لم يكن رد فعل يوسف المساكني مع الحكم فؤاد البحري عاديا عندما أعلن عن مخالفة غير موجودة ضد صانع ألعاب الترجي الرياضي... احتجاج المساكني «الصغير» بتلك الكيفية فاجأنا في الحقيقة لأن هذا اللاعب الممتاز والمتخلق كذلك داخل الميدان وخارجه لم يعودنا على مثل هذه التصرفات لكنه في المقابل جلب في الآن نفسه فضولنا وجعلنا نشك في أن سببا معينا وراء ذلك الاحتجاج القوي الذي صدر عن لاعب عرف باستقامته على الميادين ومتميز بفنياته ومردوده العالي فعلمنا أن الترجيين تفطنوا في فترة الاستراحة ما بين الشوطين إلى عملية التأثير على الحكم فؤاد البحري من طرف أحد الأشخاص من خلال ترهيبه والاحتجاج على صفارته وإجباره على هضم حق الترجي الرياضي خلال الشوط الثاني وهذا ما فهمه المساكني في لقطة المخالفة التي أخطأ البحري في الإعلان عنها... أول من تفطن لعملية التأثير على الحكم كان رئيس فرع كرة القدم بالترجي الرياضي رياض بالنور الذي تدخل في الإبان ولام صاحب الفعلة عن تصرفه ودخل معه في مشادات كلامية لم تخرج عن النطاق المعقول من حسن الحظ... هذا هو السبب إذن الذي فجر رد فعل المساكني القوي على قرار الحكم فؤاد البحري. الترجي الرياضي يجيب المشككين فوق الميدان... ومعلول يعبر بالفريق إلى شط الأمان في أصعب امتحان يعد الانتصار الذي حققه الترجي الرياضي أمس الأول بملعب سوسة بالذات ثمينا للغاية وأحد المحطات الهامة في مسيرته نحو المحافظة على لقبه المحلي فقد اجتاز فريق باب سويقة واحدة من أصعب العقبات التي يمكن أن تعترضه في كل موسم ويخسر فيها نقاطا هامة ليضعف بذلك من حظوظه في المنافسة على اللقب... بدون شك كان التخوف كبيرا قبل المباراة من إضاعة النقاط وفقدان صدارة الترتيب فالتحول إلى الملعب الأولمبي بسوسة لا يخلو من المخاطر وتكون فيه المهمة صعبة حتى في حالة تراجع مستوى النجم وعدم ظهوره بمستواه المعهود لكن أبناء نبيل معلول تجاوزوا كل الصعوبات ونجحوا في تحقيق الهدف الذي تحولوا من أجله إلى سوسة... المدرب نبيل معلول له قسط كبير وواضح في النتيجة الإيجابية التي حققها الأحمر والأصفر فتعامله مع المباراة كان جيدا من خلال الاختيارات التكتيكية الصائبة سواء على مستوى التشكيلة التي بدأ بها اللقاء أو التغييرات التي قام بها في الشوط الثاني وأعطت الإضافة هجوميا أو على مستوى طريقة اللعب وخاصة انتشار اللاعبين فوق الميدان الذي كان عاليا ويدل على أن المدرب خطط لانتصار هو في حاجة ماسة إليه... وبالإضافة إلى النتيجة وأهميتها على الترتيب العام من خلال البقاء في قمة البطولة وكذلك على حظوظ الفريق في بقية المشوار فإن انتصار الترجي الرياضي في سوسة يتضمن إجابة صريحة إلى كل من يريدون التشكيك في قيمة المجموعة واستحقاقاتها ويبحثون بشتى الطرق عن تقزيم إنجازاتها ففريق باب سويقة اجتاز عقبة عسيرة جدا أكد بها جدارته باحتلال صدارة الترتيب وسعة إمكانياته وحسن مستواه غير مبال بما يقال ويحاك هنا وهناك فالمسيرة الموفقة متواصلة والإنجازات الهامة تتتالى والتطلع إلى لقب جديد أضحى أقرب مما كان عليه قبل التنقل الصعب إلى سوسة. التغلب على الضغوطات... وتحويلها إلى نقطة قوة كانت الضغوطات النفسية مسلطة فقط على الترجيين قبل وأثناء لقاء الملعب الأولمبي بسوسة فالتعثر لم يكن مسموحا وأي نتيجة غير الإنتصار لا تخدم مصلحتهم وقد ازدادت هذه الضغوطات أكثر فأكثر بعد أن علم اللاعبون بفوز ملاحقهم المباشر النادي البنزرتي وهو ما يفسر دخولهم الصعب في اللقاء والشوط الأول المتوسط الذي قاموا به ... نحن لا ندافع على عناصر الترجي الرياضي وهم ليسوا في حاجة إلى ذلك لكن الحقيقة تفرض نفسها وتتطلب الإعلان عنها وتوضيحها فوضعية لاعبي الأحمر والأصفر كانت عسيرة قبل هذه القمة وكانت حتمية الحصول على النقاط الثلاث عبئا من غير السهل تحمّله وتجاوزه والتخلص منه وهنا ظهرت مرة أخرى قوة شخصية الترجيين وهي الميزة التي صنعت ولا تزال الفارق في العديد من المقابلات الهامة والحاسمة والمصيرية حيث تحولت الضغوطات إلى عزيمة وحرص على الانتصار خصوصا في الفترة الثانية من اللقاء التي ضغط خلالها الترجيون بكل ثقلهم وضاعفوا من مجهوداتهم واستنزفوا كل مخزونهم البدني والنفسي إلى أن نالوا مرادهم وبلغوا هدفهم وهذا ما يحسب لهم حقيقة. النتيجة في المقام الأول قبل اللعب الجميل والاستعراض وضعية الترجي الرياضي في الترتيب العام على بعد نقطة واحدة فقط من النادي البنزرتي تجعل كل مقابلات الأحمر والأصفر بمثابة مواجهات كأس فالنتيجة فقط هي التي تعني وتمر في المقام الأول قبل الإقناع واللعب الاستعراضي وجمالية الآداء... تلك هي أحكام الكرة وخاصية لقاءات الفرق التي تتوق إلى الانتصارات والتتويجات... وفي هذا الإطار بالذات كانت تندرج مباراة الأحد المنقضي بالنسبة لأبناء باب سويقة فلا شيء كان يرضي أحباء الفريق في هذا التنقل الصعب سوى الفوز وكسب النقاط الثلاث وهو العنصر الوحيد الذي يبقى من هذه المواجهة... لن يتذكر أحد نوعية الآداء والجمالية والإقناع ولن يتحدث أحد على السيطرة والفنيات بل ما يهم هو النتيجة والانتصار وهذا ما نجح الترجي الرياضي في تحقيقه بامتياز وبمثالية بفضل واقعيته التي تجسمت في الفترة الثانية من المباراة بعد شوط أول لعبت فيه الضغوطات النفسية دورا واضحا في تكبيل أرجل اللاعبين أمام منافس غير عادي وغير سهل يلعب بكل أريحية وليس من السهل مغالطته فوق أرضه. مواجهات تتجلى فيها قيمة الفريق... وجدارته باللقب مثل هذه المقابلات يبرز فيها الفريق الجدير فعلا باسم البطل ومثل هذه المواجهات تتجلى فيها قيمة النوادي الكبرى التي لا ترضى بغير النتائج الإيجابية والانتصارات والتتويجات وفي مثل هذه اللقاءات يصنع الفارق ويفتح الفريق أمامه أبواب اللقب على مصراعيها وهذا ما حققه وأكده ونجح فيه الترجي الرياضي... فالنقاط الثلاث التي عاد بها الترجي الرياضي أول أمس من سوسة والتي كانت تشكل خياره الوحيد سيكون لها وزن من ذهب في آخر حسابات الموسم الجاري من أجل تحديد البطل.