ماذا أقول؟ وماذا أكتب؟ وأي تعليق يليق بما حدث في سوسة خلال تدريبات الحكام؟ لقد أصبت بصدمة ورجّة قويتين كادتا تؤدّيان إلى السكتة الحبرية... لولا أن تداركت النفس والقلم حتى لا أضيّع حق القراء في المعلومة عن تلك العملة المشؤومة الملغومة! حدّثنا ثقاة عن مباراة في اللكم والركل جمعت بين حكمين معروفين في ختام تراشق بالكلمات أدّى إلى تبادل للكمات.. انتهى بسقوط التحكيم بالضربة القاضية. لقد حاول البعض تبرير ذلك بالعلاقة المشحونة بين طرفي النزاع لأسباب لا علاقة لها بالتنافس العادي بين المنتمين إلى السلك. ولكن مهما كانت الخلافات فليس من العقل في شيء أن يصل حكمان إلى التخاطب بلغة «البونية والخنيفري» وخاصة عندما يتعلق الأمر بشخصين ينتميان إلى سلك مكلف بفض النزاعات وفكّ التشابكات بين اللاعبين بقوة القانون دون سواه. فكيف يكون الحال عندما يمارس قضاة الملاعب العنف ضد بعضهم البعض؟ وأيّ صورة يرسمونها في أذهان الأجيال عن المستوى الذهني والأخلاقي لحماة الأخلاق... أو هكذا يفترض أن يكونوا؟! الواقعة شديدة على أهل السّلك وعلى الرياضيين عامة، فهي تنضاف إلى سلّة المشاكل التي يعيشها قطاع التحكيم وتزيد في ضبابية المشهد التحكيمي. لقد وقفنا كإعلاميين ومعنا مكوّنات المجتمع الرياضي وغير الرياضي دفاعا عن الحكام عندما تعرّضوا للتعنيف والإهانات اللفظية والجسدية، ولكن ماذا تريدون أن يكون موقفنا ممّن حوّلوا الضحايا إلى جلاّدين بسبب التصرفات الخارجة عن دائرة العقل. وهذا دليل آخر على أن التحكيم لا يشكو نقائص على مستوى الزاد المعرفي في المجال فقط بل إنه في حاجة إلى برنامج تأهيلي على المستوى الذهني والنفسي. فإذا كان الحكم غير قادر على التحكم في ردود فعله فكيف يمكنه السيطرة على مجريات المباريات التي يديرها... وهذا مؤشر ضعف كبير لا يمكن تجاوزه في ميدان يتطلب تحكّما في الأعصاب بعيدا عن التشنّجات واعتماد اللكمات! أين التكوين الذي يتحدثون عنه في ندواتهم؟ التكوين يا سادة لا يخص قوانين كرة القدم فحسب ولكنه يشمل أيضا العناية بالجوانب النفسية والبسيكولوجية والسلوكية فوق الميدان وخارجه أليس كذلك؟ أما إذا أصرّ بعضهم على انتهاج سياسة اللّكمات بدل الكلمات، فليس أمام اللجنة الفيدرالية للتحكيم إلاّ أن تبعث فرعا للملاكمة ليجد هواة العنف متنفسا لإفراغ مخزونهم الكريه... ومن غير ليه! وغدا ألاقيكم وأشدّ على أياديكم...