدولي»، هل أنتم ضد سياسة الكراسي الشاغرة في حضور إسرائيليين؟
- أنا ضد سياسة الكراسي الفارغة في كل شيء وهناك يكمن المشكل فالتطبيع هو أن تجعل من وجود إسرائيل طبيعيا في المنطقة، يعني أن تنظم ندوات وتستدعي إسرائيل أو العكس، هذا تطبيع بالنسبة لي، لكن عندما يكون الطرف مغايرا وينظم ملتقى حول نقطة من النقاط، حول طبقة الأوزون أو غيرها وقد يكون فيه إسرائيل وطرف عربي، لا أرى أن تفويتَ الفرصة للاستفادة من ذلك الملتقى العلمي لمجرد وجود إسرائيل مربح، لذلك وجب تعريف كلمة «تطبيع» بدقة إذا ما طُرِحَت في الدستور، والمسألة وجب ألا تكون «اعتباطيّة»، وجب أن تُشغّل وجودك لتحقيق أهداف فلسطين ولكن بطريقة أخرى ويستحيل أن ننتظر مؤتمرات دولية في تونس تشارك فيها إسرائيل وأنا ضد «التطبيع» ومع إدراج ذلك في الدستور فعندما تقول أنك تساند الشعب الفلسطيني في قضيته فأنت بالتالي ضد التطبيع مطلقا، ولا يمكن أن تساند فلسطين وأنت مع التطبيع.
قلتم عن حكومة محمد الغنوشي « أية تونس تعدونها لنا؟ هل هي تونس التي نريد أم تونس التي تريدون؟ لأنه بات واضحا أن ما تريدون هو غير ما نريد تماما، بل ربما عكس ما نريد تماما. هل تريدون انتقالا ديمقراطيا حقيقيا، أم شبه انتقال يحفظ للمستبدين والفاسدين مصالحهم؟»، اليوم وأنتم جزء من سلطة وقتية شرعية، أية تونس تعدونها لنا؟
- الجميع وجب أن يساهم في بناء تونس وإعدادها للنظام الديمقراطي الذي يعد سياسيا نظاما مفتوحا، إن الديمقراطية تحمل مضمونا وهو المشاركة ولهذا السبب فإن النظام الديمقراطي هو واجب بالفعل، وأرى أن هناك مكاسب كثيرة تحققت وهي الاتجاه بوضوح نحو بناء دولة ديمقراطية، عندما نبني المؤسسات لا يهمنا لأنه ليس دائما، في النظام الديمقراطي كل السلط مؤقتة، وأظن أن كلمة «مؤقت» أصبحت تقلق من ينطقها أكثر ممن ينعتونهم بها، وكل السلطات في النظام الديمقراطي هي «مؤقتة» ما دامت تخضع لمبدأ التداول.
وهل بدأنا نلمح تمظهراتها على الأرض؟
- إن عملية بناء الحكومة هي مهمة الجميع، فالحكومة مكلفة بأمانة مؤقتة، هناك حاجيات ولديك ميزانية فمن شأن الحكومة أن تتصرّف في وضع أسس لضمان عيش أفضل في المستقبل ماديا ومعنويا وأنا شخصيا متفائل تفاؤلا شبه مطلق مهما كان من يحكم، لأن هناك مكاسب تحققت يستحيل أن نتراجع عنها مثل حرية التعبير، حرية التظاهر، التحاور والتواصل والوحدة الوطنية، الثقافة التونسية الأصيلة التي لا تتطابق معها أي ثقافة في العالم، ويستحيل على أي واحد أن يجعلها تأخذ اتجاها مغايرا. فهي عبارة عن قارة لا تستطيع تغييرها، أو صخرة كبيرة في محيط.
ولكن مقالك في ماي الماضي « حتى لا تحفر الحكومة قبرها وقبر الثورة» يشير صراحة إلى استياء بل ونبرة التشاؤم لا التفاؤل؟
- هي طريقتي في الكتابة أتفرد بها وأعتقد أنها «جابت نتيجة».
موقفكم من حركة «نداء تونس» خاصة وقد صرحتم سابقا «آخر الإبداعات السياسية: التعويل على الباجي قائد السبسي لتوحيد المعارضة وتكوين محور في مواجهة «الترويكا»، أو «النهضة» تحديدا ! رجال الأمس لا إشكاليات وتحديات الغد» لماذا قلت «النهضة» تحديدا ؟ هل إلى هذا الحد تعتقد في ضعف طرفي «الترويكا» الآخرين «التكتل» و«المؤتمر»؟
- هذه الحركة تضع نفسها في مواجهة حركة «النهضة» وهذا مرض من أمراض الساحة السياسية لأن كل طرف يحاول أن يضع نفسه في مواجهة لهذه الحركة بالذات أو في المقارنة بها وهو خطأ، لدرجة أن البعض من الأحزاب ظنت أنها أحزاب فعلا لأنها تقوم بالدعاية ضد حركة «النهضة» وفي الانتخابات تكتشف أنها ليست أحزابا!.
عندما نتطرق الى «نداء تونس» فهل هذه حركة؟ هل هذا حزب؟ ما هي الأفكار التي طرحها السبسي (بخلاف شوية فذلكة وشوية تنبير) هل لهذه الحركة أهداف أو برنامج؟ أعتقد أن السبسي من كبار مساندي النظام القديم وهذا ليس تقييما، لقد قام بدور في المرحلة الانتقالية ولا يزال.. أعتقد أنه كان يحمي النظام القديم في ممارسته للسلطة الانتقالية، هذا تقييمي الخاص وذكرته سابقا في كتاباتي.
ماذا قدّم من أفكار؟ وهل أن الحديث عن البورقيبية يكفي خاصة وأننا نعلم أن الرجل طيلة أكثر من 20 سنة بل من 87 حتى وفاة بورقيبة لم يذكر صاحبه بخير وهو محام ولم يكتب ولو كلمة واحدة ولم يقل ولو كلمة عن بورقيبة بل أكثر من ذلك، هذا الرجل الذي يدعي أنه دستوري وليس تجمّعيا ترأس المجلس النيابي الناتج عن انتخابات مزوّرَة، هو بنفسه اعترف بأنها مزورة ثم اعترف بأنه في انتخابات أخرى ساهم في عملية التزوير فهل أعطيه قيادة البلاد ليصنع الديمقراطية!! أين هو الوفاء لبورقيبة الذي يتحدث عنه، هل حضر في جنازته؟؟ لا أتصور ذلك، «الباجي قائد السبسي» كمحام هل كتب ولو كلمة واحدة عن الفساد طيلة فترة بن علي؟ وبرّر ذلك أنْ لا أحد كان يحق له الكتابة وأقول أن الجُبن مِن المستحيل أن يكون مبرَّرا، الجُبن هو ظرف تشديد وليس عذرا ولن أعذرك لأنك كنتَ جَبانا، بل أكون قاسيا في معاقبتك عندما تعترف بأنك كنت جبانا، فعندما كانت الشجاعة لها قيمة، هؤلاء الأشخاص افتقدوها وحين أصبحت مرمية على قارعة الطريق أصبحوا شجعان، لذلك لم يكونوا في مكانهم عندما كانوا في الماضي ولن يستطيعوا أن يكتسبوا مكانا في المستقبل، بالإضافة الى أنه نداء!!! فتونس نادتهم لمدة 30 سنة ولم يردوا عليها! وماذا يطرحون في هذه المبادرة؟ رأيت «تنبيرا» وفكاهة (وشوية لوز مقشر وشيشة)؟
تنتظر فشلا لمبادرة السبسي؟
- أنا لا أنتظر فشلا بل هي مبادرة لا يمكن أن يكون مؤداها سوى الفشل لأنها لا تستجيب الى حاجيات في الواقع، الانتخابات هي حضور في الواقع. أطلب منهم أن يتحولوا خلال الحملة الانتخابية إلى حي الزهور والانطلاقة والتضامن، ولنرَ على كم من صوت سيتحصلون، فوزكم في الشارع هو الحاكم لكن إذا ما تنقلوا ليقوموا بالانتخابات في القبة فأنا على يقين من أنهم سيحرزون أصواتا هناك وبالدارجة (هومة من صفر فاصل، وقد نتناقش في هذا المستوى حول الفاصل كم، أما الصفر فهو حاصل إن شاء الله وطُول ما فيها محسن مرزوق أنا على يقين أنها ستفشل).
قلتم مباشرة بعد إعلان نتائج انتخابات التأسيسي «المؤتمر» حزب المستقبل.. الديمقراطي (الجمهوري حاليا) آيل إلى الزوال.. «الاتحاد الحرّ» مؤهل لدخول غينيس.. فوز «النهضة» منقوص.. وعلى اليسار الكف عن النعيق». بعد أشهر وبعد قيام حراك سياسي شامل لكل التيارات، ما الذي تغيّر في تقييمك وما الذي بقي كما هو بعد تتالي الانقسامات داخل الأحزاب ؟
- الحزب الديمقراطي التقدمي لم يعد موجودا هناك الحزب الجمهوري حاليا وأنا لست مخطئا في هذه النقطة، انتصار «النهضة» حسابيا في الانتخابات الفارطة منقوص لأن العديد من الناس قد نجحوا لأنهم كانوا على يمينها ولأن هناك أكبر البقايا، وهذا تقييم سابق.
وأتصور أن «النهضة» خلال الانتخابات القادمة سيكون لها عدد نواب أكبر مما هو لديها حاليا في المجلس التأسيسي، حسابيا وبأوراق انتخاب نزيهة يعني كل سطر فيه حزب.
لماذا تصرون على كلمة بنزاهة؟
- لأن ورقة الانتخابات التي تمت كان من الممكن أن تكون أقل تعقيدا كي لا يقع الناس في الخطأ الى درجة أن الانسان يتساءل أحيانا لعل إيقاع الناس في الخطأ مقصود ولكن كان بالإمكان أن تكون هناك ورقة طويلة يحمل كل سطر منها قائمة بعينها، فإذا ما ألغِيت طريقة نظام البقايا وما خسرته «النهضة» من مقاعد جراء نظام البقايا وما خسرته لمن كان على يمينها وعلى يسارها، نجد أن «النهضة» خسرت على الأقل ما بين 20 و25 مقعدا، وإذا ما جمّعناهم يصبح ل«النهضة» قرابة 120 مقعدا.
لا أعتقد أن الانتخابات القادمة ستكون بالطريقة التي رأيناها في الانتخابات الأولى، أنا أتصور أن «النهضة» قادرة في الانتخابات القادمة على أن تكون لها بمفردها الأغلبية المفرطة، ولكن هذا يمكن أن يتغير لو استطاعت الساحة السياسية أن تعيد تنظيم نفسها، بما أن العديد من الأحزاب المتشابهة والمستنسخة وجب أن تلتقي مع بعضها ويصبح لديها ثقل في الساحة السياسية، في مجتمعنا اليوم اليمين أو اليسار لا يؤديان أي معنى لأن هذه التسميات صُنعت في الغرب..
وشخصيا أرى أن الأمر العادي أن يكون هناك 4 أو 5 أحزاب سياسية ذات وزن وثقل سياسي، وطالما أن هذا لم يحصل بعد، خاصة وأننا نحتاج الى ساحة سياسية متزنة، و«النهضة» نفسها أعتبر أنها بالقياس وبالمنطق تحتاج الى شركاء سياسيين أقوياء جدا، فمن المستحيل أن تبقى مع 10 أشخاص في نفس الوقت وجب أن نتفاوض مع واحد أو اثنين فقط وهذا من شأنه أن يجعل من التحالفات أو الائتلافات الحكومية في المستقبل أكثر صلابة.
بالنسبة ل«المؤتمر»، كيف ستكون حظوظه؟
- حزب «المؤتمر» هو حزب يمثل جزءا كبيرا من مستقبل تونس، أحيانا الآلة التنظيمية لا يقع اتباعها فحصلت خلافات إضافة الى أن الانتصار في الانتخابات قد جاء قبل وقته.
كفكرة، حزب «المؤتمر» الذي يدافع عن حقوق الانسان وعن العدالة الاجتماعية وعدم اعتباره للهوية عائقا، ليس له شبيه في الساحة فهو قادر على أن يكون شريكا قويا في الساحة السياسية، شرط أن يتجاوز خلافاته وأن يتحول الى حزب حقيقي منظم على شاكلة الأحزاب التقليدية أي بهرمية واضحة.. أصبح يتحول نحو هذا الشكل وجاءت مسألة الانشقاقات.. وهذا أمر طبيعي فالأحزاب عندما تكون في المعارضة وتنتقل الى السلطة تحصل فيها عواصف كبرى أولها أنها تمتلئ بالانتهازية وينتقل هؤلاء الانتهازيون في مرحلة أخرى الى المزايدة على المناضلين الذين أسسوا الحزب، فأنت تجد كل منخرط جديد في «المؤتمر» هو شتيمة مجازية لمؤسسي «المؤتمر» وهو ما يؤدي الى الانشقاقات. كل حزب يجب أن تكون له درجة معينة من الهرمية ويكون في حاجة الى مؤسسات تمسك بزمام الأمور داخله.
لم يعد هناك الكثير من الوقت وحزب «المؤتمر» كتعبئة لازال له حضور في الشارع ومحتل للمرتبة الثانية في سبر الآراء وهو ما دفعني للقول إن الخارطة السياسية للانتخابات القادمة لن تتغير تغييرا دراماتيكيا أو جذريا أو كلّيا.
ماذا عن اليسار؟
اليسار يساران، هناك بعض الأحزاب التي تصنف نفسها في اليسار عندما ترى الفرصة سانحة، وأرى أن هناك يسارا ليبراليا، وكنّا في الجامعة نميز بين يسار السلطة واليسار الذي يحمل هموم الناس، والذي لا يضيع البوصلة وتكون جميع الائتلافات معه بغض النظر عن جميع الاختلافات. وأنا أقول شخصيا أن حزب العمّال الشيوعي هو من الأحزاب اليسارية القليلة التي غالبا ما لا تخطئ البوصلة، هذا الحزب هو حالة من الوفاء للبُقع التي فُقِدت في الساحة اليسارية والمشكل أن عائقا يجعل من هذا الحزب غير قادر على الانتشار لدى الناس برغم أن جزءا كبيرا مما يعبر عنه هذا الحزب من أفكار يمكن أن يحصل حولها التقاء وهو مشكل له أكثر من 100 سنة، وغير ممكن أن يتقبلك المرء إذا ما قلت أنك شيوعي وهذا ليس ضرورة خطأ من الحزب وربما يكون الناس ليست لهم فكرة واضحة عن الشيوعية، فالشيوعية التي عرفناها 50 سنة قبلا ليست هي الشيوعية نفسها اليوم، فهي اليوم أكثر انفتاحا.
كيف أؤمن اليوم بأنك حزب ديمقراطي تستمع إلى الآخر ووراءك صورة لستالين؟ هذا غير مقبول. هذه أشياء مازال الحزب الشيوعي متمسّكا بها وهي من حقه لكن ذلك ما يعيق أن يصبح هذا الحزب ذا ثقل ووزن سياسي، هذا الحزب يحتاج الى أن يقترب أكثر من الوسط ليس في طرحه الاجتماعي وليس في طرحه من أجل العدالة الاجتماعية وهو ما أكده حمّة الهمامي عندما قال إن الماركسية لا تموت كنظام أو كنظرية سياسية ولكن مبدأ العدالة الاجتماعية هو مبدأ لا يموت وهو ما تجده في كل الأحزاب تقريبا. وأعتقد أن الحزب الذي يمثل اليسار التاريخي هو حزب العمّال الشيوعي.
برأيك، لماذا وقع تغييب المثقف عن الحراك السياسي مقابل الحضور الطاغي للساسة والحقوقيين مع أنّه المسؤول الأول عن إيصال القيم السياسية الجديدة للعامة؟
- بالعكس، أنا أرى العديد منهم في الساحة فمعظم السياسيين حاليا هم مثقفون والشعراء والسياسيون يكتبون ويتحدثون في السياسة اليوم، وفي الساحة السياسية ليس من الضروري أن تكون لك مسؤولية حتى تكون جزءا من الساحة السياسية عكس ذلك فأنا أرى أن الطبقة السياسية تتجدد في تونس لكن الخوف أن يكون هذا التجديد شكليا فقط، وجب أن يكون هذا التجديد في الشكل وفي المضمون في طبيعة ممارسة هذه الطبقة السياسية للسلطة. وجب أن يقع تغيير جذري فإذا ما كانت هذه الطبقة ستقوم بممارسة السلطة بنفس الطريقة التي مارستها الطبقة الأخرى سنعيد تكرار نفس الأخطاء وبعد 30 أو 40 سنة سنجد دكتاتورية وثورة وشهداء وملفات الجرحى والاعتصامات.
الطبقة السياسية يمكن أن يكون لها دور سلبي إذا لم تفهم لماذا قامت الثورة وأن المشكل الأساسي في بلادنا اليوم هو مشكل الفساد ، عكس ذلك أرى اليوم أن الطبقة السياسية هي طبقة مثقفة على الأقل هي أفضل من التي كانت طيلة ال 20 سنة السابقة على مستوى الشهائد والإنتاج، على مستوى القدرة على التحميل، هي الآن أفضل بكثير من الطبقة السياسية الخرساء التي كانت لا تتكلم في عهد بن علي.
بعد انتهاء هذه الفترة الشرعية الانتقالية، هل ستواصلون العمل السياسي المباشر وفي أي إطار؟
- الله أعلم، أنا معتز بمهنتي أي التدريس وتأطير البحث العلمي بالجامعة وأعتقد أن دخول الإنسان الى الساحة السياسية من هذا المنطلق لا يدخلها في منطق «الزبونية» بل يدخلها من موقع أنه يطلب منك المساعدة ولا تجري أنت من أجل القيام بذلك، أعتقد أن هذا مريح بالنسبة لي لأن السياسة لن تكون أهم شيء في حياتي.
هل يعني ذلك أنك لا تملك طموحا سياسيا؟
- عكس ذلك فمن يقول أنه يفتقد لطموح سياسي فهذا أمر غير عادي أو «كاذب» لكن الطموح السياسي لا يكون بأي ثمن.
ماذا تقول في الختام للنخب السياسية على اختلاف توجهاتها في هذه المرحلة ؟
- أتوجه الى النخبة السياسية الجديدة، وهو أن أن تزداد جرأة لافتكاك الساحة السياسية من النخبة القديمة، النخبة القديمة ليست فقط التي كانت لها مناصب أو بالضرورة التي كانت تمارس الدكتاتورية وإنما الأشخاص الذين كانوا يبرّرون لمن يمارس الدكتاتورية. هذا الوضع وجب أن يحملنا الى جميع المستويات، على شكل ومضمون أداء النخب السياسية على مستوى أولويات الثقافة الوطنية، على مستوى العدالة الاجتماعية، على مستوى نموذج التنمية وعلى مستوى احتلال الفضاء من طرف النخبة والصراع على مستوى النخبة المثقفة هو صراع لا يقل «ضراوة» عن الصراع في الميادين الأخرى بين الأحزاب السياسية ولهذا السبب فإن النخبة حيث بشرت بالثورة أو كان لها اسهام في الثورة فعليا، أي الأبناء الشرعيين للثورة والأبناء الشرعيين للمستقبل والذين يحملون هدفا محدّدا وهو أن لا تسقط تونس مجددا تحت الدكتاتورية (لأن هذا هو المقياس)، وجب أن لا تدخر أي جهد من أجل «سحق» النخبة التي كانت تبرّر الاستبداد والتي تحاول العودة اليوم بذريعة أنها لم تكن تستطيع معارضة النظام السابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.